سهوة قانونية
إيمان الحكيم
مستشارة قانونية
(أفضل محامي في مدينة ..) أو (المحامي الأول في قضايا الجرائم المعلوماتية) أو (أقوى مكتب محاماة)، هذه بعض النتائج التي ستظهر للباحث عن محامي عن طريق محرك البحث قوقل، فلا يخفى على الجميع أن Google يتيح إضافة إعلان مدفوع على موقعه، وأن الأولوية في ظهور نتائج البحث هي لأصحاب الإعلانات.

قد يُستساغ ما سبق ذكره بالنسبة لكثيرٍ منّا، لكن ليس للقانوني ذلك؛ فمن المفترض أنه يعرف جيدًا بأن النظام في السعودية يحظر على المحامين الدعاية والترويج والإعلان لأعمالهم، وهذا الحظر ورد في اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة في مادته الثالثة عشر التي تنص على أنّه: “ليس للمحامي أن يعلن عن نفسه بشكل دعائي في أي وسيلة إعلانية”.

وبغض النظر عن مدى الرضا عن هذا الحظر ومنطقيته خصوصًا في الوقت الراهن والنداءات بإلغاءه؛ فإنه كان صريحًا ولا مجال للبس فيه أو إمكانية تفسيره بأكثر من طريقة، وكما هو كذلك فإن الإعلانات المنتشرة للمحامين ومكاتب المحاماة في قوقل صريحة كذلك بل وموثقة.

ونلاحظ وجود التوثيق من خلال كلمة (إعلان) التي تُكتب مع نتيجة البحث، التي ستوصلنا غالبًا للموقع الإلكتروني الخاص بالمحامي.

غالبًا نجد أن هذه الإعلانات تحمل عبارات نستطيع أن نقول عنها بدائية وغير محترفة في مجال التسويق، ولا تليق بدعاية لخدمات قانونية في حال فرضنا أن النظام يسمح بذلك. وكما أن الإعلان غير احترافي فإننا نتوقع بأن تكون الخدمة غير احترافية كذلك، بدلالة لجوء مُقدم الخدمة لعمل هكذا إعلان وعِلْمِه بحظره أو الجهل بذلك، وكلتاهما مصيبة وإحداهما أعظم.

هذا بالنسبة لمُقَدِم الخدمة، أما متلقي الخدمة أو الباحث عنها فلا يعلم من الأمر شيئًا، وبالتالي فإن صاحب الفرصة الأكبر للحصول على عدد أكبر من العملاء هو صاحب هذا الإعلان المحظور.

الغريب في الأمر أن هذه “الظاهرة” ليست حديثة ولا تُمارس في الخفاء؛ ورغم ذلك لم نسمع على الإطلاق بأي مبادرات بمنعها أو الحد منها أو حتى الامتعاض بشأنها من أي مسؤول أو جهة ذات علاقة.

هذا التجاهل الكبير بخصوص هذه “الظاهرة” لا أعرف إن كان أمرًا عاديًا أم مستهجنًا، لكن ما أعلمه جيدًا أن مهنة المحاماة التي تعتبرها المجتمعات الأخرى قطاع اقتصادي وواحدة من أهم روافد الدخل القومي، تفتقر للكثير من التنظيم والإشراف، ورغم وجود لجنة وهيئة ووزارة وكلنا محتارون أيًا منهم هي مرجع لها؛ فهل نتوقع أن نشهد حزمًا بهذا الشأن، أم بقاء الحال على ماهو عليه؟

إعادة نشر بواسطة محاماة نت