تطوير بيئة التوثيق

تختص كتابات العدل بنوعيها الأولى والثانية بأعمال التوثيق بما في ذلك توثيق عقود الشركات بأنواعها, والبيوع والإيجارات والرهون وإثبات الوكالات والتنازلات ونحوها, وقد حدد نظام القضاء الاشتراطات المطلوبة في الموثقين – كتاب العدل – وهي الاشتراطات ذاتها المطلوبة في القضاة, وهو يعكس درجة الاهتمام بهذه الوظيفة, كما أن النظام جعل للصكوك الصادرة منهم الحجية بحيث لا يجوز الطعن فيها, ووفقا للكتاب الإحصائي لوزارة العدل لعام 1426هـ فإن عدد كتابات العدل في المملكة 127 كتابة عدل, يعمل فيها 333 كاتب عدل, كما أن إحصائية الأعمال تظهر أن المجموع الكلي لأعمال كتاب العدل في هذه السنة هو: 1654324, منها: 1192916 وكالات, ومنها:250937 مبايعة, ومنها: 157312 اقارير, ومنها: 31613 كفالة, ومنها: 21546 رهنا, ومن هذه الإحصائية يتضح حجم أعمال الوكالات في أعمال كتاب العدل ولا يوجد ما يمنع من تخصيص أعمالها وإسنادها إلى الموثقين المرخص لهم, وهو ما جاء به نظام القضاء الجديد, حيث تنص المادة الـ 64 على أنه “تختص كتابات العدل بتوثيق العقود وضبط الإقرارات فيما عدا الأوقاف والوصايا، ويجوز أن يعهد ببعض هذه الاختصاصات إلى الغير، وذلك وفق لائحة تصدر بقرار من وزير العدل بناء على موافقة المجلس الأعلى للقضاء.

ومن الجوانب الإيجابية في هذا القطاع المهم: سرعة إنجاز الأعمال فيه, حيث تحتل المملكة المرتبة الرابعة عالميا من حيث سهولة تسجيل الممتلكات حسب إحصائية البنك الدولي عن عام 2006, وقد شملت دراسة البنك 175 دولة من أجل إصدار مؤشر سنوي يقيم سهولة ممارسة الأنشطة التجارية من خلال عشرة مواضيع من بينها تسجيل الممتلكات. وورد في التقرير أن تسجيل الملكية في المملكة يستغرق أربعة أيام.

ومع ما سبقت الإشارة إليه من إنجاز فهناك بعض الجوانب المحتاجة إلى التطوير في هذه البيئة, فمع الجهود التي تبذلها وزارة العدل في إدخال أدوات التقنية في أعمال كتابات العدل إلا أن الأمر يتطلب تعميم هذه التقنية على جميع هذه الإدارات, وأن تشمل جميع الأعمال الإدارية داخل الإدارة الواحدة وبينها وبين المركز الرئيسي والإدارات الأخرى سواء كانت كتابات عدل أو محاكم أو حتى فروع وزارة الشؤون البلدية والقروية, وذلك لاختصار الوقت المطلوب في استفسارات سهلة يمكن الإفادة عنها من خلال شبكات ومنظومات تقنية بين هذه الدوائر, وقد أثبتت هذه الشبكات والمنظومات كفاءتها وجودتها في الكثير من الأعمال المماثلة لأعمال التوثيق في الخطورة كما في أعمال البنوك مثلا.

يضاف إلى ذلك: أن كتابات العدل تختص إضافة إلى المحاكم بحفظ الثروة العقارية من خلال السجلات المحفوظة فيها, ومع خطورة هذه السجلات وما تشتمل عليه من حقوق, إلا أنه لم يتم الاستفادة منها بالدرجة الكافية, ومع أن وزارة العدل بدأت في حفظ هذه السجلات إلكترونيا, إلا أن أغلبها ما زال يدويا مما منع استرجاع المعلومات بسهولة, وهو الأمر الذي أضعف توظيف هذه السجلات العقارية في السوق الاستثمارية بطريقة تسمح ببيان عناصر الملاءة والائتمان للمتعاملين في السوق, وتمنع المستغلين لهذا القصور في عدم القدرة على الكشف عن ممتلكاتهم.

و فيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية فمن المعلوم أن التوثيقات العقارية من أهم الأعمال التي تقوم بها كتابات العدل, وذلك لأهمية العقار ومحوريته في الكثير من الأوعية الاستثمارية, وفيما عدا المؤشر الذي تصدره الوزارة أسبوعيا والذي يشتمل على الصفقات وقيمتها والمساحة الإجمالية لها في مدينتي الرياض و الدمام فإنه لا يوجد أي مؤشرات أخرى. ومن المعلوم أن المؤشرات والإحصائيات وغيرها من أدوات رسم السياسات والبرامج والخطط المستقبلية لها دورها وأثرها في السوق والمتعاملين فيه.
كما أنه لا يوجد نظام ملزم ينظم الجوانب الموضوعية لأعمال كتاب العدل مثل: تحديد الشروط الصحيحة والباطلة, واشتراطات الوكالة, وأحكام الرهن وغيرها من المسائل. وقد أدى هذا النقص إلى التفاوت في الإجراءات بين كتاب العدل, وامتناع بعضهم عن القيام بتوثيق بعض التصرفات بحجة عدم شرعيتها, وليس هناك مرجعية نظامية فاعلة تسمح بالاعتراض على أعمالهم.