دعوى العضل

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

نصّ القانون على أنّ وليّ المرأة يتولّى عقد زواجها برضاها، وأنّ ولاية الزواج للأب، ثم للابن، ثم للأخ، ثم للعمّ، على أن يكون عاقلاً بالغاً، وعلى حق الوليّ في الاعتراض إذا لم يكن الرجل كفؤاً للمرأة، وأنه إذا طلبت مَن أكملت 18 سنة الزواج وامتنع وليّها، جاز لها إقامة دعوى «العضل»، وفيها يطلبه القاضي ليوضّح موقفه، فإذا لم يكن لاعتراضه مبرّر، زوَّجها بولايته.

أما إذا كان اعتراضه سائغاً، حُكم برفض دعواها.

هذا هو الجانب الموضوعي للعضل، وهو مستمدٌ من الفقه الإسلامي،

وثمة جانب إجرائيٌ يختصّ بإجراءات التقاضي، وهو في حاجة إلى تبسيطه وتسريعه من نواحي مختلفة،

أوّلها في إثبات الكفاءة، إذ الوليّ لا يعتبر عاضلاً إذا لم يكن الرجل كفؤاً للمرأة،

وثمة حاجة لتدخّل تشريعي هنا بإلقاء عبء إثبات عدم كفاءته على الممتنع عن التزويج، فإذا عجز عن ذلك اعتُبر عاضلاً.

ويمكن أيضاً اعتبار بعض الأمور قرائن قانونية لصالح المرأة،

كتجاوزها سناً معينة،

وسبق زواجها،

وإقامتها أكثر من دعوى عضل،

وتعنّت الوليّ مع خاطبين سابقين،

واضطرابه النفسي أو السلوكي أو العائلي،

واختصام المرأة وليّاً غير الأب،

والانقطاع المستمر للصلة بينها وبين الوليّ وأسرته إذا كان غير الأب.

ومن حيث المحكمة المختصة، فالقاعدة العامة أنّ الاختصاص للمحكمة التي تقع في الإمارة التي يقيم فيها المدعى عليه، إلا أن المشرّع استثنى من هذه القاعدة

مسائل كالنفقة والحضانة والرؤية والتطليق،

فأجاز للمدعي إقامة دعواه أمام محكمة الإمارة التي يقيم فيها، إذا كانت الدعوى مرفوعة من الأولاد أو الزوجة أو الوالدين أو الحاضنة، ومن ثم يمكن استثناء مسألة العضل أيضاً، لرفع المشقة عن المرأة إذا كانت تقيم في غير إمارة إقامة الوليّ، خصوصاً أن العضل يحدث في جوّ مشحون، قد تقيّد بسببه حركة المرأة.

ومن ناحية أمد التقاضي، فدعاوى العضل قد تبقى في التداول لأكثر من سنة أو سنتين، الأمر الذي يستدعي التدخّل نحو تسريع إجراءاتها أسوةً ببعض الدعاوى الجزائية والعمالية التي بات من الممكن بفضل تدخّل تشريعي الحكم فيها خلال أيام، وإنشاء محكمة مختصة بها في المؤسسات المعنية بالأسرة، أسوةً أيضاً بمحاكم مختصة أنشئت خارج المحاكم العادية.

ثمة قيود شرعية على حق المرأة في الزواج بمن ترغب، ومن ثم فإنه لابدّ من التخفيف من القيود الإجرائية التي لا تتعلق بالفقه، فالاحترام والتفاهم والتوافق ليست من مزايا كافة الأسر.

كما أن الرأي الفقهي الذي منع التزويج بغير إذن الوليّ، استند على أن الأب مجبولٌ على الشفقة ومراعاة مصلحة ابنته، وهذه الحجة تسقط إذا كان وليّها غير أبيها.

والزواج فرصة قد تسنح مرة واحدة في حياة المرأة من رجل واحد، والذي سيجد نفسه في خضم معركة قضائية أسرية لا يعرف نهايتها، وهو ما يجعل حظوظ المرأة بالزواج قليلة جداً، خصوصاً أن الرجل قد ينسحب من الدعوى لأي سبب. وترك الدعوى من جانبه سيؤدي إلى رفض الدعوى برمتها، إذ دعوى العضل تقام لتزويج المرأة برجل محدد. وكل هذه الاعتبارات تفرض علينا إعادة النظر في كافة جوانب دعاوى العضل.