الفوركس تجارة رابحة أم نصب واحتيال؟
تمكنت الهيئة العامة للرقابة المالية بالتعاون مع إدارة مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية في الآونة الأخيرة من الكشف عن جرائم نصب جديدة عبر شبكة الانترنت تتم من خلال تداول العملات الأجنبية وهو ما يسمى بتجارة الـ “الفوركس”، وفيما يلي أبرز النقاط التي تتعلق بتلك القضية:

1- تجارة الـ “فوركس” لا تخضع لرقابة البنك المركزي المصري أو الهيئة العامة للرقابة المالية.

2- الحكومة المصرية تمنع منح ترخيص لشركات الوساطة في الـ “فوركس” وتخضع المخالفين للمساءلة القانونية.

3- تعمل بعض شركات الوساطة في مصر في سوق العملات من خلال ترخيص استشارات مالية.

4- محتالون اتخذوا من الـ “فوركس” غطاءا لجمع الأموال.

5- ترى الحكومة المصرية أن الـ “فوركس” لا تلبي ضرورة اقتصادية، وتخشى تأثيرها على البورصة وودائع البنوك.

6- يجب على كل من لديه شكوى في هذا الإطار، التوجه على الفور إلى الهيئة للإبلاغ.

شهدت مصر في الآونة الأخيرة انتشارا واسعا لجرائم النصب والاحتيال (باحتراف) على المواطنين عبر شبكة الانترنت، فقد تابعنا في العام الماضي عن كثب جرائم التسويق الشبكي وتداعياته السلبية التي حطمت أحلام آلاف الشباب في تحقيق الثراء السريع وحولتها إلى كابوس انتهى بضياع أموالهم.

وتتمثل إشكالية جرائم الإنترنت عموما في قدرتها علي الانتقال بسهولة عبر الحدود دون وجود قيود، فضلا عن اختلاف القوانين بين الدول التي قد تؤدي إلي وجود ثغرات تتسلل عبرها الجرائم، وتكمن خطورتها أيضا في أنها جرائم سهلة الارتكاب ولكنها صعبة في الوصول إليها.

وأخيرا النصب من خلال سوق أو بورصة العملات الأجنبية “فوركس Foreign Exchange Market” عبر شبكة الانترنت، حيث أمر “شريف سامي” رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية بإحالة شركتان تمارسان عمليات التداول في العملات الأجنبية “فوريكس”، للتحقيق معهما (إحداهما في منطقة المقطم والثانية في مدينة نصر، بالإضافة إلى شركة ثالثة مشتبه بها وجاري العمل على تتبعها)، وجاء هذا القرار بعد الإطلاع على تحريات إدارة مباحث الأموال العامة بوزارة الداخلية. مؤكدا حرص الهيئة على مكافحة المخاطر الناتجة عن التداول في العملات الأجنبية “فوريكس”، لكونه نشاط غير مرخص أو مسموح بمزاولته في مصر، وبالتالي لا يجد المتعامل معها (رقيبا) يلجأ إليه في حال التلاعب والنصب، وهو ما يعاني منه الكثيرين الذين انساقوا بسذاجة أو طمعا في الثراء السريع. مضيفا إلى أن تلك الشركات تدير هذا النشاط من خلال مواقع إلكترونية (منشأة خارج مصر) تعتمد على جذب ضحاياها من خلال الترويج لإمكانية تحقيق مكاسب مالية سريعة، لتلقي أموالهم بزعم استثمارها في مضاربات تجني أرباحا مجزية.

الـ “فوركس”..سوق خفية في مصر يزداد روادها ولا يعترف بها القانون:

يوجد نوعان من العمل في العملات الأجنبية، الأول هو تداول العملات الأجنبية من خلال ما يتم في شركات الصرافة (هذا النوع يحكمه قانون البنك المركزي)، أما النوع الثاني هو الـ “فوريكس” ويقصد به التعامل في أسواق العملات الأجنبية أو المتاجرة بالعملات في البورصة عبر شبكة الانترنت (هذا النوع لا يسمح به قانون سوق المال المصري). وبالرغم من أن القانون يحظر هذا النشاط، إلا أن بعض الشركات تمارسه تحت مظلة تراخيص مكاتب وشركات استشارات مالية أو شركات استيراد (مٌستغلة في ذلك عدم وجود عقوبات محددة لها). وتكمن خطورة “فوريكس” في أنها وسيلة سهلة للمتاجرة، حيث لا يحتاج المتعامل معها سوى جهاز كمبيوتر يتصل بشبكة الانترنت وسيولة نقدية بسيطة تبدأ بـ (100 دولار أمريكي)، هذا على عكس المتاجرة في سوق الأسهم والسندات أو البورصة المحلية العادية، التي تتطلب حجم سيولة كبير، بالإضافة إلى كثرة عمليات التلاعب التي تتم في البورصة وعدم وجود ضمانه للربح في تداولات السوق (وهو نفس العامل المشترك مع المتاجرة في “الفوريكس”.

نجد أن تلك السوق الخفية ظهرت في مصر منذ عام 2008 (بشكل محدود) تزامنا مع الأزمة المالية العالمية، وانهيار البنك الأمريكي “ليمان براذرز”، الأمر الذي كشف عن تكبد رجال أعمال مصريين خسائر بمئات الملايين من الدولارات جراء المتاجرة في سوق الـ “فوريكس”. وبالتحديد مع بداية النصف الثاني من عام 2008 تحولت تلك التجارة إلى (ظاهرة) بعد خسائر متتالية أصابت المضاربين في البورصة المصرية. ثم بدأ بريقها يزدهر في مختلف أنحاء مصر بشكل كبير في عام 2009، حيث حقق سوق الـ “فوريكس” قاعدة واسعة من المتعاملين من خلال الإغراء على شبكة الانترنت، فقد خصصت الكثير من المنتديات والمواقع شرحا تفصيليا، وأعطت حسابات تجريبية بسيطة، مع كتابة عبارات مثل “كيف تصبح مليونيرا من خلال الانترنت”، “تداول في بورصة العملات بمخاطر محدودة وعائد مغر”.

القانون المصري يُجرم مزاولة تجارة الـ “فوريكس”:

نظم المُشرع المصري جريمة النصب وحدودها وأفعالها وعقوبتها في المادة (336) من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي أن “يعاقب بالحبس كل من توصل إلي الاستيلاء علي نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مُخالصة أو أي متاع منقول، وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي”.

أيضا يتم التعامل مع الجهات التي تسعى لاستقطاب أموال المواطنين بزعم استثمارها لهم في نشاط الـ “فوريكس” أو غيره من الأنشطة التجارية الغير مرخصة من خلال تطبيق القانون رقم 146 لسنة 1988، حيث حظرت المادة الأولى من القانون على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية، أن تتلقى أموالا من الجمهور بأية عملة أو أية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحا أو مستترا، كما حظرت على هذه الشركات توجيه دعوة الجمهور بأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة للاكتتاب أو لجمع هذه الأموال لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة فيها.

كما نصت المادة 21 من القانون على أنه “كل من تلقي أموالا على خلاف أحكام القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن مثلى ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها، ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها”.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت