نظرة مفسرة لاحكام العقد في القانون الجزائري

الفرع الأول : قوة العقد الملزمة ( أو أثار العقد).

إذا قام العقد صحيحا ترتبت عليه أثاره القانونية التي تقتصر على العاقدين فقط :
لأناحترام حرية الأفراد يقتضي أن تقتصر أثار العقد على طرفيه.
فالعقد إذن نسبي فيأثره على أن العقد ، إذا كان يقتصر في أثره على العاقدين ، فإنه يعتبر بينهما فيحدود هذا الأثر ، بمثابة القانون ، بحيث يلتزمان بتنفيذه ، كما يلتزمان بتنفيذالقانون.
-فيتعين أن ندرس في :

أولا) نسبية أثر العقد :أو قوةالعقد الملزمة بالنسبة للأشخاص :
-يهيمن على القوة الملزمة للعقد بالنسبةللأشخاص مبدأ نسبية أثر العقد ، يقضي بأن ” أثر العقد يقتصر على طرفيه ” بمعنى أنالالتزامات الناشئة و الحقوق المتولدة عنه لا تنصرف إلا إلى العاقدين.
لكن نرىأن هذا المبدأ يحتمل استثناء فيما يتعلق بالحقوق المتولدة عن العقد و هكذا تنصالمادة 113 من القانون المدني أن ” لا يرتب العقد التزاما في ذمة ، و لكن يجوز أنيكسبه
حقا”.
-و يقضي بهذا المبدأ الاعتراف باستقلال الأفراد ، و ضرورةاحترام حريتهم فالإثارة التي ينشئها العقد هي وليدة إرادة العاقدين دون غيرهما ، ولا يمكن من ثم ، أن تنصرف إلا إليهما ( أي للعاقدين).

ملاحظة هامة :

-لكنلا يقصد بالعاقدين طرفا العقد وحدهما ،ليتقصر أثر العقد عليهما ، لأن الفرد بتعاقدلنفسه ،كذلك لوارثة ( أو خلفه العام ) ، فلا تقسيم المعاملات إذا انقضى أثر العقد (حق أو التزام ) بوفاة الدائن أو المدين ، بل يتعين انتقاله إلى ” خلفه العام”.
و كذلك قد يتعلق العقد بشيء معين يملكه العاقد ، و لا يتصل بشخصه ، و تقتضيطبيعته أن ينتقل أثر العقد ، مع الشيء الذي يتعلق به ، إلى من ينتقل هذا الشيء إليه، و الذي يسمى با ” لخلف الخاص ”
-فأثر العقد ينصرف إلى العاقدين و من يمثلانهفي إبرامه : و العاقد يمثل في تعاقده ” خلفه العام ” و قد يمثل ” خلفه الخاص ” ، وعلى ذلك ينصرف أثره إلى العقدين و إلى ” الخلف العام ” و قد ينصرف أيضا إلى ” الخلفالخاص”.
-فإذا قلنا أن أثر العقد لا ينصرف إلى غير العاقدين ، فلا يعتبر”الخلف العام ” ،و لا ” الخلف الخاص ” ، ( في حدود معينة ) ، من ” الغير ” اللذين لاينصرف إليهم أثره .

أثر العقد بالنسبة إلى العاقدين

-أنظرفيما يخص الخلف العام : المادة 108 من القانون المدني .
-فيما يخص الخلف الخاص :المادة 109 من القانون المدني.

أثار العقد بالنسبةللغير

أنظر المادة : 114التعهد عن الغير
116الاشتراط لمصلحة الغير
118الاشتراط لمصلحة الغير، (تحديد ما معنى الغير، يمكن أن يكون شخص طبيعي أو شخص معنوي).

مدى أثر العقدأو : القوة الملزمة للعقد من حيث الموضوع

-للعقد ( في حدود موضوعيه ) قوة ملزمةتساوي قوة القانون ، فيجب على كل عاقد تنفيذ الالتزامات التي ترتبت في ذمته بمقتضاه، و إلا كان مسؤولا عن عدم تنفيذها فيتعين ، من ثم تحديد موضوع العقد أو مضمونهلنرى إلى أي حد يلتزم العاقدين بهذا المضمون و يتعين الجزاء الذي يترتب على إخلالأحد العاقدين بتنفيذ ما التزم به وفقا له.
-و قد يقتضي تعيين مضمون العقدتفسيره.

تفسير العــــقد

-إن تفسير العقد يعني شرح و معنىنطاق العبارات الواردة فيه ، أن مهمة تفسير العقود
(عند اختلاف الأطرافالمتعاقدين ) ، تعود إلى السلطة القضائية .
-و يتولى القاضي تفسير العقد ليصلإلى تحديد الالتزامات التي أنشأها عن طريق الكشف عن إرادة العاقدين و تطبيق نصوصالقانون ، و يتعين على القاضي الذي عرض عليه النزاع بين العاقدين أن يبحث علىالإرادة المشتركة للعاقدين للفصل في النزاع.
-فإذا كانت عبارات العقد واضحة :يكون تفسيرها يسيرا إلى حد يمكن القول معه بأنه يمر غيرملحوظ ، بحيث لا يكون علىالقاضي سوى تطبيقه ، و أخذ العاقدين بحكمه.
-أما إذا كانت عبارات العقد غيرواضحة : تعين على القاضي تفسيرها عن طريق الكشف عن الإرادة المشتركة للعاقدين.
-فإذا قام لدى القاضي ، شك في التعرف على هذه الإرادة المشتركة ، فسر الشك لمصلحةالمدين في غير عقود الإذعان – أين ( حسب المادة 112 يفسر الشك فيها لمصلحة المذعن).
-و على هذا يكون لتفسير العقد ، حالات ثلاث :
1)حالة العباراتالواضحة
2)حالة العبارات الغير واضحة.
3)حالة قيام شك في تبين الإرادةالمشتركة للعاقدين.

تحديد نطاق العقد

بعد أن يفسرالقاضي بنود العقد للكشف عن النية المشتركة للعاقدين ، ينتقل إلى تحديد النطاق (أوأثار ) العقد ، غير مكتف ، في هذا التحديد ، بما ورد فيه وفقا لتلك النية المشتركة، بل يجاوزه إلى ما يعتبر من ” مستلزماته ” طبقا للقانون و العرف و العدالة و هذاحسب المادة 107 من القانون المدني التي تنص ” يجب تنفيذ العقد طبقا لما أشتمل عليهو بحسن نية”.
و لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب ، بليتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون و العرف و العدالة ، بحسب طبيعةالالتزام.
غير أنه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي ، و أن لم يصبح مستحيلا ، صار مرهقاللمدين بحيث يهدده بخسارة فإذا جاز للقاضي تبعا للظروف و بعد مراعاة لمصلحة الطرفينأن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول، و يقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك .

مدى التزام العاقدين بتنفيذ العقد

حسب المادة 106من القانون المدني تنص أن ” العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ، و لاتعديلهإلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التي يقررها القانون “.
-و تطبيقا للفقرة 1للمادة107 “… يجب تنفيذ العقد لما أشتمل عليه و بحسن نية…”
-نلاحظ أنمبدأ حسن النية و مبدأ ” العقد : شريعة المتعاقدين ” من المبادىء الأساسية التيبنيا عليها تشريع العقد.
-لكن المشرع أورد إستثناءين على هذا المبدأ العام ،تقرر فيهما للمحكمة سلطة تعديل العقد :
1)أولهما يتعلق بعقود اللاذعان ( المادة 110)و الشروط التعسفية .
2)و ثانيهما تقضي به نظرية الظروف الطارئة(المادة107 -3)

جزاء الإخلال بالعقد

-إذا نشأ العقدصحيحا ، يكون واجب التنفيذ ، بحيث يتعين على المدين أن ينفذ الالتزامات الناشئة عنهعلى الوجه المتفق عليه فيه ، و إلا كان للدائن أن يسأل المدين عن عدم تنفيذها ، وتقوم مسؤولية هذا الأخير عنه ، ما لم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي لا بد له فيه ،فيحكم عليه بتعويض الضرر الذي لحق الدائن نتيجة له.
-فالمسؤولية العقدية هي جزاءالإخلال بتنفيذ التزام ناشئ عن العقد.
-لكنها ليست جزاءه الوحيد إذا كان العقدالذي ولده ملزما للجانبين ، بل يضاف إليها ( في نطاقه ) جزاءات أخرى : مثلا إذا أخلأحد العاقدين ، في عقد ملزم للجانبين ، بالتزاماته ، جاز للعاقد الآخر أن يطلب فسخالعقد ، لتنحل الرابطة القانونية التي ولدها ، و يتخلص ، بانحلالها ، عنالتزاماته .
كما يجوز له أن رأى أن ، رغم ذلك على العقد أن يكتفيبوقف تنفيذ التزاماته إلى أن يقوم العاقد الأخر بتنفيذ التزاماته ، بمقتضى الدفعبعدم التنفيذ الذي تقرر له إلى جانب الفسخ .
-و هكذا نخصص :
الباب الأول :للمسؤولية العقدية و هي المبادىء العامة في جزاء الإخلال بالعقد ( أي جزاء عام كلالعقود) .
نخصص : الباب الثاني :للفسخ و الدفع بعدم التنفيذ ( اللذين تتمثلفيهما القواعد الخاصة بالعقدالملزم للجانبين ) ( أي الفسخ هو جزاء خاص بالعقودالملزمة للجانبين و يترتب عليه المسؤولية العقدية).

المسؤولية العقدية

للدائن ، في القاعدة العامة ، أن يقتضي من المدين تنفيذالتزاماته عينا ، أو في عبارة أخرى ، على النحو المتفق عليه بينهما في العقد.
وتقوم المسؤولية العقدية في حالة عدم تنفيذ الالتزام على النحو المتفق عليه و لو نفذالالتزام جزئيا ، أو بعد الوقت المعين له ، أو على غير الوجه المحدد له.
-فالمسؤولية العقدية ، باختصار ، هي جزاء إخلال أحد العاقدين بالتزام ناشئ عن العقدالذي أبرمه .
-و عناصر المسؤولية العقدية هي :
1)الخطأ :من طرف المدين أوأن يكون عدم تنفيذ التزام المدين راجعا إلى أخطائه .
2)الضرر :الذي يصيبالدائن و الناجم عن إخلال المدين بالتزامه .
3)و علاقة السببية بين الخطأ والضرر .

ملاحظة :لما كانت هذه العناصر ( أو الأركان ) الثلاثة هي بذاتهاعناصر المسؤولية التقصيرية ، فإننا نقتصر ( في هذا الباب ) على ما يميز المسؤوليةالعقدية في هذه العناصر،( ونخلف دراسة كل ما هو مشترك بين نوعي المسؤولية المدنيةإلى الجزء الثاني بالمسؤولية التقصيرية.

الخطأ العقدي

تعريف:الخطأ العقدي هو تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقدعلى
الوجه الوارد فيه .سواء كان عدم تنفيذه كليا أو حقيقيا أو جزئيا ( و يدخل فيهذه الصورة الأخيرة : التأخر في تنفيذه).
و حسب المادة 176 من القانون المدنيأن ” إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عنعدم تنفيذ التزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا بد له فيه ، ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه “.
-فالمدين الذي لا ينفذالالتزام الذي رتبه العقد في ذمته يرتكب الخطأ ، لعدم تنفيذه للعقد الذي يعتبرهبالنسبة له ، بمثابة القانون.
-و أن محل الالتزام العقدي يكون تحقيق نتيجة أوبدل عناية.
و لهذا فعدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه خطأ العاقد يتخذ حسبطبيعة الالتزام صورتين :
1)إما عدم تحقيق النتيجة .
2)أو القصور عن بذلالعناية .

و هكذا إذا كان الالتزام الذي ترتب بمقتضى العقد في ذمةالمدين ، التزاما بتحقيق نتيجة ، يتوافر الخطأ في جانبه بمجرد عدم تحقيق هذهالنتيجة لأنه أخل بالتعهد الذي أخذه في العقد على نفسه ، و لم ينجز ما التزم بهوفقا له ( للالتزام ).
-و لا يجوز للمدين أن يقيم الدليل على انعدام الخطأ فيجانبه ، لأنه هذا الخطأ وقع فعلا بعدم تنفيذه لالتزامه.
-أما إذا كان الالتزامالذي ترتب بمقتضى العقد في ذمة المدين إلتزامايبذل عناية ، لا يتوافر الخطأ فيجانبه إلا إذا قصر عن العناية المطلوبة منه ( قانونا أو اتفاقا ) في اتخاذ الوسيلةالتي تؤدي إلى الغاية التي أرادها العاقدين.
-فذلك القصور ( لا عدم تحقيق هذهالغاية ) هو عدم تنفيذ الالتزام الذي يتكون منه الخطأ.
-لأن المدين يكون قد وفىبالتزامه إذا بذل القدر المطلوب من العناية ، و لو لم تتحقق تلك الغاية
و على ذلك لا يقوم خطأ المدين بمجرد عدم تحقيق الغاية لأن محل التزامه بذل هذهالعناية ، و لا يظهر الخطأ إلا بتقدير سلوك المدين و مقارنته بسلوك ” الشخص العادي”و هذا حسب المادة 172 التي تنص أن :” في الالتزام بعمل ، إذا كان المطلوب منالمدين أن يحافظ على شيء ، أو أن يقوم بإرادته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ التزامفإن المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخصالعادي ، و لو لم يتحقق الغرض المقصود ، و هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق علىخلاف ذلك”.
و على كل حال يبقى المدين مسؤولا عن غشه أو خطئه الجسيم . ( أوبعبارة أخرى : يتكون خطأ المدين من الإهمال أو عدم الاحتياط).
-فيما يخص جسامةالخطأ العقدي ، يجب الملاحظة أن لما كان الخطأ العقدي هو الإخلال بتنفيذ الالتزامأو ، في عبارة أخرى ، عدم تنفيذه على الوجه المتفق عليه في العقد ، سواء كان عدمالتنفيذ كليا ، أو جزئيا ( كالتنفيذ المتأخر و التنفيذ العيب ) فلا يكون للأسباب ،أو البواعث التي أدت إليه ، أو الظروف التي لابسته ، أية أهمية في تقدير وجوده ،طالما لم ينشأ سبب أجنبي لا بد للمدين فيه.
-فيما يخص إثبات الخطأ العقدي ، يجبالتمييز بين ثلاثة مسائل :
1-إثبات وجود الالتزام :هذا الإثبات يقع على عاتقالدائن.
2-إثبات عدم التنفيذ العيني :في هذه الحالة يجب على المدين أن يثبتقيامه بالتنفيذلكن في بعض الحالات ، يجب على الدائن إثبات أن النتيجة لم تتحققإذا كان الالتزام بتحقيق غاية أو أن المدين لم يبذل العناية التي فرضها العقدبإثبات الإهمال أو عدم الاحتياط من طرف المدين إذا كان الالتزام ببذل عناية.
3-أما علاقة السببية :فتنحصر في أنه إذا أثبت الدائن وجود الالتزام و عدمتنفيذه قامت مسؤولية المدين و لا يتخلص منها إلا إذا ثبت” السبب الأجنبي”.

الضرر

-لقيام المسؤولية العقدية ، لا يكفي ثبوت خطأفي جانب المدين ، بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر في جانب الدائن.
-و للضررنوعان : * مادي
*أو معنوي ( أو أدبي).
-و كلاهما يجب التعويض عنه.
-ولا فرق بينهما من حيث الشروط التي يترتب عنها حق التعويض عن الضرر.
-لكنالمشرع ، و في حالة معينة ،حدد الأشخاص اللذين لهم حق المطالبة بالتعويض عن الضررالمعنوي.
-فيما يخص التعويض عن الضرر يجب القول أن الدائن يستحق تعويضا عنالضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ المدين لالتزامه كليا أو جزئيا ، أو من تأخره فيالتنفيذ.
-ويترتب عادة على الإخلال بتنفيذ الالتزام أضرار عديدة ، بعضها ترتيبو الأخرى بعيد
-و لا يمكن مبدئيا أن يسأل المدين عن تعويض جميع هذه الأضرارالبعيدة التي ضعفت صلتها بالخطأ الذي أرتكبه المدين.
-بعبارة أخرى يتعين الوقوفعند الضرر الذي ينتج مباشرة عن الإخلال المدين بالتزامه ، أو ما يسمى ” بالضررالمباشر ” : و هو ما يكون ” نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير فيالوفاء به ” ( أي الضرر الذي ” يرتبط بالخطأ بعلاقة السببية”.
-أما الضررالغير المباشر فينجم ، في الواقع عن خطأ الدائن الذي كان في وسعه أن يبذل جهدهمعقول ، ولكنه لم يبذله ، ومن ثم لا يعتبر المدين مسؤولا عنه ، لعدم توفير علاقةسببية بينه و بين خطأ المدين.
-في القاعدة العامة يجب القول بأن المدين ، فيالمسؤولية العقدية ، لا يلتزم بتعويض كل الضرر المباشر ، و يتعين التمييز في حدودالضرر المباشر بين ” المتوقع ” و ” غير المتوقع ” ( ما عد إذاأرتكب المدين غشا أوخطأ جسيما.
-و يقتصر التزامه المدين على تعويض الضرر الذي يتوقعه ، وقتالتعاقد ” الشخص العادي ” حسب المعيار المادي ، و ليس المعيار الذاتي”.
-أماإثبات الضرر فيقع مبدئيا على الدائن و لكن يجوز للمدين أن يتخلص من الحكم عليه إذاأثبت العكس أي أن الدائن لم يلحقه أي ضرر.

علاقــــــة السببيــــــــة

-لا يكفي ( ليسأل المدين عن عدم تنفيذ التزامهالعقدي ) أن يثبت خطأ في جانبه ، و ضرر لحق الدائن ، بل يجب أن يكون هذا الضررنتيجة لذلك الخطأ ( أو بعبارة أخرى : يجب أن يكون الخطأ سبب الضرر .
-أما إذاوقع خطأ في المدين ، و لحق ضرر بالدائن ، فدون أن ذلك الخطأ هو السبب في الضرر ـفلا تقوم المسؤولية العقدية ـ
-فعلاقة السببية هي الركن الثالث في المسؤوليةالعقدية ( بل فالمسؤولية المدنية عموما عقدية أو تقصيرية.

1)إثبات العلاقةالسببية :
-تقوم مسؤولية المدين متى ثبت عنصرا الخطأ و الضرر.
-و يجب عليه، ليتخلص من هذه المسؤولية ، أن ينفي علاقة السببية بينهما ، بإقامة الدليل على أنالضرر الذي لحق الدائن لا يرجع لخطئه ، بل إلى سبب أجنبي عنه.
و يعبر الفقه عنذلك بأن علاقة السببية مفروضة أو مفترضة فلا يكلف الدائن بإثباته.

2)نفي علاقةالسببية :
لا يستطيع المدين أن ينفي علاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي : ويقصد به كل أمر غير منسوب إليه ( إلى المدين ) أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائنو يختلف من ثم عن انعدام الخطأ ) و أهم صورة هي القوة القاهرة أو الحادث الفجائيأو فعل الدائن ، أو فعل الغير يكفي لانعدام الخطأ ، أن يتفق سلوك المدين مع سلوكالرجل العادي .
-حين يجب لقيام السبب الأجنبي أن يستحيل على الرجل العادي أنيسلك سبيلا آخر ، غير الذي سلكه المدين ، ( يقصد بالسبب الأجنبي كل أمر غير منسوبإلى المدين أدى إلى حدوث الضرر الذي لحق الدائن) .
-لكن لا يكفي للمدين ليتخلصمن المسؤولية أن يثبت انعدام الخطأ في جانبه (أو من طرفه) ،لأن عدم تنفيذ الالتزامهو الخطأ ذاته.
-بعبارة أخرى ، القاعدة هي : أنه في حالة عدم تنفيذ قوة قاهرة ،أو حادث فجائيا ، أدى إلى استحالة تنفيذه.

الفسخ

الفسخ هو حق خاص لمتعاقد في العقد الملزم لجانبين فيحق لهم طلب حل الرابطة العقدية كي يتخلص هو بدوره من إلتزامه العقدي متى تخلف الطرف الآخر عن تنفيذ العقدي.

و يترتب على الفسخ زوال العقد بأثر رجعي فإذا امتنع المدين عن تنفيذ إلتزامه وكان ذلك ممكنا فإنه يكون لدائن الخيار بين طلب التنفيذ العيني وطلب فسخ العقد.أما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا و كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين كان لدائن الخيار بين طلب التعويض على أساس مسؤولية عقدية أو طلب الفسخ.

التمييز ما بين الفسخ والانفساخ:

الفسخ هو حق خاص بالمتعاقد في العقد الملزم لجانبين فيحق لهم طلب حل الرابطة العقدية كي يتخلص هو بدوره من التزامه العقدي متى تخلف الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه العقدي.

و يترتب على الفسخ زوال العقد بأثر رجعي فإذا امتنع المدين عن تنفيذ التزامه وكان ذلك ممكن فإنه يكون لدائن الخيار بين طلب التنفيذ العيني و طلب فسخ العقد أما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا و كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين كان لدائن الخيار بين طلب التعويض على أساس المسؤولية العقدية أو طلب الفسخ على أساس المادة119من القانون المدني الجزائري.

شروط الفسخ:

يشترط لقيام الحق في طلب الفسخ وفقا لنص المادة 119 سالفة الذكر توافر ثلاث شروط:

1) أن يكون العقد ملزما لجانبين:حيث يوجد التزامات متقابلان فيقوم الفسخ على أساس فكرة الترابط بين الالتزامات المتقابلة.

2) أن يكون أحد المتعاقدين قد أخل بتنفيذ التزامه:أي لابد أن يكون هناك خطأ عقدي في جانب المدين لتحقيق جزاء الفسخ أما إذا كان عدم تنفيذ الإتزام راجع لسبب أجنبي لا يد له فيه فينفسخ العقد بقوة القانون.

3) أن لا يكون طلب الفسخ مقصورا في تنفيذ التزامه: أن يكون طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو على الأقل يبدي استعداده لتنفيذه إذ ليس من العدل أن يخل طالب الفسخ بالتزامه و يطلب الفسخ لعدم قيام متعاقد الآخر بتنفيذ التزامه.

أنواع الفسخ:

1) الفسخ القضائي La résolution judiciaire

القاعدة العامة في الفسخ أن يكون قضائيا، أي يجب على الدائن بعد إعذار المدين أن يرفع دعوى الفسخ إلى القضاء، فالقاضي السلطة التقديرية في أن يحكم بالفسخ إذا كانت الظروف تبرره، أو يرفض الفسخ ويأمر بتنفيذ العقد إذا كان ما لم يوفي له المدين قليل الأهمية بالنظر إلى الالتزام في جملته.

2) الفسخ الإتفاقي La clause de résolution

يجوز للمتعاقدين الاتفاق على وقوع الفسخ إذا أخل أحد الطرفين بتنفيذ التزامه وهو ما نصت عليه المادة120من القانون المدني الجزائري و بناءا عليها يكون الفسخ الإتفاقي بأحد الصيغ التالية:

-أن يكون العقد مفسوخ بحكم القانون.

– أن يكون أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء.

– أن يكون العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم القاضي أو إعذار أو أي إجراء آخر.

الفرق ما بين الفسخ والانفساخ:

الفسخ هو حل الرابطة العقدية بسبب إخلال أحد طرفي العقد بتنفيذ التزامه، أما الإنفساخ فهو فسخ العقد بقوة القانون بسبب استحالة تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه هذا ما نصت عليه المادة 121من القانون المدني الجزائري، فلا حديث عن مسؤولية عقدية أو الحكم بالتعويض لأن استحالة تنفيذ التزام العقدي خارج عن إرادة المدين ولكن لابد أن يتحمل أحد طرفي العقد الخسارة المترتبة عن استحالة تنفيذالالتزام العقد وعن انفساخه وهذا ما يسمى بتحمل تبعية الهلاك.

فمن يتجمل تبعية الهلاك؟

في عقد ملزم لجانبين فإن المدين هو الذي يتحمل تبعية الهلاك الشيء بسبب أجنبي إلا في حالة ما إذا أعذره طبا لنص المادة369من القانون المدني الجزائري.

حالات أخرى لزوال العقد:

قد تحل رابطة العقد بطرق أخرى كالانقضاء و الانحلال.

1)الانقضاء: ينقضي العقد الفوري بتنفيذ كل الالتزامات الناشئة عنه، مثل عن ذلك عقد البيع.

2) العقد الزمني: ينقضي بانقضاء المدة الزمنية المحددة في العق.

3)الانحلال : قد ينحل العقد قبل انقضاءه أو قبل البدء في تنفيذه ويكون الانحلال إما باتفاق الطرفين وهو ما يسمى بالتقايل أو بإرادة منفردة متى خول المشرع هذا الحق للأح طرفي العقد بنص قانوني.كما هو الحال في عقد الوكالة و عقد الوديعة وعقد المقاولة وعقد الشركة و عقد الإيجار غير محدد المدة.

التصرف بالإرادة المنفردة

كان المشرع الجزائري يأخذ بالإرادة المنفردة كمصدر استثنائي للالتزام إلا أنه قضى قانون 05-10المشار إليه سابقا المعدل والميمم للقانون المدني الجزائري إعتبر التصرف بالإرادة المنفردة مصدرا عاما لالتزام على غرار العقد و خصص له الفصل الثاني مكرر و ذلك في المادة 123 من القانون المدني الجزائري.

تعريف التصرف بالإرادة المنفردة: تلك الإرادة التي القدرة على إحداث آثاره القانونية متعددة تسري عليها أحكام العقد مثال عن ذلك:

– التصرف بالإرادة المنفردة التي تنشأ حقا عينيا الوصية(المادة184و ما يليها قانون الأسرة الجزائري).

– وقد يكون التصرف بالإرادة المنفردة سببا لانقضاء بعض الحقوق العينية كإنشاء حق الارتفاق أو حق الانتفاع.أو حق الرهن أو التخلي عن حق الملكية ليصبح الشيء مباحا.

– وقد يكون التصرف بالإرادة المنفردة سببا لانقضاء حق الشخصي كالابراء الذي يؤدي إلى انقضاء الدين المادة(305).

– وقد تكون وسيلة لإزالة عيب في العقد كما في الإجازة التي ترفع عن العقد القابل لإبطال ما يهدده و تجعله مستقرا(المادة 100و ما بعدها).

و الإقرار في التعهد عن الغير(144من القانون المدني الجزائري) و في بيع ملك الغير(398من نفس القانون).و إقرار الأصيل لتصرف الذي أبرمه النائب متجاوزا فيه حدود النيابته (المادة77من نفس القانون).

و الوعد بالجائزة الموجه إلى الجمهور و يعتبر أهم التزام بالإرادة المنفردة تعرض له المشرع الجزائري وذلك في القانون المدني الجزائري و نص على ذلك في المادة123مكرر1 المستحدثة بموجب قانون 05-01.

فطبقا لنص المادة السابقة في فقرتها الأولى “من وعد الجمهور بجائزة يعطيها مقابل عمل معين يلتزم بإعطائها لمن قام بالعمل”.

يتضح من نص هذه الفقرة أن شروط قيام الوعد بالجائزة هي كالآتي:

*أن توجد لدى الواعد إرادة جادة و نهائية إلى إنشاء التزام.

*أن يوجه الوعد إلى جمهور و ليس إلى أشخاص معينين.

*أن يوجه الإعلان إلى الجمهور بأي طريقة من طرق الإعلام كالصحف.

*أن يتضمن الوعد إعطاء جائزة مالية أو عينية أو أدبية.

* أن تكون هذه الجائزة عن قيام بعمل معين مقابل رد الشيء مثلا.

أحكام الوعد بالجائزة:

طبق لنص المادة132مكرر1 في فقرتها الثانية من القانون المدني الجزائري إذا لم يعين الواعد مدة لإتمام العمل جاز له الرجوع في وعده بإعلان الجمهور، على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد.

و ينبغي أن يراعى أنه يمتنع رفع دعوى المطالبة بالجائزة بمضي ستة أشهر من تاريخ إعلان رجوع الواعد عن وعده، الفقرة الرابعة من الماة132مكرر1 سالفة الذكر.