تعريف الأرش

التعريف اللغوى :

من معانى الأرش لغة الدية والخدش وطلب الأرش وما نقص العيب من الثوب – لأنه سبب الأرش- وما يدفع من المال للمعادلة بين السلامة والعيب فى السلعة ومه ما يأخذه المشترى من البائع إذا اطلع على عيب فى المبيع وعن هذا قيل أروش الجنايات و أروش الجراحات. و أرش الجراحة ديتها والمجمع أروش مثل فلس وفلوس. وأصله الفساد يقال أرشت بين القوم

إذا أفسدت بينهم واستعمل الأرش فى نقصان الأعيان لجبرها به عما حدث فيها من نقصان إذ النقصان فساد فيها .

التعريف الشرعى :

هو المال الواجب فيما دون النفس بالجناية عليه وقد يطلق على بدل النفس وهو الدية و على حكومة العدل كما فى القهستانى وهذا هو استعمال الإباضية ويطلقه المالكية أيضا على ما يجب فى جراح الرقيق من مال .

أما الشافعية والحنابلة فإنهم يستعملون الأرش فيما يجب من مال فيما دون النفس بينما يستعملون الدية فى المال يجب فى النفس وما دونها فالدية أعم عنده وكذلك الوضع فى استعمال الزيدية والشيعة الجعفرية ونتيجة ذلك أن استعماله فى لسان الفقهاء هو استعمال لغوى إذ يدل لغة على ما يؤخذ من مال الجبر نقص حدث فى سلعة أو عين أو غلاب هما وإن كثر استعمالهم إياه فيما يجب من مال فيما دون النفس.

والأرش نوعان: نوع مقدر وهو ما عين الشارع مقداره كأرش اليد والرجل واستعمال أسم الأرش فيه هو الأكثر فى لسانهم- وأرش غير مقدر وهو ما ترك الشارع تقديره لحكومة عدل يطلب إليه تقديرها ويقضى القاضى على وفقها.

مشروعيته: دليل وجوبه السنة فقد ورد فى إيجابه على الجـانى أحاديث عديدة منها ماروى عن أبى شريح الخزاعى قـال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أصيب بدم أو خبل – والخبل الجراح – فهو الخيار بين أحدى ثلاث : أما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ” ، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه- والعقل الدية سواء كانت دية نفس أو دية جراحة وهو الأرش – ومنها ما رواه عمرو بن حزم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فى كتابه إن من

اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فأنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وإن فى النفس الدية مائة من الإبل وإن فى الأنف إذا أوعب جدعه الدية وأن فى اللسان الدية وفى الشفتين الدية وفى البيضتين الدية وفى الذكر الدية وفى الصلب الدية وفى العينين الدية وفى الرجل الواحدة نصف الدية وفى المأمومة ثلث الدية وفى الجائفة ثلث الدية وفى المنقلة خمسة عشر من الإبل وفى كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الأبل وفى السن خمس من الأبل وفى الموضحة خمس من الأبل وأن الرجل يقنل بالمرأة وعلى أهل المذهـب ألف دينار رواه النسائى- ومنها أحاديث أخرى وردت فى أعضاء !ينة وحديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن النبى صلى الله عليه 4 وسلم قضى فى العين العوراء السادة بمكانها إذا طمست بثلث ديتها وفى اليد الشلاء إذا قطعت بتلث ديتها وفى السن السوداء إذا نزل بثلث ديتها رواه النسائى وسيأتى شرح ذلك فى الكلام على أروش الجراحات .

وإذ قد دلت المسنة على وجوب المال فيما نص عليه فيها من الجراحات فقد كان ذلك أصلا قيس عليه وجوب الأرش فيما لم ينص عليه فيها من الجراجات لتحقق الوصف المشترك الجامع وهو الاعتداء على جسم الإنسان بما يفقده منفعة لها وزنها فى حياته والأصل فى الاعتداء على الأطراف أنه إذا فوت منفعة على الكمال أو أزال جمالا مقصودا فى الآدمى على الكمال وجبت الدية جمعها لإتلاف النفس من وجه وهو ملحق بإتلافها من كل وجه اعتبارا بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية كلها فى اللسان والأنف وبقضائه ببعضها فيما دون ذلك كالأصبع واليد والرجل والجائفة والآمة ونحوها وعلى وجوب الأرش فى الجراح انعقد الإجماع .

أحوال وجوب الأرش :

يجب الأرش سواء كان فى النفس وهو الدية أو فيما دونها فى الأحوال الآتية :

أولا : فيما نص الشارع على وجوب مال فيه من الجنايات والبراح على العلوم وهذا ما لا خلاف فيه بين المذاهب الثمانية بل ولا بين غيرها ومن ذلك ما اعتبره الفقهاء من القتل شبه عمد أو خطأ أو جاريا مجرى الخطأ وما ألحق بذلك من حالات القتل على حسب اختلاف المذاهب راجع مصطلح ” جنايات أو جروح أو دماء)، ومن ذلك أيضا الاعتداء على أطراف الإنسان بالقطع أو بإحداث جروح فيه كالآمه والموضحة ونحوها مما سيأتى بيانه ويجب فى هذا النوع ماقدره الشارع من مال ” انظر مصطلح دية ومصطلح جراح ” .

ثانيا : فيما ألحق بما نص الشارع على ثبوت الأرش فيه مالم ينص عليه الشارع وليس يجب فيه القصاص وسيأتى بيان ذلك وانظر فى تفصيل أحكامه مصطلح ” جراح ” .

ثالثا : عند سقوط القصاص بسبب

من الأسباب فيما يجب فيه وفيما يلى بيان ذلك :

ا- إذا سقط القصاص بسبب عدم المماثلة بين الجانى والمجنى عليه وبين عضو المجنى عليه وما يقابله من أعضاء الجانى فيما إذا كانت الجانية على عضو من الأعضاء وذلك محل اتفق حق المذاهب لأن المماثلة شرط فى وجوب القصاص فى جميع المذاهب لم يخالف في ذلك أحد وإنما اختلفوا فيما تفوت به المماثلة وذلك ما ينظر فى مصطلح قصاص وإذا ما سقط القصاص وجب الأرش أو الدية تجنبا لإهدار الجناية.

أما المماثلة بين الجانى والمجنى عليه أو بيان تحققها وقدمه فى مختلف المذاهب فينظر فى مصطلح قصاص فإذا كانت غير متحققة في مذهب من المذاهب امتنع القصاص ووجب ما أوجبه الشارع من مال وفى بيان ذلك المال فى المذاهب المختلفة ينظر فى مصطلح دية.

وأما عدم المماثلة فى الأعضاء كان يكون أحد العضوين صحيحا والآخر معيبا وفى حكم ذلك اختلفت المذاهب .

مذهب الحنفية :

ذهب الحنفية إلى أن عضوا الجانى إذا كان صحيحا والعضو المجنى عليه معيبا لم يجب القصاص وسقط لعدم المماثلة بين العضوين والقصاص لا يكون الا عند المماثلة كما ينبى معناه عن ذلك وغذا امتنع القصاص بينهما وجبت دية العضو المجنى عليه ولكن اذا كان عضو الجانى معيبا والعضو المجنى عليه صحيحا بان قطعت يد صحيحة بجناية ذى يد شلاء أو ناقصة الأصابع فالمجنى عليه بالخيار إن شاء رضى بقطع يد الجانى المعيبة ولا شيء له بعد ذلك لرضاه بذلك وان شاء أخذ أرش اليد كاملا وهو نصف دية النفس وذلك لان استيفاء الحق كاملا متعذر فكان له أن يتجوز ويرضى بما هو دون حقه وله أن يعدل إلى الحوض كالمثلى إذا انعدم عن أيدى الناس بعد إتلافه كان الواجب فيه قيمته كاملة ثم إذا استوفى حقاه بالقطع لم يكن له طلب سواه لرضاه بذلك وسقوط ما عداه كافى الرضا بالردى بدلا عن الجيد والى هذا ذهب الحنابلة ومما يندرج تحت هذا الضابط عند الحنفية سقوط القصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس وبين الحر والعبد وبين العبدين ذلك لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فيقدم التماثل بينها بتفاوتها فى القيمة وذلك أمر ثابت بصنع الشارع فانه قد قوم يد الحر بخمسمائة دينار على سبيل القطع واليقين ولا تبلغ قيمة يد العبد ذلك المقدار فان بلغته كان ذلك بناء على الحرز والظن وليس الظن كاليقين وإذا انعدم التماثل سقط القصاص وإذا سقط القصاص وجبت الدية أو الأرش وذلك بخلاف التفاوت فى البطش والقوة وإذ لا ضابط له وبخلاف التفاوت فى الأنفس لان التلف ازهاق الروح ، إلا تفاوت فيه.

مذهب المالكية :

يرى المالكية أن التفاوت بين العضوين مانع من القصاص وإذا امتنع القصاص وجبت الدية أو الأرش فإذا جنى ذو يد شلاء على ذى يد صحيحة فقطعها فلا قصاص أن ذى اليد الشلاء وان رضى ذو اليد المقطوعة وليس للمجنى عليه إلا الدية كما يرون وجوب القصاص فى أطراف بين الرجل و المرأة عند توافر شروطه خلافا للحنفية إذ التماثل ق نظرهم ثابت من حيث أنهىا أبزاه من الإنسان دون أن يكون للذكورة أو الأنوثة تأثير فى ذلك.

مذهب الشافعية :

ذهب الشافعية إلى عدم جواز قطع اليد الصحيحة بالشلاء أو قطع أى عضو صحيح بمعيب ذهبت فائدته بخلاف مالم تذهب فائدته بعيبه فيعد كالسليم وإذا قطع المجنى عليه الصحيحة بالشلاء بلا إذن من الجانى لم يقع قصاصا لان ذلك غير مستحق له فيجب عليه ديتها وله حكومة يده الشلاء المقطوعة وجوزا قطع الأثسلاء بالصحيحة إذا طلب ذلك المجنى عليه وليس له لسوق ذلك لرضاه به ونقطع عندهم ذاهبة الأظفار بسليمتها وللمجنى عليه حكومة الإظفار دون العكس ولا تؤخذ عين صحيحة بعمياء ولا لسان ناطق بأخرس ويرون وجوب القصاص بين أطراف الرجل والمرأة لمحوت التكافؤ بينهما كما ذهب إلى ذلك المالكية وهو مذهب الحنابلة أيضا خلافا للحنفية.

مذهب الزيدية :

وذهب الزيدية إلى أنه لا يؤخذ العضو السليم بالعضو المعيب الذى ذهبت منفعته بعيبه ولا تؤخذ ذات أظفار بما لا ظفر فيها وإن رضى الجانى إذ لا يستباح ذلك ويجوز العكس ولا تؤخذ العين الصحيحة بالمعيبة وإذا كانت عين الجانى معيبة لا يبصر خير المجنى عليه من أخذها بعينه السلمية وأن يترك ويرضى بالدية ، وإذا كانت الجناية على الأطراف فإن كانت على أطراف المرأة من الرجل خيرت المجنى عليها بين القصاص من أطراف الرجل على أن تلتزم بالفرق بين دية طرف الرجل المقطوع وبين دية طرفها أو تترك وترضى بالدية وإن كان من المرأة على أطراف الرجل كان له أن يقتص من أطراف المرأة وليس له سوى ذلك وفى شرح الإبانة عن زيد أن أطراف الرجل والمرأة سواء وعند زيد بن على وأحمد بن عيسى لا تؤخذ أطراف الرجل بأطراف المرأة .

مذهب الإمامية :

ويرى الشيعة الجعفرية ألا يؤخذ العضو الصحيح بالعضو المعيب الذى ذهبت فائدته ويؤخذ المعيب بالصحيح وللمجنى عليه حيث الفرق بين الديتين وفى المبسوط عندهم ليس له أخذ الفرق لرضاه بالقطع .

أما القصاص من أطراف الرجل وأطراف المرأة فأنهم يرون فى ذلك أن للمرأة أن تقتص من الرجل إذا اعتدى عليها بقطع طرف من أطرافها فيما كانت ديته دون ثلث دية الرجل فإذا بلغت ديته الثلث أو زادت رجعت دية امـرأة إلى النصف وعندئذ يقتص لها مع رد التفاوت بين الديتين وكذلك الحكم فى الجراح .

مذهب الإباضية :

ذهب الإباضية إلى أن القصاص إذا ما سقط فى محل من شأنه يجب فيه وذلك بسبب من أسباب سقوطه وجب الأرش ولا اشتراط المماثلة فيه لم يجب بين عضوين غير متماثلين وعلى ذلك اختلف الرأى فى جريان القصاص بين أطراف الرجل والمرأة فقيل لا يجرى وقيل يجرى فإذا اختصت المرأة من الرجل ردت له ما زاد عضو على عضوها فى الأرش وإذا اقتص منها زادت له مثل ذلك وقيل إذا اقتصت منه لا تزيده شيئا وقيل لا تقتص امرأة من رجل بخلاف العكس .

(ب ) عند تعذر القصاص بسبب عدم إمكان المماثلة وعدم الأمر فى التنفيذ وذلك كما فى الجراح مما هو دون الموضحة ونحوها مما لا يتأتى فيه المماثلة عند القصاص وذلك محل اتفاق بين المذاهب حتى لا يكون اعتداء بغير جزاء ولا يهدر جرح يجب فى مثلها القصاص لولا تعذر المماثلة عند التنفيذ – وذلك ما ينطبق عليه ما جاء فى الهداية إذا امتنع القصاص وجبت الدية وما جاء فى شرح النيل إذا ما سقط القصاص فى محل من شأنه أن يجب فيه لسبب من الأسباب وجب الأرش .

(ج) إذا تعدد الجناه على الطرف عند الحنفية إذ لا قصاص عندهم فى الأطراف عند تعدد الجناه بخلاف تعددهم فى الجناية على النفس إذ لا يسقط به القصاص فيها فإذا جنى أكثر من واحد على عضو فقطعوه وجب الأرش على الجانين بالسوية خلافا للمالكية حيث أوجبوا القصاص على الجميع فى الأطراف وهو مذهب الشافعية والحنابلة والزيدية والثسيعة الجعفرية غير أن الزيدية منهم من ذهب إلى أن الواجب على كل واحد من الجناة دية كاملة فى الطرف بخلاف النفس ويرى المؤيد بالله منهم أن الواجب دية واحدة علبهم وهو رأى الجمهور.

مذهب الحنفية :

( د) عند فوات عضو الجانى يجوز على ما ذهـب إليه الحنفية بأن قطع الجانى يد غيره فتقطع بها أو سرق مال إنسان فقطعت يده ففى هذه الحال يسقط القصاص لفوات محله ولكن يجب أرش العضو المجنى عليه- ولكن إذا فات العضو بآفة سماوية أو قطع بغير حق سقط القصاص ولم يجب أرش العضو المجنى عليه إذا كان ذلك قبل اختيار المجنى عليه ذلك لأن حقه متعين فى القصاص وإنما انتقل إلى المال وهو الأرش باختياره إياه بدلا عن أصل حقه وهو القصاص المتعلق باليد فإذا لم يختر حتى فات العضو فقد ابطل حقه لفوات محله وإذا بطل بطل أصلا ورأسا فلم يكن له الانتقال إلى بدله بعد سقوطه أما إذا فات بحق فإن الأرش حينئذ يجب لأنه قد قضى بالطرف حقا مستحقا علبه فصار كأنه قائم وإنما تعذر استيفاء القصاص لعذر فيجب بدله وهو الأرش وكذلك الحكم إذا فات العضو بعد اختيار الأرش لتعين حقه فيه باختياره فلا يسقط بفوات العضو وكفوات العضو بغير حق حدوث عيب به بعد الجناية كما إذا كانت يد الجانى صحيحة غد جنايته على يد غيره ثم شلت بعدها ففى هذه الحال أيضا لا يكون للمجنى عليه حق فى الأرثس لأن حقه قد يثبت عينا فى القطع فلا ينتقل إلى البدل بالنقصان كما إذا ذهب الكل بآفة سماوية ذهب إلى ذلك الحنفية.

مذهب المالكية :

وذهب المالكية إلى أن فوات العضو بأى سبب يسقط حق المجنى عليه فى الأرش لأن الواجب الأصلى عندهم هو القصاص وأنه يسقط بفوات محله وسقوطه يستوجب سقوط

بدله فلا شيء للمجنى عليه.

مذهب الشافعية :

وذهب الشافعية إلى أن حق المجنى عليه فى الأرش لا يسقط بفوات العضو بأى سبب لأن حقه فى القصاص والمال بدلا عنه فإذا فات أحدهما بفوات محله تعين الآخر وهو البدل وفى قول له الواجب أحدهما لا على التعيين.

مذهب الحنابلة :

وذهب الحنابلة إلى ما ذهب إليه الشافعية من عدم سقوط الأرش بسبب تعذر استيفاء القصاص من عضو الجانى بقطع أو شلل.

مذهب الشيء الجعفرية :

وذهب الشيعة الجعفرية إلى أن الدية تجب بفوات محل القصاص .

(هـ) فى كل عمد سقط فيه القصاص بشبهة وهذا محل اتفاق بين المذاهب الثمانية كما فى جناية الأصل على فرعه وكما فى عمد عديم الأهلية وناقصها فأما جناية الأصل على فرعه فلا قود فيها عند أبى حنيفة والشافعى وأحمد والثمانية الجعفرية والزيدية والإباضية وإلى هذا ذهب مالك إلا أن يضجعه فيذبحه أو يقتله قتلا لا يشك فيه أنه قد عمد إلى قتله وقد قال ابن عرفة فى القاتل عمدا إذا شاركه فى القتل صبى أو أب مجنون أو من لا يقتص منه ستة أقوال .

وأما عمد عدم الأهلية أو ناقصها فحكمه حكم الخطأ فى جميع المذاهب .

(و) إذا ما اختار المجنى عليه الأرثس بدلا عن القصاص باتفاق المذاهب لأن الجناية على الأطراف يجرى مجرى الجناية على الأموال وقد أمر الشارع بالعفو وندب إليه وجعل المال عوضا عن القود إذا ما رغب فيه المجنى عليه فكان له حق اختياره.

والأرش كما ذكرنا قلى يطلق على دية النفس عند إزهاقها فى استعمال بعض الفقهاء كما بينا وتفصيل القول فيه على هذا المعنى يرجع فيه إلى مصطلح دية- أما الأرش بمعنى ما يجب من المال فيما دون النفس ففيما يلى ببان أحواله وأنواعه وأحكامه. وقد يكون مقدرا بدية كاملة وقد يكون مقدرا بما هو دونها.

أرش الجروح :

انواعه :

أرش المجروح نوعان : نوع مقدر وهو ما جاء عن الشارع بأن مقداره كأرش قطع اليد وقطع والرجل ونحو ذلك مما يأتى بيانه فى ذكر أروش بعض الأعضاء عند الاعتداء عليها – ونوع غير مقدر من الشارع وهو ما ترك الشارع تقديره إلى حكومة عدل يقضى بها ولم يرد فيه عن الشارع تقدير محدد- راجع مصطلح حكومة عدل .

والقاعدة العامة فى أروش الأعضاء والجراح أن ما جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فيه الدية فالواجب فيه دية النفس كاملة وما جاء فيه عن رسول الله عليه وسلم أن الواجب فيه سهم معين من والدية كنصف وربع كان الواحب فيه ذلك منسوبا إلى دية النفس كاملة- وما لم يجىء فيه عنه صلى الله عليه وسلم نص فى تقدير ما يجب بالاعتداء عليه فالأصل المستنبط من الآثار المروية عنه صلى الله عليه وسلم أن الفائت إذا فات به جنس منفعة على الكمال أو زال به جمال مقصود كان الواجب فيه الدية كاملة غير أنه إذا كان متعددا فى الجسم كان الواجب فى فوات الواحد نصف الدية إن كان منه فى الجسم اثنان فقط كاليدين والرجلين، وثلث الدية إن كان ثلاثة كالمنخرين وحاجزهما في الأنف، وربع الدية إذا كان أربعة كأشفار العينين وهكذا يجب فى تلف الواحد أو الاثنين أو الأكثر بحسابه بمراعاة عدده فى الجسم، ففى الأصبع من اليد أو من الرجل عشر الدية وهكذا.

فإذا كان الفائت الجمع كان الواجب ” الدية وما عدا ذلك مما لم ينص عليه ففيه حكومة عدل وهذا الأصل محل اتفاق بين المذاهب الثمانية – و جمله القول أن الدية الكاملة قد تجب بتفويت العضو وقد تجب بتفويت معنى فى النفس تفوت به النفس حكما فى حق جنس المنفعة كالعقل والسمع وقد يجب أرش مقدر وقد تجب حكومة المعدل وذلك ما سيأتى بيانه.

أروش الجراح :

الجراح قد تكون فى الحر وقد تكون فى الحرة وقد تكون فى العبد وقد تكون فى الأمة وقد تكون فى الذمى وقد تكون فى المستأمن أو الحربى، ومن الجراح ما يسمى شجاجا وذلك ما كان منها فى الرأس والوجه ومنها مالا يطلق عليه ذلك الإسم وهو ما كان فى غيرهما .

أروش شجاج الحر وجراحه :

مذهب الحنفية :

يرى فقهاء الحنفية أن الشجاج إحدى عشرة شجه- الخادشة وهى التى تخدش الجلد وتسمى أيضا الخارصة وهى التى تخرص الجلد أى تخدشه وتفضى إلى اللحم ولا تخرج الدم وبعدها الدامعة وهى التى يخرج منها ما يشبه الدمع وبعدها الدامية وهى التى يخرج منها الدم وبعدها الباضعة وهى التى تبضع اللحم وبعدها المتلاحمة وهى التى تذهب فى اللحم أكثر مما تذهب الباضعة – هكذا روى عن أبى يوسف رحمه الله تعالى، وقال محمد: المتلاحمة مثل الباضعة وهى التى يتلاحم فيها الدم ويسود وبعدها السمحاق وهى التى تصل إلى جلدة رقيقة فوق العظم تسمى السمحاق وتسمى ملطأة كما فى القاموس ثم الموضحة وهى التى توضح العظم- ويجب فيها خمس من الإبل ثم الهاشمة وهى التى تهشم العظم- ويجب فيها عشر من الإبل ثم المنقلة وهى التى تنقل العظم بعد الكسر من موضحة ويجب فيها خمس عشر الإبل ثم الآمة وهى التى تصل إلى أم الدماغ وهى جلدة تحت العظم وجب فيها ثلث الدية، ثم الدامغة وهى التى تفرق الجلدة وتصل إلى الدماغ وفيها الدية إذا أدت إلى الموت

فهذه إحدى عشرة شجه ولم يذكر محمد الخادشة ولا الدامغة لأنه لا يتصل بها الحكم غالبا

إذ أن الخادشة لا يبقى لها أثر ولا حكم للشجة التى لا يبقى لها أثر والدامغة لا يعيش معها الإنسان فيكون الحكم فيها حكم القتل إذ أدت إليه أما بقية الشجاج فيجب حكومة عدل وذلك فيما قبل الموضحة وهى ست وانظر مصطلحات هذه الأسماء وما يجب فيها فى شجاج.

أما ما عدا الشجاج من الجراح ففى العضو الذى لا نظير له فى البدن يفوت به جمال كامل أو منفعة بها قوام النفس الدية كاملة وذلك كاللسان كله والأنف كله وكذلك تجب بقطع الحشفة والمارن وبعض اللسان إذا منعه ذلك من الكلام وكذلك بما يزول به شعر رأس فى الرجل والمرأة ولحية الرجل بحيث لا ينبت وانظر مصطلح دية. وجراح-

وتجب الدية بإذهاب العقل أو البصر أو السمع أو الشم أو الذوق أو الكلام ن أو الجماع ولو مع بقاء الآلة التى تقوم بها هذه المعانى والمنافع صورة .

والجراح فى سائر البدن غير ما تقدم ليمس فى شىء منها أرش مقدر معلوم سوى الجائفة وهى الجراحة النافذة إلى الجوف وتكون فى كل موضع يتحقق فيه ذلك كالصدر والظهر والبطن والجنبان دون الرقبة والحلق واليدين والرجلين وفيها ثلث الدية. وانظر مصطلح جائفة- وتجب حكومة العدل فيما لم يرد فيه نص بوجوب مقدار معين من المال فيه ككسر الضلع وقصبة الأنف وانظر جراح.

ذلك ما يتعلق بجراح كالحر وما يجب فيا من الأرش.

أرش جراح الحرة :

مذهب الحنفية :

أما جراح الحرة ومقدار الأرش الواجب فيها فإن ما يعجب فيه دية كاملة فى الحر يجب فيه نصف الدية إذا كان فى الحرة فدية الحرة على النصف من دية الحر بإجماع الصحابة وجاء فى الدر المختار إذا اعتدى على الحرة كانت الدية الواجبة فيهما دون النفـس منها على النصف من ديته بالنظر إلى الرجل روى ذلك عن على موقوفا ومرفوعا ففى قتل الحرة خطأ خمسة آلاف درهم وفى قطع يدها الفان وخمسمائة وهذا مطرد فيما له دية مقدرة شرعا أما ما فيه حكومة فقيل حكمه كالحكم فى المقدرة فيكون أرشه على النصف مما يقدر له إذا كان فى الحر وقيل يسوى بينهما كما فى الظهرية وجاء فى التتارخانية أن ما ليس له بدل مقدر شرعا يستوى فيه الرجل والمرأة عند أصحابنا- ووجه القول الأول أن بدل النفس يقتص بالإجماع وهو الدية فكذلك الحكم فى بدل ما دون النفس لأن المنصف هو الأنوثة وهى متحققة فى الحالين ولا فرق فى هذا الحكم بين ما كان دون ثلث الدية وما زاد على ذلك فالتنصيف ثابت فى جميع الأحوال عند الحنفية وإلى هذا ذهب الشافعية والزيدية والشيعة الجعفرية .

مذهب المالكية :

وذهب المالكية إلى أن أرش الحرة يتساوى مع أرش الحر فيما دون ثلث ديته إذا كان ذلك هو الواجب فى الجناية شرعا بالنظر إلى الحر فإذا كان الواجب ا فيها بالنظر إلى ثلث ديته فأكثر كان الواجب فى الحرة نصف ذلك فإذا قطع للحرة ثلاثة أصابع كان الواجب فى ذلك ثلاثة ون من الأبل إذ أن ذلك دون ثلث الدية فيستوى الواجب بالنظر إليها مع الواجب بالنظر إلى الحر- ولكن إذا قطع لها أربع أصابع كان الواجب عشرون فقط وهو نصف ما يجب فى قطع أربع أصابع للحر إذ كان الواجب كثر من ثلث دية الرجل فينصف فى المرأة وذلك لما روى من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عقل المرأة (أى ديتها) مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديته رواه النسائى والدارقطنى.

ذلك هو الحكم فى جراحها وشجاجها ولذا تستوى مع الرجل فى منقلتها وهاشمتها وموضحتها وآمتها إذ الواجب فى كل منها دون ثلث الدية وتكون ديتها فى الجائفة على النصف من دية الحر إذ الواجب فى كل منها أكثر من الثلث وهذا هو رأى أهل المدينة وقد روى أن ربيعة بن عبد الرحمن سأل سعيد ابن المسيب عن رجل قطع أصبع امرأة فقال سعيد فيها عشر من الإبل قال فإن قطع قطع ثلاثا؟ قال فيها ثلاثون من الإبل فإن قطع أربعا قال فيها عشرون قال ربيعة أئذا كثرت جروحها وعظمت مصيبتها يقل أرشها ضال سعيد أعراقى أنت قال ربيعة بل جاهل متعلم أو عالم متبين قال سعيد هكذا السنة يا ابن أخى يعنى سنة زيد بن ثابت ومن هذا يتبين أن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تصح فى ذلك إذ لو صحت ما اشتبهت على سعيد ولأحال الحكم على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا على سنة زيد .

وإلى هذا الرأى الذى ذهب غليه المالكية ذهب الحنابلة وأهل الظاهر.

ويرى المالكية أن ما ينشأ عن الفعل الواحد كضربة واحدة أو ما هو فى معناه طضربات فى وقت واحد متتابعة دون فصل بينها يعد جناية واحدة يجب ارشف ولا يفرق ما ينشأ عنها من الأثر فإذا ضرب شخص امرأة ضربة واحدة أو ضربات فى فور واحد فقطع لها أربع أصابع من يد أو يدين أو يد ورجل وجبت دية أربع أصابع عشرون من الإبل دون تفريق بسبب اختلاف الموضع مثلا فلا يجب لكل أصبع دية مستقلة وكذلك الحكم عند اتحاد المحل وإن تراخت الضربات لا فرق بين فجاج وجراح فإذا قطع رجل لامرأة ثلاث أصابع من يد كان عليه ثلاثون من الإبل ثم إذا قطع لها ثلاثا من يد أخرى كان عليه ثلاثون أخرى لاختلاف المحل مع التراخى فى الفعلين ثم إذا ضربها بعد ذلك فقطع لها أصبعا أو أصبعين من أية يد كان لها فى كل أصبع خمس من الإبل فقط لا عشر لاتحاد المجل مع مراعاة ما سبق قطعه هن تلك اليد وذلك دون رد لبعض ما أخذت فيما قطع لها من قبل ولو قطع لها أصبعين من يد ثم بعد تراخ قطع لها أصبعين من تلك اليد كان لها فى الجناية الأولي عشرون من الأبل لكل أصبع عشر وفى الأخرى عشر من الإبل لاتحاد المحل مع مراعاة ما سبق قطعه ولو كانت. الجناية الثانية على اليد الأخرى كان لها فيها عشرون لعدم اتحاد المحل وللتراخى بين الفعلين ولا ضم فى الشجاج عند التراخى فى الفعل فإذا أوضحها موضحتين فأخذت عقلها ثم أوضحنا موضحات أخرى فلها عقلها كالرجل ما لم يبلغ ذلك فى المرة الواحدة ثلث الدية. فإن بلغ رد إلى النصف- وجملة القول عندهم إن الفعل المتحد أو ما فى حكمه يضم أثره سواء اتحد المحل أو تعدد، أما المتراخى فلا يضم أثره إن تحدد المحلل أما إن اتحد فإنه يضم أثره فى الأصابع دون غيرها من الأسنان والموضحات وبقية الجراحات .

مذهب الإباضية :

وذهب الإبآضية إلى أن دية المرأة على النصف من دية الرجل إلا حلمة الثديين فإن الواجـب فيهما ضعف الرجل وقيل ديتها كالرجل فى الثلث وما دونها ونصف دية الرجل فيما زاد.

أروش جراح الرقيق والآمة :

مذهب الحنفية :

يرى الحنفية أن الحر يقتل بالعبد والعبد بالحر كما هو الحكم بين الأحرار نظيرا إلى أن القصاص يعتمد المساواة فى العصمة وهى بالدين والدار والحر والعبد فى ذلك سواء وبناء على ذلك إذا ما قتل حر عبدا فسقط القصاص لشبهة أو سبب وجبت الدية فى مال القاتل كما تجب في ماله إذا سقط القصاص بعفو عنه لأن الاعتداء فى هذه الحال اعتداء فماثل الاعتداء على الحر ولكن إذا كان اعتداء على الأطراف اعتبر اعتداء على مال لأن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال فلم يكن فيما يستوجبه كالاعتداء على أطراف الحر من كل وجه كما سيأتى بيانه ولذا لم يجب فيه قصاص وإن كان عن عمد يجب فى خله القصاص إذا كان على طرف الحر وإنما يجب فيه ما يقوم به ذلك الطرف كما سيأتى.

ويجب فى الاعتداء على نفس العبد بإزهاقها بما لا يوجب قصاصا قيمته لا الدية إذا لم تصل إلى دية الحر فإذا بلغت دية الحر أو زادت عليها قضى بما لا يصل إلى الدية فيقضى بعشرة آلاف درهم وهى دية الحر إلا عشرة دراهم غذا كان المجنى عليه عبدا فإن كان أمة قضى نصف ذلك فى مثل هذه الحال إلا خمسة دراهم وهذا عند أبى حنيفة وحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف تجب القيمة بالغة ما بلغت كما لو غصب عبدا قيمته عشرون ألف درهم فهلك فى يده فإن قيمته تجب بالغة ما بلغت إجماعا- وذلك إن الضمان بدل المالية وبدل المالية بالقيمة فوجب أن يكون بالقيمة إما أنه بدل عن المالية فلأنه يجب للولى وهو لا يملك العبد إلا من حيث ماليته فكان الضمان له بدلا عن ماليته ووجب فيه رعايتها ومماثلة لها كثرة وقلة إذ لا تماثل فى الواقع بين النفس والمال فيجب قيمته لذلك بالغة ما بلغت.

وإذا كأن الاعتداء على الأطراف مثل ما قد در فى الاعتداء على أطراف الحر بالنسبة إلى ديته فينسب ما يجب فى الرقيق إلى قيمته ففى يد العبد نصف قيمته لا يزاد على خمسة آلاف درهم إلا خمسة ذلك لأن القيمة فى العبد كالدية فى الحر.

قال صاحب النهاية فى نهايته هذا الذى ذكر خلاف ظاهر الرواية لأنه ذكر فى المبسوط. فأما طرف المملوك فقد بينا أن المعتبر فيه المالية لأنه لا يضمن بالقصاص ولا بالكفارة فلهـذا كان

الواجب فيه القيمة بالغة ما بلغت إلا أن محمدا رحمه الله قال فى بعض الروايات القول بهذا يؤدى إلى أنه يجب بقطع طرف المجد فوق ما يجب بقتله إلى أن قال فلهذا لا يزاد على نصف بدل النفس فيكون الواجب خمسة آلاف درهم إلا خمسة.

مذهب المالكية :

وذهـب المالكية إلى أن الحر لا يقتل بالرقيق وإنما تجب فى الجناية على العبد قيمته فإذا قتله حر وجبت عليه قيمه بالغة ما بلغت وإن زادت على دية الحر

ذلك لأنه مال اتلف فوجب فيه ضمانه م كسائر الأقوال سواء كان القتل عمدا أم خطأ إلا إذا كان القاتل مكفئا له أو حرا كتابيا قتل عبدا مسلما عمدا فيقتل به والقيمة عندهم فى العبد

كالدية للحر فيما فيه تقدير من الشارع من الجروح والشجاج فيؤخذ من قيمته بقدر ما يؤخذ من دية الحر ففى موضحته نصف عشر قيمته وفى جائفته أو أمته ثلث قيمته وهكذا وإذا لم بكن من الشارع تقدير كان الواجب الحكومة باجتهاد الحاكم بأن يقوم العبد سليما ومعيبا ويؤخذ الفرق بين القيمتين .

مذهب الشافعية :

وذهب الشافعية أيضا إلى أنه لا يقتل حر برقيق وإنما يجب بالجناية عليه القيمة فيجب فى الجناية على نفسه بإزهاقها قيمته بالغة ما بلغت مثل غيره من الأموال المتلفة وفيما دون النفس من الأطراف والمعانى ما نقص من قيمته سليما إن لم يقدر الشارع لمثل الجناية عليه فيما دون النفس جزاء ماليا فإن كان له تقدير فيه كالموضحة كان الواجب من قيمته بنسبة ما يجب فى الحر من مال منسوب إلى ديته ففى يده نصف قيمته وفى موضحته نصف عشرها وفى

قول يجب النقص بين حال السلامة وحال العيب فى جميع الأحوال بأسوة بالحكم فى الأموال .

مذهب الحنابلة :

وذهب الحنابلة إلى ما ذهب إليه الشافعية من الأحكام السابقة

مذهب الظاهرية :

وذهب أهل الظاهر كما جاء فى المحلى لابن حزم الظاهرى: من قتل مؤمنا عمدا فى دار الإسلام وهو يدرى أنه مسلم فولى المقتول مخير إن شاء قتل وإن شاء عفا وله الدية إن لم يسقطها صراحة لا يزاد عليها صلحا إلا برضا القاتل والآية بإطلاقها تعم العبد المقتول.

مذهب الزيدية :

وذهبه الزيدية إلى أنه إذا قتل الحر عبدا عمدا أو خطأ لم يجب فى ذلك قصاص ولا دية وإنما تجب قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فإن زادت كان الواجب فيها مقدار الدية وهذا إذا لم تكن زيادتها لحرفة فيه أو صـناعة يعرفها فإن كانت لذلك وجبت تلك الزيادة بلا خلاف وعدم وجوب هذه الزيادة هو ما نص عليه الهادى فى المنتخب وجاء فى الأحكام أن القيمة تجب بالغة ما بلغت وهو قول الناصر واتفقوا على إن الجنايات فى العبد إذا تكررت حتى زاد مجموعها- على دية الحر وجبت جميعها وكذلك تجب القيمة أرشا فى أطرافه مع مراعاة النسبة الواجبة فى أرش عضو الحر بالنظر إلى ديته فى موضحته نصف عشر قيمته وفى يده نصف قيمته هكذا يستوى فى ذلك الذكر والأنثي ويلاحظ فى ذلك عدم تجاوزها دية الحر التى تماثلهما ففى يد العبد أو عينة نصف قيمته إذا كانت قيمته مساوية دية الحر فأقل والألم تزد على دية الحر .

مذهب الشيعة الإمامية :

وذهب الشيعة الإمامية إلى أن الحر لا يقتل بالعبد ولا بالأمة ويجب على القاتل القيمة ولا يتجاوز بقيمة العبد دية الحر ولا بقيمة الأمة دية الحرة كان تجاوزت ردت إلى الدية فى العبد والأمة- وقيمة العبد مقسومة- على أعضائه كما أن دية الحر مقسومة على أعضائه والحر أصل للعبد فيما فيه جزاء مالى مقدر وإذا كان ما اعتدى عليه بالإتلاف فى اليد واحدا ففيه كمال قيمته كما أن عضو الحر الواحد فيه دية كاملة وما فيه أثنان ففى أحدهما نصف قيمته كالعينين واليدين وهكذا وكل مالا تقدير فيه للشارع فالعبد فيه أصل للحر فإن الأرش إنما يتقدر بأن يفرض الحر عبدا سليما عن الجناية وتعرف قيمته حينئذ ثم يفرض معيبا بها وتتعرف قيمته حينئذ ثم يؤخذ من الدية بنسبة تفاوت القيمتين كما يؤخذ العبد بالفرق بين القيمتين .

مذهب الإباضية :

وذهب الإباضية إلى أن الحر لا يقتل بالعبد لأنه مال وإنما يجب بالجنابة عليه قيمته ولا تجب على العاقلة وكذلك تجب القيمة فى الجناية على الأطراف مراعا فيها قيمة صاحبها

أرش جراح الذمى :

مذهب الحنفية:

ذهب الحنفية إلى أن المـسلم يقتل بالذمى كما يقتل الذمى بالمسلم ويجب القصاص بينهما كذلك فى الأطراف ويتساويان فى الأروش والديات لما روى أن النبى صلى الله عليه وسالم قال: ” دية كل ذى عهد فى عهده ألف دينار ” وكأن على ذلك قضاء أبى بكر وعمر فالمسلم والذمى سواء فى دية النفس وفى أروش الشجاج والجروح والمستأمن كالذمى فى الدية والأرش دون القصاص.

مذهب المالكية:

وذهب المالكية إلى أن دية الكتابى الذمى والكتابى المعاهد نصف دية المسلم والمجوسى المعاهد والمرتد ثلث خمس دية المسلم وأنثى كل من هؤلاء على النصف من ديته وقـيل لا دية للمرتد وإنما على قاتله الأدب وهذا قول سحنون والأول قول ابن القاسم وكذلك الحكم فى الأطراف.

مذهب الشافعية:

وذهب الشافعية إلى أن دية النصرانى واليهودى إذا كان لهما أمان ثلث دية المسالم نفسا وأطرافا لقضاء عمر وعثمان بذلك ولم ينكر عليهما ذلك مع انتشاراه فكان إجماعا أما من لا أمان له فمهدر.

مذهب الحنابلة :

وذهب الحنابلة إلى أن دية الكتابى الحر على النصف من دية المسلم لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا قال: دية الكتابى الحر نصف دية المسلم رواه أبو داود وحسنه وهذ ا إذا كان ذميا أو معاهدا أو مستأمنا لاشتراكهم فى حقن الدم وأروش جراحاتهم من دياتهم كجراحات المسلمين من دياتهم وأما الحربى فدمه هدر .

مذهب الظاهرية:

قال ابن حزم فى تكملة المحلى وان قتل مسلم عاقل بالغ ذميا أو مستأمتا عددا أو خطأ فلا قود عليه ولا دية ولا كفارة ولكن يؤدب فى العمد خاصة ويس!جن حتى يتوب كفا لضرره وبرهان ذلك قوله تعالى: ” ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ” فكان ذلك فى المؤمن بيقين- والضمير فى قوله تعالى: وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله. راجع إلى المؤمن ضرورة لا يكن غير هذا ولا ذكر للذمى أصلا ولا لمستأمن ” فصح أن إيجاب الدية على مسام فى ذلك لا يجوز البتة وكذلك إيجاب القود عليه ولا فرق وقال بكفى ذلك ولو أن مسلما جرح ذميا عقدا ظالما فأسلم الذمى ثم مات من ذلك الجرح فالقود فى ذلك بالسيف خاصة ولا قود فى الجرح لأن

الجرح حدث ولا قود فيه لأنه كافر: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا .

مذهب الزيدية:

وذهب الزيدية إلى أن دية الذمى والمجوسى والمعاهد تتساوى مع دية المسلم فى النفس والأطراف خلافا للناصر إذ رأى أنها ثلث دية المسلم وهو رأى الشافعى

مذهب الشيعة الامامية:

الشيعة الامامية لهم فى دية الذميين روايات أشهرها ثمانمائة درهم وديات نسائهم على النصف من ذلك ولا دية لغيرهم من أهل الكفر ومن الروايات أنها كدية المسلم ومنها أنها أربعة آلاف درهم وأروش جراحاتهم من دياتهـم كجراحات المسلمين من دياتهم.

مذهب الاباضية:

يرى الاباضية أن دية الكتابى المعاهد ثلث دية المسلم كاليهودى والنصرانى والمجوسى إذا كانوا على عهد جزية أو عهد صلح أو كانت الجناية عليه قبله أن يدعوهم الإمام ونحوه إلى الهدى وقيل دية الذمى نصف دية المسلم ودية المجوسى المعاهد ثمانمائة درهم والمجوسى الذى لم يدع إلى الإسلام ثلثا عشر دية المسلم و الوثنى ستمائة درهم إذا جنى عليه فى صلح أو قبل دعوته إلى الإسلام وأروش الجروح كديات النفس فجرح المعاهد ثلث جرح

المسلم وعقله ثلث عقل المسلم وهكذا سمعه* وبصره.

تعدد الأروش وتداخلها

مذهب الحنفية:

الأصل عند الحنفية انه إذا تعددت الجنايات بتعدد محلها وجب لكل جناية أرشها ولم يدخل أرش إحداها فى أرش أخرى وان كان أقل منه لأنها تكون حينئذ جنايات مستقلة تستتبع كل جناية منها أثرها الشرعى وهو وجوب أرشها وأما إذا حدثت الجناية على عضو فتترتب عليها أثران كأن شج رجل آخر موضحة فذهب بسبب ذلك عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة فى الدية وهى قلى وجبت بذهاب العقل أو بذهاب شعر الرأس وأساس ذلك بالنسبة إلى فوات العقل أنه بفواته تبطله جميع نافع الأعضاء إذ لا ينتفع بها بدونه فصار فواته فى حكم الموت بالنسبة لها فيدخل أرشها فى ديته كما فى فوات النفس وعليه

لا يجب أرش أية جناية ترتب عليها زوال العقل- أما بالنسبة إلى زوال الشعر فلان ضرر الموضحة يتمثل ق زوال شعر الرأس بسببها ولذا إنما يجب أرشها بفوات جزء من الشعر حتى لو نبت ما زال بها سقط أرشهما والدية تجب بفوات شئ من الشعر فكانت الموضحة كالجزء بالنظر إليه حينئذ

إذ أنهما قد تعلقا بسبب واحد وهو فوات الشعر فيدخل الجزء فى الكل كما إذا قطع أصبع رجل رجل فشلت يده إذ لا يجب إلا دية اليد- وجملة القول انه إذا وقعت الجناية على عضو واحد فاتلفت شيئين وأرش أحدهما أكثر من أرش الآخر دخل الأقله فى الأكثر إما إن وقعت على عضوين فانه يجب أرش كل منهما استقلالا ولم يدخل أحدهما فى الآخر وهذا عند أبى حنيفة وإذا كان فى الجناية على الأول قصاص سقط القصاص عنده للشبهة وعندهما يحب القصاص فيه أن أمكن الاستيفاء وإلا دخل الثانى فى الأول وقال زفر لا تتداخل أروش الجنايات فلا يدخل بعضها فى بعض إذا كانت فيما دون النفس فيجب فى كل جناية أرشها.

وإذا ذهب بالموضحة السمع أو البصر أو الكلام ” لم يدخل أرشنا فى أرشى أحد هذه الأشياء عند أبى حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يدخل فى دية السمع والكلام لا فى دية البصر لأن البصر ظاهر فلا يلحق بالعقل فى حكمه وهو دخول أرش الموضحة فى ديته أما السمع والكلام فأمران مصدرهما باطنى فيلحفان بالعقل فى دخول أرش الموضحة وللإمام ومحمد أنا كل واحد من هذه المنافع أصل بنفسه فيتعدد حكم الجناية عليه بتعدد فلا تداخل وهذا بخلاف العقل لأن منفعته تعود على الأعضاء جميعها فصار كالنفس بالنسبة لها وزواله فى معنى زوال النفس وإلحاق صاحبها بالموت وذهب الحسن بن زياد إلى أن أرش الموضحة لا يدخل ق أرش شئ إلا أرش زوال الشعر لاتحادهما محلا وإذا اجتمع قتل وقطع فان تخلل بينهما برء اعتبر كل فعل مستقلا وترتب عليه أثره الشرعى حتى لو كانا ,

عمدين استتبع كل منهما موجبه لأن موجب الأول تقرر بالبرء فلا يدخل أحدهما فى الآخر وعلى هذا يكون للولى القطع ثم القتل وان كنا خطأين فقطع الجانى يده ثم قتله خطأ وجبت دية ونصف دية للنفس ونصف دية لليد ولو كان القطع عمدا والقتل خطأ ففى اليد القود وفى النفس والدية ولو كان بالعكس ففى اليد نصف الدية وفى النفس القـود وإذا لم يتخلل برء فلو كان أحدهما عمدا والآخر خطأ اعتبر كل على حدة ففى الخطأ الدية وفى العمد القود ولو كنا خطأين فالكل جناية واحدة باتفاق فتجب دية واحدة ولو عمدين فعند الصاحبين يقتل ولا يقطع وعند الإمام إن شاء الولى قطع ثم قتل وان شاء قتل ولا عبرة باتحاد المجلس وهو الظاهر وروى عن نصر بن سلام انه كان يقوله الخلاف بين الإمام وصاحبيه فيما إذا قطع يده فى مجلس وقتله فى مجلس آخر فلو كانا فى مجلس واحد يقتل ولا يقطع اتفاقا فقلا عن الكفاية.

مذهب المالكية؟

وذو المالكية إلى أن الدية تتعدد بتمدد الجناية فلو قطع يدية فزالت عقله فديتان ولو فقد بصره مع ذلك فثلاث ديات وهكذا – وإذا كان محل الجناية له منفعة كالأذنين لهما منفعة السمع والعين لها منفعة البصر فزالت منفعة المحل بالجناية عليه فلا تتعدد الدية بذهاب منفعة المحل مع ذهابه فإذا قطع أذنيه فزال سمعه وجب دية واحدة وإذا قلع عينيه فزال بصره و، جب دية واحدة ولا تجب الحكومة فى المحل مع وجوب الدية ولا عبرة بتعدد منفعته فإذا جنى على لسانه فزال ذوقه فقط أو ذوقه ونطقه جمعيا فدية واحدة فى الحالين وهذا إذا لم توجد المنفعة بغيره أيضا فان وجدت بغيره وجب لزوالها دية لأجلها فإذا كسر صلبه فأقعده ذلك وذهبت قوة جماعه أيضا فعليه دية لمنع قيامه ودية أخرى لعدم قوته على الجماع.

مذهب الشافعية:

وذهب الشافعية إلى أنه إذا اعتدى إنسان على آخر فى عضو من أعضائه وكان لمنفعة زالت بهذا الاعتداء فالواجب دية واحدة هى دية المنفعة ودخلت دية العضو فيها وان لم يكن محلا لهذا فزالت بالاعتداء عليه ف الواجب دبتان دية العضو ودية المنفعة وعلى ذلك إذا اعتدى على أذنيه فزال سمعه رجب ديتان دية أذنيه ودية سمعه اذ ليس السمع فى جرم الأذنين بل ومقرهما من الرأس ولو مجرحه بموضحة فزال بصره أو سنه وجب أرش الموضحة ودية السمع أو البصر وكذلك إذا زال عقله بها لأنها جناية أبطلت منفعة ليست فى محل الجناية ولو قطع يديه ورجليه فزال عقله وجب ثلاث ديات وهكذا وفى قول يدخل الأقل فى الأكثر أو فى المساوى كأرش اليدين أما عند اتحاد المحل فالواجب أكبر الديتين كما لو اعتدى إنسان على حدقة آخر فذهب بصره لم تجب إلا دية البصر وكما إذا قطع لسانه فذهب منه القدرة على الكلام والذوق لم يجب إلا دية واحدة كاملة للتداخل بين الديات بسبب اتحاد المحل والفعل.

مذهب الحنابلة:

وذهب الحنابلة إلى أنه إذا لم يتحلى المحل فى الجناية والمنفعة بل تعددت الجناية ففى قطع الأذنين قطا أدى إلى ذهاب السمع ديتان: دية للأذنين وأخرى للسمع لأن مقر السمع ليس

فى الأذنين فلا تداخل وكذلك إذا قطع الأجفان فذهب البصر وجبت دية للبصر ودية للأجفان لنفس السبب وكذلك الحكم فيما إذا قطع الشفتين فانقطع الكلام وجبات دية للشفتين ودببة للكلام وان اتحد المحل فان بقى بعد الجناية وجبت دية المنفعة. فإذا جنى على لسان فأذهب الكلام والذوق وجبت ديتان: دية للكلام ودية الذوق لبقاء المحل وهو اللسان أما إذا أدت الجناية

إلى قطع اللسان فذهب الكلام والذوق فان الواجب دية واحدة لذهاب الكلام والسمع تبعا لقطع اللسان فتجب دية دونها كما لو قتل إنسانا لم تجب إلا ديته فقط ولم يكن لمنافعه من سمع وبمر وغيرها ديات وعلى ذلك إذا” قطع ربع اللسان فترتب عليه انقطاع ربع الكلام وجب ربع الدية لتساوى الواجبين وتداخلها وإذا ترتب عليه انقطاع نصف الكلام وجب نصف الدية لدخول ربعها الخاص باللسان فى النصف الواجب بانقطاع نصف الكلام اذ ا الأقل يف درج فى الأكثر- وإذا ذهب عقله بجنايه لها ارش كالموضحة ونحوها أو قطع عضوا من يديه أو رجليه أوضربه أعمى رأسه فذهب عقله وجبت دية كل منفعة مكل ارش الجرح فإذا ذهب بالجرح عقله وبصره .

وسمعه وكلامه أن الواجب أربع ديات مع ارش الجرح وان مات من الجرح بالسراية فدية واحدة.

مذهب الزيدية:

ويرى الزيدية أنه إذا بنى شخص على آخر فقطع أنفه وشفتيه وذهبت عيناه وجب على الحاكم أن ينتظر فى الحكم إلى تبين الحال فى مأل الجناية فإذا مات المجنى عليه منها وجبت دية واحدة فقط. وإذا لم يمت تعددت الديات، فوجب ثلاث ديات دية لأنفه ودية لشفتيه ودية لعينيه، وهـذا حكم عام فى الجنايات وعلى ذلك إذا جنى شخص على غيره جنايات متعددة ثم قتله فان كان القتل متصلا بجناياته لم تجب إلا دية واحدة وأن كان فى وقت آخر وجبت أروش

الجنايات السابقة ودية نفسه وجاء فى الأزهار أن الدية تتعدد فى الميت بتعدد الجنايات إذا كانت الجنايات منفصلات بأن تزيل أنصفه ثم عينيه ثم شفتيه ونحو ذلك فيموت فان الدية تتعدد كما تتعدد لو لم يصت غير أنه لو لم يمت الابمجموعها فدية واحدة- وان كان كل واحدة قاتلة . مباشرة. اذ الجنايات الأخيرة قد وقعت فصار فى حكم الميت. أما إذا كان كما قبل الأخيرة لا يقتل وقد مات بالأخيرة بالمباشرة أو بالسراية ففى الموت الدية مع الأخيرة وفيما قبلها الارش. وعن الناصر أن الأعضاء إذا بانت بضربة واحدة لزمت دية واحدة وإلا تعددت.

وفى البحر الزخار اذ ا تعددت الموضحة بضربة واختلف المحل تعددت الدية وقيل الواجب واحدة وهـو الأقرب إنا لم يكن بينها فاصل. وفيه أيضا إذا ذهب المصوت ومعه اللسان فديتان.

مذهب الشيعة الجعفرية:

وذهب الشيعة الجعفرية إلى عدم التداخل فى الأرش فإذا شجه فذهب عقله وجبت دية لعقله مع دية الشجة وإذا جنى على لسانه فذهب صوته فان أبطل معه حركة اللسان فدية لذهاب صوته وثلثا دية للسان إن لحقه حكم الشلل ، وعلى ذلك فلا تداخل فى الأروش عند الشيعة.

مذهب الاباضية:

وذهب الاباضية إلى أن العبرة بالفعل فإذا اتحد الفعل بأن كان واحدا ترتب على أثره أجزاء واحد وان تعدد الفعل وتعدد أثره تعدد أرشه بعدده فإذا جنى على إنسان

فأتلف عينه مع أجفانها ومع حاجبها بضربة واحدة فالواجب فى ذلك دية واحدة هى ديه العين وهى نصف الدية الكاملة وقيل لكل عضو دببته وان تعدد الضرب فلكل دية وقالوا فى توجيه ذلك أن تعدد الأثر بضربه تشبه الموت وتلزم فيه الدية الواحدة مع اشتماله” على عدة منافع فى كل دية وفى توجيه القول الآخر إن لكل أثر دية فإذا تحقق استتبع ديته ولا عبرة بتعدد الضرب أو عدم تعدده ولا وجه للقياس على الموت اذ لم يحدث موت فعلا.

من يجب عليه الأرش وما تتحمله العاقلة منه :

مذهب الحنفية:

يرى الحنفية أن الأرش مال يسلك به مسلك الأموال ولذا يجب بجناية الصبى والمجنون والمعتوة خطأ وكذلك السكران إن سهر بمباح لأنه مؤاخذ فى الأموال فإذا جنى أحد من هؤلاء على غيره جناية تستوجب الارش فانه جب عنايته كما

هو الحكم فى المبالغ العاقل وعندئذ إن بلغ الارش نصف عشر الدية الكاملة وهو 500

درهم فى الرجل و 250 فى المرأة كان على العاقلة والرد كان فى مال المجانى وحكومة العدل فى الجروح تجب فى مال الجانى ولا تتحملها العاقلة مطلقا على الصحيح كما فى الدر المختار ونقل ابن عابدين عن تنوير الأبصار إن حكومة العدل كانت

دون ارش الموضحة أو ضلها لا تتحملها العاقلة وان كانت أكثر من ذلك بيقين فلا رواية فى ذلك عن أصحابنا وقد اختلف فى ذلك المتأخرون فقال شيخ الإسلام الصحيح

أن العاقلة لاتتحمله كذا فى التتار خانية (59) وأرش الموضحة نصف عشر، الدية- وما يجب من المال فى العمد المحض يجب فى مال الجانى مطلقا فى النفس وفيما دونها وما يجب منه فى الشبه على العاقلة فى الحالين وما يجب منه فى شبه العمد على العاقلة إذا كان فى النفس وإما إذا كان فيما دونها فهو فى مال الجانى إن بلغ الدية وإلا فعلى العاقلة وإما الغرة فان العاقلة تتحملها.

مذهب المالكية :

يرى المالكية أن دية الرقيق وأرشه على الجانى فى ماله وكذلك دية جناية المعمد على الحر وعلى الرقيق وإنما تتحمل العاقلة دية جناية الحر فى الخطأ أو العمد الذى لا قصاص فيه وفى حكمها الأرش وحكومة العدل إذا بلغ ذلك ثلث الدية الكلية أو كان أقل من الثلث ولكن وجب تابعا لدية كاملة كموضحة وناقلة مع دية وجبت بالجناية- ويشترط فى وجوبها

على العاقلة أن يكون ثبوتها بالبينة أو باللوث مع القسامة لا بالإقرار والمجانى واحد منها إن كان بالغا مليئا- ويشترط فى إلزام العاقلة بالأرش إن يبلغ ثلث دية المجنى عليه أو ثلث دية الجانى عند تكرر الارش فان لم يبلغ أحدهما كانت على الجانى فى ماله كما هو حكم العمد

على النفس وعلى الإطراف ويجب الارش بجناية الحر المتسلم وان كان صبيا أو جنونا لان وجوبه من خطاب الوضع ولوجوبه فى الأطراف ويجرى بها مجرى الأموال.

مذهب الشافية:

يرى الشافعية أن العاقلة تحمل دية الخطأ وشبه العمد فى النفس وفى الأطراف ونحوها وكذلك تحمل الحكومات والغرة لا العمد ويلزم ذلك الجانى أولا على الأصح ثم نؤديه العاقلة معونة وتحملا اجمعا ولا عبرة لمن شذ فجعل ما يجب فى شبه العمد على الجانى كالعمد وإنما تتحمل العاقلة ذلك إذا ثبتت الجناية ببينة أو بإقرار مع تصديق العاقلة له لا مع عدم تصديقها إياه – ويجب الارش فى خطأ العاقل والصبى والمميز والمعتوه والمجنون والنائم وكذلك الدية .

مذهب الحنابلة:

يرى الحنبلة أن مايجب من مال فى العمد المحض فعلى الجانى فى ماله لقوله صلى الله عليه وسلم: “لايجنى جان فى إلا على نفسه ” أما مايجب فى شبه العمد والخطأ أو مايجرى مجراه كانقلاب نائم على إنسان فعلى العاقلة لا يلزم القاتل شىء منه إن كان المجنى عليه حرا مسلما لا عبدا ولا خمل العاقلة إلا ما بلغ ثلث الدية أو زاد عليه حين تثبت الجناية ببينة أو بإقرار الجانى مع تصديقها إياه وتحمل غرة الجنين تبعا لجناية أمه إن مات معها أو بعد موتها لا أن مات قبلها لنقصها عند التلف وتحمل دية المرأة وما يجب فى جراحها إن بلغ ما يجب ثلث ديتها وما عدا ذلك ففى مال الجانى ويجب الارش بخطأ الصبى و المجنون و المعتوه و النائم.

مذهب الظاهرية:

جاء فى المحلى أن دية الخطأ فى القتل على عاقلة القاتل وما يجب فى العمد من مال ففى مال القاتل أما الجنايات على الأعضاء خطأ حيث لاتؤدى إلى إزهاق النفس فذلك مما عفا الله عنه لاجناح على الإنسان فيه لقوله تعالى لا وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم ” ولما روى عن ابن عباس رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله تجاوز لى عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ” وبناء على ذلك لا يجب على أحد غرامة مالية فى عمد ولا فى خطأ ألا أن يوجب ذلك نص صحيح أو إجماع متيقن ولا شىء من ذلك ثابت والمقياس فيه باطل وعلى ذلك فلا يجب على عاقلة مال لجناية جناها أحد منها.

مذهب الزيدية:

يرى الزيدية إن ما تعقله العاقلة من الأروش هو ما كان نتيجة “جناية خطأ فلا تعقل عمدا إلا عمد الصبى والمجنون اذ حكمه حكم الخطأ ويشترط أن تثبت بالبينة أو بإقرار مع تصديق العاقلة فلا تعقل ما كان صلحا وان يكون الارش أرش موضحة فأكر فلا تعقل ما دون ذلك وهذا قول الهادى والمؤيد- تعقل القليل والكثير- وأن يكون الجانى حرا فلا تصل العبد ولا يشترط فى وجوب الارش سدل الجانى بل يعجب بجناية الصغير والمجنون والمعتوه.

مذهب الإباضية :

. الدية فى العمد على الجانى فى ماله وكذلك شبه العمد أما دية الخطأ فهى على العاقلة سواء كان للجانى مال أم لا ولا تتحمل ما دون الموضحة وهو الأشهر وقال فى الخلاف تحمل العاقلة القليل والكثير ولا تحمل إقرارا ولا مسلحا ولا عمدا فى النفس ولا فى الجروح والأعضاء وإنما تدملط جناية الحر لا الممبد أما العبد فيلزمه المال فى رقبته وصد الصبى والمجنون خطأ تحمله العاقلة.

مذهب الاباضية:

يرى الاباضية أن دية الخطأ على العاقلة وكذلك دية العبد إذا كان الجانى لا يقصد القتل وكانت الآلة التى استعملهـا مما يمكن به القنل ولا يبعد وها تلزم به العاقلة قد يكون الدية كلها كما فى القتل خطأ وقد تكون دونها كما فى أروش بعض الأعضاء – وإذا قتل مسلم كتابيا خطأ كانت الدية على العاقلة وقيل أن دية الكتابى مطلقا في مال الجانى وتجب دية الابن إذا إذا قتله أبوه على العاقلة ولو عمدا إذ أن الأب لا يقتل فى ابنه وكذلك الحكم فى كل من لا يقتل بقتله آخر وتجب على العاقلة دية من يموت فى اللعب، ومن يموت بسبب ضربه تأديبا ودية الموت سراية من جرح ودية السمع أو البصر إذا فقد بشجة- والمذهـب أن العاقلة لا تعقل الـعمد مطلقا إلا عمد الصبى والمجنون ولا يدخل الجانى فى المعاقلة وقيل هو واحد خطأ – ولا تعقل العاقلة إلا ثلث الدية فما زاد لاما هو دون ذلك وقيل لا يعقل إلا ما كانت ديته كدية الموضحة أو كثر لا ما كانت ديته أقل وقيل أنها تعقل ما كان أكثر من الثلث أما الثلث ففيه خلاف وقيل تعقل القليل والكثير من الأروش فى الخطأ.

ما يسقط بيه وجوب الارثس

يسقط وجوب الأرش بسبب من الأسباب الآتية:

1- الأداء فإذا أدى الارش فقصد وفى الواجب

2- الإبراء من المجنى عليه أو ممن يستحقه من الارش بحد وجوبه لأنه يثبت دينا فيسقط بالإبراء وإذا حدث الإبراء فى مرض الموت كان من الثلث لأنه يكون وصية وأما عفو المجنى عليه عن الجناية فإن كانت جناية يترتب عليها وفاة المجنى عليه بالسراية فيرجع فيه إلى مصطلح العفو عن الدية وعما يوجبها من الجنايات وإن لم يترتب عليها وفاة المجنى عليه فإن العفو عنها يعد عفوا وإبراء عما استوجبته من الجزاء المالى اتفاقا لأنه فى معنى الإبراء من الدين أفاءا يترتب عليه بسبب السراية

بعد ذلك فلا يتناوله العفو لأنه إسقاط لما لم يجب بعد وإسقاط الشىء قبل وجوبه غير صحيح اتفاقا وفى ذلك اختلاف المذاهب يرجع فى مصطلح عض و فى موضوع الجناية لها.

3- حصول البرء من الجناية وأثرها بعد وقوعها وللمذاهب فى ذلك التفصيل والبيان الآتى.

مذهب الحنفية:

يرى الحنفية أن الجراحات إذا برئت عن غير أثر لا شىء فيها فى قول أبى حنيفة وقال

أبو يوسف فيها حكومة الألم وقال محمد على الجانى أجر الطبيب وكذلك الحكم فى

الشجاج وسواء فى ذلك ما للشارع فيه تقدير محدد وما ليس له فيه تقدير.

مذهب المالكية:

يرون أن ما لا تقدير فيه أن الجراح إذا برىء على شين وجب فيه حكومة عدل أما إذا برىء دون أن يترك أثرا فلا شئ فيه على المجانى- وأول ما كان فيه عقل مقدر من الشارع ففيه ما قدره الشارع طلقا دون زيادة إلا فى الموضحة إذا كانت فى الموجه أو الرأس إذا برئت على شين ففيها الدية مع حكومة عدل فى الشين على المشهور. ويرد الأرش للجانى إذا أخذه المجنى عليه عند عود البصر بعد ذهابه بالجناية وفى عود المسمع و الكلام و العقل والذوق والشم واللمس بعد الجناية عليها تأويلان عندهم.

مذهب الشافعية :

جاء فى نهـاية المحتاج : إذا أخذت دية العقل وغيره من بقية المعانى كالسمع والبصر

ثم عاد بعد زواله استردت من المجنى عليه وذلك فيما للشرع تقدير فيه أما ما ليس للشارع فيه تقدير من الجروح فقد جاء فى النهاية أن لا تقويم فيه إلا بعد اندماله فإذا اندمل عن أثر كان فيه حكومة عدل وإن اندمل عن غير أثر أعتبر فى حكومة العدل أقرب نقص لحق المجنى عليه إلى وقت اندماله حتى لا تحبط الجناية وقيل يقدر القاضى باجتهاده ويوجب شيئا حذرا من إهدار الجناية وقيل لا غرم كما لو تألم بضربة ثم زال الألم.

مذهب الحنابلة:

جاء فى كشاف القناع إذا عاد البصر وكذلك ما فى معناه من السمع والكلام والذوق والمشى والنكاح بعد ذهابه بالجنابة إذا عاد لم تجب الدية لعود ما ذهب من المنافع فإذا- كان المجنى عليه قد أخذها ردها لتبين أنه قد أخذها بغير حق وينتظر فى أداء الدية إذا قرر عدلان من أهل الخبرة رجاء عودة إلى مادة عيناها فإن مضت المدة ولم يعد أو مات المجنى عليه قبل مضيها وجبت الدية.

وإن قال أهل الخبرة يرجى عودة ولكن لا نعرف لذلك مدة وجبت الدية لئلا يلزم تأخير حق المجنى عليه لا إلى أمد.

مذهب الظاهرية:

جاء فى المحلى أن ابن حزم يرى إن لا مال فى الخطأ ولا يجب منه شىء فى شبه العمد والعمد إلا ما قدره الشارع ولم يصح عنده فى عمد الأطراف إلا القصاص ولم يفرض فيه الشارع دية ولم يصح عندهم ما جاء فى ذلك من الآثار .

مذهب الزيدية:

جاء فى شرح الإزهار وفيما كثر من الأعضاء فانجبر ونحوه بعد انكساره ثلث ما وجب فيه لو لم ينجبر فلو ذهب عقله ثم عاد أو ذهب بصره أو سمعه أو شمه بسبب الجناية ثم عاد فالحكومة فيه ثلث ما كان يجب لو لم يعد. وعلق صاحب الحاشية على ذلك بأن هذا فى غير المنقلة والهاشمة والموضحة والمتلاحمة والباضعة أما فيها فلا ينقص أن أرشها شىء ولو انجبرت وإنما هذا فى اليد والرجل والأصبع ونحوها

مذهب الشيعة الجعفرية:

جاء فى تحرير الأحكام إذا ذهب كلام المجنى عليه بالجناية على لسان ثم عاد كلامه بعد دفع الدية استردت الدية من المجنى عليه قاله فى المبسوط وجاء فى الخلاف لا تسترد الدية وجاء فى ذهاب السمع والبصر إذا عادا بعد زوالهما حكومة عدل وفى العقل والشم إذا عادا بعد ذهابهما لم تسترد الدية لأن عودهما منحة من الله تعالى وفى كسر عضو من الأعضاء إذا انجبر وصلح عن غير عيب أربعة أخماس ديته.

مذهب الاباضية:

جاء فى النيل ولكل جارحة بانت ولو رجعت وبرئت ديتها كما لو لم ترجع فى الحواس كالسمع إذا رجعت بعد ذهابها بالجناية ديتها كذلك.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت