مقال قانوني حول مدونة الأحكام القضائية السعودية

مقال حول: مقال قانوني حول مدونة الأحكام القضائية السعودية

«مدونة الأحكام القضائية»
منصور الزغيبي
 صدر الأمر الملكي رقم م/20 بتاريخ 7-2-1436هـ، المتضمن تكوين لجنة شرعية لإعداد مشروع «مدونة الأحكام القضائية» في المواضيع الشرعية التي تمس إليها حاجة القضاء، تصنف في هيئة مواد، على أبواب الفقه الإسلامي، ومقر اللجنة يكون في وزارة العدل.

وأشير في هذا الصدد إلى أن أول تجربة رسمية في تدوين الأحكام الفقهية هي مجلة الأحكام العدلية، إذ صدرت في 1286هـ وسبقها قبل ذلك عمل إعدادي من «جمعية علمية في إدارة مجلس التنظيمات» حررت فيه كثير من المسائل واستخرجت نصوص فقهية، ولكن لم يبرز شيء منها إلى حيز الفعل، ولم ندر كم من الزمن استغرق ذلك العمل الإعدادي، كما أنه كان متقطعاً، أما بعد تأليف اللجنة الرسمية، على أساس التفرغ والانصراف إلى العمل على وضع المجلة في شكل قانون مدني عام، فاستغرق تحريرها ما بين سبع وثماني سنوات، من عام 1286هـ حتى أواسط 1293هـ، وكتبت المجلة أولاً باللغة التركية، وكانت اللجنة ترفع ما ينجز تحريره تباعاً؛ كتاباً فكتاباً، فكان أول ما حرر منها كتاب البيوع، وآخر كتاب خُتمت به المجلة كتاب القضاء.

والمجلة تعتبر في الحقيقية أول تجربة رسمية لقانون مدني «بالمعنى الحديث لكلمة القانون المدني»، مأخوذ بكامله من الفقه الإسلامي، وتحدث عن هذه التجربة الفقيه الكبير مصطفى الزرقا بإسهاب في كتابه الشهير «المدخل الفقهي العام»، وكنت نقلت عنه المعلومات السابقة عن المجلة.

وستتناول «مدونة الأحكام الفقهية» السعودية، وهي في مراحل المراجعة والتدقيق، فقه الجنايات والعقوبات والأحوال الشخصية والمعاملات المالية، وهو ما يقابل القانون المدني، واستفادت المدونة من الأحكام والقضايا التي عرضت على المحكمة العليا ومحاكم الاستئناف، واعتمدت على عدد من أمهات الكتب في المذاهب الأربعة (الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية)، كما استفادت في ما يخص فقه المعاملات المالية من كتاب مجلة الأحكام الشرعية لـ«ملا قاري»، ولم تلتزم مذهباً معيناً، واستفادت أيضاً من قرارات المجامع الفقهية المعاصرة في المسائل الحديثة.

واختير للإشراف على «مدونة الأحكام الفقهية» السعودية عدد من العلماء وكبار القضاة، كما اختير للإعداد له عدد من القضاة والمحامين وأساتيذ الجامعات والخبراء، للتحضير لهذا العمل التاريخي، واختيرت في هذا العمل أيضاً بعض المختصات في الفقه الإسلامي للمشاركة في التحضير للأحكام الفقهية المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية.

وأخيراً ألفت الانتباه إلى أن أهم أهداف مدونة الأحكام القضائية الجوهرية هي تسريع القضايا وتقليص الاجتهادات القضائية ومنع التضارب في الأحكام، ونتمنى أن تعين القضاء وتيسر له إصدار الحكم بعيداً عن خلافات الفقهاء واجتهاداتهم المتنوعة، ويأمل أصحاب الشأن من القضاة والمحامين وعموم الناس بأن تكون سبباً في استقرار العملية القضائية.

 

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.