هل عمل المرأة يؤثر على نفقتها ؟

عمل الزوجة خارج البيت لا بد أن يكون ابتداء بإذن من الزوج، فهو المكلف بالإنفاق عليها مقابل قرارها في البيت وقيامها بوظائفها الزوجية .
فإن منعها الزوج من الخروج للعمل وأبت إلا الخروج فإن الحكم يختلف تبعا للحالات التالية :

الحالة الأولى :

إن كان خروجها للعمل من غير داع ولم تكن قد اشترطت ذلك عند العقد، وبغير إذن من الزوج، مما يتحقق به معنى النشوز والإخلال بواجباتها الزوجية والأسرية فهو مسقط لنفقتها عند الفقهاء.

الحالة الثانية :

إن تزوجها وكانت قد اشترطت عليه في عقد الزواج أن لا يمنعها من الاستمرار في وظيفتها، فوجود مثل هذا الشرط في عقد الزواج ملزم للزوج، إذا كان العمل مما يتفق مع القواعد الشرعية، وهو ما قرره الحنابلة، حيث جاء عند ابن تيمية أنه لا بد في التصرف من رضا المتعاقدين وموافقة الشرع، فمناط الصحة هو التراضي المقيد بموافقة الشرع أركاناً وشروطاً ومقتضى وقواعد ومقاصد.
ويقول في ذلك أيضا:» مقاصد العقلاء إذا دخلت في العقود، وكانت من الصلاح الذي هو المقصود، لم تذهب عفوا ولم تهدر رأساً».
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» المسلمون عند شروطهم فيما وافق الحق».
وعن عمر بن الخطاب: «أن امرأة اشترطت على زوجها في عقد زواجها بأن تكون سكناها في دارها، ولما أراد نقلها إلى داره، رفضت فتقاضيا إلى عمر، فقال: لها شرطها، فقال الرجل: إذن يطلقننا، فأجابه عمر بقوله: مقاطع الحقوق عند الشروط ولها ما شرطت» .

وجاء في قرارات وتوصيات الدورة السادسة عشرة لمجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دبي في الفترة ما بين 30 صفر ـ 5 ربيع الأول 1426 هـ / 9 ـ 14 إبريل 2005 م ، قرار رقم 144 ( 2 / 16 ) ما يلي :

البند المتعلق بعمل الزوجة خارج البيت :
1- من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعا مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية، والآداب الشرعية، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية .
2- إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعا، وفق الضوابط الشرعية، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المسقط للنفقة .

وجاء في البند الخامس المتعلق باشتراط العمل
1- يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت، فإن رضي الزوج بذلك ألزم به، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة .
2- يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد
3- لا يجوز شرعا ربط الإذن (أو الاشتراط) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءا من راتبها وكسبها، وهنا أقول إن تعاون الزوجة العاملة مع زوجها في النفقة هو ضمانة من ضمانات الاستقرار الأسري، وهو ما عليه كثير من الأسر . وإذا لم تتشارك المرأة العاملة مع زوجها في النفقة فعلى الأقل تنفق على نفسها، حتى لا يشعر الزوج بالغبن، ونضمن بذلك استقرار العلاقات بينهما.
4- ليس للزوج أن يجبر الزوجة على العمل خارج البيت .

الحالة الثالثة:

إن تزوجها وهو يعلم أنها موظفة أو ذات حرفة خارج البيت وسكت، ولم يشترط عليها ترك وظيفتها، ولا اشترطت عليه عدم منعها من وظيفتها، ففي المسألة رأيان :
الأول: إن هذا السكوت لا يعد رضا منه في عملها خارج البيت ولا بمنزلة اشتراطها عليه عدم منعها من وظيفتها، وبناء على ذلك فقد ذهب الدكتور عبد الكريم زيدان إلى أن ذلك يعطيه الحق في منعها من الخروج لوظيفتها، فإن عصته اعتبرت ناشزة .
والثاني: إن زواجها وهي موظفة، وسكوت الزوج عن ذلك كاشتراطها عليه أن تبقى موظفة، وعليه فإنه لا يسقط نفقتها، ولا يحق له منعها من العمل، لأن سكوته عند العقد، ثم رجوعه عن الموافقة يعتبر تغريرا بالمرأة وظلما لها، وهو رأي الدكتور عبد الرحمن الصابوني.

أقول : إن الحكم مشروط بعدم الإضرار بالزوجة، فإذا كان القصد إلحاق الضرر بالزوجة فيمتنع ذلك، كأن يتمسك الزوج بحقه في منعها من العمل، وهي على أبواب التقاعد من الوظيفة فتحرم من مستحقاتها لنهاية الخدمة الوظيفية .
وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي، البند المتعلق بإساءة استعمال الحق في مجال العمل :
1- للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين، وهي محددة شرعا وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم، والخروج عليها يعد محرم شرعا .
2- لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار، أو ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة .
3- ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه
منقول