شرح نظرية الظروف الطارئة في التعاقد مع الدولة

– تحديد مفهوم النظرية :

يمكن تحديد مضمون نظرية الظروف الطارئة وفقاً للفقه والقضاء الإداري ، أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد الإداري ظروف اقتصادية أو طبيعية أو إدارية غير متوقعة عند إبرام العقد ، وألحقت بالمتعاقد خسائر فادحة ترتب عليها قلب اقتصاد العقد رأساً على عقب ، فإن من حق هذا الأخير أن يطلب من الإدارة أن تعوضه جزئياً عن تلك الخسائر ، وذلك على سبيل المساهمة والتعاون في تأمين احتياجات المرفق العام .

وقد نص نظام العقود على نظرية الظروف الطارئة عندما قرر أنه إذا طرأت ظروف أو حوادث استثنائية عامة لم يكن بالوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ التعهد وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً بحيث يهدد بخسارة فادحة كان للمتعهد الحق بطلب تعويض عادل ويكون البت في هذه الحالة للقضاء الإداري وحده .

– شروط تطبيق النظرية :

1- وقوع ظروف استثنائية طبيعية كالزلازل والسيول ، أو اقتصادية كارتفاع الأسعار بشكل غير مألوف ، أو إدارية كتخفيض قيمة النقد .

2- أن يكون الظرف الطارئ غير متوقع ولا يمكن دفعه :

ولا يشترط أن يكون الظرف الطارئ غير متوقع بذاته ، وإنما يكفي أن يكون مداه أو آثاره غير متوقعة لكي يستحق المتعاقد تعويضاً جزئياً بالتطبيق لنظرية الظروف الطارئة .

3- أن يكون الظرف الطارئ خارجاً عن إرادة المتعاقد فقط ، ولا يشترط أن يكون مستقلاً عن الإدارة المتعاقدة أو غيرها من السلطات العامة . ومن ثم يستطيع المتعاقد أن يستفيد من نظرية الظروف الطارئة في حالتين :

أ- إذا صدر الإجراء الضار من سلطة إدارية غير متعاقدة .

ب- إذا صدر الإجراء الضار من جهة الإدارة المتعاقدة ، وتعذر على المتعاقد إثبات خصوصية الضرر كشرط لتطبيق نظرية عمل الأمير .

4- أن يؤدي الظرف الطارئ إلى قلب اقتصاديات العقد :

إذ لا يكفي أن يصيب المتعاقد خسائر مألوفة أو عادية بسبب الظرف الطارئ غير المتوقع ، وإنما يجب أن تكون الخسارة الناشئة عنه ، فادحة أو استثنائية تجاوز الخسارة العادية ، بمعنى أنه إذا لم يترتب على الظرف الطارئ خسارة ما أو كانت الخسارة طفيفة بالنسبة إلى عناصر الضرر في مجموعه ، أو انحصر كل أثر الظرف الطارئ في تفويت فرصة الربح على المتعاقد ، فإنه لا يكون ثمة مجال لإعمال أحكام هذه النظرية .

نتائج النظرية : حق المتعاقد بالتعويض الجزئي :

يستحق المتعاقد تعويضاً جزئياً عن الخسائر التي لحقته من جراء الظروف الطارئة غير المتوقعة ، وهذا ما يميز نظرية الظروف الطارئة عن نظريتي فعل الأمير والصعوبات المادية غير المتوقعة .

أما في سورية فقد قرر نظام العقود قيمة التعويض في حالة ارتفاع الأسعار بعد تقديم العرض وطيلة مدة تنفيذ العقد إذا أدى إلى زيادة التكاليف بنسبة تزيد على 15 % إذا طرأ بعد تقديم العرض هبوط بالأسعار فإن الجهة العامة تتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها المتعهد .

وحسن ما ذهب إليه المشرع السوري في القانون الحالي من عدم استثناء أي من العقود الإدارية من التعويض في حالة ارتفاع الأسعار كما قرر في القانون السابق من استثناء عقود التوريد من دفع أي تعويض عن ارتفاع الأسعار .