التكييف القانوني لفعل نقل عدوى الإيدز إلى الغير عمداً

تم اكتشاف مرض الإيدز.في عام1983 الذي يعدأخطرمرض عرفته البشريةلأن العلم لم يتوصل حتى الأن لأي علاج ناجع او حتى لأي لقاح ضده يقي من يتعرض للفيروس للإصابة بالمرض فالمصاب به ينتظره الموت عاجلاً أو اّجلاً إذ أن هذا الفيروس يهاجم جهاز المناعة بالجسم في مقتل فيسبب ذلك تعرضه إلى أنواع عدوى متعددة وخطيرة مثل الأمراض السرطانية

وينتقل مرض الإيدز (ميلازمة العوز المناعي المكتسب)في كل حالة تصل فيها سوائل جسم المصاب المحتوية على الفيروس إلى دم الشخص السليم أو جهازه التناسلي ويتحقق ذلك عن طريق العلاقات الجنسية وكذلك عن طريق الدم وخاصة بالنسبة لمدمني تعاطي المخدرات بالحقن وفي حالات نقل الدم خلال العمليات الجراحية أواستخدام الحقن غير المعقمة أوأدوات الحلاقة
القتل العمد هوإزهاق روح إنسان حي بفعل شخص مع قصد إحداثه

وتقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة:محل القتل وفعل يتسبب عنه إزهاق روح والقصد الجرمي
1- محل القتل:تفترض جريمة القتل أن يكون المجني عليه إنسان حي على قيد الحياة
بصرف النظر عن جنسيته أوسنه أو مركزه الاجتماعي أوجنسه ومهما كان وضعه الصحي.
وفيما يتعلق بموضوع البحث يجب ألا يكون المجني عليه مصابا مسبقا بمرض الايدز
وإلاكنا بصدد جريمة مستحيلة.

2-الركن المادي:يقوم الركن المادي على عناصر ثلاثة:نشاط مادي يقع على المجني
عليه,ونتيجة معينة تترتب عليه وهي إزهاق الروح,وعلاقة السببية.

اّ-فعل ينتج عنه الموت:يجب أن يأتي الجاني فعلا في سبيل الوصول إلى النتيجة
التي يجرمها القانون وهي إزهاق الروح :وينتج ذلك عن ضرب أوجرح أوإعطاء مواد
ضارة بطريق الحقن أوعن طريق الفم بقصد القتل
كذلك نكون بصدد السلوك المكون لجريمة القتل في حالة نقل شخص لمرض معد إلى اّخر
طالما كان هذا المرض كافيا لإحداث النتيجة وهي الوفاة ذلك أنه إذا كانت العدوى بهذاالمرض من شأنها أن تؤدي إلى الوفاة وفقا لمجريات الأمور فلا يوجد ما يمنع قانونا من صلاحية هذه الوسيلة للقتل باعتبار أن سلوك القتل إنما يتحدد في شكله
القانوني بمدى فاعلية السببية لإحداث النتيجة وهذه هي الحال بالنسبة لفيروس الإيدز الذي يدمر المناعة في جسم الإنسان الذي ينتقل إليه فيجعله غير قادر على مقاومة الأمراض المعدية التي تهدد الجسم فيصبح هذا الأخير مرتعا للطفيليات والأمراض التي تؤدي إلى الوفاة وخاصة أن العلم لم يتوصل حتى الاّنإلى مصل واق أوعلاجناجع ضده .

ب-النتيجة:إن إزهاق الروح كنتيجة قد تتحقق إثر النشاط وقد تمتد لفترة,إلاأن ذللك لا يمنع إن تحققت من اعتبار الفعل قتلاعمدا,ما دامت علاقة السببية قائمة
بين النشاط والنتيجة وما دام قصد القتل قائما.
فإنه يعد مرتكباً لجريمة قتل عمدوإن كانت الوفاة قد حدثت بعد علاج طويل في المستشفى
وفيما يتعلق بموضوع البحث نجد أن الشخص الذي ينتقل إليه فيروس الإيدز ينتظره الموت عاجلاً أواّجلاّ.

ذلك أن فيروس الإيدز يصيب خلايا خاصة في الدم مشاركة في الدفاع الطبيعي عن الجسم,مما بفقد المريض القدرة على المقاومة,فتهاجمه البكتريا والفطريات والطفيليات ولا تتركه إلا بعد القضاء المبرم عليه.ومن الثابت علياً أن الأجسام المضادة(التي تعطي النتيجة الايجابية عند تحليل الدم)تظهر بعد فترةمن 4-12 أسبوعاًمن حدوث العدوى وقد يستمر المرض في حالة كمون لمدة تزيد عن عشرسنوات
ولكن الوفاة حتمية بالنسبةللمجنى عليه الذي نقلت إليه العدوى وفي هذه الحالة
تثور مشاكل عديدة مثل رابطة السببية والإثبات وتقادم الدعوى الجنائية
الشروع:إذا كان الحاني قد بدأ نشاطه الإجرامي ولم تتحقق نتيجته وهي ازهاق الروح
بأن أوقف نشاطه أو خاب أثره لأسباب لادخل لإرادته فيهافإن الواقعة لا تعد قتلاً وإنما شروعاً في قتل
والشروع في القتل باستخدام فيروس الإيدز مثال ذلك حالة الفتاة التي تستقبل زيد من الناس من أجل الإتصال الجنسي بها بناء على طلبه,في نفس الوقت الذي تتلقى فيه اتصالاً هاتفياًمن إحدى صديقاتها تعلمها بأن زيدمصاب ممرض الايدز وأنه حضر من أجل نقل الفيروس إليهاففي هذه الحالة لو لم تتلق المجنب عليها الإتصال الهاتفي من صديقتهاالتي اخبرتها بان زيد مصاب بمرض الغيدز لكان قد نقل إليها المرض بإتصاله الجنسي بها فعلا ففي هذه الحالة لا يتصور العدول الإختياري لأن هذا العدول
يتطلب أن يكون عمل الجاني مما يمكن تداركه بعد وقوعه.حتى يكون لسعيه في منع وقوع نتيجته أثر في انفاء الشروع.فإذا كان عمله غير متدارك,فإنه يكفي بذاته

لاحداث النتيجة,وتقع بالتالي الجريمة,وهذه هي الحال في نقل فيروس الايدز إلى
المجني عليها,حيث إنه لايمكن تلافي أثر الفيروس بإعطاء ترياق,لان الطب لم يتوصل
حتى الآن إلى مصل واقٍ أوعلاج فعال لهذا المرض القاتل.

ج-علاقة السببية بين السلوك والنتيجة: مسؤولية الجاني الذي ينقل العدوى إلى الغير عمداً
من الثابت طبياًأنه لايمكن اكتشاف العدوى لدى المجني عليه إلا بعد فترة تبدأ من
4-12 اسبوعاًمن حدوث العدوى كما أن وفاة المجني عليه قدلا تحدث إلا بعدمدة طويلة
قد تتجاوزعشر سنوات وهذا يعني أن الوفاة(النتيجة)قد لا تتحقق إلا بعد فترة طويلة
من تاريخ الإصابة(أي نقل العدوى إلى المجني عليه)وفي هذه الحالةقد تتداخل عوامل
كثيرةمع فعل الجاني الأمرالذي يصعب معه معرفةمرتكب الجريمةوإقامة الدليل ضده
وخاصةأنه يقع على عاتق المجني عليه إقامة الدليل على توافر علاقة السببيةبين
السلوك الإجرامي والنتيجة

ولكن طبيعة مرض الإيدز تجعل عبء الإثبات صعباًفهذا المرض يمر بمراحل متعددة:
مرحلة الكمون وهي الفترةالتي تبدأمن تاريخ نقل العدوى ونمو الأجسام المضادة
ثم تأتي بعد ذلك فترة الحضانة بالفيروس وظهور أعراض المرض
وذلك يجعل من الصعب تحديد فعل الإتصال الجنسي الذي ترتب عليه نقل عدوى الفيروس
إلى المجني عليه خاصة وأن الطب لم يتوصل بعد إلى تحديد لحظة الإصابة بأثر رجعي
وعلى ذلك فكلماازدادعدد الشركاءالذين اتصلو جنسياً بالمجني عليهازادت مصادر العدوى أيضاًوبالتالي من الصعب جداًإثبات علاقة السببيةبين اتصال جنسي محددوبين
نقل العدوى إلى المجني عليها والتي لو يتم اكتشافهاإلا في وقت متأخر
أما اذا كانت المجني عليهاتقصر علاقاتها الجنسيةعلى زوجهاولكنها اتصلت جنسياً

مرة واحدةبأحد مدمني المخدرات حاملي فيروس الإيدز فمن السهل إقامة الدليل
على توافر علاقة السببية بين مدمن المخدرات وبين نقل العدوى إليها
3-القصد الجرمي:يجب أن يكون الجاني عالماًعللانحو أكيدبأنه يحمل فيروس الإيدز
وأنه ينقله إلى إنسان حي كما يجب أن يكون عالماًأن نفل هذا الفيروس إلى المجني عليه يودي بحياته وأن تتجه ارادته إلى ذلك
لذلك نرى أن مرض الإيدزيثير مشاكل كثيرةمن حيث اكتشاف تاريخ العدوى ومحدثها
لذلك يجب أن يتدخل الشارع بنص يقضي بمعاقبة الفاعل الذي ينقل عدوى الإيدز
إلى الغير عمداًبعقوبة مناسبةورادعةقد تساهم في تخفيف مصائب البشرية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت