توحيد النظام الضريبي في المملكة
عبدالله الفوزان
رئيس مجلس إدارة شركة متخصصة في المحاسبة

في الحقيقة لا يختلف اثنان على قدسية فريضة الزكاة وأدائها من قبل المكلفين ومشروعية جبايتها كذلك وحث الناس على دفعها تطهيراً لأموالهم امتثالاً لقوله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: “ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”؛ حيث لست هنا في صدد الحديث عن مشروعية جباية الزكاة من المكلفين أو طرق تحصيلها، وإنما كان من المهم أن نمهد بالمسلمات التي لاتقبل النقاش حتى أوجّه الانتباه إلى موضوع غاية في الأهمية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالثبات والشفافية والوضوح في بيئة الأعمال، ويعد محرك رئيس في العديد من القرارات الاستثمارية وبدء النشاطات التجارية والصناعية والتفكير بالفرص الاستثمارية بشكل عام والذي يتمثل بتوحيد النظام الضريبي في المملكة وأهمية هذه الخطوة وفوائدها .

إنَّ توحيد النظام الضريبي في المملكة بحيث يشمل جميع المكلفين من خلال توحيد ضريبة الدخل على جميع المنشآت التجارية بجميع أشكالها وأحجامها بشكل عام والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بشكل خاص أمر بالغ الأهمية؛ إذ يواجه المستثمرون السعوديون بجميع الشركات عموماً والمنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم خصوصاً نظام جباية الزكاة الذي يعتمد بأساسه على مجموعة من الفتاوى والقواعد الفقهية التي من الممكن أن تكون قد خلقت نوعاً من عدم الوضوح والضبابية المزمنة في طريقة احتساب الزكاة وعليه قد يكون من المقبول والضروري أن يتم توحيد ضريبة الدخل لجميع المكلفين تحت نظام الضريبة الحالي؛مما سيخلق بلا شك وضوحاً لدى جميع المكلفين سواء أكانوا سعوديين أو غير سعوديين.

كما قد يكون من المفيد أن يعطى المكلف الأحقية في اعتبار ما يدفعه من الزكاة الشرعية المستحقة عليه كجزء من الضريبة ، ويقوم المكلف بدفع الزكاة الإضافية إن وجدت بطريقته الخاصة .

ولابدَّ هنا من التأكيد كذلك على أنّ الضريبة أصبحت واقع وجزء مهم من تطور أي نظام اقتصادي في العالم وتنظيمه؛مما يعني أنَّ الاستمرار في تطبيق النظام القديم للزكاة قد يكون غير مجدي في الوقت الحالي؛ حيث بات من الضروري تسهيل بيئة الأعمال ووضوحها في ظل التوجهات الحثيثة التي تقودها الحكومة في عملية تحفيز ودعم القطاع الخاص وتسهيل أعماله .

كل ماتقدم وما سبق طرحه قد تكون من أهم العوامل التي تساهم في تنظيم بيئة العمل التجاري في المملكة كجزء من عملية التحول التي تقودها المملكة في مختلف المياديين،وسيخدم بيئة الأعمال كذلك ويلغي العديد من التناقضات والاجتهادات الموجودة في طرق احتساب تحصيل الزكاة بوضعها الحالي كما ستعمل على تخفيف الاعتراضات التي تنشأ بين السلطات الضريبية والمكلفين عندما تكون البنود منظمة ومحددة لا مجال فيها للتقدير والاجتهاد في ظلّ وجود عدة ضرائب كضريبة الدخل والزكاة بالإضافة إلى الضرائب المستحدثة، مثل: ضريبة القيمة المضافة وضريبة تسعير المعاملات التي طرحت مسودتها للتشاور العام في الوقت الحالي من قبل الهيئة العامة للزكاة والدخل، أما الحديث عن آليات التنفيذ لتوحيد النظام الضريبي فهو ما سأتحدث عنه في مقال مفصل في وقت لاحق .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت