الدقة في التصرفات الشرعية -الهبة و الوصية مثالا
يغيب عن عامة الناس الفوارق الدقيقة للتصرفات القانونية التي يزمعون القيام بها-و ينتج عن ذلك اشكاليات عند التنفيذ ومن ذلك رجل توفى و ترك بنات و إخوة و أخوات و أم و قد ورثت أمه السدس و كررت على مسامع أهلها و ذوييها (بأنها قد وهبت نصيبها من ارث ابنها لبناته) ثم توفيت تلك الأم فهل يصبح نصيبها للبنات المذكورات أو لا؟ لان ورثة الأم يرغبون في تنفيذ و إمضاء رغبتها ما عدا بنت واحدة فهي تصر على أن تأخذ نصيبها.. فما هو الرأي في الموضوع؟

ج- رأينا الفني الذي نتوقع أن يكون هو الرأي الشرعي أيضا هو أن تحل المسالة عن طريق المعالجة الآتية:
1- إذا افترضنا أن الأم قد وهبت نصيبها للبنات فان التصرف باطل لان الهبة تحتاج إلى قبول من الواهب أو ممن يقوم مقامه كالولي و الوصي , و بالتالي فان البنات لا يحصلون على شيء .
2- إذا افترضنا أن المقصود هو وصية و إنما تم التعبير عنها بلفظ الهبة فإنها تنفذ في الثلث و حيث أن الورثة (ما عدا بنت واحدة) يوافقون على تنفيذ الوصية في كامل النصيب فان البنات يحصلون أيضا على الثلثين الباقيين مخصوما منهما نصيب البنت المعترضة .
3– إذا دار الشك بين أن المقصود هو وصية أو هبة و لم تكن هناك قرينة و كانت كفتا الاحتمال متساويتين فمن حيث الصناعة الفقهية ينبغي أن نفسر التصرف بأنه وصية لسببين أولهما أن مقدار الوصية و هو الثلث هو مقدار متيقن لأنه لو كان هبة ا وصية فالثلث مقصود في أيهما كان ..و لأن في مورد الشك يقتصر على الأقل و على المقدار المتيقن و ثاني الأسباب هو أن عمل المسلم يحمل على الصحة فإذا دار الأمر بين تصرف صحيح و تصرف باطل توجب أن نحمل تصرفه على التصرف الصحيح منهما .
ومما المثال السابق يتضح النصيحة لتوجيه أي راغب في التعاقد أو التصرف القانوني الى مختص ليفصل له ما يرغب في قالب قانوني واضح و سليم

الشيخ عبد الهادي خمدن

إعادة نشر بواسطة محاماة نت