الإصلاحيات .. وأحكام القضاء

.. منذ أن وجدت السجون قيل عنها أنها «تهذيب وإصلاح»، ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من توفر المناخ الملائم في المساحة وفي توفر الوعاظ والمرشدين.
غير أن مما يؤسف له أن التكدس في عنابر السجون قد حال دون أي تهذيب أو إصلاح، ومرد ذلك إلى طول مدة الأحكام، حيث أكد اللواء علي الحارثي مدير عام السجون، فيما نشرته «الشرق الأوسط» بعدد يوم السبت 6/11/1433هـ أن «أهم الأسباب التي تؤدي إلى تكدس النزلاء في إصلاحيات السجون تعود إلى اجتهاد بعض القضاة في الحكم بالسجن لمدة طويلة في أحكام الجرائم التعزيرية، على أنها تحقق الهدف من التعزير».

وشدد على ضرورة البحث في سلبيات هذه العقوبة، سواء على الجاني أو أسرته، والضرر الذي يسببه التكدس في السجون من ضغط على البرامج والخدمات المقدمة للنزلاء، وما يحدثه من احتراف السجناء لجرائم معينة خلال تنفيذهم للعقوبة.
وأوضح أن «التكدس أثر بشكل كبير على برامج الإصلاحيات التي يتم تقديمها لتأهيل السجناء، والتي تسعى من خلالها إلى خروج السجين كعضو نافع، ما دفع بالمديرية إلى طلب العمل مع فضيلة العلماء جنبا إلى جنب، من خلال ورش العمل لإقناعهم بعدة مفاهيم إصلاحية جديدة، من أهمها التدابير الجديدة لمفهوم عقوبة السجن (العقوبات البديلة) التي تم العمل بها فعليا وساهمت بشكل لا بأس به في حل مشكلة التكدس نسبيا».

وهنا أقف عند الأثر الذي تتضرر منه أسرة السجين، وهو جد خطير، حيث قد تضطرها وسائل تأمين لقمة العيش لما لا تحمد عقباه، كما قد تدفع بالأبناء إلى ممارسة السرقة أو التشرد.

لذا يقول اللواء الحارثي: إن من المصلحة ضرورة التوسع في الأخذ بالعقوبات البديلة، وتنفيذها وفقا لضوابط معينة، وتحديد الجهات التي تتابع مدى تنفيذ المحكوم عليهم لهذه العقوبة، مبينا أن الدراسات والأبحاث أكدت أن الوقاية والتوعية من الجريمة يعدان الحل الأمثل لمعالجة تكدس السجناء.

وأقر مدير عام السجون بأن «مشكلة التكدس أثقلت كاهل العاملين على البرامج التأهيلية والإصلاحية التي تقدم للنزلاء، ما أدى إلى الاستعانة بكادر بشري إضافي من المشرفين على تلك البرامج حاليا لاستيعاب أعداد النزلاء بين سجن وآخر، مبينا أن هذه الظاهرة لا يقتصر حلها على إنشاء سجون، أو توسعتها، بل لا بد من حلول مشتركة من جميع مؤسسات الدولة، وخصوصا الجهات العدلية والقابضة».
فهل إلى ذلك من سبيل؟