حكم نقض ( تسول)

رقم الحكم 478
تاريخ الحكم 10/10/1976
اسم المحكمة محكمة النقض – مصر

الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بانه بدائرة قسم اول طنطا محافظة الغربية (اولا) وجد م(تسول)ا بالطريق العام حال كونه صحيح البنية يبلغ من العمر اكثر من خمسة عشر عاما (ثانيا) عد متشردا اذا لم تكن له وسيلة مشروعة للتعيش. وطلبت عقابه بالمواد1 و9 من القانون رقم 49 لسنة 1933. ومحكمة طنطا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة اشهر مع الشغل والنفاذ عن التهمة الاولى ووضعه تحت مراقبة الشرطة في المكان الذي يحدده وزير الداخلية لمدة ستة اشهر تبدا من وقت المكان التنفيذ عليه عن التهمة الثانية. فعارض وقضى في معارضته باعتبارها كان لم تكن. فاستانفت النيابة العامة والمحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة طنطا الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا. (اولا) عدم قبول استئناف المتهم شكلا للتقرير به بعد الميعاد. (ثانيا) قبول استئناف النيابة شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستانف بالنسبة للتهمة الاولى والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وبالنسبة للتهمة الثانية وباجماع الاراء بتعديل الحكم المستانف وجعل مدة المراقبة سنة فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.

المحكمة
حيث ان النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دان المطعون ضده بجريمتي ال(تسول) والتشرد وقضى في كل منها بعقوبة مستقلة قد اخطا في تطبيق القانون ذلك ان الجريمتين مرتبطتان ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهما معا جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشدهما وهي الجريمة الثانية عملا بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.

وحيث انه من المقرر ان التشرد في حكم المادة الاولى من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 هو حالة واقعية تثبت للشخص كلما وجد ماديا بحالة ظاهرة للمس والعيان في وضع يستدل منه على انتفاء الوسيلة المشروعة للتعيش وتتحقق بقعود الشخص عن العمل اختيارا وانصراف رغبته عن ابواب السعي الجائز لاكتساب الرزق او باحترافه وسيلة غير مشروعة للتعيش مع انتفاء اي مورد مالي مشروع يفي بحاجياته الضرورية في الحالتين كلتيهما – فهو حالة توجد وتنقطع بوجود موجبها المادي وانقطاعه،

ولما كان ال(تسول) يعد في ذاته وسيلة غير مشروعة للتعيش فضلا عن انه جريمة يعاقب عليها طبقا للمادة الاولى من القانون رقم 49 لسنة 1933، فان تعاطي هذه الوسيلة المحرمة واتخاذها موردا للرزق تثبت به حالة التشرد، غير ان هذه الجريمة في صورتها القائمة على التعويل في كسب الرزق على ال(تسول) لا تتم من مجرد ضبط الشخص وهو يرتكب فعل الاستجداء من الغير الذي يكون جريمة ال(تسول) بل انها تستلزم – بالاضافة الى توافر شرطي السن والجليس الذي يتطلبه القانون فيمن يوجد في هذه الحالة – ان تنصرف ارادة الجاني الى احتراف تلك المهنة غير المشروعة وممارستها بالفعل على وجه يتحقق به هذا المعنى. واذا اقترن ال(تسول) بجريمة التشرد في نطاق الفهم سالف البيان يكونان معا جريمتين وان تميزت كل منهما عن الاخرى الا انهما يرتبطان ببعضهما البعض ارتباطا لا يقبل التجزئة مما يوجب اعتبارهما معا جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لاشدهما عملا بالفقرة الثانية من المادة32 عقوبات.

لما كان ذلك وكان من المقرر ان العبرة في جسامة العقوبة في حكم المادة32، هي النظر الى نوعها بحسب ترتيب العقوبات الاصلية الذي درج الشارع عليه في المواد من 10 ، 11، 12 من قانون العقوبات.

ولما كانت العقوبة المقررة لجريمة ال(تسول) هي بحسب نص المادة الاولى من القانون رقم 49 لسنة 1933 هي الحبس مدة لا تتجاوز شهرين، وكانت العقوبة المقررة لجريمة التشرد هي طبقا للفقرة الاولى من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الوضع تحت مراقبة البوليس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد عن خمس سنوات،

وكانت عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس التي يحكم بها طبقا لاحكام هذا المرسوم بقانون مماثله لعقوبة الحبس فيما يتعلق بتطبيق احكام قانون العقوبات، وقانون الاجراءات الجنائية او اي قانون اخر طبقا لما جرى به نص المادة العاشرة منه، ومن ثم تكون عقوبة جريمة التشرد بالمقارنة الى العقوبة المقررة لجريمة ال(تسول) هي الاشد مما كان يقتضي اعمالها متى تحققت شروط المادة32 عقوبات. لما كان ما تقدم فان الحكم المطعون فيه اذ قضى بعقوبة لكل من جريمتي ال(تسول) والتشرد التي دان المطعون ضده بهما رغم توافر شروط المادة32 عقوبات، يكون قد اخطا في تطبيق القانون مما يتعين نقضه نقضا جزئيا وتصحيحه بالغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بعقوبة المراقبة عن التهمتين.