أبحاث قانونية ومواضيع عن تكييف اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

مقال حول: أبحاث قانونية ومواضيع عن تكييف اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

التكييف القانوني لاتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

بقلم : قمرية قباب

باحثة بسلك الدكتوراه وأستاذة زائرة بكلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية-السويسي-

مقدمة:

احتلت العقود الاقتصادية الدولية بصفة عامة وعقود نقل التكنولوجيا بصفة خاصة مكانة مميزة في الأنظمة القانونية الحديثة، وهو ما ساعد هذه الأنظمة على انتشار نظام التحكيم الدولي كبديل للقضاء، وأدى إلى إرساء قواعد وتحديد مبادئه التي تختلف عن تلك التي يقوم عليها القضاء العادي، فاعتبر بذلك التحكيم الآلية القانونية لتسوية المنازعات بشكل سريع وفعال يضمن حماية الحقوق ويوفر الدفاع عن مصالح الأطراف، ووسيلة من الوسائل البديلة المساهمة في استقرار الاقتصاد،

وتعزيز التعاون والثقة، حتى تكون العلاقات التعاقدية أكثر أمنا وطمأنينة وفق قواعد قانونية دولية محددة، لاسيما مع تنامي رقعة التجارة الدولية وما صاحبها من تقدم علمي وصناعي، وما شهدته من تحولات وطنية ودولية جعلت أسس الالتزامات التعاقدية يطالها التغيير، مما يولد النزاعات بين الأطراف، فأصبح يشكل هذا النظام ضمانة لابد من إدراجها في بنود العقود التجارية الدولية ومن ضمنها عقود نقل التكنولوجيا .

وقد عرف نظام التحكيم منذ زمن بعيد، إلا أنه أصبح أكثر اهتماما منذ أواخر القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الخاصة بتنظيم التحكيم الدولي، والتي كان منها اتفاقية الأرجواي الموقعة في 8 يناير 1889، التي تم تعديلها بتاريخ 19 مارس 1940 وهي الاتفاقية الخاصة بالقواعد القانونية الإجرائية التي تطبق في التحكيم الدولي، كما تم إبرام بروتوكول جنيف بتاريخ 24 شتنبر 1923 وهو البروتوكول الذي تضمن شروط التحكيم، وذلك في عهد عصبة الأمم المتحدة، ثم اتفاقية جنيف الموقعة بتاريخ 26 شتنبر 1927 بشأن تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، وفي سنة 1958 تم إبرام اتفاقية بنيويورك التي حلت محل اتفاقية جنيف، ثم تلتها الاتفاقية الأوروبية بشأن التحكيم الدولي الموقعة بتاريخ 21 أبريل 1961 في مدينة جنيف بالاتحاد السويسري، ثم اتفاقية الترتيبات المتعلقة بتطبيق هذه الاتفاقية والتي وقعتها الدول المنضمة لهذه الاتفاقية بنفس السنة. كما تم توقيع الاتفاقية الخاصة بتسوية المنازعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية في واشنطن بين الدول الموقعة في 18 مارس 1965 والتي دخلت كحيز التنفيذ في 16 أكتوبر 1966.

وبذلك حظيت مؤسسة التحكيم باهتمام كبير في مجال الحقول القانونية، حتى أضحى اليوم التحكيم “مؤسسة قضائية اختيارية لأن الأطراف يلجأون إلى هذا النظام عن طواعية واختيار”[1]. وقد عملت جل التشريعات الحديثة على إعطاء الأولوية للتحكيم خاصة في مجال عقود نقل التكنولوجيا، التي انتشرت مع الاستثمارات الأجنبية والاهتمام بالتنمية وتنامي التطور التكنولوجي .

وتتجلى أهمية اتفاق التحكيم في كونه يحفظ الروابط العقدية بين الأطراف لحل النزاعات القائمة دون اللجوء إلى القضاء بطرق ودية سريعة وسرية، متميزة ببساطة الإجراءات وقلة المصاريف، خاصة في مجال عقود نقل التكنولوجيا حيث تثير المنازعات القانونية التي ترد على هذا النوع من العقود مجموعة من المشاكل القانونية المتعلقة بالعلاقة العقدية بين الأطراف والاعتداء على حقوق المعرفة الفنية دون وجه حق.

وبما أن عقود نقل التكنولوجيا من المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تتطلب سنوات طويلة لقيامها وتحقيقها على أرض الواقع، يجعل من طول هذه المدة الزمنية يشكل لا محالة نشوء نزاعات بين المتعاقدين، ولخصوصية هذه العقود فإن التحكيم المتعلق بها يكتسي خصائص متميزة عن باقي النزاعات التي تكون واردة في العقود التقليدية.

فإلى أي مدى يمكن إبراز النظام القانوني للتحكيم والآثار المترتبة عليه في عقود نقل التكنولوجيا ؟

إن الإجابة على هذا الإشكال تقتضي منا تقسيم الموضوع كالآتي:

المبحث الأول : النظام القانوني لاتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

المبحث الثاني : آثار اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

المبحث الأول : النظام القانوني لاتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

أضحت المنازعات في عصرنا الحالي تخرج عن طابعها التقليدي لتكتسي طابعا حديثا فنيا وتقنيا بسبب ما أفرزه التطور العلمي والتكنولوجي اليوم من ثورة على القانون المدني، وهو ما أثر سلبا وإيجابا على قواعد العقود التقليدية و الحديثة ، وجعل هذه المنازعات تتميز بمجموعة السمات الخاصة التي لا تكون في إطار القواعد العامة، حتى شكل عجزا لدى القاضي الذي أصبح يصعب عليه الفصل في كل المنازعات المتعلقة بالمسائل الفنية والتقنية التي لا يمكن له إدراكها بحكم تخصصه القانوني، ذاك أن عملية نقل التكنولوجيا مرتبطة بالاقتصاد والابتكار ،

الشيء الذي يجعلها ترتكز على الحاجة للاستيعاب والإدراك، فهي تتعلق بالعملية الفكرية التي تقوم بين المورد والمستورد للوصول إلى المعلومات والخبرات الواجب على الأول أن يقربها ويوفرها للثاني من أجل إتمام عملية النقل، مما يجعل العقود التي محلها نقل التكنولوجيا تجد دائما صعوبة في التطبيق خاصة وأن مصطلح نقل التكنولوجيا يشمل علاقات بين أطراف غير متساوين[2]، مما يتثير منازعات ومشاكل فنية وتقنية ويصعب إدراك السمات المميزة لها والإلمام بمقتضياتها من الشق القانوني.

وحتى تتضح الرؤية حول النظام القانوني للتحكيم في مجال عقد نقل التكنولوجيا، ارتأينا الحديث في (المطلب الأول) عن طبيعة التحكيم في عقد نقل التكنولوجيا وعن شروطه في (المطلب الثاني).

المطلب الأول : طبيعة اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

إن عقد نقل التكنولوجيا من العقود المستحدثة التي شاع إبرامها بين الدول المتقدمة والدول النامية، لذلك تعرف بنقل المعرفة الفنية من دول متقدمة إلى دول نامية تحقيقا للتنمية الاقتصادية وجلبا للاستثمارات الأجنبية، ولا يوجد تعريف قانوني لها من طرف المشرع المغربي في ظل غياب تشريعي لها، عكس المشرع المصري الذي نظمها ونظم أحكامها في القانون التجاري المصري لسنة 1999، و عرف عقد نقل التكنولوجيا في المادة 73 منه على أنه:” عقد نقل التكنولوجيا اتفاق يتعهد بمقتضاه ( مورد التكنولوجيا ) بأن ينقل بمقابل معلومات فنية إلى ( مستورد التكنولوجيا ) لاستخدامها في طريقة فنية خاصة لإنتاج سلعة معينة أو تطويرها أو لتركيب أو تشغيل الآلات أو أجهزة أو لتقديم خدمات.

ولا يعتبر نقلا لتكنولوجيا مجرد بيع أو شراء أو تأجير أو استئجار السلع . ولا بيع العلامات التجارية أو الأسماء التجارية أو الترخيص باستعمالها إلا إذا ورد ذلك كجزء من عقد نقل تكنولوجيا ،أو كان مرتبطا به.”

فعقد نقل التكنلوجيا يعبر عنه قانونيا بعملية انتقال الأموال أو الحقوق من أشخاص قانونية سواء أكانت أشخاص طبيعية أو معنوية، لذلك فهو ينطوي على النقل الكلي أو الجزئي النهائي أو المؤقت للانتقال الفعلي بالأموال أو الحقوق أو كلاهما معا،و في هذا الشأن فإن نقل التكنولجيا عن العملية التي يتم فيها انتقال الأساليب وكذلك طرق التشغيل للتقنيات أو حق استعمالها من شخص لآخر[3] .

كما شاع عند بعض الفقه القانوني أن عقود نقل التكنولوجيا هي مال منقول ذو صفة معنوية وله قيمة اقتصادية، وغير مشمول بحماية قانونية خاصة، وقد اصطلح على تسميته بحق المعرفة الفنية التي تشكل اليوم أهم عناصر الأصول التكنولوجية للمشروعات الكبرى، وهي المحور الرئيسي لعمليات نقل التكنولوجيا على المستوى الدولي[4]، ويتفرع عنها مجموعة من العقود كعقود التراخيص وعقود تسليم المفتاح في اليد وعقود الامتياز كآليات قانونية لهذا النقل.

وعموما ، فإن عقود نقل التكنولوجيا يتم إبرامها بين الدول النامية والدول المتقدمة، أو قد تبرم بين الدولة وأحد المؤسسات التابعة لها، كما تبرم بين الدولة وإحدى الشركات الأجنبية، مما يعني أن عقود نقل التكنولوجيا عبارة عن مشاريع اقتصادية بين دول تحمل جنسيات مختلفة للنهوض بالقطاع الاقتصادي للدول النامية على وجه الخصوص تحقيقا للتنمية، الشيء الذي يجعل النزاعات في هذا العقد الطويل المدى واردة لامحالة، لذلك يلجأ أطراف النزاع إلى محكمين للفصل فيما يثور بينهم من نزاعات، بحكم أن مسطرة التحكيم سريعة وذات تكلفة أقل في حل النزاع، كما تلعب الإرادة دورا هاما في اختيار المحكمين واختيار القانون الواجب التطبيق .

وما يلاحظ أن هذه العقود وإن حظيت باهتمام اقتصادي وسياسي، لكنها لم تحظى بتنظيم تشريعي إلا من عدد محدود من بعض الدول كالمشرع المصري ، كما لا ينفي أنه تترتب عنها مجموعة من النصوص القانونية المتعلقة بالملكية الصناعية وفق إجراءات وقواعد محدودة لا تمثلها بأكملها كما هو الشأن بالقانون المغربي المتعلق بحماية الملكية الصناعية[5] والذي ركز فقط على عقود التراخيص.

وبذلك لا يخلو أي عقد من عقود نقل التكنولوجيا من نص يتضمن اتفاق أطرافه على اختيار نظام التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات التي تنشأ بينهم، وهو ما يستدعي اللجوء إلى هذه الآلية عوض القضاء باعتباره من الوسائل القانونية البديلة القائمة على تسهيل الإجراءات، وإيجاد حلول مرضية للأطراف لحل الخلاف بينهم، لذلك يعتبر التحكيم في مثل هذه العقود عملية اختيارية، تتم وفق إرادة الأطراف يوكل فيها حل النزاع إلى طرف ثالث محايد يسمى المحكم، يتم اختياره من قبل الأطراف مباشرة ، أو بواسطة جهة أخرى يوكل الأطراف إليها هذه المهمة، ليقوم بحل النزاع الناشئ بينهم بحكم ملزم لهم.

فكيف يمكن تحديد الطبيعة القانونية للتحكيم في عقد نقل التكنولوجيا؟

الفقرة الأولى : الطبيعة العقدية لاتفاق التحكيم في عقد نقل التكنولوجيا

يعتبر اتفاق التحكيم البداية الطبيعية لإمكانية حسم المنازعات التي تثار بشأن تنفيذ عقد نقل التكنولوجيا، حيث تبدأ إجراءات تلك المهمة بتقديم الأطراف لطلب التحكيم، على أساس أن تلك الإجراءات من ناحية أولى بمثابة العمود الفقري لنظام التحكيم ككل، كما أنها من ناحية ثانية السياج الذي يضمن شرعية هذا النظام، إذ أن تيسير إجراءات التحكيم أو إعاقتها يسهم إلى حد كبير في تحديد مصير حكم التحكيم الذي يصدر في النزاع المطروح[6]. لذلك يعتبر التحكيم القضاء الطبيعي الذي يحكم المنازعات التي تثيرها عقود نقل التكنولوجيا كون أن أطراف النزاع هم الذين يختارون المحكم عوض اللجوء إلى القضاء العادي ذو المساطر التقليدية الصعبة في مجال العقود التجارية .

وقد أقر القضاء الأمريكي التنفيذ العيني للشروط المنصوص عليها في العقد، والذي ينص على تسوية المنازعات التي تنشأ بين الأطراف حول هذا العقد، وكان أول الأحكام الصادرة في هذا الشأن هو الحكم الصادر من المحكمة الاتحادية في النزاع بين شركة Brunswick Corp وشركة AMF Inc،وترجع وقائع هذا الحكم إلى أن الطرفين قد أدرجا في العقد المبرم بينهما شرطا ينص على أن كل نزاع ينشأ في المستقبل حول هذا العقد سيتم خضوعه لرأي شخص من الغير يكون محايدا، وأن هذا الرأي لن يكون ملزما للأطراف. وعندما نشأ نزاع بين الأطراف قامت شركة Brunswick Corp من أجل إجبارها على أن تضع تحت تصرف الغير المحايد الوثائق والمستندات الضرورية لكي يقوم بتقديم رأيه حول موضوع النزاع.

وقد استندت شركة AMF Inc في هذا الطلب إلى تطبيق قانون التحكيم الاتحادي (قانون التحكيم الفيدرالي)، -الذي وفقا للشركة – يتم خضوع النزاع لإجراءات التشاور، ومن ناحيتها، فقد أثارت شركة Brunswick Corp أن الشرط المنصوص عليه ليس شرط تحكيم ، وإنما مجرد آلية تهدف إلى الحصول على رأي شخص محايد من الغير حول موضوع النزاع ، وأن هذا الرأي يكون بعد ذلك أساس للتفاوض بين الأطراف. وقد ذهبت المحكمة إلى اعتبار أن شرط التسوية يجب تنفيذه بواسطة الأطراف كونه شرطا مشابها لشرط التحكيم وتسوية النزاع بعيد عن المحاكم، باعتبار أن هذا الشرط ما هو إلا التزام عقدي[7]. وهكذا فإن الاشتراطات العقدية التي صاغها الأطراف هي التي تنظم العلاقة بينهم، وإذا كانت هذه الشروط قد أشارت إلى القانون الذي يتعين تطبيقه لسد الثغرات التي يمكن أن تعتري العقد ، فإن أحكام هذا القانون لا تطبق إلا في الحدود التي يفوضها العقد ، أي أن هذه القوانين لا تطبق بصفة احتياطية[8].

ولا ينعقد اتفاق التحكيم الدولي في عقد نقل التكنولوجيا إلا بتوافر رضا أطرافه لأنه عقد رضائي يستلزم أن يكون هناك إيجاب صادر من طرف يقابله قبول من الطرف الآخر ، وحتى يكون الإيجاب صحيحا يجب أن يصدر صريحا ودقيقا يبين إرادة نزع ولاية القضاء، عن نظر النزاع واللجوء إلى التحكيم ، كذلك يجب أن يكون محدد المدة لأن صاحب الإيجاب يتراجع فيه إن لم يحدد له مدة ، ولكن إن حدد له مدة ، فعليه البقاء على إيجابه حتى يلاقيه قبول مطابق لمسائله الجوهرية وفي الوقت المحدد فيه لكي يعتبر اتفاق التحكيم منعقدا، وحقيقة إن مسألة الرضائية التي يوضحها كتابة اتفاق التحكيم بين مصدر ومتلقي التكنولوجيا لا يكون فيها إشكالية لكن المشكلة في حالة اقتصار التحكيم على المراسلات والمخاطبات بينهما ومدى اعتبارها بحكم الاتفاق على اللجوء للتحكيم [9].

وعقود نقل التكنولوجيا من العقود الرضائية التي تبرم بين المورد والمستورد، وتتم بإيجاب وقبول كلا الطرفين بصيغة متطورة، حيث يتم الاتفاق بينهما على مشروع اقتصادي كعقد تسليم المفتاح في اليد في دولة الطرف الأول وهو من العقود الأكثر تداولا لنقل التكنولوجيا، ويقصد به التزام الطرف المورد للتكنولوجيا سواء كان شركة واحدة أو عدة شركات بتحمل مسؤولية إنجاز مصنع وتسليمه في حالة التشغيل، أو نقل مجموعة من المعارف التقنية والفنية للطرف الثاني كعقد التراخيص أو عقد التعاون الصناعي ، فكان لابد من وجود اتفاق التحكيم لفض النزاعات حماية للتكنولوجيا المنقولة وأسرارها، وهو ما يجعل من هذه العقود ذات المشاريع الضخمة تحتاج في فض نزاعاتها لاتفاق التحكيم.

وفي غياب التنظيم التشريعي لعقود نقل التكنولوجيا يجعل من شرط التحكيم له أهمية وخصوصية حتى يتم تحديد الحقوق والالتزامات بين الأطراف التي تتميز بالتفاوت في المراكز القانونية والاقتصادية.

وإن كان المشرع المغربي نظم مسطرة التحكيم في القانون رقم 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، لحل النزاعات دون سلوك مسطرة المحاكم، حيث عرفت المادة 306 من نفس القانون أنه” يراد بالتحكيم حل نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من الأطراف مهمة الفصل في النزاع بناء على اتفاق تحكيم”، ومن خلال هذا التعريف فإن المشرع المغربي كرس الطبيعة المزدوجة للتحكيم فهو في نفس الوقت وسيلة اتفاقية وقضائية لحل النزاعات[10].

واعتبر المشرع المغربي في المادة 307 أن:

” التحكيم التزام الأطراف باللجوء إلى التحكيم قصد حل نزاع نشأ أو قد ينشأ عن علاقة قانونية معينة ، تعاقدية أو غير تعاقدية .

يكتسي اتفاق التحكيم شكل عقد تحكيم أو شرط تحكيم .”

ومن ذلك يتضح أن التحكيم حق قرره القانون للأفراد يخول لهم الاتفاق على إحالة ما ينشأ بينهم من نزاع بخصوص تنفيذ عقد معين أو على إحالة أي نزاع نشأ بينهم بالفعل، على واحد أو أكثر من الأفراد يسمون محكمين ليفصلوا في النزاع المذكور بدلا من أن يفصل فيه القضاء المختص، ويسمى الاتفاق المذكور عقد التحكيم ( مشارطة التحكيم[11] ) وإذا حصل ذلك الاتفاق تبعا لعقد معين سمي شرط التحكيم[12].

وشرط التحكيم هو اتفاق المتعاقدين عند التعاقد، وقبل أن يحدث أي نزاع على إدراج شرط بالعقد، يلزم الطرفين بإحالة كل ما يثور من نزاعات أو خلافات على محكم سواء تعلق الأمر بتنفيذ العقد أو تفسيره…وهذا الشرط وإن كان يلزم الأطراف المتعاقدة باللجوء إلى التحكيم عوض القضاء الرسمي، فلا يغني أبدا عن اتفاق التحكيم إن حدث النزاع فعلا، يبين فيه موضوع النزاع واسم المحكمين وأجل صدور الحكم التحكيمي[13] . مما يجعل من شرط التحكيم شرطا تعاقديا بناء على إرادة الأطراف والاتفاق فيما بينهم .

وعند صياغة شرط التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا،لا بد من إدراج مجموعة الاحتمالات التي قد يتعرض لها هذا العقد، كما هو الحال في تغير ظروف العقد لقوة قاهرة أو ظروف طارئة، كأن يتعهد المورد بنقل عناصر التكنولوجيا بثمن معين ثم نشبت حربا مفاجئة فتعذر استيراد عناصر التكنولوجيا من الخارج وارتفع ثمنها على الملتزم بتوريدها إلى أضعاف الثمن المتفق عليه الشيء الذي يهدد المدين بخسارة فادحة تجاوزت الحد المألوف، حينها يتم إعمال نظرية الظروف الطارئة من المحكم لرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وإعادة التوازن الاقتصادي للعقد حتى يتم تجنيب المدين الخسارة المرهقة وأن لا يقع الدائن في خسارة فادحة بسبب ظروف تخطت مبدأ العقد شريعة المتعاقدين.

وصياغة شرط التحكيم في العقد الهدف منها الإحاطة بكافة التغيرات والظروف والاحتمالات سواء من حيث التزامات وحقوق الأطراف، أو اختيار المحكمين ومكان القانون الواجب التطبيق، لتسهيل عملية التحكيم و تسهيل عملية السرعة للبث من النزاع المطروح.

وبالتالي فإن القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم يتعين تحديده في ظل مبدأ قانون الإرادة، لأن الأطراف أحرار في اختيار القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم، وعلى المحكم أو القاضي في حالة رقابته على حكم التحكيم إذا ما طعن على هذا الحكم أمامه وأثناء نظره للاستئناف عن القرار الذي صدر الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، أن يحترم هذا الاختيار[14].

وقد عملت جل التشريعات الحديثة على إدراج اتفاق التحكيم في كل التصرفات القابلة للتعامل شريطة ألا تكون مخالفة للنظام العام، مما يجعل من اتفاق التحكيم واردا في عقد نقل التكنولوجيا وهو يدخل في الاتفاقات المتعامل بها قانونا، إلا أن الوضع يختلف عن باقي التصرفات المعهودة في العقود التقليدية، ذاك أن عقد نقل التكنولوجيا مرتبط بمصالح عليا للدولة وله خصوصية وتأثير على الوضع الاقتصادي لها، لذلك يواجه نظام التحكيم ولو بصفته العقدية مجموعة الصعوبات التي نظرا لتعدد الأطراف واختلاف الجنسيات وما يمتاز به هذا العقد من سرية وحماية لحقوق الملكية الصناعية جعل هذا النوع من العقود يعرف انشقاقا وتفاوتا في العلاقة التعاقدية بين المورد والمستورد ،

وتتوسع حرية الإرادة في توقيع العقد وتنكمش في الخضوع للشروط التقييدية، وهو ما نجم عليه اختلال في توازن العقدي، إذ يشكل هذا العقد مجموعة من المعارف التقنية والفنية التي لا يتوفر عليها الطرف الضعيف لقلة خبرته وضعف مركزه القانوني والاقتصادي والعلمي، لكن هذا لا يمنع الطرف الضعيف من اختياره للقانون الواجب التطبيق والاتفاق على تسوية النزاع وديا، عن طريق نهج التحكيم الاتفاقي وإدراجه في بنود العقد.

يتضح مما سبق أن التحكيم في عقد نقل التكنولوجيا يكتسي طبيعة عقدية تسعى إلى الحفاظ على المصالح الاقتصادية والسياسية، مما يعطي لشرط التحكيم أهمية كبرى في هذه العقود، التي يلتزم الأطراف فيها بعرض نزاعهم عليه، دون اللجوء إلى مسطرة القضاء وفق إرادتهم الصريحة. فاتفاق التحكيم هو الذي يؤدي إلى إخراج النزاع من سلطان القضاء وإسناده إلى محكم خاص، ويعين في ذات الوقت القواعد الإجرائية الواجب اتباعها والقانون الواجب تطبيقه، ولذلك فإن القرار الذي يصل إليه المحكم في النهاية هو محصلة لتطبيق الشروط التي اتفق عليها الطرفان، ولذلك يكتسب التحكيم الصفة التعاقدية[15].

كما أن نظام التحكيم تطور وخرج عن قواعده التقليدية وأصبح يواكب المستجدات التي يشهدها الاقتصاد، والتي من الصعب أن يجدها القاضي في القواعد القانونية التقليدية لغياب نظام تشريعي خاص بمثل هذه العقود، فدور المحكم الجديد في عقود نقل التكنولوجيا جعله يواكب إلى حد ما التقدم العلمي والتكنولوجي للحفاظ على أواصر العلاقات المستقبلية بين الأطراف، ويجعل من الاتفاق منبع الطمأنينة والثقة في هذه العقود.

الفقرة الثانية : الطبيعة القضائية لاتفاق التحكيم في عقد نقل التكنولوجيا

يذهب جانب من الفقه إلى أن التحكيم نظام قضائي خاص يختار فيه الأطراف قضاتهم ويعهدون إليهم بمقتضى اتفاق مكتوب بمهمة تسوية المنازعات التي قد تنشأ أو نشأت بالفعل بخصوص علاقاتهم التعاقدية والتي يجوز حسمها بطريق التحكيم وفقا لمقتضيات القانون والعدالة وإصدار قرار قضائي ملزم لهم[16].

كما ذهب البعض في سبيل استظهار أوجه التشابه بين نظام التحكيم ونظام القضاء إلى الموازنة بين دور الإرادة المشتركة للخصوم في التحكيم ودورها في القضاء، فإذا كان اختيار التحكيم وسيلة لحسم النزاع يتم بعمل إرادة من طرفيه، فإن الالتجاء إلى القضاء يتم بعمل إرادي من جانب أحدهما، ومتى تم هذا العمل تعلق به حق الآخر بحيث لا يجوز لرافع الدعوى النزول عنه إلا بموافقة خصمه[17]. وقد يتفق أطراف الخصومة على النزول عنها بعد رفعها، وهذا كله دليل واضح على أن ما تؤديه إرادة الخصوم من دور في طرح النزاع على التحكيم بدلا من القضاء ليس له أثر على حقيقة الوظيفة التي يؤديها التحكيم من كونها وظيفة قضائية مثلها في ذلك مثل وظيفة قضاء الدولة[18].

ورغم أن التحكيم لبس رداء القضاء بزي جديد يحاول من خلاله أن يلائم التطورات الجديدة التي مست جوهر المؤسسة العقدية والقاعدة القانونية ككل، لكن هذا لا ينفي وجود فرق بين القضاء العادي والتحكيم فكل له خاصيته وطبيعته التي تميزه عن الآخر.

وإذا كان شرط التحكيم يتم اللجوء إليه بإرادة الأطراف ما لم يخالف النظام العام، بتنازلهم عن القضاء العادي، فإن هذا الاتفاق لا يحل محل هذا الأخير، فقد يوجد بعقد نقل التكنولوجيا حالات تستدعي إلى القضاء الاستعجالي أو تطبيق الإجراءات التحفظية كالحجوز مثلا، بحيث في اتفاق التحكيم لا يمكن تطبيق القواعد الآمرة المعروفة في القضاء العادي، لأن دور المحكم دور اختياري حتى أن تطبيق القانون يكون القانون المختار، لأن دور المحكم الحفاظ على أواصر العلاقات التعاقدية واستمرارية العقد حماية للمصالح الاقتصادية والسياسية أكثر من حماية السياسة التشريعية. لكن عقود نقل التكنولوجيا تغيب فيها النصوص التشريعية الأمرة و الملزمة،

مما يطرح الإشكال حول كيفية حل النزاع القائم المتعلق بمصالح اقتصادية هامة تسعى للتنمية إذا ما تم عرض النزاع على المحاكم الوطنية، هل يتجرد القاضي كسلطة آمرة تسعى إلى تحقيق العدالة ونصرة الطرف الضعيف ويقوم بدور المحكم ؟ أم أن الأمر يقتضي خضوع العقد للسلطة التقديرية للقاضي في تفسير العقد؟ في الحقيقة لم نجد اجتهادات قضائية تتعلق بعقد نقل التكنولوجيا حتى يتحدد لنا دور القاضي في حل هذه النزاعات كون أغلب هذه العقود خاضعة إلى التحكيم الدولي. والقاضي لا يمكن له الخروج عن القواعد العامة، لأن دوره لا يسمح له بتطبيق قواعد قانونية خارجة عن النص القانوني. وفي حالة غياب نص قانوني يلجأ إلى الاجتهاد لكنه يظل ملزما بتطبيق القانون وإصدار الأحكام بمراعاة النصوص القانونية والإجراءات العادية للمحاكم وإلا كان مخالف لروح النص القانوني.

كما أن القاضي يمكن تجريحه إذا قدم استشارة أو رافع أو مثل أمام القضاء في قضية أو نظر فيها بصفته حكما أو أدلى فيها بشهادة أو بث فيها في طورها الابتدائي[19]، بخلاف المحكم فإنه يلعب دور المستشار وإبداء رأيه بكل حرية. وفي عقود نقل التكنولوجيا لا يوجد نصوص تشريعية خاصة إلا استثناءات من بعض الدول التي قننتها، فالمحكم في هذه العقود يسعى إلى تطبيق القانون فيها بطريقة مرنة لا يمكن لقضاة المحاكم إعمالها أو تطبيقها وإلا كان حكمه منافيا للقانون، أي أن المحكم قد يجد أحكاما قانونيا يصدرها بناء على اجتهاداته دون تطبيق النص القانوني، لكن دون الخروج على قواعد العدالة والإنصاف بطرق حديثة يتجاوز فيها القواعد القانونية التقليدية والنصوص القانونية المعمولة بها وهو ما لا يستطيع القاضي فعله.

كما أن المحكم في حالة عدم وجود اتفاق الأطراف يجوز له تطبيق قانون الدولة المتعاقدة والطرف في النزاع بما في ذلك قواعدها في تنازع القوانين ومبادئ القانون الدولي الواجبة التطبيق، أما القاضي عند تعيين القانون الواجب التطبيق يلجأ إلى قواعد الإسناد الملزمة[20]. مما يجعل من الحكم التحكيمي عملا قضائيا له خصائص الأحكام التي تصدرها المحاكم النظامية من حيث حجية الشيء المحكوم به بالنسبة للنزاع الذي فصل فيه، على نحو يمتنع على أحد أطراف النزاع اللجوء إلى جهة قضائية أخرى، وله القوة التنفيذية عندما لا يشوبه عيب، حيث يتم تنفيذه اختيارا برضاء المحكوم عليه على غرار تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء العادي[21].

وفي عقود نقل التكنولوجيا يكون إدراج إجراءات المحاكم العادية صعبة، ولا تلائم جوهر هذا العقد المتميز بمجموعة من الضمانات والخاصيات عند إبرام وتنفيذه بحكم أنه من العقود الاستثمارية المستقبلية الساعية للتنمية، وما تعرفه من شروط مقيدة له يرضخ لها المستورد ناهيك عن المشاكل القانونية التي يواجهها بحكم غياب مدونة تشريعية تحميه، فيصبح بذلك إدراج اتفاق التحكيم من الشروط المقيدة في هذا العقد.

وعموما فإن طبيعة اتفاق التحكيم في عقد نقل التكنولوجيا، تكتسي صفة مختلطة تجمع بين الطبيعة العقدية والقضائية، وإن كان لكل مميزاته وخاصيته إلا أن الحكم التحكيمي يصبح ملزما لأطرافه وقد ذهب جانب من الفقه إلى القول أن التحكيم في الحقيقة ليس اتفاقا محضا، ولا قضاء محضا، وإنما هو نظام يمر بمراحل متعددة، يلبس في كل منها لباسا خاصا ويتخذ طابعا مختلفا، فهو في أوله اتفاق وفي وسطه إجراء وفي آخره حكم[22].

المطلب الثاني : شروط اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

أضحت العلاقات الاقتصادية الدولية خاصة عقود نقل التكنولوجيا، تحتوي على مجموعة من الشروط تقتضي احترام المبادئ القانونية الدولية والتي مؤداها المساواة في العلاقات الاقتصادية، تحقيقا للتنمية والاستفادة من المعرفة الفنية. إذ يستعين المحكم بمبادئ القانون التي تعتبر عاملا مشتركا لمعظم الأنظمة القانونية، وقوام هذه المبادئ أنها ترتكز إلى حسن النية في التعامل وتعويض الضرر عن ذلك[23].

وهذه المبادئ العامة في القانون الدولي تتفق في مفهومها مع ما أوردته التشريعات المختلفة في القانون المقارن من العقد شريعة المتعاقدين، الحق في التعويض عن الضرر وغيرها، إلا أننا سنقف عند مبدأ الرضا وتنفيذ العقد بحسن النية (الفقرة الأولى) ومبدأ توازن الأداءات (الفقرة الثانية) حيث تشكل هذه المبادئ حجر الزاوية في التحكيم ويتم تطبيقها في المنازعات المعروضة على هيئة التحكيم ويقتضي الأمر تطبيقها على عقود نقل التكنولوجيا.

الفقرة الأولى : مبدأ الرضا وتنفيذ العقد بحسن النية

ما يترتب عن مبدأ حسن النية هو تدعيم مبدأ الحرية التعاقدية، فالعقد يستمد قوته الإلزامية من الرضا الأمر الذي أدى إلى اعتبار الرضائية من القواعد الجوهرية في القانون المدني[24]. ويعتبر مبدأ الرضا وحسن النية أحد أهم المبادئ القانونية في عقد نقل التكنولوجيا الذي يعرف اختلالا في المراكز القانونية، والتي من خلالها يمكن للمحكم أن يتدخل للحفاظ على حالة التوازن العقدي.

وكما هو الشأن في العقود الدولية فإن مبدأ الرضا وحسن النية لهما تأثير كبير في عقود نقل التكنولوجيا، نظرا للعلاقة الوطيدة بين هذين المبدأين والمتمثلة في أن العقد شريعة المتعاقدين، وأنه يكتسب قوته الملزمة بتوافق إرادتي طرفي العقد. وفي ضوء ذلك فإن حرية الأطراف في اختيار القانون الذي يحكم موضوع النزاع أمام هيئة التحكيم يجعل هؤلاء الأطراف أمام عدة خيارات، من بينها تطبيق القانون وفق مصالحهم المشتركة وفي الغالب يكون القانون الذي يتفقان على أن يحكم موضوع النزاع هو ذلك الذي يرتبط بالعقد بصلة ما، كأن يكون قانون دولة أحدهما أو قانون محل تنفيذ العقد أو محل إبرامه أو مكان التحكيم وفق قانون محايد[25].

ويدخل ضمن مبدأ الرضا وتنفيذ العقد بحسن النية حرية المتلقي في بيع منتجاته وتصديرها في أي مكان وبالثمن اذي يريده دون تدخل من المورد، على سبيل المثال للمتلقي الحق في استخدام التكنولوجيا المنقولة المتعلقة بإنتاج عقاقير دوائية للإنسان في إنتاج عقاقير لعلاج الطيور والحيوانات، وعلى ذلك يقع باطلا أي شرط يحمل مخالفا لهذا الحق، لكن يحظر على المتلقي إجراء الأبحاث العلمية والتحسينات لتطوير التكنولوجيا وفق احتياجاته المحلية أو إجراء الأبحاث التي تستهدف منتجات جديدة[26]. وسبب الامتثال إلى مثل هذا الإلزام هو الرابطة العقدية التي يحميها مبدأ القوة الملزمة للعقد القائم على مبدأ الرضا وحسن النية بوجوب تنفيذ العقد، وعدم قدرة المتعاقد أن يرجع عن هذا التنفيذ في مثل هذه العقود .

و يشترك الرضا و حسن النية في تحديد حرية الأطراف على موضوع النزاع ،إذ تتجه إرادة الأطراف إلى تحديد القانون بناء على قواعد القانون الدولية ، وقد ذهبت المادة السابعة من الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي إلى أنه: “للأطراف حرية تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، وفي حالة وجود إشارة للقانون الواجب التطبيق، يقوم المحكمون بتطبيق القانون الذي تعينه قاعدة تنازع القوانين التي تراها مناسبة، وفي الحالتين يأخذ المحكمون في الاعتبار اشتراطات العقد، والأعراف الشائع استخدامها في مجال التجارة”.

ويبقى مبدأ الرضا وحسن النية من المبادئ الأساسية في عقد نقل التكنولوجيا لما يتميز به هذا العقد من خصوصيات وغلبة الطابع السري على موضوعه ومحله، والذي يعتبر واجبا أثناء تنفيذ العقد وانتهائه والتقيد به وإن لم يدرج بنص صريح في العقد، كما أنهما من المبادئ التي يرتكز عليهما في تكوين العقد وتفسيره. لكن رغم ذلك يبقى مبدأ الرضا وحسن النية مقيدين بمجموعة من الشروط والتي تعتبر من التنظيمات القانونية الخاصة التي أدت إلى اختلال نظام التوازن العقدي الذي يقيد من حرية الإرادة، لكن هذا لا يمنع الأطراف المتعاقدة من اختيار القانون الواجب التطبيق والاتفاق على تسوية المنازعات طبقا لمقتضيات معاهدة جنيف للتحكيم الموقعة سنة 1961 والتي تقتضي أنه :”للأطراف حرية تحديد القانون الذي يجب على المحكمين تطبيق أحكامه على موضوع النزاع” .

وليس هناك مجال لحرية المحكمين في تحديد وتطبيق قانون العقد إلا في غياب الاختيار الصريح للقانون الواجب التطبيق من -جانب المتعاقدين- فتطبيق القانون الذي يختاره المتعاقدون يمثل أحد المهام المنوطة بالمحكم الذي يجب أن يلتزم بأدائها[27].

وبالتالي فإن المشرع الدولي عمل على الأخذ بمبدأ سلطان الإرادة في اختيار القانون الواجب التطبيق، بحيث أعطى الحرية للأطراف المتعاقدة في تحديد القانون الواجب التطبيق، وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديد القانون الواجب التطبيق، وغياب التعبير الصريح لهذه الإرادة ، يتم الرجوع إلى الأعراف الشائع استخدامها في مجال التجارة، إذ تعتبر هذه الأخيرة من ضمن القواعد الدولية الواجب احترامها والامتثال لها. لأن عقد نقل التكنولوجيا يتأثر بالظروف المحيطة بالعلاقات الدولية ضمانا لاستمرار العلاقات التعاقدية والتعاون الدولي في مجال النقل التكنولوجي لأنه متأثر بالعوامل السياسية والاقتصادية أكثر من تأثيره بالمبادئ القانونية الدولية.

الفقرة الثانية : مبدأ توازن الأداءات

يكتسي مبدأ توازن الأدءات أهمية بالغة سواء على مستوى التشريعات الوطنية، أو على مستوى المبادئ القانونية الدولية، بما يضمن المساواة في العلاقات التعاقدية وحماية للطرف الضعيف، وغالبا ما يتم توجيهه هذا المبدأ للدول النامية بحكم مركزها القانوني الضعيف أمام الدول الصناعية . ومفاد هذا المبدأ تطبيق مجموعة من الحقوق والالتزامات المنشئة في العقد، إضافة إلى مجموعة من الشروط المدرجة في بنود العقود مما يجعل هذه التصرفات تؤدي إلى نشوء الآثار القانونية للعقد[28]، واستبعاد كل ما يعيق سير المصالح الدولية ووضع التدابير الوقائية للحفاظ على النظام العام الاقتصادي والإقرار بمعاملة تفضيلية للدول النامية بهدف تشجيع الاستثمارات ونقل التكنولوجيا.

لذلك فإن الأصل هو إقرار مبدأ توازن الأداءات في مجال نقل التكنولوجيا للحد من المخاطر الاقتصادية التي يواجهها المستورد، ويحميه من الاضطرابات التشريعية التي يواجهها من قبيل الظروف الطارئة التي تجعل تنفيذ الالتزام الناشئ في العقد مرهقا للمدين، حيث استطاع قضاء التحكيم بفضل هذا الشرط أن يقوم بتصحيح العقد ويدخل تعديلات عليه استنادا لهذا المبدأ[29].

كما أن المحكم، الذي يعرض عليه النزاع الناتج عن عقد نقل التكنولوجيا الذي اختل توازنه الاقتصادي، يجب عليه أن يأخذ بعين الاعتبار مبدأ المحافظة على توازن الالتزامات التعاقدية، الذي يعد جزءا هاما في قانون التجارة الدولية، وأن يظهر قدرا كبيرا من المرونة التي ينبغي أن يثبتها بموجب هذا القانون، باعتباره الكاشف عن قواعده، تلك المرونة التي غابت عن أذهان مشرعي وقضاة الأنظمة القانونية الوطنية، الذين تعاملوا مع مشكلة التغير في الظروف المحيطة بتنفيذ العقد من منظور العقود الفورية التنفيذ، مقدمين حلولا لحالة الاستحالة وإن كانت لا توصف بالمرونة، ومتشددين في جانب مهم عند التعامل مع الوضع الذي تتطلب فيه اقتصاديات العقد ذلك[30].

وإذا كان الأصل “العقد شريعة المتعاقدين” والركيزة الأساسية للتصرفات القانونية ولا يجوز نقض أو تعديل العقد إلا برضا الطرفين والاتفاق على ذلك من الجانبين سواء أمام هيئة التحكيم أو إدراج ذلك في بنود العقد للحفاظ على مبدأ توازن الأداءات، فإنه في نطاق عقد نقل التكنولوجيا والهيمنة الاقتصادية وأمام عجز التنظيمات التشريعية عن مواجهة التطورات التي تعرفها التجارة الدولية، فإن هذه المبادئ يتم الرجوع لها باعتبارها من عناصر القانون التجاري الدولي المتمتع بالقوة الملزمة للعقد، والتي يتم الاحتكام لها بغض النظر عن إرادة المتعاقدين، كما أن قضاء التحكيم قد استطاع في التطبيق العملي أن يضفي على هذه المبادئ ذاتيتها المتفقة وطبيعة التجارة الدولية،

ذاك أن نظرية الظروف الطارئة في المبادئ العامة للقانون تعطي للقاضي سلطة تعديل العقد، أما في مجال التحكيم الدولي وطبقا لمبادئ القانون الدولي يتم تقييد سلطة المحكم في تعديل العقد في العقود الطويلة المدى كعقد المفتاح في اليد الذي يعد صورة من صور عقد نقل التكنولوجيا، بحثا عن الحلول المناسبة لحل النزعات القائمة عبر الحدود[31].

المبحث الثاني : آثار اتفاق التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا

يترتب على تمتع الأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد، حريتهم وقدرتهم على تجميد القانون المادي الذي اختاروه وهو ما يؤدي إلى إفلات العقد من الخضوع للآثار الناجمة عن التغييرات التشريعية التي قد تطرأ على هذا القانون المختار للتطبيق على العقد .[32]كما أن الخصوصية التي تمتاز بها عقود نقل التكنولوجيا كونها متعلقة بالاستثمارات وخطط التنمية تتطلب وجود قواعد قانونية تراعي الطبيعة الخاصة لهذه العقود. مثل حالة تطبيق المبادئ العامة عبر الدولية التي تحرم الشركات المتعددة الجنسيات من التستر خلف الشكليات القانونية للتنصل من التزاماتها[33].

ومن الآثار القانونية المترتبة عن هذه العقود سنتطرق إلى آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للأطراف المتعاقدة (المطلب الأول) وآثار اتفاق التحكيم بالنسبة للمحكم (المطلب الثاني).

المطلب الأول: آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للأطراف المتعاقدة

إن الأصل في اتفاق التحكيم حرية الأطراف المتعاقدة في تحديد القانون الذي يحكم عقدهم، بكل ما قد يطرأ عليه من تعديلات تشريعية، وتخطيا لكل قيد يعرقل مسيرتهم التعاقدية وفق مبدأ العقد شريعة المتعاقدين. لكن الاستثناء يقع في عقود نقل التكنولوجيا فتصبح إرادة الأطراف المتعاقدة مقيدة وتخضع للشروط المدرجة في العقد في حالة وقع نزاع، حيث أن الأطراف تجد إرادتها مقيدة أمام مجموعة من الشروط التي لا يمكن تجاوزها أو استبعادها،

إذ يتم تقييد حرية الأطراف بما ورد في الاتفاق بمجموعة من بالشروط المقيدة التي لا يجوز مخالفتها حسب بنود العقد، فيتم تقييد حرية الأطراف بما ورد في الاتفاق (الفقرة الأولى) كما يتعلق الأمر بالتجميد الزمني لقانون العقد، إذا قام الأطراف بإدراج اتفاقات تستبعد التغيرات التشريعية التي قد تطرأ بسبب قوة قاهرة أو ظروف طارئة تحدث مستقبلا وهو ما يعرف بشرط الثبات التشريعي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :تقييد حرية الأطراف بما ورد في الاتفاق

إن إلزامية احترام الأطراف لمضمون العقد تنبثق من مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، ووجوب احترام هذه القاعدة يجد أساسه في القوة الملزمة للعقد، والتي لا تنحصر على الأطراف في العلاقة التعاقدية بل تمتد للقاضي والمحكم، وفي ظل التغيرات الاقتصادية التي شهدتها الأنظمة القانونية المعاصرة وتخطيها للحدود العابرة وارتباطها بالمحيط الدولي الخارجي، أصبحت العلاقات القانونية في مجال العقود الدولية خاصة النقل التكنولوجي لم تعد تلائم التكييف القانوني بسبب تقييد حرية الأطراف، وفي ذلك نص المشرع المصري في المادة 75 من قانون التجارة المصري على أنه :

“يجوز ابطال كل شرط يرد في عقد نقل التكنولوجيا ويكون من شأنه تقييد حرية المستورد في استخدامها أو تطويرها أو تعريف الإنتاج أو الإعلان عنه. وينطبق ذلك بوجه الخصوص على الشروط التي يكون موضوعها إلزام المستورد بأمر مما يأتي :

(أ‌) قبول التحسينات التي يدخلها المورد علي التكنولوجيا وأداء قيمتها.

(ب‌) حظر إدخال تحسينات أو تعديلات على التكنولوجيا لتلائم الظروف المحلية أو ظروف منشأة المستورد، وكذلك حظر الحصول على تكنولوجيا أخرى مماثلة أو منافسة للتكنولوجيا محل العقد.

(ج) استعمال علامات تجارية معينه لتمييز السلع التي استخدمت التكنولوجيا في إنتاجها.

(د) تقييد حجم الإنتاج أو ثمنه أو كيفية توزيعه أو تصديره.

(هـ) اشتراك المورد في إدارة منشأة المستورد أو تدخله في اختيار العاملين الدائمين بها.

(و) شراء المواد الخام أو المعدات أو الآلات أو الأجهزة أو قطع الغيار لتشغيل التكنولوجيا من المورد وحده أو من المنشآت التي يعينها دون غيرها.

(ز) قصر بيع الإنتاج أو التوكيل في بيعه على المورد أو الأشخاص الذين يعينهم وذلك كله ما لم يكن أي من هذه الشروط قد وردت في عقد نقل التكنولوجيا بقصد حماية مستهلكي المنتج، أو رعاية مصلحة جديدة ومشروعة لمورد التكنولوجيا.”

من خلال هذه المادة حاول المشرع المصري أن يشترط على المستورد استخدام التكنولوجيا في مجالات محصورة، ذاك أن المورد لما له من احتكار وقوة اقتصادية يستطيع أن يضغط على متلقي التكنولوجيا ويتدخل في شؤونه الاقتصادية، ومنعه من التصنيع والإنتاج وإدخال التحسينات على التكنولوجيا المنقولة والمنافسة داخل الأسواق الوطنية والدولية إلا في الحدود التي يرسمها المورد مخافة من كشف الأسرار المتعلقة بالتكنولوجيا وحمايتها القانونية. وهذه الالتزامات تقع على عاتق المستورد سواء في مرحلة التفاوض أو مرحلة تنفيذ العقد ، ومخالفتها ترتب الآثار القانونية وتوقع بالمسؤولية المدنية.

وهنا نستحضر وقائع إحدى القضايا كون أن إحدى الشركات الألمانية أبرمت عقد ترخيص مع شركة إيطالية من أجل نقل المعرفة الفنية لإنشاء مجمعات صناعية بطريقة تسليم المفتاح ،وكان القانون الواجب التطبيق حسب بنود العقد هو القانون الألماني ، وتضمن بند العقد شرطا يقضي بأن تلتزم الشركة الإيطالية المرخص لها بضمان السرية لكافة المعلومات والمستندات والوثائق المتعلقة بالمعرفة الفنية، وعدم توظيف هذه الأخيرة إلا في الغرض المخصص لها والمتعلق بإنشاء مجمعات صناعية.

وبعد تنفيذ العقد حدث نزاع بين الأطراف المتعاقدة اتهم فيه المورد أن المستورد قام بنقل التكنولوجيا إلى فروع شركات أخرى تابعة له ، والتي قامت باستغلال هذه المعرفة الفنية محل العقد لمنافسة المورد داخل الأسواق الدولية والعمل على إنتاج وإدخال التحسينات على هذه التكنولوجيا باستغلال هذه المعرفة وذلك بإنتاج سلع شبيهة لما ينتجه المورد مما يترتب عليه منافسته أمام الأسواق الدولية والوطنية .

لذلك طالب المورد أثناء لجوئه إلى التحكيم بمنع المستورد من استعمال واستغلال التكنولوجيا المنقولة في غير الأهداف الواردة في العقد ومنعه من نقلها إلى فروع شركاته ، كما طالب كذلك بدفع التعويضات عن الأضرار التي لحقته من جراء ذلك . لكن المستورد الشركة الإيطالية دفعت ببطلان هذا العقد مستندا في ذلك إلى نص المادة 85من الاتفاقية الصادرة في 30نونبر1988عن المجموعة الأوربية رقم 536-89 في مجال المنافسة التي لا تمنع المستورد من التعامل على نقل التكنولوجيا إلى باقي فروعها.

وبعد دراسة القضية، أصدرت محكمة التحكيم قرارها بأن الشركة الألمانية على صواب ولها الحق في المطالبة بعدم نقل التكنولوجيا إلى فروع الشركات الإيطالية طيلة مدة تنفيذ العقد وحتى بعد انقضائه إذ أن التزام المستورد باستغلال واستعمال التكنولوجيا المنقولة لا ينقضي بانقضاء العقد، بل يبقى سريا على الدوام .

كما بينت محكمة التحكيم أنه بعد اطلاعها على نص المادة 85 من الاتفاقية الأوربية لا يعتد بها في مجال الحديث عن المنافسة عندما يتعلق الأمر بنقل التكنولوجيا.

كما ذهبت محكمة التحكيم إلى أبعد من ذلك حيث اعتبرت أن سرية المعرفة الفنية من بديهيات عملية نقل التكنولوجيا، وأن الشركة الألمانية على صواب فيما تدعيه بأن عملية نقل المعرفة الفنية يجب أن تبقى سرية على الدوام ، لذلك قررت محكمة التحكيم إصدار قرار لها بمسؤولية الشركة الإيطالية كمتلقية وطالبتها بالتعويض عن الضرر الذي لحق بالشركة الألمانية نتيجة الإخلال بهذا الالتزام ، ومنعها من استعمال هذه المعرفة الفنية والتي استغلت واستعملت في غير ما هو ثابت بالعقد[34] .

يتضح من خلال معطيات هذه القضية أن إرادة الأطراف تكون مقيدة بالشروط المدرجة في العقد، و في حالة الاخلال بالالتزامات الملقاة على عاتق الطرفين يكون لكل منهما اللجوء إلى المطالبة بحقوقه في حالة إلحاق الضرر على أحد الطرفين الذي يرتب المسؤولية المدنية. لذلك وجب الاحتياط في التعامل بعقود نقل التكنولوجيا، سواء تعلق الأمر بحماية الأسرار التجارية أو حظر إدخال تحسينات أو تعديلات على التكنولوجيا أو بشرط القصر أو غيرها من الشروط التي يتم إدراجها في عقد نقل التكنولوجيا، وهي تعتبر شروطا مقيدة، فإن الأطراف المتعاقدة تمتثل لها سواء في مرحلة التفاوض أو بعد إبرام العقد مما يجعل من مستورد تابعا للمورد وتبقى التكنولوجيا حكرا على هذا الأخير.

الفقرة الثانية : شرط الثبات التشريعي

إذا نص الأطراف على أن قانون الإرادة الذي يسري على العقد عند نشوء نزاع هو القانون المختار بأحكامه وقواعده النافذة أثناء إبرام العقد مع استبعاد تطبيق أي تعديل مستقبلي يطرأ عليه فإن الأمر يتعلق بإدراج شرط الثبات التشريعي[35] . وحق الأطراف في تجميد القانون الواجب التطبيق على العقد من حيث الزمان، بالنسبة لعقود التجارة الدولية المعتادة يستمد من قاعدة القانون الدولي الخاص التي أعطت للأطراف الحرية في اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد المبرم بينهم ومن الأهداف التي تسعى هذه القاعدة إلى تحقيقها[36].

وبهذه المثابة يكون الباعث إلى تجميد القانون المختار الواجب التطبيق، أن هذا القانون هو الذي تعرفه الأطراف المتعاقدة على نحو قاطع وهو الذي يتمشى مع توقعاتهم ويحقق الأمان القانوني لهم[37]. فاعتبار شرط التحكيم ضمن الشروط الواجب عدم المساس به،وأنه يتعين حمايته من أي إجراءات انفرادية لتعديل أو إلغاء يبرره أن:”هذه الآلية التي أقامها الأطراف لتسوية منازعاتهم المحتملة يجب أن تتوافر الإمكانية لوضعها موضع التنفيذ وذلك لتقدير مشروعية ونتائج الإجراءات التي تقدم عليها الدولة ممارسة لسلطاتها السيادية، وهذا الشرط الأساسي من شروط العقد يفقد كل قيمته وفاعليته إذا سمح للدولة أن تتحلل منه بإرادتها المنفردة[38].

وقد اعتمدت العديد من الدول النامية تبني شروط الثبات التشريعي التي تضمن عدم خضوع المستثمر للتشريعات الأجنبية حفاظا على إقامة مشروعات جديدة المتعلقة بالنقل التكنولوجي والتي تضمنت النص على شروط الثبات التشريعي في أحكامها وتبنتها كنصوص قانونية لا يجوز مخالفتها أو الاتفاق على ذلك مهما كان حجم التعديلات التي تطرأ على هذه القوانين أو ما تنتجه من آثار.ومن المبادئ المعترف بها في القانون الدولي العام، أن الدولة عندما ترتبط بشرط تحكيم ينص عليه في عقد مبرم بواسطة الدولة ذاتها،أو من خلال جهاز تابع لها لا يمكنها بإرادتها المنفردة في تاريخ لاحق أن تمنع الطرف الآخر المتعاقد معها من اللجوء إلى الوسيلة المتفق عليها بين الأطراف لحل المنازعات الناشئة عن العقد المبرم بينها[39].

وشرط الثبات التشريعي عبارة عن نصوص تشريعية وردت في صلب قانون الدولة التي ستدخل طرفا في عقد أو اتفاق دولي مع شخص خاص أجنبي، بمقتضاها تتعهد الدولة في مواجهة الأخير بأنه لا تعدل أو تلغي قانونها الواجب التطبيق على العقد أو على الاتفاق[40]. وإن كانت هناك بعض أحكام القضاء الوطني قد أقرت على هذا النحو مبدأ ثبات قانون الإرادة وقت إبرام العقد وعدم الاعتداد بالتشريعات اللاحقة، فإن هناك أحكام المحكمين التي باركت شرط الثبات التشريعي حيث أصبحت فكرة التجميد الزمني لقانون الإرادة طبيعية تماشيا مع الاتجاه المعاصر في قضاء التحكيم نحو تدويل العقود وإخراجها من سلطان القوانين[41].

ذاك أن المحكم في إطار القانون الدولي العام، باعتباره القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم يستطيع إذن أن يتغافل تلك التعديلات التي طرأت في القانون الداخلي للدولة المتعاقدة و التي تمس الاتفاقات التحكيمية التي أبرمتها..فهذا الأخير لا يستمد في هذا الغرض قوته الملزمة من قانون هذه الدولة وإنما من القانون الدولي العام مباشرة[42].

وإذا تم عدم إدراج شرط الثبات التشريعي في عقود نقل التكنولوجيا بحجة وجود أبعاد قانونية تتمثل في استبعاد خطر حدوث المفاجآت، والتي أقرها التحكيم وتدخل في إطار قواعد النظام القانوني الجديد والمتعلقة بإمكانية مراجعة العقد لاسيما إذا ما تعلقت العلاقة بعقد يستغرق تنفيذه فترة زمنية طويلة[43]، والتي تتيح للمحكم وبناء على اتفاق الأطراف إمكانية تعديل شروط العقد حتى تلائم الظروف الاقتصادية الجديدة وفق صيغ توضح كيفية تسوية المنازعات الناشئة وذلك في الحالات التي تتوافر فيها الظروف الطارئة أو القوة القاهرة بوضع حلول تنهي من هذه الآثار كي لا ينهار العقد. وهو ما يجعل وجود فرق بين التجميد الزمني لقانون العقد من الناحية التشريعية والتجميد الزمني بناء على شرط الثبات الاتفاقي، يكون من قبيل النتيجة الطبيعية لقانون الإرادة في العقد واعتبار أحكامه مجرد شروط تعاقدية[44].

أما حينما تتعهد الدولة بعدم تعديل قوانينها الجارية عند إبرام الاتفاق مع ناقل التكنولوجيا فهو يتعلق بإيقاف سريان التشريعات القانونية والتنظيمية التي يمكن إصدارها بعد إبرام العقد، وذلك حفاظا على الاستقرار للروابط العقدية وبعث الأمن القانوني للمستثمر الأجنبي في هذا المجال.

وما يمكن قوله، أن نظرية العقد تقوم في مجملها على أساس مبدأ سلطان الإرادة الذي يعني حرية طرفي الرابطة العقدية في تضمين اتفاقهم بالحقوق والالتزامات التي اتجهت إليها إرادتهم المشتركة، لكن في عقود نقل التكنولوجيا فإن هذه الالتزامات تستغرق سنوات عديدة تجعل من الصعب تحديد المراكز القانونية لطرفي، كناقل التكنولوجيا الذي قد تفرض عليه ضرائب مالية بخصوص هذا النقل ويكون قد تم تحديدها عند تنفيذ العقد، لكن نتيجة للظروف تم إصدار قوانين ترفع من قيمة هذه الضرائب.

وتجدر الإشارة إلى أن مشكلة التغييرات التشريعية و أثرها على اتفاق التحكيم في مجال عقود نقل التكنولوجيا قد تؤدي إلى زعزعة الثقة بين المتعاقدين، والإخلال بقواعد الأمن القانوني والأمن الاقتصادي مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة والحصول على المعرفة الفنية، من خلال إطار قانوني واضح يحكم العلاقات الاقتصادية الدولية ، ويرتب المسؤولية المدنية في حالة عدم تنفيذ الالتزامات ، لذلك فالتغييرات التشريعية في مجال عقد نقل التكنولوجيا يجب ألا تصدر بطريقة فجائية مباغتة تصطدم مع النتائج التي يتوخاها الأطراف حفاظا على المراكز القانونية وعدم المساس بها كي لا تزيد من اختلال التوازن الاقتصادي للعقد .

لذلك فإن شرط الثبات التشريعي يحاول أن يحد من هذه التوقعات المفاجئة، حيث يتم استبعاد التعديلات الجديدة التي قد تطرأ على العقد حماية لناقل التكنولوجيا ، مثل فرض التزامات جديدة بزيادة نسبة الضرائب مثلا أثناء تنفيذ العقد، ويكون هذا القانون الجديد يؤثر على التزامات المتعاقد، لذلك يتم اعتماد هذا الشرط توفيرا لثبات الظروف الاقتصادية المحيطة بالتعاقد مما يوفر لناقل التكنولوجيا قدرا كافيا من الحماية التي تتطلبها طبيعة هذا التعاقد.

المطلب الثاني : آثار اتفاق التحكيم بالنسبة للمحكم

يثير التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا مجموعة من المشاكل القانونية المتعلقة بحدود سلطة المحكم في التصدي للنزاع المطروح، وحدود سلطته في احترام اتفاق التحكيم وتطبيق القانون الواجب التطبيق، أي هل سلطته مطلقة أم مقيدة بأحكام القانون الواجب التطبيق وإرادة الأطراف واتفاقهم؟ حيث أن المحكم إذا لم يلتزم باتفاق الأطراف والقانون الواجب التطبيق يكون قد خرج عن القواعد القانونية ومبادئها، تلك الإرادة التي تعتبر أساس إعفاء المحكم من تطبيق القانون ، لذلك هل اتفاق الأطراف واحترام إرادتهم يلزم المحكم ويقيد حريته؟ أم أن المحكم له الحق في تطبيق قواعد القانون التجاري الدولي من مبادئ القانون الدولي والأعراف التجارية؟ أم له الحرية بالعمل بقواعد الإسناد وملاءمتها مع النزاع المطروح أمامه؟

لتوضيح ذلك لا بد من الوقوف في (الفقرة الأولى) عند سلطة المحكم في احترام اتفاق التحكيم، لتكون (الفقرة الثانية) متعلقة بسلطة المحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق.

الفقرة الأولى : سلطة المحكم في احترام اتفاق التحكيم

الأصل والقاعدة الأصلية هو إرادة الأطراف في الاتفاق على القواعد التي تحكم إجراءات التحكيم، ولكن قد يحدث ألا يكون هناك اتفاق، بين الأطراف على تنظيم المسائل الإجرائية أو يتفق الأطراف على تفويض هيئة التحكيم في اختيار القانون الواجب التطبيق، فهيئة التحكيم تتمتع بنفس الحرية أو الإمكانية التي كانت للخصوم في هذا الشأن، ففي هذه الحالات لهيئة التحكيم أن تضع بنفسها ولنفسها القواعد الإجرائية التي ترى أنها الأنسب لظروف النزاع[45] ، ذاك أن مبدأ الرضائية كما سبقت الإشارة إلى ذلك، يخول للأطراف المتعاقدة الحرية في تحديد القانون الواجب التطبيق (وقد أخذت اتفاقية واشنطن لسنة 1965 في المادة 42في فقرتها الأولى على أنه: ( تحكم المحكمة في النزاع وفقا للقواعد القانونية التي يتفق عليها الطرفان)، مما يتعين على المحكم احترام اتفاق الأطراف وعدم مخالفته. أما التوصية الصادرة عن معهد القانون الدولي المنعقد بأثينا سنة 1979 أعطت الحرية للأطراف في اختيار القانون الدولي كقانون واجب للتطبيق .

وبالتالي فإن المحكم يلتزم بتطبيق هذا القانون كما هو وبنصوصه المتعلقة بالنظام العام حتى ولو كانت في مخالفة لنصوص العقد، فالقانون المختار على هذا النحو هو القانون المختص بالرابطة العقدية ، وإعمال القواعد ذات التطبيق الضروري في هذا القانون لا يشكل مفاجأة للمتعاقدين، ولا يخل بتوقعاتهم المشروعة، فالطابع الاتفاقي يقتضي حرص المحكمين على احترامها[46].ويميل جانب كبير من أحكام المحكمين إلى ترجيح إعمال قواعد البوليس السائدة في الدولة التي يتوقع الأطراف تطبيق قانونها، فإذا تبين للمحكم أن قاعدة من قواعد البوليس التي تريد الانطباق ستؤدي إلى مفاجأة للأطراف، فإنه يتجاهل إعمالها مفضلا الرجوع إلى القاعدة التي لا تناهض توقعاتهم، فالمحكمون يستمدون اختصاصهم من إرادة الأطراف، فهم يحاولون قدر طاقتهم ألا يتصدوا لوضع حلول تشكل مفاجأة لهذه الإرادة احتراما لليقين القانوني[47] .

أما عند سكوت الأطراف المتعاقدة عن اختيار القانون واجب التطبيق فإن المحكم يطبق قواعد الإسناد التي يراها ملائمة لحل النزاع، وفي هذه الحالة قد يعتنق الأطراف نظاما مزدوجا عند إسناد عقد نقل التكنولوجيا. ونستحضر هنا قضية عرضت على هيئة التحكيم سنة 1986 حيث تعاقد شركات بلجيكية مع شركة استرالية، على منحها ترخيصا لصناعة الورق المعدني الملفوف، على شكل اسطوانات لأغراض مختلفة، ويشمل العقد تقديم التكنولوجيا إلى الشركة الاسترالية، وبعد أيام قليلة من إبرام العقد ، نشأ خلاف بين طرفيه،

فقد رأى الجانب البلجيكي أن الخبرة الهندسية المقدمة منه يجب على الشركة الأسترالية أن تلتزم بها سواء استخدمتها أم لا، بينما ترى الشركة الأسترالية أن هذه الخبرة لا تلتزم بها، وكانت أولى ملاحظات المحكم هي سوء صياغة العقد مما أثار الخلاف حول فهم مضمونه وحتى مهناه من الأطراف أنفسهم. ووجد المحكم بعد دراسة ملف القضية أن الهدف الذي يسعى إليه الطرفان من خلال الاتفاق على نقل التكنولوجيا هو تمكين الشركة الأسترالية من إنتاج الورق المعدني خلال مدة معينة، وأن معنى هذا وجوب نقل التكنولوجيا في وقت أسبق مما قام به الجانب البلجيكي، وتوصل المحكم إلى أن الشركات الأسترالية قد فشلت في تنفيذ التزامها الرئيسي وهو نقل التكنولوجيا، مما يجعل للشركة الأسترالية التمسك بحق الحبس أي “الدفع بعدم التنفيذ”[48].

الفقرة الثانية : سلطة المحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق

يلتزم المحكم بتحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع، وذلك في حالة اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق، لكن عند غياب إرادة الأطراف وسكوتهم عن القانون الواجب التطبيق ، فإن سلطة المحكم تمتد ويحق له اختيار هذا القانون ، ذاك أن المحكم غير ملزم بإعمال قواعد الإسناد كما هو الشأن للقاضي الذي يظل مقيدا بإتباع القواعد القانونية لقانون دولته ويتعين عليه إعمال قواعد الإسناد التي تمكنه من تحديد القانون الواجب التطبيق.

ذاك أن المحكم الدولي ليس له قانون اختصاص ولا يصدر أحكامه باسم أية دولة مقارنة وغير مقيد باتباع منهج تنازع القوانين في قانون معين ليتحدد على ضوئه القانون الذي يحكم موضوع النزاع، و إنما هو ملزم بتحديد القانون الذي لا ينافي توقعات الأطراف المتعاقدة ولا يشترط عليه في سبيل ذلك إتباع طريقة محددة بذاتها[49]، وبالتالي يجب على المحكم الالتزام بشروط العقد والقانون الواجب التطبيق، فإذا جاء عقد نقل التكنولوجيا خاليا من شرط يجيز لهذا المحكم التدخل بالتعديل، ولا يسمح له القانون الواجب التطبيق بذلك فإنه يمتنع عليه التدخل، أي أن سلطة المحكم بالقانون مقيدة بنصوص العقد وبنصوص القانون المطبق على هذا العقد، وذلك دون المساس بالنظام العام للدولة التي يجري قرار التحكيم على إقليمها، والالتزام بقواعد الحياد الواجب توفرها لدى المحكم.

أما إذا لم يقم المتعاقدون باختيار القانون الواجب التطبيق صراحة، يكون للمحكم الحق في استظهار إرادة الأطراف الضمنية والكشف عنها لاختيار قانون العقد، إذ تبقى للمحكم سلطة التحديد المباشر للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع المطروح أمامه دون الالتزام بالأخذ بنظام تنازع معين للوصول عن طريقه إلى تطبيق القانون الملائم[50]، فهو ليس مقيدا بقانون محلي ولا يخضع لسلطة أي دولة، إذ يستمد سلطته من إرادة الأطراف، فهو غير ملزم باحترام المفاهيم الوطنية ويكون ملزما باحترام المفاهيم الدولية، ولهذا فهو غير مكلف من قبل الدولة بتطبيق قوانينها وغير ملزم بتطبيق قواعد النظام العام[51].

والتحكيم وفقاً للقانون يقتضي من المحكم أن يتعرف على وقائع النزاع وأن يبحث عن القواعد الموضوعية في القانون الواجب التطبيق التي تتولى حسم النزاع مراعياً بذلك القواعد الآمرة وشروط العقد[52]، ولا يمكنه اللجوء إلى المبادئ القانونية الدولية إلا إذا لم يجد نصا خاصا يتضمن حلاً للنزاع المطروح عليه كما هو الشأن لعقود نقل التكنولوجيا، حيث يجد المحكم نفسه أمام فراغ قانوني، وفي غياب للتشريع الوطني الذي يمكنه الاعتماد عليه في تطبيق قراراته، وعدم وجود إرادة صريحة ضمنية في اختيار القانون الواجب التطبيق،

فيكون للمحكم في هذه الحالة اختيار القانون الملائم واللجوء مبادئ القانون الدولي لفض النزاعات. فالقيود التي يواجهها المحكم ترجع إلى اعتبارات قانونية يتوجب على المحكم مراعاتها، إذ يستعصي عليه تجاهل القواعد الإجرائية الإلزامية وإلا يكون قد خالف تلك القواعد في قانون محل تنفيذ الحكم، ويصبح حكمه باطلا ومخالفا لها، وهو نصت عليه المادة1464[53] في فقرتها الأولى من قانون التحكيم الفرنسي رقم 2001/48 التي جاء فيها :” في حالة عدم اتفاق الأطراف على إجراءات محكمة التحكيم، فللمحكمة أن تحدد إجراءاتها من دون وجوب الالتزام بالإجراءات المتبعة أمام المحاكم الوطنية”.

أما المشرع المصري فقد نص في المادة 39 في فقرتها الثانية من قانون التحكيم لسنة 1994 على أنه: “إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بالنزاع”.

خاتمة:

إن تعزيز التعاون الدولي واكتساب النقل التكنولوجي، من المشاكل التي تواجهها الدول النامية بشكل خاص ، لاسيما ما تعرفه من صعوبات بفعل تفاوت المراكز القانونية و الهوة الاقتصادية ، يجعل من عقود نقل التكنولوجيا في حاجة ماسة إلى تبني تشريعات قانونية قوية من شأنها تسهيل الوصول التكنولوجيا والحصول عليها. وفي ظل الفراغات التشريعية في هذا المجال فمن السهل نشوء مشاكل قانونية وورود نزاعات تجارية دولية ،لهذا كان التحكيم من أهم المحطات التي تمر عليها عقود نقل التكنولوجيا رغم الصعوبات العملية في تطبيق مبدأ حرية الإرادة والقانون الواجب التطبيق، لاسيما في حالة عدم وجود تشريع خاص بنقل التكنولوجيا، أو عدم كفاية قانون الدولة المتلقية للتكنولوجيا ، وهي المشكلة التي أطلق عليها بعض الفقهاء” مشكلة الفراغ في القانون الواجب التطبيق”[54] ،

الشيء الذي يجعل حرية الأطراف مقيدة في اختيار هذا الأخير، كما أن عقد نقل التكنولوجيا يخضع لقانون الدولة المتلقية للتكنولوجيا إذا كان الأمر له علاقة بسيادتها، أما في الأمور المتعلقة بنقل التكنولوجيا واستثمارها في المصالح الخاصة، فللأطراف حرية اللجوء إلى المبادئ القانونية الدولية باعتبارها من المبادئ التي تحاول تسهيل النقل التكنولوجي واختيار القانون الواجب التطبيق. لكن بعض المؤلفين يروا أنه من الأفضل اللجوء عند اختيار التحكيم في عقود نقل التكنولوجيا إلى القانون الدولي وليس للقوانين الوطنية بحكم أن هذه العقود يناط بها مهمة التطور الاقتصادي[55].

[1] -الدكتور أحمد شكري السباعي، التحكيم التجاري في النظام المغربي ،دفاتر المجلس الأعلى العدد2/2002،ندوة علمية حول الاجتهاد

القضائي في المادة التجارية و الضمانات القانونية للاستثمار، مركز النشر و التوثيق الدولي ص197.

[2] – مراد محمود المواجدة، المسؤولية المدنية في عقود نقل التكنولوجيا، الطبعة الأولى2010،دار الثقافة للنشر والتوزيع،عمان الأردن،ص35.

[3] انظر :

– مراد محمود المواجدة، المسؤولية المدنية في عقود نقل التكنولوجيا،م.س ص36

-إبراهيم قادم الشروط المقيدة في عقود نقل التكنولجيا ودورهما في تكريس التبعية التكنولجية على المستوى الدولي، رسالة دكتوراه،كلية الحقوق جامعة عين شمس،السنة الجامعية 2002ص21.

[4] -آمال زيدان عبد اللاه، الحماية القانونية للأسرار التجارية في عقود نقل التكنولوجيا، دراسة تحليلية في القانون المصري والأمريكي، الطبعة الأولى 2009،دار النهضة العربية القاهرة،ص27.

[5] – حيث خضع القانون رقم 17.97 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.19 بتاريخ 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) المتعلق بحماية الملكية الصناعية، والمنشور الجريدة الرسمية عدد “4776” بتاريخ 2 ذي الحجة 1420 (9 مارس 2000)، إلى تعديل في مجموعة من مواده وذلك طبقا للقانون رقم 31.05 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.190 بتاريخ 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006)،والمنشور بالجريدة الرسمية عدد “5397” بتاريخ 21 محرم 1427 (20 فبراير 2006)، والقانون رقم 23.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.188 بتاريخ 27 محرم 1436 (21 نوفمبر 2014)، الجريدة الرسمية عدد “6318” بتاريخ 25 صفر 1436 (18 ديسمبر 2014).

[6] -فهد بجاد الفلاح، تسوية منازعات عقد نقل التكنولوجيا ،دراسة في القانون المصري و نظام التحكيم السعودي، دار النهضة العربية القاهرة 2009ص110.

[7] -انظر في هذا:

عبد الإله المحبوب ،التحكيم في عقود التشييد و الاستغلال و التسليم BOT ،الجوانب القانونية في صياغة عقد البوت ،خصوصية اتفاق التحكيم في عقود البوت،المرحلة العملية لتنفيذ عقود البوت ،خصوصيات سلطات المحكم في فض منازعات في عقود البوت.سلسلة الأعمال الجامعية لمجلة الأبحاث و الدراسات القانونية ،المركز المغربي للدراسات و الاستشارات القانونية وحل النزاع2015،مطبعة الأمنية الرباط، ص318 ومايلها.

[8] -بشار الأسعد، عقود الدولة في القانون الدولي، الطبعة الأولى2010 منشورات زين الحقوقية لبنان ،ص240.

[9] -عمر فلاح العطين و ريزان حمود، اتفاق التحكيم الدولي في عقود نقل التكنولوجيا، مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية – تامنغست – الجزائر،العدد 8يونيو2015ص13

[10]– رياض فخري، قواعد التحكيم قراءة في القانون رقم 08.05، سلسلة الندوات الجهوية المنظمة بمناسبة الذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى، الندوة 11، ص430 .

[11] -يجب التمييز هنا بين شرط التحكيم و مشارطة التحكيم : فشرط التحكيم هو اتفاق التحكيم الذي يواجه منازعات احتمالية غير قائمة وإنما يمكن أن تنشأ في المستقبل، ويرد هذا الشرط في بنود من بنود العقد يبن فيه أطرافه كيفية تسوية المنازعات التي قد تنشأ بينهما إبان تنفيذ العقد. أما مشارطة التحكيم تفترض مبدئيا عدم وجود شرط تحكيم في العقد ويقع النزاع بين طرفي العقد، فبدلا من اللجوء للقضاء ، يتفقان على إحالته للتحكيم، ونكون هنا في إطار ما يسمى بمشارطة التحكيم .فالفرق بين شرط التحكيم و مشارطة التحكيم ،أن الأول يتعلق بنزاع مستقبلي محتمل، في حين تتعلق المشارطة بنزاع أكيد وقع فعلا، و يفترض في الحالة الأخيرة أن يتضمن الاتفاق ماهية النزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم ،ومن الناحية العملية تبدأ مشارطة التحكيم بحيثيات تتعلق بالنزاع و طبيعته، ومن ثم الإشارة إلى اتفاق الطرفين على إحالته للتحكيم مع بيان أسماء المحكمين .

وللمزيد حول التميز بين شرط و مشارطة التحكيم يراجع :

-عصام عبد الفتاح مطر، التحكيم الالكتروني ،ماهيته، إجراءاته، وآلياته في تسوية منازعات التجارة الإلكترونية والعلامات التجارية وحقوق الملكية الفكرية 2009، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية ، من ص67إلى ص 75.

[12] – أحمد طارق ، قراءة في واقع تطبيق القــانون رقم 08-05 الخـاص بالتحكيم والوســاطة الاتفـاقية بعد 9 سنوات ، مقالة منشورة على موقع الجريدة الإلكترونية القانونية :

http://www.alkanounia.com

[13] – أحمد شكري السباعي، التحكيم التجاري في النظام المغربي،م.س،ص216.

[14] حفيظة السيد الحداد، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري الدولي ،الطبعة الأولى 2004،منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان ،ص163.

[15] -عصام عبد الفتاح مطر، التحكيم الالكتروني ،م.س ،ص45.

[16] -أحمد عبد الكريم سلامة،التحكيم في المعاملات المالية الداخلية والدولية المدنية والتجارية والإدارية والجمركية، دراسة مقارنة، الطبعة الأولى 2006دار النهضة العربية ،القاهرة ،ص19.

[17] – نفس المرجع ص48.

[18] -مصطفى الجمال و عكاشة عبد العال ، التحكيم في العلاقات الخاصة الدولية و الداخلية،الاسكندرية1998ص42.

[19] -انظر المادة273 من قانون المسطرة الجنائية .

[20] -انظر المادة 42/1 من اتفاقية واشنطن المتعلقة بتسوية منازعات الاستثمار لسنة 1965 التي نصت على أنه : “تفصل المحكمة فى النزاع طبقا للنظم القانونية التي وافقت عليها الأطراف المتنازعة فإذا لم يتفق الطرفان تقوم المحكمة بتطبيق قانون الدولة المتعاقدة طرف النزاع ( بما فى ذلك

القواعد الخاصة بتعارض القوانين) وكذلك مبادئ القانون الدولي الواجب تطبيقها في هذا الصدد”.

[21] -محمود الكيلاني، الموسوعة التجارية المصرفية، المجلد الأول عقود التجارة الدولية في مجال نقل التكنولوجيا، الطبعة الأولى 2008 دار الثقافة للنشر والتوزيع الأردن عمان ص376.

[22] -محسن شفيق، التحكيم التجاري الدولي، دراسة في قانون التجارة الدولية، دون عدد الطبعة1997، دار النهضة العربية، مصر،ص37.

[23] -محمود الكيلاني،الموسوعة التجارية المصرفية، م.س،ص393.

[24] -احمد ادريوش، أصول قانون الالتزامات والعقود، بحث في الأصول الفقهية،دكتوراه الدولة في الحقوق ،جامعة محمد الخامس الرباط السنة الجامعية1991-1992ص109.

[25] – محمود الكيلاني، الموسوعة التجارية،م.س ،ص383.

[26] – حول الموضوع انظر:

يوسف عبد الهادي الإكيابي،النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا في مجال القانون الدولي الخاص دون طبعة ودون دار النشر 1989،ص537و539.

[27] -صلاح الدين جمال الدين،عقود نقل التكنولوجيا،تنازع القوانين وتسوية المنازعات 2001،دون رقم الطبعة ودار النشر،ص204.

[28] -حول الموضوع انظر :

ريما فرج مكي، تصحيح العقد دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، 2011المؤسسة الحديثة للكتاب لبنان، ص 213 ومايليها.

[29] – وهو ما أعرب عنه الفقيه KAHN بقوله :

«ce que nous voulions démontrer ici c’est que les parties utilisent également des techniques qui normalement ont un tout autre rôle pour introduire des clauses de révision implicites et partielles qui constituent un moyen nouveau d’adapter le contrat aux évolution conjoncturelles et aux révolutions technologiques sans avoir à mettre en œuvre ni à discuter des clauses de révision stricto sensu toujours complexes et contentieuses en soi. L’exemple le plus frappant est celui des clauses de force majeure, telles que la pratique la plus récente les élabore».

-KAHN Phillippe, Force majeure et contrat internationaux de longue durée, Journal du Droit International (Clunet) de l’année 1974,p468.

[30] -انظر:

مراد محمود المواجدة، المسؤولية المدنية في عقود نقل التكنولوجيا م.س ،ص496.

[31] -للمزيد حول الموضوع انظر تقرير اللجنة الفرنسية للقانون الدولي الخاص ل:

GOLDMAN Berthold. La lex mercatoria dans les contrats et l’arbitrage internationaux : réalité et perspectives. In: Droit international privé : travaux du Comité français de droit international privé, 2éme année, 1977. 1980. pp. 221-270.

منشور على الموقع الالكتروني:

https://www.persee.fr/docAsPDF/tcfdi_1140-5082_1980_num_2_1977_1843.

Fichier pdf généré le 31/03/2018.

[32] حفيظة السيد الحداد ، العقود المبرمة بين الدول و الأشخاص الأجنبية ،تحديد ماهيتها والنظام القانوني الحاكم لها، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت،لبنان،2003،ص323.

[33] – بشار الأسعد، عقود الدولة في القانون الدولي،م.س،ص196.

[34] – الحكم الصادر في ماي 1995عن هيئة التحكيم بمدينة فرانكفورت بألمانيا أشار إليه :

-مراد المواجدة في المرجع السابق في ص127و128.

[35] -للمزيد حول الموضوع انظر:

أحمد عبد الكريم سلامة ،شروط الثبات التشريعي في عقود الاستثمار و التجارة الدولية ، المجلة المصرية للقانون الدولي العدد43سنة1987ص68.

[36] -حفيظة الحداد،العقود المبرمة بين الدول ، م.س،ص322.

[37] -نقس المرجع ص324.

[38] P.weil ;Probleme relatif aux contrats passes entre un Etat et un particuliers,REC ,des cours de l’Académie de droit international1969,Tome3p115.

أشار له :

عبد الخالق الدحماني، ضمان التوازن المالي لعقود الاستثمار في إطار التحكيم الدولي2015،دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع،الدار البيضاء،ص237.

[39] – حفيظة السيد الحداد ، العقود المبرمة بين الدول و الأشخاص الأجنبية،م.س،ص190.

[40]– غسان عبيد محمد المعموري، شرط إثبات التشريعي محوره في التحكيم في عقود البترول، مجلة رسالة الحقوق، المجلد الأول، العدد الثاني، 2009، ص 175.

[41] -حول الموضوع يراجع :

هشام صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، دراسة تحليلية ومقارنة للاتجاهات الحديثة في التشريعات الداخلية والاتفاقيات الدولية وأحكام القضاء والمحكمين وتوصيات مجمع القانون الدولي، مع إشارة خاصة لموقف المشرع المصري سواء في التقنين المدني وفي قانون التحكيم الجديد رقم 67لسنة 1994 في ضوء التطورات المعاصرة في القانون الدولي الخاص، منشأة المعارف الاسكندرية 1995ص117و118.

[42] – عبد الخالق الدحماني، ضمان التوازن المالي لعقود الاستثمار،م.س،ص239.

[43] -انظر:

Bruno Oppetit, L’adaptation des contrats internationaux aux changements de circonstances :la clause de « Hardship »

انظر الموقع الالكتروني:

www.trans-lex.org

[44] -للتوسع في الموضوع يراجع :

هشام صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية،م.س،ص119.

[45] -انظر:

PINSOLLE Philippe et KREINDLER Richard, Les limites du rôle de la Volonté des parties dans la conduite de l’instance arbitrale, Dalloz , 1999p49.

أشار له: معين عمر المومني، هيئة التحكيم ودورها في تحديد القانون الواجب التطبيق على الإجراءات في التحكيم التجاري الدولي،دراسة مقارنة في التحكيم الأردني والمصري والفرنسي والانجليزي، مقال منشور بمجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 9 نوفمبر2017ص25.

الموقع الالكتروني للمجلة:

http://jilrc-magazines.com

[46] – هشام صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية،م.س،ص764.

[47] -هشام صادق ،مدى سلطة المحكمين في إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري ، مقال منشور بالمجلة المصرية للقانون الدولي المجلد الخمسون، السنة الخمسون،1994،ص113.

[48] – انظر وقائع هذه القضية في مرجع :كمال عليوي، تقنين العقد التجاري الدولي لنقل التكنولوجيا،الطبعة الأولى2010،منشورات المركز المغربي للدراسات والأبحاث حول المهن القضائية و القانونية جامعة محمد الخامس السويسي،دار القلم الرباط ص155و156.وأحال في هامش الصفحة على محي الدين اسماعيل “منصة التحكيم التجاري الدولي،ص349.

[49] -للمزيد حول الموضوع يراجع :

أشرف عبد العليم الرفاعي، القانون الواجب التطبيق على موضوع التحكيم والنظام العام في العلاقات الخاصة الدولية، دراسة فقهية قضائية مقارنة دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2003، ص 4.

[50] -للمزيد يراجع:

خالد محمد القاضي، موسوعة التحكيم التجاري الدولي في منازعات المشروعات المشتركة مع إشارة خاصة لأحدث أحكام القضاء المصري، الطبعة الأولى2002، دار الشروق القاهرة،ص266.

[51] -حفيظة الحداد، الموجز في النظرية العامة في التحكيم التجاري،م.س،ص329.

[52] – جعفر مشيمش ، التحكيم في العقود الإدارية والمدنية والتجارية –دراسة مقارنة ، الطبعة الأولى2009 ، منشورات زين الحقوقية، بيروت لبنان ص133.

[53] Article 1464 Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011 – art. 2

“A moins que les parties n’en soient convenues autrement, le tribunal arbitral détermine la procédure arbitrale sans être tenu de suivre les règles établies pour les tribunaux étatiques.

Toutefois, sont toujours applicables les principes directeurs du procès énoncés aux articles 4 à 10, au premier alinéa de l’article 11, aux deuxième et troisième alinéas de l’article 12 et aux articles 13 à 21, 23 et 23-1.

Les parties et les arbitres agissent avec célérité et loyauté dans la conduite de la procédure.

Sous réserve des obligations légales et à moins que les parties n’en disposent autrement, la procédure arbitrale est soumise au principe de confidentialité.”

[54] – يوسف عبد الهادي الإكيابي، النظام القانوني لعقود نقل التكنولوجيا،م.س،ص562

[55] -صالح بكر الطيار ،العقود الدولية لنقل التكنولوجيا، دراسة تحليلية حول العلاقات التعاقدية الناشئة عن عقد نقل التكنولوجيا إلى الدول المتجهة إلى التصنيع، الطبعة الأولى 1992 ، شهد للنشر و الإعلام، القاهرة جمهورية مصر العربية،ص378.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.