الدور القانوني للشرطة تجاة جريمة العنف الأسري

دور الشرطة ومحاربة العنف الاسري / أ. رودينة خليفة

تؤكد الدراسات الشرطية الدولية أن جريمة العنف الأسري من أبرز المشاكل التي تواجهها الشرطة، وهي في ارتفاع مستمر وتزايد مهول ومخيف وانه في العديد من دول العالم يفوق الضرب الجسدي الذي يتعرض له النساء وحوادث السير وجرائم السرقة والجرائم الأخرى.

على إثر تزايد الوعي في السنوات الأخيرة داخل المجتمع المغربي بمخاطر العنف الأسري،وارتفاع وتيرة هذه الظاهرة بشكل تصاعدي أصبح من قبيل المسلم به أن العنف الأسري جريمة تستدعي تدخل الشرطة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى، فهو لم يعد أمرا يهم الزوجين، أو مسألة مدنية فقط،، وإنما تنامى الإحساس لدى الجميع أنه أمر يهم المجتمع ككل. ومع تطور الأوضاع المسببة لحالات العنف الأسري ببلادنا، أصبح من اللازم على المصالح الساهرة على تطبيق القانون إيجاد حلول لمواجهة هذه المشكلة. وهكذا ووعيا منها بخطورة الموضوع، فقد انبرت الإدارة العامة للأمن الوطني لوضع أرضية عمل تهدف إلى تقديم تصور حول رد مجتمعي شامل ومناسب لمشكلة العنف الأسري بشكل يتماشى وإرادة أعلى سلطة في البلاد من أجل إرساء دعائم مجتمع حداثي ديمقراطي ينبني على ترسيخ ثقافة المساواة، والإنصاف والمواطنة، ويستجيب للإنتظارات الآنية والمستقبلية لكل مكونات المجتمع المغربي المتمثلة في مناهضة العنف ضد النساء، وتحسين الوضعية القانونية للمرأة المغربية حتى تتمكن من المشاركة الكاملة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية

محاولة في تعريف العنف الأسري وأشكاله :

أمام غياب تعريف في القانون المغربي للعنف الأسري، يمكن اعتماد التعريفات الفقهية ومنها كون العنف الأسري :” هو ذلك التصرف العدائي بين بالغين جمعتهم أو تجمعهما علاقة زواج أو علاقة حميمية، ويمكن أن يكون هذا لتصرف العدواني شفاهيا أو معنويا أو جسديا أو جنسيا، بحيث يكون الهدف منه إلحاق الضرر بالضحية”.
وبالرجوع إلى التصريحات المضمنة في محاضر ضحايا العنف الأسري أو المدلى بها لدى مراكز الاستماع، يمكن القول أن السلوك العدائي يتخذ الأشكال التالية:

· الاعتداء الشفاهي والمعنوي ويشمل: العبارات أو التصرفات المحقرة أو المقللة للقيمة مثل السب، الاستهزاء أو النعت بأوصاف مهينة، معاملة الزوجة كخادمة أمام أنظار العموم، التخويف الشفاهي،الابتزاز أو التخويف عبر الصراخ بهدف زرع الرعب.

· الضغط الاقتصادي: ويشمل الحالات التي لايسمح فيها للطرف الآخر بالتحكم في الشؤون المالية للعائلة، أو يحد من مدى سيطرته عليها.

· التعسف الاجتماعي: ومن صوره أن يفرض المعتدي على شريكه عزلة اجتماعية وذلك بمنعه من تكوين علاقات اجتماعية مع أصدقاء أو أقرباء.

· الاعتداء الجسدي ويشمل: سجن الفرد أو الحد من حريته في التنقل، الضرب واللكم وشد الشعر، الخنق، الصفع، الشد، العض،الكدم، كسر العظام والحرق، رمي الضحية على الحيطان والأثاث، الحرمان من أبسط الاحتياجات كالأكل أو النوم، حركات التهديد بالقتل.

· الاعتداء الجنسي ويشمل: الأشكال التالية: الاغتصاب(بما فيه اغتصاب الزوج لزوجته)، إصابة الأعضاء التناسلية للشريك، تحقير وإهانة الشريك عن طريق النكث ذات الطابع الجنسي، افتراض استعداد الشريك دائما لممارسة الجنس والتحرش.

مرتكبو العنف الأسري: السمات والخصائص المشتركة:

إن تحديد بعض الخصائص العامة المميزة للمعتدين، يساعد ولاشك رجال الشرطة عند تدخلاتهم في حالات العنف الأسري، فمن الضروري أن يكون رجل الأمن ملما بهذه الخصائص والعلامات حتى يتمكن من تحديد التصرفات المحتملة للمعتدين، ومن ثم ضمان حماية أفضل للضحية، ومن بين الخصائص العامة للمعتدين، والعلامات التي تميز الشخصية العنيفة ندرج آراء علماء النفس الجنائي وعلماء الإجرام والمحققين الجنائيين ذوي الخبرات الدولية في المجال، والمتجسدة في الأشكال التالية:
1. الانعزال: حيث يحاول المعتدي عزل زوجته عن بقية العالم.
2. الحساسية المفرطة والتحكم في تصرفات وسلوكات الآخرين.
3. الغيرة: وهي لاتمت للحب بصلة،وإنما تدل على حب التملك، وعدم الثقة في النفس.
4. الارتباط السريع: غالبا ما لاتتعدى مدة التعارف بين النساء المعنفات وأزواجهن ستة أشهر.
5. الاعتداء بالكلام والتهديد بالعنف.
6. المزاج المتقلب.
7. تحطيم أو تكسير الأشياء والتعامل الفض مع الحيوانات المدللة والأليفة.
8. استعمال العنف عند ممارسة الجنس.
9. التعاطي المفرط للكحول أو المخدرات.
10. اعتداءات سابقة على الضحية.

وعموما فهناك العديد من العوامل التي يمكن أخدها بعين الاعتبار لتقييم النزعة الإجرامية،كما أنه كلما ازداد عدد هذه المؤشرات كلما كانت حياة الضحية في خطر، وطبعا هذه المعلومات تقوم صحتها على ما تدلي به الضحية أكثر مما يدلي به المعتدي، ومن المهم جدا، بالنسبة للشرطي، تقييم هذه المعلومات عند كل مكالمة هاتفية أو شكاية بشأن العنف الأسري، ومن ه المعلومات مايلي: التهديد بالقتل أو الانتحار وتوفر الأسلحة وهاجس أو حب تملك الزوجة والانهيار العصبي وتعاطي الكحول والمخدرات واعتبار الشريكة محور الحياة والاعتداء على الأطفال…
وهكذا نعتقد أنه من الأهمية بمكان أن يكون رجال الشرطة والمتدخلون الآخرون مدركين لهذه الخصائص والأنماط السلوكية العدوانية قصد تقييم السلوك المحتمل للمعتدي وتوفير الحماية للضحايا.

أدوار الشرطة وكيفية التعامل مع حوادث العنف الأسري :

إن أدوار الشرطة في محاربة العنف ضد النساء في غاية الأهمية، غير أن العديد من النساء ضحايا العنف لا يثقن بالشرطة، ويعتبرن أن المهمة الملقاة على عاتقها، والمتمثلة في حماية المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم صممت لصالح الرجل، بينما تبقى مجرد هتافات جوفاء في شقها المتعلق بحماية المرأة، ويؤكدن أن انعدام الثقة هذا يمثل حاجزا كبيرا يمنع من اعتبار الشرطة كصديق أو مساند، وهو ما يدعو الشرطة لإيجاد الوسائل والطرق الكفيلة بإزالة هذا التصور، ولإرجاع هذه الثقة المفقودة يجب على الشرطة المغربية حسب هؤلاء أن تتعامل مع العنف الأسري كما تتعامل معه الشرطة في الدول الأجنبية المتقدمة، وفي انتظار تحقق ذلك يتطلع النساء المعنفات إلى قيام الشرطة الوطنية بخلق نظام دفاعي خاص بالعنف السري يحترم مطالبهن التالية:

· التعامل مع العنف الأسري كباقي الجرائم وإعطاء قيمة وأولوية للمكالمات الهاتفية المبلغة عن حوادث العنف الأسري.
· الرد السريع على الجريمة بالحفاظ على الحياة والممتلكات وتقديم المساعدة.
· حبس الزوج المعتدي فورا ومساندة الزوجة الضحية على متابعة المعتدي قضائيا.
· إخبار الزوجة الضحية بكافة حقوقها القانونية وبخدمات دعم ضحايا العنف الأسري.
· خلق وحدات نسوية في مصالح الأمن لاستقبال النساء ضحايا العنف وتجنب المساس بشعورهن النفسي