المساواة بين البشر دون تمييز
د. أسامة بن سعيد القحطاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

المسلمون اليوم في العالم الغربي هم أكبر جالية بعد المسيحيين، وأعدادهم في تصاعد مستمر بسبب الحروب والصراعات في بلدانهم الأصلية مع الأسف، ولنا أن نتساءل عن حياة أولئك في تلك الدول المتناثرة! وعن حرياتهم وحقوقهم؟ ماذا لو طبق الغرب عليهم بعض القوانين التي تميزهم عن غيرهم وتحرمهم من ممارسة عباداتهم وحرياتهم وتمنع عنهم حق المواطنة مثلا؟

أنا هنا لا أدافع عن الغرب ومظالمه التي حدثت وتحدث كثيرا في بلاد المسلمين، وإنما أتحدث عن المبدأ في التعامل مع الآخر تحت مظلة المعاملة بالمثل، وسأحاول طرح تساؤلات كثيرة تعيد التفكير في عدد من النقاط التي يثيرها بعض المتشددين ويرتكزون عليها في كثير من أفكارهم المتطرفة.

سبق أن كتبت كثيرا عن المساواة، ولم أتطرق للمساواة مع غير المسلمين لضيق الوقت، ورأيت أن يكون هذا المقال ليغطي هذا الجانب باختصار.

في الزمن المعاصر نشأ ما يسمى القانون الدولي، وهو يحتوي على كثير من المعاهدات والمواثيق الدولية التي اتفقت عليها سائر الأمم، وهو يرتكز على وضع آليات سلمية حديثة لتسهيل التعاملات والتعاون الدولي بين الأمم والشعوب، إضافة إلى وسائل لحل النزاعات بطريقة حديثة وعادلة في المجمل.

من أهم القواعد في القانون الدولي هي قاعدة المعاملة بالمثل، وهي تأتي في عدد من المجالات، مثل الاختصاص القانوني وتنفيذ الأحكام القضائية وكذلك في القوانين السيادية ونحوها، وعلى هذا الأساس؛ تشكلت الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية؛ إلا أن بعض الدول قد لا تتبنى قاعدة المعاملة بالمثل في بعض الجوانب الإنسانية مثلا، حيث قد تتعارض مع دستور البلد، مثل حق اللجوء وحرية العبادة والمساواة … إلخ.

وإذا نظرنا إلى الإسلام فإننا سنجد أيضا كثيرا مما يؤسس لمبدأ المعاملة بالمثل، كما أن جميع تشريعات التعامل مع الآخرين مبنية على السياسة الشرعية والمصالح المرسلة التي تخضع كثيرا من الأحكام إلى المصلحة.

لماذا لا نتبنى الخطاب الإنساني بالعدل والمساواة بين البشر طالما أنه أصبح اليوم هو العرف والقانون السائد المتبادل بين بني البشر خصوصا العالم المتحضر، نحن أولى أن نتبنى رسالة السلام والمساواة والحقوق ومنع الظلم! وبتأمل سريع في الآيات المكية نجدها كانت تركز على حقوق الموؤودة التي كان العرب يئدونها لكونها أنثى، وجاء الإسلام يدافع عنهن في آيات كثيرة، وعن حقهن في الحياة والعدل، على الرغم من أنهن كن في غالبهن لآباء غير مسلمين! ألا يجب أن نأخذ منها رسالة الإنسانية والعدل ويغير البعض خطابهم ليكون خطابا أكثر إنسانية وعدلا؟