كيفيـــة افتتاح مسطرة التصفية القضائية وشروطها

– مدونة التجارة المغربية –

تفتتح مسطرة التصفية القضائية بصدور حكم قضائي يعتبر نقطة البداية في تنفيذ مخطط التصفية من طرف أجهزة خاصة.

ويصدر الحكم من طرف المحكمة التجارية المختصة، ووفقا لما تنص عليه مدونة التجارة، فإن إمكانية تقديم طلب فتح مسطرة التصفية متاحة لكل من رئيس المقاولة، شريطة أن يودع الطلب مرفقا بمجموعة من الوثائق منصوص عليها في المادة 562 داخل أجل لا يتعدى 15 تبتدئ من تاريخ التوقف عن الدفع.
كما خول تقديم الطلب للدائنين والسنديك أو أحد المراقبين، غير أنه في هذه الحالة الأخيرة لا يقبل الطلب إلا بناء على تقرير القاضي المنتدب.
علاوة على ذلك فإنه إذا تبين للنيابة العامة، أن النظام العام الاقتصادي يقتضي تصفية مقاولة معينة، جاز لها أن تطلب من المحكمة فتح مسطرة التصفية القضائية.
إذا كان هذا كل ما يتعلق بمجموع الأطراف التي يجوز لها تقديم طلب افتتاح المسطرة.
فماهي يا ترى شروط افتتاحها؟
تنص المادة 560 من مدونة التجارة : “تطبق مساطر معالجة صعوبات المقاولة على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند الحلول، بما في ذلك الديون الناجمة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556 أعلاه”
وهي نفس الشروط الواجبة لافتتاح مسطرة التصفية القضائية، فيلزم إذن توافر المدين على الصفة التجارية (أولا) ثم توقفه عن دفع ديونه (ثانيا) وفي الأخير تلازم الصفة التجارية والتوقف عن دفع الديون (ثالثا).

أولا : صفــــة التــــــــــــاجر
يستلزم المشرع المغربي توافر المدين على صفة التاجر، حتى تطبق عليه مساطر معالجة صعوبات المقاولة، وذلك بغض النظر عما إذا كان شخصا طبيعيا أو معنويا كالشركات التجارية والمقاولات، أما غير التاجر فردا أو شركة فيخضع لنظام الإعسار المدني. وإذا كان المشرع المغربي قد أقر في المادة 560 الأشخاص محل تطبيق هذه المساطر فإن المشرع الفرنسي قد توسع في صفة المدين في المادة 148 ولو كان مؤسسة عمومية إلا أنه ومع ذلك فالمشرع المغربي أقر في المادة 37 منه بإمكانية فتح مساطر المعالجة في مواجهة كل تاجر وكل حرفي وكل شخص خاضع للقانون الخاص بضرورة إلزام بعض الأشخاص المعنويين بالتسجيل في السجل التجاري، والذي يفترض فيهم اكتساب صفة التاجر، وذلك طبقا للمادة 58 من مدونة التجارة، التي تفترض في كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري اكتساب صفة التاجر ومن بين الأشخاص المعنوية التي تحدثت عنهم المادة 37 المؤسسات العامة المغربية ذات الطابع الصناعي أو التجاري وفروع أو وكالات المقاولات بالإضافة إلى المجموعات ذات النفع الاقتصادي، وبذلك يكون المشرع المغربي قد وسع من الأشخاص الذين تطبق عليهم هذه المساطر ولو ضمنيا.

ثانيا : الـــتوقــــف عن الدفــــــع
يشترط المشرع المغربي التوقف عن دفع الديون، أي أن يتوقف التاجر أو الحرفي أو الشركة التجارية عن سداد ديون حل أجل استحقاقها.
ولكن المشرع المغربي لم يقم بالتعريف بالتوقف عن الدفع وذلك لأن التعريف مهمة فقهية.
وقد اختلف الفقه في تحديد مفهوم هذا التوقف بين اتجاهين، فالاتجاه الأول: يعتبر أن المقصود منه الامتناع وعدم أداء الديون في تاريخ استحقاقها. بينما يذهب الاتجاه الآخر (وعن حق) بأن التوقف عن الدفع هو الذي ينبئ عن مركز مالي مضطرب وضائقة مستحكمة يتزعزع معها ائتمان التاجر وتتعرض بها حقوق دائنيه إلى خطر محقق، كما تثار هنا طبيعة الدين، فهل تفتح هذه المساطر حتى وإن كان هذا الدين ذو طبيعة مدنية؟ أم لا تفتح إلا في الديون التجارية.
وفي الحقيقة فإن المدونة قد تجاوزت مثل هذا الخلاف حينما نصت في المادة 563 على أنه يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين مهما كانت طبيعة دينه.
لكن عدم الاعتداء بطبيعة الدين المتوقف عن دفعه قد يجعل التاجر الشخص الطبيعي مهددا بفتح مساطر معالجة صعوبات المقاولة ضده بسبب التوقف عن أداء دين مدني يمكن أن يكون متعلقا بحياته الخاصة كدين الوجيبة الكرائية، نفقة الزوجة.

ثالثا: التلازم بين صفة التاجر والتوقف عن الدفع
لقد أضاف بعض الفقه هذا الشرط المتمثل في ضرورة التلازم بين صفة التاجر والتوقف عن الدفع، بحيث يجب أن يكون المدين تاجر ويكون في حالة التوقف عن الدفع يعني التلازم بين العنصر الواقعي عدم الدفع وبين العنصر المعنوي الباعث على العجز.