إسقاط عضوية مزدوجي الجنسية في المجلس العالي

المجلس العالي يسقط عضوية مزدوجي الجنسية – د.ليث نصراويين

بعد سلسلة من الفتاوى والتعليقات حول الوضع الدستوري لمزدوجي الجنسية من الوزراء والنواب والأعيان بعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة, جاء الحسم من المجلس العالي لتفسير الدستور والذي أفتى بسقوط عضوية الوزير والعين والنائب حكما اذا كان يحمل جنسية أجنبية وذلك منذ تاريخ إقرار التعديلات الدستورية ونشرها في الجريدة الرسمية. فقد جاء قرار المجلس العالي والذي صدر بالإجماع ليضع حدا لمحاولات البعض تأخير تطبيق النصوص الدستورية الجديدة فيما يتعلق بحظر ازدواج الجنسية بحجة عدم سريانها بأثر رجعي على الوزراء وأعضاء مجلس الأمة الحاليين.

إن قرار المجلس العالي الأخير قد جاء تأكيدا لقراره السابق رقم (1) لسنة 2005 حول تفسير المادة (75/2) من الدستور والذي اعتبر به إذا أنه حدثت أية حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (75) من الدستور لعضو مجلس النواب أثناء عضويته أو ظهرت بعد انتخابه تسقط عضويته حكما ولا يحتاج سقوطها إلى قرار من مجلسه, وذلك كما سبق وأن حدث مع النائبين السابقين محمد أبوفارس وعلي أبو السكر الذين سقطت عضويتهم في مجلس النواب حكماً بعد صدور قرار المحكمة القطعي بإدانتهم, أما أكثرية الثلثين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (75) فهي ليست لإسقاط العضوية عن النائب بل فقط لإعلان شغور محل من سقطت عضويته وذلك لغايات تطبيق أحكام المادة (88) من الدستور المتعلقة بإجراء انتخابات تكميلية.

من هنا, فإن الاستحقاق الدستوري المترتب على القرار التفسيري الأخير للمجلس العالي لتفسير الدستور يتمثل في ضرورة إجراء انتخابات تكميلية لملء المقاعد الشاغرة في الدوائر الانتخابية التي سقطت العضوية عن ممثليها في مجلس النواب وذلك خلال شهرين من تاريخ تبليغ المجلس بشغور المحل أي قبل مطلع عام 2012 وذلك استنادا لأحكام المادة (88) من الدستور الأردني والتي تنص على أنه إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب فعلى المجلس المعني إشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخاب إذا كان نائباً بذلك خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عيناً أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائباً, وذلك في مدة شهرين من تاريخ إشعار المجلس بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة المجلس.

إن القانون الذي سيتم بموجبه إجراء الانتخابات التكميلية المقبلة هو قانون الانتخاب المؤقت رقم (9) لسنة 2010 ذلك أنه من غير المتوقع أن يتم إصدار قانون انتخاب جديد قبل موعد إجراء الانتخابات التكميلية.

أما بخصوص الأعيان حاملي الجنسية الأجنبية, فإن العضوية قد سقطت عنهم حكما من دون الحاجة إلى موافقة الملك على استقالاتهم الخطية, وكذلك الحال بالنسبة للوزراء الذين أصبحوا بحكم المقالين من مناصبهم الوزارية بمجرد نفاذ قرار المجلس العالي لتفسير الدستور بنشره في الجريدة الرسمية, حيث يجب على رئيس الوزراء تعيين من يخلفهم في الوزارات التي شغرت بسقوط عضوية الوزراء حاملي الجنسية الأجنبية, فإذا ما رغب رئيس الوزراء ببقاء الوزراء المستقيلين حكماً, يجب عليه أن ينسب أسماءهم مرة أخرى إلى جلالة الملك وأن تصدر الإرادة الملكية السامية بتعيينهم من جديد في السلطة التنفيذية. ولا يغير في حقيقة الأمر أن الوزراء المعنيين قد أعلنوا في وقت سابق تقديمهم طلبات للتخلي عن الجنسيات الأخرى, ذلك أن مجرد تقديم طلب التنازل عن الجنسية الأجنبية إلى الدولة المعنية أو إحدى سفاراتها لا يفي بمتطلبات الدستور التي تحظر وقت تولي الوظيفة الوزارية أن لا يكون الوزير مزدوج الجنسية.

إن أهمية القرار التفسيري الأخير الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور لا تقتصر فقط على وضح حد للتكهنات حول مصير مزدوجي الجنسية من الوزراء والأعيان والنواب, بل أنه قد أماط اللثام عن تفسير مصطلح “وما في حكمها” الذي تم إضافته إلى المادة (42) من الدستور المعدل والتي تنص على أنه “لا يلي منصب الوزارة أو ما في حكمها إلا أردني لا يحمل جنسية دولة أخرى”. فقد عرف القرار التفسيري الأخير الوظائف العامة التي تعتبر في حكم منصب الوزارة بأنها تشمل كل من عُين أو يعين في الوظائف العامة برتبة وراتب الوزير, فهناك عدد لا بأس منه من كبار المسؤولين في المؤسسات والدوائر الحكومية الذين سقطت عنهم وظيفتهم حكما بعد صدور القرار التفسيري الأخير.

لذلك يجب على الحكومة أن تبادر فورا إلى كف يد هؤلاء المسؤولين عن العمل العام وذلك بأقصى سرعة ممكنة حتى لا تثير مشاكل قانونية حول مدى قانونية الأعمال التي يقومون بها والقرارات التي يصدرونها بعد صدور القرار التفسيري الأخير الذي أعتبرهم فاقدين لوظيفتهم بحكم الدستور.