إسترداد الجنسية المصرية

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار /على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة و رئيس المحكمة و عضوية السادة الأساتذة المستشارين : رائد / جعفر النفراوى ومحمد عبد الرحمن سلامة وإدوارد غالب سيفين وسامي أحمد محمد الصباغ (نواب رئيس مجلس الدولة)

* الإجراءات :

فى يوم الأحد الموافق 12 مارس سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 26/1/1989 فى الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الإداري السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن – فى ختام تقرير الطعن – أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 5/2/1996 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) موضوع لنظره بجلسة 20/10/1996، وبتلك الجلسة قدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة جاء فيها أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم المستندات الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 إلى سنة 1929 وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه صحيحاً، ويكون الحكم المطعون فيه – قد ذهب إلى غير ذلك مخالفاً للقانون ومخطئاً فى تطبيقه حريا بالإلغاء، وتداولت هذه المحكمة نظر الطعن – على النحو الثابت بالأوراق – إلى أن قررت النطق بالحكم فيه بجلسة
16/2/1997.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة:

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تلخص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 650 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بصحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة فى 1/1/1985 طلبت فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إسقاط جنسيتها المصرية وما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحاً لدعواها إنها مصرية الجنسية وتزوجت من سوري سنة 1966 وما زالت بعصمته، وعندما تقدم زوجها لإدارة الجوازات والجنسية بطلب تجديد إقامته وأولاده منها علم بأن وزير الداخلية أسقط جنسية زوجته المدعية، وأن عليها مغادرة البلاد أو تحصل على إقامة مؤقتة، رغم أن زواجها من سوري الجنسية لا يسقط جنسيتها المصرية، فضلاً عن عدم إعلانها بما يفيد إسقاط جنسيتها وأن من حقها أن تظل مصرية.

وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة جاء فيها أن المدعية تقدمت بطلب فى 21/9/1968 أعلنت فيه رغبتها الدخول فى جنسية زوجها السوري وأرفقت به ما يفيد اكتسابها جنسية زوجها، ومن ثم تعتبر فاقدة للجنسية المصرية – بفرض ثبوتها – طبقاً للقانون رقم 82 لسنة 1958، وعوملت من ذلك التاريخ على أنها سورية، ولم يصدر قرار بإسقاط جنسيتها.

وأضافت الجهة الإدارية بأن المدعية تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية فى 5/5/1984 فكلفت بتقديم ما يثبت “الأصل المصري” فتقدمت بشهادة تفيد ميلادها فى 30/5/1946 بالإسكندرية وصورة قيد ميلاد والديها بالإسكندرية فى 9/9/1933 (سواقط قيد) ولم تقدم ما يفيد إقامة والدها وجدها من سنة 1914 إلى سنة 1929 بالبلاد، وقدمت إقراراً بعدم تمكنها من تقديم تلك المستندات ومن ثم لم تتمكن الإدارة من البت فى طلبها.
وقضت المحكمة فى 19/12/1985 بعدم قبول طلب وقف التنفيذ وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.

وبجلسة 26/1/1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل، والذي قضى بإلغاء القرار السلبي المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.

وشيدت المحكمة قضاءها على أن حقيقة طلبات المدعية هي إلغاء قرار الإدارة السلبي بالامتناع عن رد جنسيتها المصرية إليها وما يترتب على ذلك من آثار أخصها استرداد جنسيتها المصرية ومعاملتها وفقاً لذلك وأضافت المحكمة أن الجنسية المصرية – حسبما يبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية – ثابتة للمدعية منذ ميلادها حتى إعلان رغبتها فى اكتساب جنسية زوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وأن هذا الثبوت لم يكن محل منازعة قبل فقدها جنسيتها المصرية بإعلانها الرغبة فى الدخول فى جنسية زوجها ومن ثم فإن امتناع الجهة الإدارية عن رد جنسيتها المصرية إليها لعدم تقديم ما يثبت الأصل المصري يكون غير قائم على أساس صحيح مما يتعين الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع وما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقية المدعية فى استرداد جنسيتها المصرية.

ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خرج على مقتضى التطبيق الصحيح لأحكام القانون ذلك أن المطعون ضدها تقدمت لإدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب لاسترداد الجنسية المصرية بالتطبيق لأحكام المادة 13/1 من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975، ولما كانت المطعون ضدها جاءت إلى مصر فى 22/8/ 1973 أثناء قيام الاتحاد الثلاثي بين مصر وسوريا وليبيا حين كان رعايا دول الاتحاد لا يخضعون لقيود الإقامة والتسجيل، وفى عام 1979 – بزوال الاستثناء المتقدم – تقدمت المطعون ضدها إلى إدارة الجوازات بالإسكندرية بطلب تسوية إقامتها بوصفها سورية – وفى 5/5/1984 تقدمت بطلب استرداد الجنسية المصرية، ولما كلفت بتقديم ما يثبت أنها من أصل مصري عجزت عن تقديم المستندات الدالة على ذلك وبالأخص الدالة على إقامة والدها وجدها بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 حتى سنة 1929 مما يجعل القرار المطعون فيه صحيح قانوناً وإذ ذهب الحكم إلى غير ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها ” أسما محمد عوض” كانت قد تزوجت من محمد حسن سليمان – سوري الجنسية – بموجب عقد زواج رسمي موثق فى 12/3/1966 توثيق الإسكندرية، وبتاريخ 21/9/1968 تقدمت بطلب إلى إدارة جوازات الإسكندرية أقرت بمقتضاه أنها ترغب في الدخول في الجنسية السورية أسوة بزوجها السوري لكي يتسنى لها السفر معه إلى الخارج وقد أفادت سفارة الجمهورية العربية السورية – حسبما هو ثابت بالأوراق – بتاريخ 19/9/1968 أن السيدة / أسما محمد عوض زوجة المواطن السوري محمد حسن سليمان اكتسبت الجنسية العربية السورية.

ومن حيث إن المادة 19 من قانون الجنسية المصرية رقم 82 لسنة 1958 والمعدل بالقانون رقم 282 لسنة 1959 تنص على أن ” المرأة المتمتعة بجنسية الجمهورية العربية المتحدة التي تتزوج من أجنبي تحتفظ بجنسيتها المذكورة إلا إذا رغبت فى الدخول فى جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء قيام الزوجية وكان قانون زوجها يدخلها فى جنسيته”.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من المادة (12) من قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975 – وهى المقابلة للمادة 19 من القانون الملغى رقم 82 لسنة 1958 تنص على أن ” المصرية التي تتزوج من أجنبي تظل محتفظة بجنسيتها المصرية إلا إذا رغبت فى اكتساب جنسية زوجها وأثبتت رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية وكان قانون جنسية زوجها يدخلها فى هذه الجنسية…”
وتنص المادة (13) من القانون المشار إليه رقم 26 لسنة 1975 على أنه “يجوز للمصرية التي فقدت جنسيتها طبقاً للفقرة الأولى من المادة (11) والفقرة الأولى من المادة (12) أن تسترد الجنسية المصرية إذا طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية …”

أ – ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن الزوجة المصرية التي تتزوج من أجنبي يحق لها الدخول فى جنسية زوجها إذا كان قانون جنسيته يسمح لها بذلك وإذا أعلنت عن رغبتها هذه عند الزواج أو أثناء الزوجية ومن ناحية أخرى فإنه يجوز للزوجة المصرية التي فقدت جنسيتها نتيجة لدخولها جنسية الزوج الأجنبي أن تسترد الجنسية المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية.

ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية حسبما هو ثابت من شهادة ميلادها التي جاء بها أن اسمها ” أسمه” مولودة في 30/5/1946 بمحافظة الإسكندرية من أب مسلم مصري الجنسية وأنها مقيدة بدفتر واقعات الميلاد بمكتب صحة الجمرك بمحافظة الإسكندرية – ويبين من ملف المدعية بمصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية أن المطعون ضدها كانت قد تقدمت بطلب الإذن لها بالإقامة بتاريخ 21/1/1968 وتأشر على طلبها بالآتي ” المذكورة أصلاً مصرية من مواليد سنة 1946 وتزوجت من سوري وأنجبت منه طفلين سنة 1967 ، سنة 1968 على التوالي وقد اكتسبت الجنسية السورية بالزواج، وتقدمت بطلب لمنحها إقامة بوصفها سورية وأنها تعد بذلك فاقدة للجنسية المصرية طبقاً للمادة 19 من القانون رقم 82 لسنة 1958 بإعلانها تنازلها عن الجنسية المصرية، وتمت الموافقة على منحها إقامة أسوة بزوجها مع إرسال شهادة ميلادها إلى مصلحة الأحوال المدنية لتعديل جنسيتها ويبين من الأوراق الموجودة بملف المدعية أن مصلحة الأحوال المدنية ردت على مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بأن الجنسية الثابتة بشهادة ميلاد – المطعون ضدها – هي جنسية الوالد وهذه الجنسية صحيحة حيث يتمتع والدها فعلاً بالجنسية المصرية في تاريخ ميلادها فتعتبر داخلة في الجنسية المصرية…. ولا يجوز إجراء أي تعديل ببيان الجنسية … لأن أي تعديل يطرأ على جنسية المولودة لأي سبب بعد تاريخ ميلادها لا يؤثر فى واقعة الميلاد … “

ومن حيث إنه يستفاد من الوقائع المشار إليها أن المطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية وأن هذه الجنسية ثابتة لها منذ ميلادها، حتى إعلان رغبتها في الدخول في جنسية زوجها السوري وتنازلها عن جنسيتها المصرية فإذا كان ذلك وكانت المطعون ضدها قد تقدمت بطلب مؤرخ 5/5/1984 لاسترداد جنسيتها المصرية التي فقدتها بالزواج من أجنبي، إعمالا لنص المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فإنه ما كان يجوز للجهة الإدارية أن تمتنع عن رد الجنسية المصرية بمقولة إن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد إقامة جدها ووالدها فى البلاد منذ سنة 1914 إلى سنة 1929، ذلك لأن المطعون ضدها لا تطلب الدخول فى الجنسية المصرية ومن ثم يتعين توافر الشروط اللازمة لذلك، وإنما غاية ما تطلبه هو إعمال حكم المادة (13) من قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 الذي يجيز لمثلها – المصرية التي تزوجت من أجنبي ودخلت فى جنسية زوجها وتنازلت عن جنسيتها – استرداد جنسيتها المصرية متى طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية فالمطعون ضدها أصلاً مصرية الجنسية ولم تنازعها الجهة الإدارية فى تلك الجنسية والثابتة لها أصلاً حسبما هو مبين بالأوراق وعلى النحو المشار إليه بالوقائع سالفة الذكر، ومن ثم فإنه لا يجوز للجهة الإدارية الامتناع عن رد جنسيتها المصرية التي ليست محل منازعة قبل فقدها إياها بالزواج من أجنبي.

ب- ومن حيث إنه ولئن كان قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 ناط بوزير الداخلية سلطة الموافقة أو عدم الموافقة على طلب استرداد الزوجة لجنسيتها المصرية المفقودة بإعلان رغبتها فى الدخول فى جنسية زوجها الأجنبى وذلك للأسباب التي يقدرها الوزير، إلا أن ذلك لا يخل بحق القضاء فى رقابة الأسباب للتحقق من صحة قيامها ومدى مطابقتها للقانون ولما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية فى الحالة الماثلة مرجعه إلى أن المطعون ضدها عجزت عن تقديم ما يفيد الأصل المصرى وما يثبت إقامة والدها وجدها بالبلاد من سنة 1914 حتى سنة 1929 وهو الأمر غير المنصوص عليه قانوناً فى حالة طلب استرداد الجنسية المصرية طالما أن الجنسية المصرية المفقودة بالزواج من أجنبى لم تكن قبل فقدها مثار أى منازعة من قبل الجهة الإدارية، وطالما أن الأوراق تفصح عن ثبوت تلك الجنسية، الأمر الذي يترتب عليه أن امتناع الجهة الإدارية عن رد الجنسية المصرية إلى المطعون ضدها غير قائم على أساس صحيح من القانون، وهو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وبحق، مما يجعل النعى عليه غير سديد.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.