سلطة التعديل من جانب واحد

تعتبر هذه السلطة أخطر من سلطة الرقابة بمفهومها الواسع، لأنها تسمح بتغيير الإلتزامات التعاقدية بالزيادة أو بالنقصان، أي تسمح بتغيير المحل في العقد، فهذه السلطة تمس جوهر العقد، ولذا فإن العقود ودفاتر الشروط عادة ما تنص عليها، بسبب أنها من قبيل الشروط الإستثنائية غير المألوفة في القانون العام، ولذلك قد تمس :
– كمية الأعمال أو الأشياء محل العقد، وفي هذه الحالة يتم إبرام ملحق للصفقة، حسب ما تقتضيه المادة 90 من المرسوم الرئاسي 02-250 والمادتين 31 و32 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
– شروط التنفيذ المتفق عليها.
– ومدة تنفيذ العقد، حسب المادتين 32 و34 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
– أسعار الصفقة، حسب ما ورد صراحة في المادة 53 من المرسوم الرئاسي 02-250، والمادة 33 من دفتر الشروط الإدارية العامة.
بخصوص هذه السلطة يرى الجانب الراجح من الفقه الفرنسي أنه مقرر للمصلحة المتعـاقدة ولو لـم يتم الإتفاق عليه، لكن في الحدود اللازمة لمرونة العقد واتصاله بالمرفق العام [1].
بينما يرى غاستون جيز أنها سلطة مقررة في صفقات الأشغال دون سواها من الصفقات العمومية.
ويرى لويلييه L’Huillier أن هذا الحق وضعه الفقهاء، وأن القضاء الفرنسي لا يؤيده، مستندا في ذلك على ما قضى به مجلس الدولة الفرنسي في قضية Hôpital Hospice de Chauny بتاريخ 11 جويلية 1941 [2]، ويخلص إلى أنها لا تكون مقررة إلا بنص قانوني أو اتفاقي.
ومهما يكن من أمر في فرنسا فإن الوضع في الجزائر يختلف فالأستاذ عمار عوابدي يرى أن هذه السلطة ممكنة في كل الصفقات العمومية [3]، والسبب في ذلك هو أنه في مؤلفه المذكور يعتبر كل صفقة عمومية عقدا إداريا [4]، ونصت المادة 53 من المرسوم الرئاسي 02-250 [5] عليها دون تخصيص.
كما تنص الصفقات عادة على أنه في حالة تنفيذ أمر من المصلحة المتعاقدة والتي تعدل أهمية وطبيعة بعض الأشغال بنسبة معينة، يحق للمتعاقد طلب التعويض عن الضرر الذي تسببت فيه التعديلات [6].
ومثل هذه البنود تقضي عادة أن للمصلحة المتعاقدة استعمال حق تعديل الشروط المقررة في الصفقة من دون أن يكون للمتعاقد معها الحق في التعويض إلا إذا بلغ الضرر الذي أصابه حدا معينا.

إن مناط ذلك حاجيات المرفق العام المتغير والمتطور، لذا لا يمكن استعمال هذه السلطة إلا إذا تغيرت الظروف وبررت هذا التعديل، فإن استعملتها من دون ذلك يكون عليها تحمل المسؤولية [7].
كما لا يمكن أن يتناول التعديل إلا البنود اللازمة لضمان حسن سير المرفق العام، على أن لا تتعدى الحدود التي تجعل من الصفقة عقدا جديدا، لأن في ذلك إضرار كبير للمتعاقد مع المصلحة المتعاقدة، الذي قد لا تسمح له إمكانياته المالية والفنية والتقنية بتحمل التغيرات.
تتم هذه الرقابة باستعمال أوامر التنفيذ Ordre de service التي توجهها المصلحة المتعاقدة، كان تأمر بالبدء في التنفيذ، أو استعمال نوعية معينة من المواد والتي يكون للمصلحة المتعاقدة الحق في مراقبتها [8]، كـما قد تحدد الشروط التقنية الخاصـة بتنفيذ الصفقـة المتعلقة بالأشغال الكبرى أو الثانوية [9]، كما قد تأمر بهدم الأشغال التي تمت خلافا لما هو متفق عليه وإعادتها على حساب المقاول، أو تأمر بالوقف المؤقت للعمل [10].

ومهما يكن من أمر فإنه يجب أن لا تؤدي هذه السلطة إلى فقد التوازن الإقتصادي للعقد، أو إلى فرض أشغال أو التزامات يكون موضوعها غريبا عن محل الصفقة الأصلي كأن تكلف المقاول الذي أبرم صفقة صيانة بأن ينشئ مبنى جديدا، وهنا يكمن الفرق بين الأعمال الجديدة والتي هي أعمال لا تظهر في العقد وغريبة عنه، والأعمال الإضافية التي هي أعمال لا تظهر في العقد غير أنها متوقعة، والأعمال غير المتوقعة والتي هي أعمال لا تظهر في العقد لكنها ليست غريبة عنه.

[1] د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص558،.
[2] Voir son commentaire paru à la Revue du droit Public; 1945 P 257
د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص 559.
[3] د/ عوابدي عمار، المرجع السابق، ص 218.
[4] راجع في ذلك المرجع السابق، ص 193 ، 198 و199 عندما يعدد أهم العقود الإدارية فإنه يذكر عقد الأشغال العامة وعقد التوريد، على الرغم من أن الطبعة التي اعتمدنا عليها صادرة في 2002.
[5] حسب المادة 53 من المرسوم الرئاسي 02-250 في الفقرة 2 منها.
[6] راجع في ذلك المادة 9 من الصفقة النموذجية لديوان الترقية والتسيير العقاري لقالمة الملحقة بالمذكرة ،الصفحة 5.
[7] د/ سليمان محمد الطماوي، المرجع السابق، ص 565.
[8] راجع في ذلك المادتين 38 و39 من الصفقة النموذجية لديوان الترقية والتسيير العقاري لقالمة الملحقة بالمذكرة ،الصفحة 11.
[9] راجع في ذلك الصفحات من 13 إلى 21 من الصفقة النموذجية لديوان الترقية والتسيير العقاري لقالمة الملحقة بالمذكرة.
[10] راجع في ذلك المادة 78 فقرة 3 من المرسوم الرئاسي 02-250.