أول قانون للأحوال الشخصية يجيز للمرأة الخلع واشتراط عدم الزواج عليها

المنامة: سلمان الدوسري
أقرت البحرين أمس، أول قانون وضعي لتنظيم الأسرة (قانون للأحوال الشخصية)، يسمح للمرأة بأن تشترط في عقد الزواج عدم زواج زوجها عليها، كما يسمح للمرأة بأن تخلع زوجها ضمن شروط محددة، مثل عدم الانفاق أو الغياب. وقال واضعو القانون الجديد المسمى «قانون أحكام الأسرة»، إنه مستمد من الشريعة الاسلامية.

 

ووافقت الحكومة البحرينية، خلال جلستها أمس، برئاسة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، على القانون الذي ينظم العلاقات الأسرية في المذهبين الرئيسين في البلاد، وهما المذهب السني والجعفري.

وعلى الرغم من عدم نشر تفاصيل القانون حتى الآن، إلا أن «الشرق الأوسط»، اطلعت على أبرز بنود القانون، الذي يشكل تقنينا للأحكام الشرعية التي يتخذها القضاء،

ومن أهم ما يتضمنه القانون جواز تضمين عقد الزواج اشتراط المرأة عدم زواج زوجها عليها، بالإضافة إلى ضرورة موافقة الولي (والد أو المسؤول عن الفتاة) على الزواج، إلا أنه في الوقت نفسه، لا يجوز للولي أن يمتنع عن تزويج الفتاة من دون مانع شرعي.

ومن ضمن أبرز ملامح القانون أن الطلاق لا يقع في حالة أن الزوج يكون فاقدا للتمييز، إما لحالة سكر أو غضب.

وفي شأن الخلع، فإنه يجوز للمرأة طلب خلع زوجها أو الطلاق «إذا كان هناك علل أو ضرر أو شقاق (عدم إمكانية إصلاح الوضع بين الزوجين)» وللغياب والفقدان وعدم الإنفاق.

وينظم قانون أحكام الأسرة، الذي أحالته الحكومة إلى البرلمان، الزواج وآثاره الشرعية بالنسبة للمذهبين السني والجعفري بما في ذلك الخطبة وإنشاء الزواج وموانعه والولاية والتوثيق والإذن بالزواج، كما يشتمل مشروع القانون على أركان الزواج وعقده وشروطه وحقوق الزوجين، بالإضافة لذلك يحدد مشروع القانون أنواع الزواج وآثاره، بما فيها أحكام النفقة وثبوت النسب بوسائله، كذلك يحدد مشروع القانون أحكام الطلاق وبأنواعه وشروطه، بما في ذلك جواز الخلع أو الطلاق، في ما يشتمل مشروع القانون أيضاً على آثار الفرقة بين الزوجين، بما فيها عدة الوفاة والحضانة وغيرها.

وتقول الحكومة البحرينية، إن موافقتها على القانون تأتي انطلاقاً مما تشكله الأسرة من دور محوري مهم في تركيبة المجتمع البحريني، «وما يستوجبه ذلك من ضرورة لحفظ كيانها وتماسكها، من خلال عدم الإخلال بالواجبات والحقوق التي تستمد أحكامها من الدين الإسلامي الحنيف والشريعة الإسلامية الغراء، واستكمالاً للمنظومة التشريعية في الدولة التي تؤطر العلاقة الزوجية وأحكام الزواج وأهمية أن تكون التشريعات كافلة لحقوق الرجل والمرأة على حد سواء، سواء في ما يتعلق بالعلاقة بين الزوجين في حال قيام الزوجية أو عند انفصال عراها، وبما يراعي حقوق الأطفال في جميع الأحوال وفق الشريعة الإسلامية».

ويعرف القانون بأنه عبارة عن تقنين مجموعة القواعد الشرعية التي تنظم علاقة الأفراد في ما بينهم بسبب الزواج والطلاق وآثارهما، من حيث الحقوق والواجبات التي تنشأ عن هذه العلاقة في جميع مراحلها، وهو بذلك ينظم الرابطة الزوجية وما ينشأ عنها من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق متبادلة.

وأقر الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين الشهر الماضي، يوم الأول من ديسمبر (كانون الأول) من كل عام، يوما للمرأة البحرينية، حيث احتفلت البحرين هذا العام بأول يوم للمرأة البحرينية، ودعا بيان مشترك صدر عن المجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي البحريني واتحاد المرأة البحرينية إلى تقنين الأحكام الأسرية «في ضوء غياب وثيقة منظمة للعلاقات الأسرية في إطار الشريعة الإسلامية» .

ويتوقع أن يتسبب إقرار القانون جدلا في الشارع البحريني، لاسيما الشيعي منه، خاصة في ظل رفض علماء الشيعة في البحرين هذا القانون ما لم يقترن بـ«ضمانات دستورية».

يشار إلى أن المجلس العلمائي (الذي يجمع علماء الشيعة في البحرين) كان قد سير مسيرة حاشدة قبل أكثر من عامين تحت عنوان «لبيك يا اسلام» تقدمها رجال دين وشارك فيها حشد من الرجال والنساء، وذلك تلبية لدعوة المجلس الذي كان ينظم حملة مناهضة لحملة إصدار قانون أحكام الأسرة، التي كان يتصدرها المجلس الأعلى للمرأة، ورفع المشاركون حينها لافتات ترفض قانون أحكام أسرة مخالفا للشريعة، مطالبين بقانون تقره المرجعية الدينية ووفق مادة دستورية تحميه من التغيير.

ويقول مناصرو القانون، إنه مع وجود قانون للاحوال الشخصية أو لأحكام الاسرة فإن القاضي تكون امامه مجموعة من المواد القانونية لكل مسألة وحلها بالتفصيل مطروح من خلال مذكرة ايضاحية خاصة للقاضي يرجع اليها.

ويؤكد مسؤولون في وزارة العدل، أن تقنين قانون الأحوال الأسرية، تم «باعتباره ضرورة حتمية من ضرورات العصر، حيث بات تقنين أحكام الشريعة من أهم مستلزمات القضاء العصري، ليتوافق مع السياسة العامة للمملكة بتطوير مؤسساتها كافة والقضائية منها خاصة»،

كما يؤكد هؤلاء المسؤولون أنه روعي في هذا المشروع ثوابت الدين والخصوصية المذهبية، والمرونة التي تكفل استيعابه للمستجدات «ويواكب معطيات الزمن المعاش وحاجاته بما يضمن ضبط مسار التقاضي في المحاكم الشرعية، وينظم العلاقة بين القاضي والخصوم من أصحاب الدعاوى أو من ينوب عنهم من محامين وغيرهم، وحيث أن المصدر الأساسي للأحكام الشخصية والأسرية هو نصوص الشريعة الغراء، بفهم العلماء والفقهاء من مختلف المذاهب، فقد جاء هذا المشروع مؤصلاً على أحكام الشريعة السمحة ومقاصدها الغراء مراعياً التنوع المذهبي للمجتمع البحريني كافلاً حقوق وواجبات أطراف الدعاوى الكافة».