العقد الطبي عقد وكالة

” مما لا شك فيه أن الخدمات التي يؤديها أصحاب المهن الحرة إنما تخضع في حقيقة الأمر لأحكام عقد الوكالة و ليس لأحكام عقد إيجار الأشخاص ، و من هذه الخدمات تلك التي يؤديها لنا الأطباء ” .

إن هذا القول الذي جاء به الفقيه ” بوتييه والذي تأثر بفكرة تاريخية ضمن فيها مهنة الطب لباقي الحرف اليدوية التي تدر على ممارسها ربحا ، و ليس من المانع ما يحجم المريض عن تقديم هبة لطبيبه ، حيث و الحال هكذا فإن هذا الرأي وجد مقابلا له نظرا لعدم جديته و عدم تأسيسه ، كذلك كون : أن محلّ عقد الوكالة يعد تصرفا قانونيا و أن المشرع الجزائري عرفه في المادة 571 ق م ج أن الوكيل يتصرف باسم الأصيل و نيابة عنه فيبرم التصرف باسمه و لصالحه ؛ و إذا طرحنا هاتين الخاصيتين على العقد الطبي فلا نجد لهما محلا بتاتا ، كون :

– ما يجب معرفته أن العلاج أو التطبيب ليس بعمل قانوني و إنما هو عمل مادي و أنه يستحيل أن يقوم الطبيب بعمل باسم المريض .

– ما يجب معرفته أنه لا وجود لفكرة أعمال يدوية يحكمها عقد إيجار الأشخاص و أعمال عقلية تخضع لعقد الوكالة لتأثير أصحاب هذا الرأي بالفكر الروماني القديم.

– ما يجب معرفته أن عقد الوكالة يعد من العقود المجانية ، و هذا ما نصت عليه المادة : 581 من التقنين المدني الجزائري الفقرة الأولى ” الوكالة تبرعية ما لم يتفق على غير ذلك صراحة أو يستخلص ضمنيا من حالة الوكيل ” بمعنى أنه يجوز للوكيل التنازل عن الوكالة لو وجد اتفاق يخالف ذلك ؛ أما مهنة الطبيب المنظمة من قبل المشرع الجزائري فهي تجيز و تمكن الطبيب و جراح الأسنان أن يتحرر عن مهمته بشرط أن يضمن مواصلة العلاج للمريض ، و هذا هو فحوى المادة 50 من مدونة أخلاقيات الطب.