الحلول والتفويض في مباشرة الاختصاصات

إن الأصل في مباشرة الاختصاصات المناطة بالجهات الإدارية أن تباشرها بنفسها وفقًا للقوانين، وليس لها حق مطلقًا- في مباشرتها لها- أن تتصرّف فيها كيفما تشاء، بل لابد أن يكون ذلك وفقًا للقواعد والأصول التي حدّدها القانون. وترتيبًا على ذلك فإنه لا يجوز لأي سلطة إدارية أن تصدر قرارًا إداريًا ممّا يدخل في اختصاص جهة أخرى إلا بناء على تفويض أو حلّ قانوني صحيح، وإلا كان قرارها مشوبًا بعيب عدم الاختصاص.

وعلى هذا فقد صدر المرسوم بالقانون رقم 16 لسنة 1992، والذي نظّم التفويض في الاختصاصات في الجهات الحكومية بهدف التيسير وتبسيط الإجراءات والسرعة في اتخاذ القرارات اللازمة نحو إدارة المرفق.

وقبل أن نتعرّض لأحكام المرسوم بالقانون رقم 16 لسنة 1992، فإننا نعرض شروط كلّ من التفويض والحلول.

أولا: التفويض

فكما سبق ونوّهنا أن الأصل هو أن تتولّى السلطة الإدارية الاختصاصات المحدّدة لها بنفسها، ولكن لجأ المشرّع إلى الأخذ بأسلوب التفويض كاستثناء من الأصل العام في العمل الإداري، والقصد من ذلك ما يحقّقه التفويض من السرعة في إصدار القرارات الإدارية، وتلافي البطء في الإجراءات، وإعطاء الفرصة للمسؤول الأعلى بأن يتفرّغ للمهام القيادية على مستوى التخطيط والإدارة، وإتاحة الفرصة من أجل خلق كوادر إدارية جديدة واعدة قادرة على تحمّل المسؤولية، تجنّبًا لحدوث أي فراغ، وكذلك لتخفيف الأعباء المالية المترتّبة على القرارات الإدارية.

< إلا أنه ولكي يكون التفويض صحيحًا، يجب أن تتوافر الشروط التالية:-

– أن يستند التفويض إلى نصّ قانوني صريح، سواء في الدستور أو القانون أو اللوائح.

– أن يكون التفويض واضحًا ومحدّدًا ومكتوبًا، فإنه لا يجوز التفويض الشفوي، لكونه يثير الكثير من المشاكل، ويصعب إثباته، وأنه لا يعتدّ به في ساحة القضاء، وعلى ذلك: فإن التفويض لا يجوز افتراضه أو الالتجاء إليه من خلال القياس أو التماثل.

– لا يجوز التفويض في كلّ الاختصاصات، بل في جزء منها فقط، ويكون التفويض في كلّ الاختصاصات غير صحيح، لأنه في حالة حدوث التفويض في كلّ الاختصاصات ما يؤدّي إلى غلّ يد السلطة الإدارية- صاحبة الاختصاص الأصلي- ومصادرة وظيفتها، وهذا ما يتنافى مع أصول وقواعد القانون الإداري.

– يكون التفويض في السلطة فقط، بينما تقع المسؤولية على المفوّض، إذ لا تفويض في المسؤولية، حيث يظلّ المسؤول الأصلي عن التفويض مسؤولاً عن تصرّفات المفوّض إليه أمام السلطات الرئاسية العليا، كما أن المفوّض إليه يكون أيضًا مسؤولاً أمام المفوِّض بالنسبة للاختصاصات التي فوّض فيها.

– لا يجوز للمفوَّض إليه أن يفوّض في المسائل التي فوّض فيها إلا بإذن من المفوِّض، ويجب أن يكون ذلك الإذن صريحًا ومكتوبًا للأسباب السابق ذكرها.

– يجوز للمفوِّض أن يلغي التفويض، كما يجوز له العدول عنه في أي وقت يشاء، دون معقّب عليه في ذلك.

– يكون التفويض إما من خلال تشريع عام ينظّم التفويض في السلطة في كافة المستويات الإدارية، وإما من خلال تشريعات خاصّة بشأن اختصاصات معيّنة.

ثانيًا: الحلول

الحلول على عكس التفويض، فبينما يكون التفويض من قِبل المسؤول أو السلطة الإدارية الأعلى، يكون الحلول بقوّة القانون في حالة غياب صاحب الاختصاص الأصلي لأي سبب من الأسباب.

كما أن الحلول مثل التفويض: يلزم أن يتوافر له السند القانوني في الدستور أو القانون أو اللوائح، ويكون الحلول في كافة اختصاصات السلطة الأصلية على عكس من التفويض الذي يكون جزئيًا في بعض الاختصاصات.

وأخيرًا: ينتهي الحلول بعودة المسؤول الأصيل لعمله، ومباشرة مهامّه بنفسه، أو بتعيين من يحلّ محلّه في منصبه لأي سبب من الأسباب مثل حالة الوفاة أو الإحالة إلى المعاش أو الاستقالة، بينما على العكس ينتهي التفويض بانتهاء مدّته أو بإنهائه من قِبل المسؤول الأصيل أو بانتهاء المهمّة المحدّدة في التفويض.

وبعد أن عرضنا لكلّ شروط التفويض والحلول، نعرض في العدد القادم- إن شاء الله- لأحكام المرسوم بالقانون رقم 16 لسنة 1992، بشأن التفويض في الاختصاصات بالجهات الحكومية.

بقلم/ خالد حسين المطيري

إعادة نشر بواسطة محاماة نت