مقال قانوني معمق حول أساس القانون

أ / ابراهيم العناني

أساس القانون

إن القاعدة القانونية لا تنشأ من العدم أو الفراغ بل هناك عدة عوامل تساهم فى تكوين هذه القاعدة منها عوامل إجتماعية وأخرى إقتصادية وعوامل سياسية وجغرافية أى أن القاعدة تمثل الإرداة الشارعة فى المجتمع. ويقصد بأساس القانون أى من هو واضع القانون أى الأساس الذى يبرر وجود القاعدة القانونية. هناك إتجاهين فى هذا الصدد ., يهتم الإتجاه الأول بالمظهر الشكلى أى أن القانون يعبر عن إرادة الحاكم بينما يهتم الإتجاه الثانى بالمذهب الموضوعى الذى يرى أن هناك عوامل عدة أسهمت فى وجود القاعدة القانونية.

أولاً:- المذهب الشكلى ( نظرية أوستن)

– مفهوم النظرية وأساسها: نادى بتلك النظرية الفيلسوف أوستن وقال بأن القانون ليس نصيحة وإنما هو أمر من شخص يعترف له بالطاعة ويوجه إلى أفراد يدينون بالطاعة للحاكم. ومن ثم فإن القانون عند صاحب هذا المذهب يقوم على أسس ثلاثة وهم

1)- أن القانون أمر بعمل معين وإمتناع عن عمل.

2)- أن يصدر أمر الطاعة من الحاكم الذى يدين له الافراد بالطاعة.

3)- أن يكون هناك جزاء يوقع من الحاكم على من يخالف القانون… وسوف تنناول شرح كل هذه الأسس كالتالى:

  • 1- القانون أمر بعمل معين وإمتناع عن عمل ولكن هناك العديد من القواعد القانونية لا تتضمن أمراً ولا نهياً مثل قواعد القانون المدنى الخاصة بالعقود فهل تخرج هذه القواعد من مراد القاعدة القانونية الاجابة بالطبع لا.
  • 2- الحاكم فى النظام هو الذى يصدر الأوامر والنواهى
  • 3- توقيع الجزاء على مخالف الأوامر والنواهى ولكن هذا الشرط كما يذهب البعض يؤدى إلى القول بأن قوعد القانون الدولى العام ليست قواعد قانونية نظراً لعدم وجود سلطة تعلو على إرداة الدول وتجبرها على طاعتها.

– نقد النظرية 1- إن الإعتداد بالمعيار الشكلى لوجود القاعدة القانونية يبعدنا عن جوهر القاعدة القانونية فهناك العديد من العوامل التى ساهمت وشاركت فى تكوين هذه القاعدة القانونية. 2- إهمال جانب القاعدة على حساب الحاكم حيث أن هذا المذهب الشكلى ركز فقط على إرادة ومشيئة الحاكم وحده وهذا يخالف الواقع فالقانون يجب أن ياتى متفقاً مع حاجات وظروف المحكومين فكما يذهب البعض إلى أن القناعة والرضا بالقانون أهم عوامل نجاح القانون فى الدولة. 3- إعتبار التشريع المصدر الوحيد للقانون., فالأخذ بالمذهب الشكلى يؤدى إلى حصر معيار القانون فى التشريع وحده والحال عكس ذلك حيث أن العرف يلعب دور كبير ملحوظ فى خلق القواعد القانونية.

ثانياً: المذهب الوضعى

إذاء النقد الذى وجه إلى المذهب الشكلى وعدم نجاحه فى تأصيل أساس القاعدة القانونية. فقد ظهر بنطاق الفلسفة المثالية العديد من المدارس المثالية التى ترى أن القانون ليس إلا حقائق مثالية وهى تنحصر فى مدارس ثلاثة وهم

  • 1)- مدرسة القانون الطبيعى.
  • 2)- المدرسة التاريخية.
  • 3)- مدرسة التضامن الاجتماعى., وسوف نعرض لكل منها على حده…

أ-) مدرسة القانون الطبيعى: يقصد بالقانون الطبيعى أنه مجموعه من القواعد الثابته فى كل زمان ومكان بحيث تسمو على كل القوانين الوضعية وهذا هو الذى يوضح أن القانون الطبيعى هو أساس القانون الوضعى , ولكن هذه النظرية لاقت هجوماً شديداً من أنصار المدرسة التاريخية فالقانون عندهم وليد البيئة الاجتماعية وهو متغير من زمان لآخر ومن مكان لآخر.

ب)- المدرسة التاريخية: رائد هذه المدرسة الفقية الالمانى سافينى وترى أن القانون وليد الحياة الاجتماعية فهو مثل الكائن الحى يتغير من زمان إلى آخر فالعرف عندهم هو المصدر الشعبى للقانون وما دور المشرع إلا تسجيل تطور تلك القواعد ولكن هذه النظرية منتقدة لأنها تلغى دور القانون الطبيعى كما أنها بالغت فى الدور الذاتى والتلقائى لنشأة القوان وتطوره.

ج)- مدرسة التضامن الاجتماعى: رائد هذه المدرسة الفقيه الفرسنى ديجى, ويرى أن القانون يجد أساسه فى التضامن الإجتماعى ففى إطار الواقع ينشأ القانون كمجموعة من القواعد التى تنظم الأفراد فى المجتمع بقصد المحافظة على النظام العام وعلى المصالح المشتركة. أى بقصد تحقيق الهدف النهائى وهو التضامن الاجتماعى. ولكن لم يكتب لهذه المدرسة النجاح والإستمرار لأنها لم تلتزم الواقعية فى التحليل فمنطق النظرية يقدم حقيقة واقعية وهى التضامن الاجتماعى المنبنى على الإستنتاج والتجربة ولكن هناك حقائق إجتماعية أخرى ناشئة عن تجمع الأفراد فى المجتمع مثل التنافس الذى ينشأ نتيجة تعارض مصالح الأفراد., كما أن ديجى جعل القاعدة السلوكية قاعدة قانونية لمجرد توافر فكرة الجزاء أى قبل تدخل الدولة بتنظيم الجزاء ولم يقدم معياراً للتمييز بين القاعدة القانونية فى مراحل تكوينها الأولى وبين غيرها من القواعد الإجتماعية الأخرى.

 رأينا فى الموضوع:

بعد فشل النظريات الثلاثة نرى مع البعض أن هناك العديد من العوامل والحقائق التى ساهمت فى تكوين القاعدة القانونية فالقانون يوضع لخدمة البشر ومن ثم فلابد أن تأتى أحكامه متفقة مع طبيعة هؤلاء البشر فإختلاف الطبيعة البشرية وإختلاف الوسط المادى والإجتماعى, مثال لذلك القانون الخاص بالطلاق والذى يعطى للرجل إمكانية إيقاع الطلاق بالإرداة المنفردة ولكنه يمنع ذلك عن المرأة ويعود ذلك لقوامة الرجل على المرأة ولكن القانون يعطى للمرأة حقوق أكثر من الرجل ببعض الأوضاع فى العمل والإجازات…. الخ وإذا كانت العوامل الواقعية أسهمت فى تكوين وإنشاء الكثير من القواعد القانوينة فإنه لا خلاف أن الحقائق المثالية مثل قواعد الدين والأخلاق والعوامل الإقتصادية كان لها دور مكمل للقواعد الواقعية. وحاصل القول أن القانون ما هو إلا إنعكاس لأحوال البشر ولابد من الرجوع إلى معايير وعوامل واقعية وحقائق مثالية للوصول إلى القاعدة القانوينة.

مصادر القانون

لا يوجد شئ بلا مصدر ولا توجد نتيجة بلا سبب, ويقصد بسبب الإنشاء المصدر الذى تبحث عنه هذه القاعدة, وهنا يثور تساؤل عن معنى مصطلح مصدر القانون؟ ونرى مع البعض أن كلمة مصدر لا يقصد بها سوى السبب الذى نشأت عنه القاعدة القانونية. وقد عبر المشرع المصرى عن مصدر القانون الوضعى المصرى فى مصدرين هما ما جاءا فى نص المادة 2 من المستور والمادة 1 من القانون المدنى, فنصت المادة 2 من الدستور على أن ( مبادئ الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع )….., ونصت المادة 1 من التقنين المدنى على أن ( تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها فى لفظها أو فى فحواها, فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية, فإذا لم يوجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة ).

المصادر الرسمية للقانون

إذا عرضت على القاضى مسألة فيتعين عليه الولوج إلى مصادر القانون بالترتيب الذى وضعه المشرع فى نصوص الدستور والقانون كالتالى.. التشريع ثم العرف ثم مبادئ الشريعة الاسلامية ثم مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة.
التشريع
إن التشريع هو المصدر الرسمى الأول الذى يتعين على القاضى تطبيقه ولا يتعداه إلى غيره إلا عند إنعدام النص التسريعى على النحو الوارد بالترتيب الوارد فى نص المادة الأولى من القانون المدنى والتى تنص على (( تسرى النصوص التشريعية على جميع المسائل التى تتناولها هذه النصوص فى لفظها أو فى فحواها. فإذا لم يوجد نص تشريعى يمكن تطبيقه حكم القاضى بمقتضى العرف ……….. إلخ )). ولذلك سوف نتناول التشريع بداية من ماهيته مروراً بعناصره ثم خصائصه ثم أنواع التشريع ثم كيفية إصدار التشريع وأخيراً كيفية الرقابة على التشريع.

ماهية التشريع وعناصره

هو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة التى تصدر عن السلطة المختصة فى الدولة., وبالتالى فإن للتشريع عنصرين وهما العنصرالأول هو العنصر الموضوعى أى وجود قاعدة قانونية بجميع عناصرها أى توافر العنصر الفنى للقاعدة والعنصر الثانى هو العنصر الشكلى أى تصدر القاعدة طبقاً لقواعد سن التشريع ويمكن القول أن هناك ثلاثة محاور رئيسية يرتكز عليها التشريع بالمعنى المألوف وهى :

  • 1-) يجب أن تكون القاعدة عامة ومجردة ومصحوبة بجزاء يوقع على المخالف عن طريق السلطة العامة فى الدولة.
  • 2-) أن تفرغ هذه القواعد قى صور كتابية.
  • 3-) أن تصدر تلك القواعد عن السلطات المختصة.

خصائص التشريع
يقصد بخصائص التشريع بيان مزاياه وعيوبه كالتالى… أولاً: مزايا التشريع : 1- يساعد التشريع على توحيد القوى الوطنية فهو من إصدار السلطة التشريعية وهذا المجلس يعبر عن رغبات الشعب. 2- سهولة وصفه وتعديله أو إلغاؤه. 3- صدور التشريع فى صورة معلنة فى الجريدة الرسمية يسهل الرجوع إليه للتعرف على أحكامه والإستفادة منها على خلاف العرف فهو غير مكتوب وصعب الإثبات عند اللجوء إلى أحكامه كما أن ألفاظ التشريع واضحه ومحدده. ثانياً: عيوب التشريع : لا يوجد عمل تشريعى يصل ألى درجة الكمال

1- لا يعكس التلقائية الاجتماعية فى تكوين القاعدة القانونية.

2- تأتى القاعدة القانونية معبرة عن رغبة وحاجات الأفراد فى وقت معين وزمن معين فأذا ما تغيرت الحاجات والأزمان فأن التشريع يقف حائلاً أمام الأفراد فهو قاعدة قانونية جامدة غير متطورة لا تعبر عن حاجات الافراد فى المجتمع. رأينا فى الموضوع:- نرى أن مزايا التشريع ترجح على عيوبه, والدليل أن هذه العيوب هى عيوب نظرية فقط, ولا تعبر عن الواقعية ويمكن التغلب عليها بالقول أن مجلس الشعب هو السلطة المختصة بالتشريع وليس هناك أدنى شك فى إخلاصهم فى عملهم, ومن ثم فلا خوف من السلطة التشريعية وأعضائها., فإذا تغيرت الأزمان والحاجات فإن التشريع سوف يواكب ذلك التطور المتلاحق دائماً.

أنواع التشريع

التشريع ثلاثة أنواع , النوع الأول: التشريع الأساسى ( الدستور ) ويحدد نظام الحكم فى الدولة والسلطات العامة وعلاقاتها بالأشخاص وينظم كذلك حقوق وحريات الأفراد العامة ., النوع الثانى: التشريع العادى ( القانون ) أى مجموعة القوانين الصادرة من مجلس الشعب .و النوع الثالث: التشريع الفرعى ( اللوائح ) وتقوم بوضعها السلطة التنفيذية مثل اللوائح التنظيمية واللوائح التنفيذية ولوائح الضبط.

إصدار التشريع

تختف طريقة إصدار التشريع حسب نوعه فإصدار التشريع الأساسى يختلف عن إصدار التشريع العادى عن التشريع الفرعى وسوف نتناول كل فى جزء.

أولاً:- إصدار التشريع الدستورى: الدستور نوعان دستور جامد وآخر دستور مرن والدستور الجامد مثل دستور مصر الحالى الصادر سنة 1971 والذى يحتاج لتعديله لقواعد خاصة أشد تعقيداً من قواعد تعديل التشريع العادى وأما الدستور المرن فلا يحتاج إلى قواعد خاصة لتعديله بل يتبع فى تعديله نفس قواعد تعديل التشريعات العادية, ويوضع الدستور بأكثر من طريقة فقد يوضع بمنحة من الحاكم كما فى دستور مصر الصادر سنة 1923 الذى كان منحة من الملك فاروق أو بطريقة العقد المباشر بين الحاكم وممثلى الشعب أو بطريق الإستفتاء الشعبى كما فى دستور مصر الحالى الصادر عام 1971 أو أخيراً قد يوضع عن طريق جمعية تأسيسه منتخبة. والدستور يختلف فى قواعد نفاذه عن قواعد نفاذ التشريع العادى فى أنه لا يحتاج إلى نشر أو إصدار بل بمجرد الموافقة عليه يكون نافذاً.

ثانياً:- إصدار التشريع العادى: يصدر التشريع العادى فى أربع مراحل كالتالى

1-) الإقتراح: لرئيس الجمهورية ولأعضاء مجلس الشعب حق إقتراح القوانين, ولكن إذا إقترح رئيس الجمهورية قانون فإنه يحال إلى إحدى لجان المجلس تمهيداً لفحصه وتقديم تقرير عنه, أما إذا كان الاقتراح مقدم من أحد أعضاء مجلس الشعب فإنه يحال إلى إحدى اللجان المتخصصة لفحصه, ويحال بعد ذلك لمجلس الشعب وله بعد ذلك أن يحيله للجنة التشريعية التى تفحصه وتقدم تقرير عنه للمجلس.

2-) المناقشة والتصويت: تتم مناقشة مشروع القانون مادة مادة ويتم أخذ الموافقة عليهم مادة مادة ثم يتم التصويت على مشروع القانون وتصدر الموافقة بأغلبية الحاضرين وعند التساوى يعتبر الموضوع الذى جرى التصويت بشأنه المداولة مرفوضاً, وإذا رفض مشروع قانون مقدم من قبل الحكومة فاللحكومة أن تعرضه مرة أخرى فى نفس الدورة البرلمانية, أما إذا كان المشروع مقدم من أحد أعضاؤه فإنه لا يجوز عرضه فى ذات دورة الإنعقاد مرة أخرى.

3-) مرحلة العرض على رئيس الجمهورية: يجب عرض القانون بعد موافقة مجلس الشعب على رئيس الجمهورية للتصديق عليه, ولرئيس الجمهورية حق الإعتراض على القانون ورده إلى مجلس الشعب لإقراره مرة أخرى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إرسال مجلس الشعب إليه فإذا مضت هذه المدة ولم يعترض رئيس الجمهورية فإنه يصدر القانون ويعطى أمراً إلى السلطة التنفيذية بنشره لكى يصبح صالح للتطبيق, ولكن إذا إستخدم رئيس الجمهورية هذا الإعتراض فيجب عليه رد القانون مرة أخرى إلى مجلس الشعب لإقراره فإذا وافق عليه مجلس الشعب بأغلبية ثلثى الأعضاء للمجلس أى أغلبية خاصة وليست أغلبية الحاضرين فإن القانون يصبح نافذاً ولا يحق لرئيس الدولة هذه السلطة.

4-) الإصدار والنشر: إن عملية إصدار القوانين هى عمل تنفيذى منوط برئيس الجمهورية بإعتباره رئيساً للسلطة التنفيذية وقد نص الدستور فى المادة 188 على أن القوانين تنشر فى الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها ويعمل بها بعد مرور شهر من اليوم التالى لتاريخ نشرها إلا إذا حددت لذلك ميعاد آخر. وعملية إصدار القوانين قاصرة على القوانين العادية والدستورية فقط, لأن تشريعات اللوائح من وضع السلطة التنفيذية, ولكن المشرع لم يضع مدة معينة لابد أن يصدر فى خلالها القوانين من رئيس الجمهورية. إذن فإن مضى مدة شهر بعد نشر القانون فى الجريدة الرسمية يعتبر قرينة قانونية على علم الأفراد بأحكام التشريع أى لا يجوز للأفراد التذرع بالجهل بالقانون, ومن هنا تظهر أهمية قاعدة ( عدم جواز الإعتداد بالجهل بالقانون ).

قاعدة عدم جواز الإعتداد بالجهل بالقانون:-

– ماهية القاعدة : يقصد بها إفتراض علم الكآفة بالقانون وأنه واجب التطبيق حتى ولو لم يكن يعلم به وأثبت ذلك بطريقة أكيدة ومن هنا ذهب البعض إلى أن العلم بالقانون ليس شرطاً لتطبيقه والجهل به ولا يمنع من إنطباقه والسبب فى وضع هذه القرينة القانونية القاطعة هو العمل على إستقرار المراكز القانونية والمعاملات فنشر القانون ومضى المهلة الزمنية وتوزيع الجريدة الرسمية قرينة قاطعة على إفتراض العلم بالقانون مهما كانت الأسباب.

– مبررات القاعدة :

1-) الأخذ بالقاعدة يؤكد عمومية القاعدة القانونية بصفة عامة, فلا يستطيع الخارج عن القانون الإدعاء بالجهل به للإفلات من الجزاء الذى ينتظره.

2-) أن استمرار المعاملات فى المجتمع هو ضرورة لا غنى عنها لكفالة إحترام القانون يستلزم الإعتراف بالقانون. – نطاق القاعدة: ذهب غالبية الفقة إلى أن قاعدة عدم جواز الإعتداد بالجهل بالقانون تتسم بالعمومية أى تنطبق على جميع القوانين سواء كانت تشريعات عادية أم فرعية أو أى مصدر آخر للقانون كالعرف أو قواعد الدين. ونعترض على هذا القول لأن القرينة القانونية القاطعة ( قاعدة عدم جواز الإعتداد بالجهل بالقانون ) التى إبتدعها المشرع لا تسرى إلا على القوانين التى تنشر فقط, فالعرف لا ينشر فى الجريدة الرسمية.

– إستثناءات على القاعدة:

توجد أربعة إستثناءات على القاعدة ونبينهم كالتالى…..

1-) حالة الضرورة: وهى أمر لا يمكن توقع حدوثه ولا يمكن دفعه ويؤدى إلى إستحالة الإلتزام ومثال ذلك القوة القاهرة فى حالة نشوب حرب على إقليم الدولة حيث أن من شأن ذلك أن يؤدى إلى عدم إنطباق القانون عليه.

2-) عدم توزيع الجريدة الرسمية.

3-) الغلط فى القانون: الغلط يقصد به وهم يقوم فى ذهن الشخص فيصور له الأمر على غير الحقيقة والغلط نوعان إما غلط فى الواقع أى ينصب على الشئ محل التعاقد كمن يشترى ساعة من الذهب ثم يتضح أنها نحاس والغلط فى القانون كمن يرث تركة ويبيع نصيبه معتقداُ أنه النصف ويتضح أنه الربع فقط فهنا يكون الشخص قد وقع فى غلط سواء غلط فى الواقع أو غلط فى القانون , فيحق له إذا وقع فى غلط فى الواقع أن يطلب إبطال العقد وفى هذه الحالة الثانية يحق له أن يطلب إبطال العقد., فالغلط فى القانون هو فى الواقع جهلاً بالقاعدة القانونية وبالتالى فإنه يعد إستثناء على قاعدة عدم جواز الإعتذار بالجهل بالقانون.

4-) الجهل بالقوانين غير العقابية : الجهل بأحكام وقواعد قانون غير عقابى أو الخطأ فيه يجعل الفعل المرتكب غير مشروع ولكن على المتهم أن يثبت أنه اعتقد إعتقاداً جازماً أنه يباشر عملاً مشروعاً.

ثالثاً:- السلطة التنفيذية ووضع التشريع العادى ( إستثناء على اختصاص السلطة التشريعية ) هناك حالات محدده على سبيل الحصر يجوز فيها للسلطة التنفيذية ممثلةً فى رئيس الجمهورية إصدار تشريعات لها قوة القانون ولكن الدستور وضع العديد من القيود والضمانات على هذه السلطة لإقامة توازن الديمقراطية وهذه الحالات هى

  • الحالة الأولى: الحفاظ على سلامة الوحدة الوطنية للبلاد
  • الحالة الثانية: تشريعات التفويض
  • الحالة الثالثة: تشريعات الضرورة

أ- ) الحالة الأولى: الحفاظ على سلامة الوحدة الوطنية للبلاد وردت هذه الحالة فى نص المادة 74 من الدستور وقد وضع المشرع عدة قيود على ممارسة هذه السلطة الإستثنائية لرئيس السلطة التنفيذية وهى:

1- وجود خطر يهدد سلامة الوحدة الوطنية للبلاد مثل وجود حالة اعتداء مفاجئ على إقليم الدولة.

2- توجيه بيان للشعب وإجراء الإستفتاء عليه خلال ستين يوماً من إتخاذ الإجراءات.

ب-) الحالة الثانية: تشريعات التفويض نصت على هذه الحالة المادة 108 من الدستوروقد وضعت دواعى لتشريعات التفويض وكذلك ضمانات تشريعية أ- الدواعى : الحفاظ على السرية اللازمة فى إتخاذ بعض القرارات المصيرية الحاسمة فى المسائل السياسية خاصةً وأن العلنية تفوت الغرض من إصدارها ولعل ذلك يبدو جلياً فى قرار إعلان حالة الحرب على إسرائيل فى عام 1973, ويطلق على هذه التشريعات القرارات التى لها قوة القانون.

ب- الضمانات التشريعية:

1- وجود ظروف إستثنائية تبرر التفويض كما لو كان هناك أزمة سياسية بين الدولة وغيرها.

2- يتعين تحديد مدة التفويض بالسنة والشهر وموضوعات هذا التفويض.

3- أن تكون موضوعات التفويض محددة.

4- يجب أن يصدر التفويض من مجلس الشعب لرئيس الجمهورية بإصدار قوانين بالتفويض وذلك بأغلبية ثلثى الأعضاء للمجلس.

5- عرض القوانين الصادرة بناءاً على هذا التفويض على مجلس الشعب فى أول جلسة بعد إنتهاء مدة التفويض. فإذا عرضت وأقرها كانت هذه القوانين نافذة وسارية وإذا لم تعرض أوعرضت ولم يثرها المجلس فيزول كل أثر لها.

جـ-) الحالة الثالثة: تشريعات الضرورة نصت على هذه الحالة المادة 147 من الدستور وقد وضعت دواعى لتشريعات الضرورة كما أنه هناك قيود تشريعية على سلطة رئيس الجمهورية عند إستخدامه لهذه الوسيلة فى سن التشريع العادى.

1- دواعى تشريعات الضرورة : إذا كان المجلس ليس فى حالة انعقاد وطرأ ما يدعو إلى إتخاذ مواجهة تدابير معينة فهنا يخول نص المادة 147 من الدستور رئيس الجهورية فى إصدار قرارات لها قوة القانون.

2- الضمانات القانونية لتشريعات الضرورة:

  • 1- أن يكون مجلس الشعب غائباً أو فى حالة حل أو وقف أو عطلة.
  • 2- يجب أن تكون هذه التشريعات فى حدود الدستور.

3- عرض هذه التشرعات على مجلس الشعب خلال مهلة زمنية قدرها المشرع بخمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها إذا كان المجلس فى حالة إنعقاد أما إذا كان غائباً فتعرض فى أول إجتماع له عند الإنعقاد فإذا تم عرضها وأقرها فإنها تكون نافذه, وإذا عرضت ولم تقرأ ولم يتم عرضها مطلقاً أو عرضت بعد إنتهاء المهلة الزمنية فإن هذه التشريعات تزول كل آثارها حتى بالنسبة للماضى.

4- وجود حالة ضرورة إستثنائية ويترك تقديرها لرئيس الجمهورية المنوط به إصدار تشريعات الضرورة. ويعاب على المشرع أنه لم يحدد لمجلس الشعب مهلة زمنية عند عرض هذه التشريعات عليه لإقرارها وهذا يؤدى الى زعزعة فى المعاملات وإختلال مؤقت للمراكز القانونية.

ثانياً:- إصدار التشريع الفرعى:

يقصد بالتشريعات الفرعية اللوائح التى تصدرها السلطة التنفيذية بموجب الاختصاص الأصيل المباشر لها وهى تتضمن قواعد عامة ومجردة ولكنها ليس كالتشريع العادى.فهى أدنى منه مرتبة, وهى ثلاثة أنواع كالتالى,,,,,,

1-) اللوائح التنفيذية: السلطة المختصة أصلاً ومباشرةً بإصدار اللوائح التنفيذية هو رئيس الجمهورية أو يفوضه, وهى تصدر لتفصيل وإيضاح ما أجمله المشرع فى التشريع العادى أى تتضمن القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين الصادرة عن مجلس الشعب وإذا صدر التشريع الفرعى التنفيذى من غير سلطة أصبحت هذه اللوائح التنفيذية مشوبة بإساءة إستعمال السلطة ويجب ألا تعدل اللائحة نصوص القانون أو تحد من نطاق تطبيقه أو تضيف إلى نصوص القانون مواد بأحكام جديدة.

2-) اللوائح التنظيمية ( اللوائح المستقلة ) تلك اللوائح التى تصدر من رئيس الجمهورية لتنظيم سير المرافق العامة والمصالح العامة ومن ثم فهى لا تستند إلى قانون معين بذاته كما هو الحال فى اللوائح التنفيذية وهى من سلطة رئيس الجمهورية فقط دون غيره مثل إنشاء الوزارات.

3-) لوائح الضبط ( لوائح مستقلة ) يقصد بها تلك التشريعات الفرعية التى تتولى تتنظيم المرور والمحلات العامة المقلقة للراحة أو حماية الصحة العامة دون أن يكون هناك قانون مستقل بحمايتها مثل مراقبة الأغذية والباعة الجائلين وحماية الشواطئ العامة والممرات الصناعية ولا يجوز لرئيس الجمهورية تفويض غيره فى إصدارها لأنها تتضمن تعبيراً عن حرية الأفراد.

– سن التشريع الفرعى ( اللوائح ) وإصدارها ونشرها ونفاذها:- التشريع الفرعى ( اللوائح ) يختلف عن قواعد التشريع الدستورى والتشريع العادى من حيث السلطة المختصة ومراحل سن التشريع والعرض على اللجان المتخصصة أو اللجنة التشريعية أو مجلس الدولة فعلى كل وزارة أو مصلحة قبل إستصدار أى قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذى صفه تشريعية أو لائحية أن تعرض المشروع المقترح على قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعة صياغته ويجوز لها أن تعهد إليها بإعداد هذه التشريعات., ويجب نشر اللائحة فى الجريدة الرسمية حتى يتم نفاذها فى مواجهة الافراد وهى نافذه فى مواجهة الافراد من تاريخ النشر ولا يشترط مضى مدة معينة كما هو الحال فى قواعد التشريع العادى ولكنها نافذة فى مواجهة الادارة من تاريخ صدورها حتى ولم تنشر بعد. – مبدأ تدرج التشريعات: هناك ثلاثة أنواع للتشريع, التشريع الدستورى – التشريع العادى – التشريع الفرعى ويأتى على رأسها التشريع الدستورى ثم يليه فى المرتبة التشريع العادى وأخيراً التشريع الفرعى وهذا التدرج يتقيد بقيدين الاول قيد شكلى أى أن ينصب التشريع فى شكل صحيح أى يكون صادراً من السلطة المختصة والثانى موضوعى فلا يجوز للقانون العادى أن يتضمن نصاً يخالف التشريع الدستورى كما لا يجوز للتشريع الفرعى أن يخالف التشريع العادى….

الرقابة على صحة التشريع

إن مبدأ تدرج التشريع يعنى أن تلتزم كل قاعدة قانونية بالأوضاع الشكلية التى يتعين إصدارها فى إطارها المقرر قانوناً, وكذلك يتعين عليها مراعاة القواعد الموضوعية التى تفرضها القاعدة القانونية الأعلى والرقابة على صحة التشريع العادى والفرعى وعدم مخالفتهم للتشريع الأساسى ( الدستور ) ولن يتأتى ذلك إلا بأسناده إلى جهة محايده هى جهة القضاء ممثلاً فى المحكمة الدستورية العليا. هذا وسوف نتناول تلك الرقابة فى النقاط التالية…

  • 1- مفهوم الرقابة على صحة التشريع.
  • 2- نطاق الرقابة على صحة التشريع.
  • 3- دواعى الرقابة على الدستور.
  • 4- الجهة القضائية التى تتولى الرقابة.
  • 5- كيفية التقاضى أمام المحكمة الدستورية العليا.
  • 6- آثار الحكم الصادر بعدم الدستورية.

1-) مفهوم الرقابة على صحة التشريع:- يقصد بالرقابة هنا الرقابة القضائية التى تمارسها المحكمة الدستورية العليا وهى رقابة لاحقة على صدور القوانين واللوائح بكآفة أنواعها, أى عدم تعارض قانون عادى او قانون فرعى مع القانون الأساسى ( الدستور ). وقد ثار خلاف فى الفقه بين مؤيد ومعارض للرقابة فالإتجاه المعارض يؤيد عدم الأخذ بالرقابة لأنها من وجهة نظره إعتداء من السلطة القضائية على إختصاص السلطة التشريعية وهو إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات وأما الإتجاه المؤيد للرقابة الدستورية فيرى أن الراقبة تأكيد لمبدأ الفصل بين السلطات وبدون هذه الرقابة فإن السلطة التشريعية تكون مستبده.

2-) نطاق الرقابة على دستورية القوانين:- ينحصر نطاق الرقابة القضائية الدستورية فى موضوعات القوانين وهذا يفترض صحة الشكل الذى صدرت فيه ولا تنشأ هذه الرقابة إلا فى ظل تلك الدساتير الجادمة فقط لأنها تحتاج إلى قواعد صعبة عند تعديلها تفوق إجراءات تعديل القوانين العادية هذا وقد ظل القضاء العادى يمارس الرقابة حتى أنشئت المحكمة العليا بالقانون رقم 81 لسنة 1969 ثم ألغيت وحل محلها المحكمة الدستورية العليا بموجب أحكام القانون رقم 48 لسنة 1979 وحتى الآن.

3-) دواعى الرقابة القضائية على دستورية القوانين:

1- القضاء الدستورى يكشف عن العوار الذى يلحق بالنص التشريعى منذ وصفه وإتسامه بالشكل او الموضع وهذا يؤدى بنا إلى احترام القاعدة الأساسية وهى مبدأ تدرج القوانين.

2- أن للرقابة الدستورية دور فاعل فى تطبيق مبدأ المشروعية الذى يجب أن تتسم بع تصرفات الدولة.

3- يؤدى دور رقابة القضاء إلى الوصول إلى قاعدة قانونية صحيحة.

4- الأخذ بمبدأ الرقابة الدستروية يؤكد الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والقضائية وبين التنفيذية والقضائية.

4-) الجهة القضائية التى تتولى الرقابة الدستورية ( المحكمة الدستورية العليا ):- إن الجهة التى تتولى الرقابة القضائية على دستروية القوانين فى مصر هى المحكمة الدستروية العليا وتشكل هذه المحكمة من رئيس وعدد كاف من الاعضاء والشروط الواجب توافرها أن يكون الرئيس من اعضاء الهيئات القضائية السابقين او الحاليين اما الاعضاء فيمكن ان يكونوا من بين المستشارين الحاليين او السابقين او من أساتذة القانون بالجامعات او المحامين بالنقض ممن مضى على اشتغالهم امام محكمة النقض عشر سنوات, ورئيس المحكمة يعين بقرار من رئيس الجمهورية فقط اما باقى الاعضاء قيأخذ رأى المجلس الاعلى للهيئات القضائية ثم يصدر قرار بتعيينهم من رئيس الجمهورية.هذا وتختص المحكمة الدستورية العليا بالمسائل الآتية:..

1- الرقابة على دستروية القوانين واللوائح.

2- الفصل فى منازعات جهتى القضاء العادى والادارى سواء كان النزاع ايجابياً او سلبياً.

3-الفصل فى التنازع الذى يقوم بشأن حكمين نهائيين متناقضين يكون احدهما صادر من جهة قضائية والآخر من جهة أخرى مثل التحكيم.

4- تفسير النصوص التشريعية.

5-) كيفية التقاضى أمام المحكمة الدستورية العليا:- هناك ثلاثة طرق لتحريك الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا وهى….

1- طريقة الاحالة.

2- طريقة الدفع الفرعى أمام محكمة قضائية أو هئية ذات إختصاص قضائى.

3- طريقة التصدى من المحكمة الدستورية العليا.

1- طريقة الإحالة: اذا كانت هناك دعوى مطروحة أمام جهة من جهات القضاء أو أمام هيئة ذات إختصاص قضائى, ورأى قاضى الموضوع أن القانون الواجب التطبيق على الدعوى لا يتفق مع الدستور,فإنه يحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا.

2- طريقة الدفع الفرعى أمام محكمة قضائية أو هئية ذات إختصاص قضائى: وهى الطريقة الغالبة ويجب أن تكون هناك دعوى مطروحة على إحدى المحاكم أو هيئة ذات إختصاص قضائى وأن يدفع أحد أطراف الدعوى بعدم الدستورية وتقدر المحكمة جدية الدفع وأن ترفع الدعوى خلال ثلاثة أشهر من الوقت الذى تحدده المحكمة.

3- طريقة التصدى من المحكمة الدستورية نفسها: فيجوز للمحكمة فى جميع الحالات أن تقضى بعدم دستورية أى نص فى قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارسة إختصاصها ويتصل بالنزاع المطروح عليها وهذا أقرب الطريق وأقصرها وسيلة لتصحيح المخالفات الدستورية فلا تحتاج إلى وقت أو رسوم أو دفع أو ميعاد معين لرفع الدعوى.

6-) آثرا الحكم بعدم الدستورية:- يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم, فإذا كان الحكم متعلقاً بنص جنائى فتعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة إستناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن, ويقوم رئيس هيئة المفوضين بتبليغ النائب العام بالحكم فوراً لتطبيقه وإجراء مقتضاه, فالحكم الصادر بعدم الدستروية يلغى قوة نفاذ النص الغير دستورى, هذا وقد صدر أخيراً القرار بقانون رقم 68 لسنة 1998 بتعديل نص المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا, وقد قضى بأن التشريع المحكوم بعدم دستوريته يبقى فى الفترة السابقة على الحكم سارياً ومتمتعاً بنفاذ فعلى وقد هاجم العديد من فقهاء القانون العام هذا القرار ونحن نرى ان الجديد الذى اضافه هذا القرار بقانون ينحصر فى ان الاحكام الصادرة بعدم الدستورية تطبق من اليوم التالى لتاريخ النشر فى الجريدة الرسمية اى ان الحكم يطبق بأثر فورى ومباشر ولا يطبق بأثر رجعى الا اذا قررت المحكمة تطبيقهعلى الماضى وفى رأينا ان هذا التعديل يؤدى الى نتائج سلبية تنحصر فى الآتى.

.1- ان الحكم الصادر لايزال مطبقا فى الماضى على المراكز القانونية السابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ويؤدى الى وضع شاذ وغريب فالمضرور من المخالفة الدستورية لا يستطيع طلب اعدام هذا النص السابق على الحكم. 2- اصبح حكم المحكمة الدستورية العليا بعد هذا التعديل ليست ه حجية مطلقة وانما يتمتع بحجية نسبيه. 3- هذا التعديل يخالف المادة 49/1 التى توجب التزام جميع سلطات الدولة والكآفة بأحكام المحكمة الدستورية العليا.

العرف ( المصدر الثانى للقانون )

1-) تعريف العرف:- هو مجموعة من القواعد غير المكتوبة التى إتبعها الأفراد فى سلوكهم أجيالاً متعاقبة حتى نشأ الإعتقاد لديهم أن هذه القواعد أصبحت ملزمة وأن مخالفها سيتعرض لجزاء الجماعة.

2-) شروط العرف:-…….

1- العمومية: أى أن تكون القاعدة العرفية المتبعة تخص طائفة معينة أو حرفة معينة مثل الأطباء أو المحامين.

2- عنصر الزمان القديم: أى لابد أن تكون فى إتبعتها أجيالاً متعاقبة أو مضى عليها فترة من الزمن.

3- التواتر فى الإستخدام: أى إتبعها الأفراد بإطراد غير متقطع.

4- الإعتقاد بالإلزام: أى نشأ الإعتقاد لدى العامة أن مخالفة هذه القواعد العرفية يترتب عليه جزاء معين فإذا تخلف عنصر الإعتقاد بالإلزام فإن هذه القاعدة تكون مجرد عادة معينة لدى الأفراد.

5- عدم مخالفة النظام العام والآداب العامة: أى لا تخالف القواعد الأساسية العليا فى الدولة والناموس الطبيعى للأفراد.

3-) أنواع العرف:- توجد عدة تقسيمات للعرف كما يلى…..

أولاً: تقسيم العرف من حيث النشاط الذى يحكمه:- وينقسم العرف الى عرف عام وعرف خاص والعرف العام هو ما ينشأ عن صنع السلطات العامة والمرافق العامة فى الدولة عندما تباشر وظائفها العامة مثل العرف الادارى. أما العرف الخاص فهو من صنع الافراد عندما ينشأ عن معاملاتهم فى المعيشة.

ثانياً: تقسيم العرف من حيث نطاق تطبيقه:- وينقسم الى عرف شامل وعرف اقليمى, والعرف الشامل يحكم علاقات الافراد بغض النظر عن الاقليم او المهنة , اما العرف الاقليمى فهو خاص بالاقليم الذى طبق هذه القاعدة السلوكية او قد يكون العرف مهنياً مثل عرف الاطباء او المحامين.

ثالثاً: تقسيم العرف من حيث مدى الإلزام:- وينقسم الى عرف آمر وعرف مكمل, فالعرف يكون آمر إذا كان متعلق بالنظام العام او الآداب العامة, ويكون العرف مكمل اذا كان غير متعلق بالنظام العام والآداب العامة وفى العرف الآمر لا يجوز للأفراد الاتفاق على ما يخالف أحكامه وفى العرف المكمل يجوز للأفراد الاتفاق على مخالفة أحكام القاعدة العرفية.

رابعاً: تقسيم العرف من حيث إتصاله بالتشريع:- وينقسم الى عرف معاون للتشريع وعرف مخالف للتشريع وعرف مكمل للتشريع…..

1- العرف المعاون للتشريع: وفيه للعرف دور بجوار القانون ومثال ذلك نص المادة 148 مدنى ( لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد به ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة )., فاللعرف هنا دور فى تحديد ما هو من مستلزمات العقد.

2- العرف المخالف للتشريع: ومثال ذلك نص المادة 226 مدنى ( الفوائد التأخيرية تسرى من تاريخ المطالبة القضائية بها غن لم يحدد الاتفاق او العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها ) فهنا للعرف دور فى مخالفة ما اوجب القانون تحديده فان كان العرف يحدد ميعاد آخر لذلك فغن القاعدة العرفية هى التى تطبق.

3- العرف المكمل: أى ان لاعرف الذى يكمل دور القاضى عندما يعرض عليه نزاع ولم يجد فى نصوص التشريع ما يسعفه لحل النزاع.

4-) أركان العرف:- للعرف ركنين

1- الركن المادى: اى مجموعة متواترة من التصرفات او الافعال القادرة على تكوين روابط اجتماعية مصحوبة بجزاء وهذا الاعتبار ينبغى ان يكون بصفة مستمرة طوال آجيال متعاقبة بحيث يسودها الثبات والاستقرار ومثال ذلك ان العرف التجارى جرى على ان التوقيع على ظهر الشيك يعتبر تظهيراً ناقلاً للملكية.

2- الركن المعنوى: أى اعتقاد الناس ان ما أفه هؤلاء الافراد قد اصبح ملزماً, وهذا الالتزام ناشئ عن شعور الافراد بضرورة الروابط الاجتماعية وعدم الخروج على المألوف وهذا ما يطلق عليه البعض أنه العنصر النفسى.

5-) القوة الملزمة للعرف :- إختلفت آراء الفقه حول تحديد القوة الملزمة للعرف إلى أربعة اتجاهات كالتالى…………..

الإتجاه الأول: القوة الملزمة ( السلطة العامة )← أى أن العرف يعتبر ضمناً رضاء من السلطة العامة بتطبيقه ومن ثم فإن القوة الملزمة للعرف لابد أن تستند إلى هذه السلطة العامة ولكن يؤخذ على هذا الرأى أن العرف أسبق فى نشأته من وجود التشريع.

الإتجاه الثانى: القوة الملزمة ( حكم القضاء )← ساد هذا الإتجاه فى الدول التى تأخذ بنظام السوابق القضائية مثل القانون الإنجليزى فالعرف لا يتكون هنا إلا بعد حكم المحاكم ومن ثم فإن القاضى هو الذى ينشئ القاعدة العرفية ويضفى عليها صفة الإلزام ولكن هذا الإتجاه كسابقه يؤخذ عليه أن القاضى إذا كان قد طبق العرف فهو يطبقه لأنه قاعدة قانونية ملزمة فهل القاضى بذلك يكون قد أصبح مشرعاً وقد ذهب البعض رغم هذه المآخذ أن للقضاء بلا شك دور واضح فى تحديد مضمون القاعدة العرفية.

الاتجاه الثالث: القوة الملزمة ( الضرورة الاجتماعية للعرف )← أى أن العرف له دور مكمل للتشريع فربما لا يلاحق التشريع الزمان فلابد أن يكون مضافاً لديه قواعد عرفيه تساير هذا التطور وهو ماتفرضه الضرورات الاجتماعية ولكن هذا الاتجاه ظاهر البطلان فالضرورة الاجتماعية لا تخلع عليه صفة الالزام وهى العنصر الاساسى فى القاعدة العرفية. الاتجاه الرابع: القوة الملزمة ( رضاء الجماعة )← فلما كان العرف ناشئ عن إتباع الأفراد لقواعد سلوكية معينة بمحض إرادتهم وأصبح فى إعتقادهم أن تلك القواعد صارت ملزمة وهذا إنما يدل على رضاءهم التام إتجاه هذه القواعد السلوكية……………….. ونعتقد مع البعض أن الاتجاه الصحيح هو رضاء الجماعة والذى يكون القوة الملزمة للعرف.

6-) العرف والعادة الاتفاقية: يقصد بالعادة الاتفاقية ان الافراد يتبعون سلوكاً معيناً فترة طويلة من الزمن ولكن لاينشأ فى الاعتقاد لديهم بالزامية هذه القواعد التى تم اتباعها وكما عرفها البعض انها عرف ناقص وهناك فروق جوهرية بين العادة الاتفاقية والعرف على النحو التالى ……

1- على القاضى ان يطبق العرف دون حاجة لتمسك الخصوم فى النزاع به اما العادة فانها لا ترتقى الى مرتبة القانون ولا يجوز للقاضى طلب تطبيقها الا اذا تمسك بها الخصوم.

2- يتعين على القاضى إفتراض العلم بالقاعدة بالقاعدة العرفية, أما العادة فهى مجرد شرط من شروط العقد ويجب على من يتمسك بها أن يثبت وجودها وإتجاه إرادة الخصوم فى النزاع إلى العمل بها.

3- لا يجوز التذرع بالجهل بالقاعدة العرفية أما فى العادة الاتفاقية فإنه يجوز لأحد الخصوم الإدعاء بالجهل بها.

4- فى مجال الرقابة القضائية التى تباشرها محكمة النقض يخضع القاضى فى مجال القاعدة العرفية لنطاق تلك الرقابة أما العادة الاتفاقية فلا رقابة لمحكمة النقض عليها.

7-) دور العرف فى القانون المصرى: العرف يلعب دوراً فاعلاً فى القانون الدولى العام والقانون الدستورى والقانون التجارى ثم نجد أنه يقل نشاطه فى مجال القانون المدنى ويكاد ينعدمنشاطه فى مجال القانون الجنائى.

أ- دور العرف فى القانون التجارى: مثل فى حالة الاعتداد بسجن النية فى عدم جواز الاحتجاج بالدفوع على حامل الورقة التجارية…. وهكذا.

ب- دور العرف فى القانون الدستورى: إن العرف له دور ملحوظ فى الدساتير غير المكتوبة فقط بينما يتضائل دوره فى الدساتير المكتوبة.

جـ- دور العرف فى القانون الإدارى: فقواعد القانون الإدارى تكتمل عن طريق التشريع فمعظم أحكام القانون الإدارى عرف إستقر وتواتر فى الاستخدام مع الاعتقاد الراسخ بإلزامه.

د- دور العرف فى القانون الدولى العام: يلعب العرف دوراً فاعلاً فى مجال القانون الدولى العام بإعتباره انه لا توجد هيئة تشريعية تملك سن القوانين.

هـ- دور العرف فى القانون المدنى: دور العرف فى القانون المدنى محدود للغاية وهذا يرجع إلى التشريع يتطور حالياً بصورة تكاد تقوم بسد الثغرات القانونية فى التشريع العادى.

و- دور العرف فى القانون الجنائى: إن العرف لا يلعب أى دور فى القانون الجنائى حيث ان القاعدة الدستورية الجنائية وهى مبدأ الشرعية الجنائية ( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ) ومن ثم فإن العرف لا ينشئ جريمة ولاعقوبة.

😎 مزايا وعيوب العرف: للعرف مزايا وعيوب نعرضها كما يلى……

أولاً: مزايا العرف:

1- يعتبر العرف أصدق القواعد القانونية فهو تعبير أصيل عن إرادة الأفراد داخل الدولة.

2- للعرف دور هام فى الحياة التشريعية فالعرف قد يكون مكملاً للتشريع أو معاوناً له أو مخالف له.

ثانياً: عيوب العرف:

1- قد يصعب عندما تتغير الظروف الإجتماعية أن يتغير العرف لمواجهة هذه الظروف على خلاف التشريع فإنه ملاحق للتطورات الحديثة فالعرف يُعاب عليه انه قد يعرقل مصالح الجماعة الحديثة.

2- يؤخذ على القاعدة العرفية الغموض وصعوبة الاثبات.

3- قد يكون العرف خاصاً بإقليم معين, فتتعدد القوانين بتعدد الأعراف مما يصعب معه وحدة واحدة للنظام القانوني الواجب التطبيق فى داخل الجماعة؟, فمصلحة الجماعة هى وحدة القانون على إقليم الدولة.