جرائم منتحلي «الرقية»
منصور الزغيبي
في السنوات الأخيرة طغت ظاهرة مخيفة، وهي تعتبر من ضمن أخطر الجرائم التي تمارس من بعض الدخلاء على عالم الرقية الشرعية، واستغلال الناس أصحاب الحاجات، وخصوصاً من يعانون ظروفاً صحية قاسية، ويستهدفون النساء تحديداً، وذلك من خلال استخدام الغطاء الديني وممارسة النصب والاحتيال والكذب عليهم، وأخذ أموالهم وبيع الوهم لهم، والتحرش والابتزاز والسحر والشعوذة كذلك.

ويعود انتشار هذه الظاهرة إلى أمرين:

الأول: ضعف الوعي الشرعي في هذه المسألة، وأن المتحتم على الإنسان أن يرقي نفسه، وليس بين الإنسان وخالقه وسيط، وهذا مضمون نصوص الشريعة ومقاصدها، ورأي علمائها.

والسبب الثاني: غياب قانون ينظم ذلك ويمنع من وقوع الجريمة، ويحمي المجتمع من اللصوص والمجرمين الذين يستغلون ظروف الناس وأموالهم، ويستخدمون الدين لتمرير سلوكياتهم السيئة والإجرامية.

وقد اطلعت في وقت قريب على صك صدر من إحدى المحاكم الجزائية على أحد منتحلي الرقية، لأنه تحرش بامرأة وابتزّ أخرى في موقف بعيد عن الأخلاق والدين والمبادئ، وصدر عليه الحكم بتوقيع عقوبة بليغة، واستأنف الحكم طالباً خفض العقوبة، إلا أن الحكم صُدِّق من محكمة الاستئناف.

إنني أدعو المختصين إلى دراسة إيجاد آلية تضمن للناس عدم وجود دخلاء ينهبون الناس باسم الدين، كما أدعو إلى دراسة منع الرقية إلا من يحمل ترخيصاً، وهذا يحتاج إلى مزيد من الدراسات الاجتماعية والقانونية والشرعية.

وأشير إلى أن المتوجب على وزارة الشؤون الإسلامية ودعاتها وخطبائها أن يثيروا مثل هذه المسألة، وأن ينشروا ضرورة الابتعاد عن التعلق بالأشخاص في الرقى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه وكذلك الصحابة من بعده وأن هذا هو الأصل.

خلاصة القول، من الوعي الشرعي والطبي والقانوني على المريض أن يتداوى بالأدوية الحسية المادية بحسب الأسباب العلمية، ويأخذ بنصيحة الطبيب الحاذق الذي اشتهر بكفاءته العلمية وخبرته الطويلة، ويقرأ على نفسه من دون وسيط.

ومن الضروري كذلك في الوقت الراهن، أن تقوم الجهات المعنية بدراسة إصدار قانون ينظم عمل الرقاة، لأجل الحد من هذه الظاهرة، وسن عقوبات رادعة لمرتكبي هذه الجرائم ومستغلي ظروف الناس تحت غطاء الدين.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت