معايير الضرائب المباشرة

المؤلف : علي هادي عطية الهلالي
الكتاب أو المصدر : تفسير قوانين الضرائب في العراق
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

قسمت الضرائب تقسيمات عدة ، فمنهم من قسمها ضرائب نسبية وأخرى تصاعدية ، في حين ذهب آخرون إلى تقسيمها ضرائب عينية وأخرى شخصية ، ويوجد تقسيم آخر يقسمها ضرائب على الأموال وضرائب على الأشخاص . وإذا ما حصرنا مدار البحث بالضرائب المباشرة يحق لنا التساؤل عن مفهومها ومعايير تمييزها من الضرائب غير المباشرة . اهتم الفقه المالي بايراد بعض معايير للتمييز دون أن يتمكن من إيراد تعريف جامع مانع لها ، عموماً أن الفقه المالي يعرض معايير للتمييز يمكن إجمالها بما يلي : –
أولاً :- المعيار الاداري :-
يعتمد هذا المعيار على اسلوب التحصيل فاذا كان هذا الاسلوب يتم بموجب جداول اسمية متضمنة اسم المكلف وتقديره والمبلغ الواجب الدفع فانها تعد ضريبة مباشرة ، في حين ان عدم اتباع هذا الاسلوب في تحصيل الضريبة يجعل منها ضريبة غير مباشرة(1).وهكذا فان هذا المعيار يستند فيما يظهر إلى معرفة المكلف المسبقة من جانب السلطة المالية ومبلغ الضريبة الواجب الدفع من قبله كضريبة ، في حين أن الأمر على العكس تماماً في ظل الضرائب غير المباشرة فلا يمكن تحديد اسم المكلف ومبلغ الضريبة ، بمعنى أن الضريبة غير المباشرة بخلاف الضريبة المباشرة تفرض وتجبى بدون جداول اسمية ولا يوجد اتصال دائم ومباشر بين المكلف والادارة الضريبية كون الضريبة غير المباشرة تفرض بمناسبة حدوث الواقعة المنشئة للضريبة كاجتياز السلعة حدود الدولة فأنها تخضع للضريبة الكمركية . بناءً على ما تقدم توجه الفقه المالي بانتقادات عدة لهذا المعيار منها أنه تعوزه الكفاية والاحاطة بكل أنواع الضرائب ، إذ أن هناك من الضرائب المباشرة ما يجبى من دون جداول اسمية ولا تعد على الرغم من ذلك ضرائب غير مباشرة لانعقاد الاجماع في الفقه المالي على كونها ضرائب مباشرة كالضريبة المفروضة على الأسهم والسندات وضريبة التركات(2).
ثانياً : معيار راجعية الضريبة (نقل العبء ) : –
يعتمد هذا المعيار على من يتحمل عبء الضريبة وبموجبه فان الضريبة تعد مباشرة إذا كان المكلف بها قانوناً هو الذي يتحملها بصورة نهائية من دون أن يستطيع نقل عبئها إلى الغير في حين تعد الضريبة غير مباشرة إذا كان المكلف يستطيع نقل عبئها إلى غيره كالمستورد في مجال الضريبة الكمركية(3). وهكذا فان أنصار هذا المعيار يشددون على مسألة الوسيط في دفع الضريبة ، فضريبة الدخل مثلاً أو ضريبة العرصات تكون مباشرة كون المكلف بها لا يستطيع نقل عبئها إلى غيره أي انعدام دور أي وسيط بين المكلف القانوني والسلطة المالية ، في حين أن الضريبة الكمركية تعد ضريبة غير مباشرة لأن المكلف القانوني يستطيع نقل عبئها إلى غيره بعد أن يقوم باضافة مقدار الضريبة إلى ثمن السلعة(4).

وفي معرض الانتقادات الموجهة إلى هذا المعيار فأنه يعتمد على ظاهرة نقل العبء التي تتاثر بالظروف الاقتصادية وحالة السوق(5). كون أن اغلب الضرائب المباشرة يمكن أن تعد على وفق هذا المعيار ضرائب غير مباشرة فضريبة العقار وهي من الضرائب المباشرة إذا استطاع المكلف القانوني بها ( المؤجر ) من نقل عبئها إلى ( المستأجر) بعد إضافتها إلى بدل الايجار فأنها تعد ضريبة غير مباشرة .
ثالثا : معيار ثبات وعاء الضريبة : –
يعتمد هذا المعيار على ثبات المادة الخاضعة للضريبة ، إذ تعد الضريبة مباشرة إذا كانت المادة الخاضعة متميزة بالثبات ، فضريبة العقار هي ضريبة مباشرة كون ملكية العقار ثابتة في حين أن الضريبة المفروضة على وقائع وتصرفات غير ثابتة كالضريبة الكمركية فهي ضريبة غير مباشرة كونها تفرض على مادة غير ثابتة(6). ويكاد ينعقد رأي أغلب الفقه المالي على هذا المعيار ويدعو اغلبهم إلى اعتماده بالرغم من كون هذا المعيار لا يحسم طبيعة ضريبة التركات كونها تعد ضريبة مباشرة في حين أن المادة الخاضعة للضريبة لا تتسم بالثبات بمعنى أن تطبيق هذا المعيار يجعل من ضريبة التركات ضريبة غير مباشرة(7).
رابعاً : معيار المقدرة التكليفية :-
يؤيد جانب من الفقه المالي أن الضريبة تعد مباشرة إذا كانت تراعي المقدرة التكليفية للمكلف أي: أنها تراعي الطاقة الضريبة الحقيقية للمكلف ، في حين أن الضريبة تكون غير مباشرة إذا كانت لا تأبه بمقدرة المكلف التكليفية أي أنها تفرض من دون أن تحصي ما يتحمله المكلف من أعباء شخصية(8). بناءً على ما تقدم تكون ضريبة الدخل ضريبة مباشرة كونها تنزل من مقدار الدخل الاجمالي ما يتكبده المكلف من أعباء شخصية قبل فرض الضريبة ، في حين الضريبة الكمركية تفرض على مجرد اجتياز البضاعة حدود الدولة من دون أي تنزيل وبالتالي فأنها تعد ضريبة غير مباشرة. ونرى من جانبنا أن المعايير المتقدمة قد تحسم جانب من الاشكاليات المعروضة وإنْ كانت لا تعطي حلاً لجانب آخر منها بمعنى أن أخذ كل معيار على انفراد لا يمكن أن يقطع دابر التساؤل في بعض أنواع الضرائب حول ما إذا كانت تعد مباشرة أو غير مباشرة …

وبالرغم من هذا فأننا نميل إلى معيار ثبات المادة الخاضعة للضريبة لما فيه من رجحان وتجرد عن ظروف وأحوال متغيرة غير ثابتة كالظروف الشخصية التي يستند إليها معيار المقدرة التكليفية للمكلف أو الأحوال الاقتصادية وتأثيرات العرض والطلب التي يستند إليها معيار راجعية الضريبة ، وفضلاً عن هذا وذاك فأن المعيار الاداري – على حصافة مضمونه – فأننا نجده نتيجة حتمية لثبات المادة الخاضعة للضريبة ، إذ لولا هذا الثبات لما كانت هناك جداول اسمية واتصال دائم مباشر بين المكلف والسلطة المالية .
__________________
1- د . طاهر الجنابي . دراسات في المالية العامة ، دار الكتب والوثائق / بغداد ، 1990 ، ص 176 . وبالمعنى نفسه انظر د . عادل حشيش . اساسيات المالية العامة ، دار المعرفة الجامعية / الاسكندرية ، 1996 ، ص 164 .
2- د . هاشم الجعفري . مبادىء المالية العامة والتشريع المالي ، مطبعة سلمان الاعظمي ، 1961 ، ص 119 .
3- د . طاهر الجنابي . دراسات في المالية العامة ، مصدر سابق ، ص 176 . وكذلك د . عادل أحمد حشيش ، مصدر سابق ، ص 164 – 165 .
4- ndford ، C . T . economics sandford ،C،T، economics of public finance ، pergamon press ، 1969 ، p83-84 . and ursula k . hicks M . A . ، publicfinance cambridge university press ، 1968 ، p 133 .
5- لمزيد من التفصيل انظر :- الاستاذ جهاد سعيد خصاونه . المالية العامة والتشريع الضريبي وتطبيقاتها العملية وفقا للتشريع الأردني ، ط 1 ، دار وائل للنشر / عمان ، 1999 – 2000 ، ص 116 .
6- د . طاهر الجنابي . اساسيات المالية العامة ، مصدر سابق ، ص 176 ، وكذلك د . عادل أحمد حشيش ، مصدر سابق ، ص 164 .
7- د . هاشم الجعفري ، مصدر سابق ، ص 122.
8- د . طاهر الجنابي . علم المالية العامة والتشريع المالي ، مصدر سابق ، ص 146 .