الأمن السيبراني .. يحمي الفضاء السعودي
د. أمين ساعاتي

الأمن السيبراني هو تخصص حديث نسبيا ووظيفته الأساسية هو حماية فضاء الدول من الهجمات الإلكترونية المعادية التي تديرها الدول ضد بعضها بعضا، أو التي تستخدمها المنظمات الإرهابية لتخريب الأمن والاستقرار في الدول المستهدفة، بمعنى أن الأمن السيبراني هو فرع من فروع التكنولوجيا المعروفة باسم “أمن المعلومات”.

الأخطر من ذلك، أن المنظمات الإرهابية باتت تهدد أمن الدول، وأصبح المجرمون يحترفون استخدامه لاختراق أنظمة الكمبيوتر في الدول حتى الوصول إلى المعلومات والحسابات السرية، ولذلك انتشر الإرهاب الدولي في كل مكان من العالم. بمعنى أن الأمن السيبراني.. هو الأمن الذي يحمي أجهزة وشبكات الحاسب الآلي في الدولة من أي تدخل أو اقتحام عدواني يستهدف تغيير أو إتلاف أجهزة الحاسب والشبكات. وبتعبير آخر، فإن الأمن السيبراني هو عملية اكتشاف الاقتحامات الخارجية لأنظمة الحواسب الإلكترونية والشبكات. إن الحروب الإلكترونية أضحت قضية من القضايا التي أصبحت تشغل وتقلق المجتمع الدولي، ونذكر جميعا أن النظام الإلكتروني في المملكة تعرض للاقتحام والتشويش في العام الماضي، كذلك تعرضت شركة أرامكو منذ عدة شهور للاقتحام والتشويش، لكن الأمن السيبراني السعودي استطاع ببسالة فائقة أن يحمي المؤسسات السعودية من عدوان بغيض استهدف المكتسبات التنموية في السعودية.

كل ذلك ومثله كثير، أضحى يقلق المجتمع الدولي بعد أن أصبح الفضاء الإلكتروني للدول مجالا للحروب الإلكترونية بين الدول، وأصبح الفضاء عرضة للاقتحام والعدوان. ونلاحظ أنه طوال العامين الماضيين تصدرت الأخبار العالمية قضية التجسس الروسي على سير انتخابات الرئاسة الأمريكية، بل إشاعة تأثيرها لمصلحة فوز الرئيس دونالد ترمب. وما زالت قضية التجسس الروسية على الانتخابات الأمريكية قضية معروضة للتحقيق والمساءلة، وما زالت تتفاعل وتتهدد العلاقات الأمريكية – الروسية، بل تتهدد استمرار ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حتى نهايتها.

إذن، موضوع الأمن السيبراني موضوع كبير وخطير، ولذلك أحسنت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، صنعا حينما أعطت موضوع الأمن السيبراني أهمية بالغة، وأصدر حفظه الله أمرا ملكيا بإنشاء الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، وتهدف الهيئة الوطنية للأمن السيبراني إلى تعزيز وحماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات والبرمجيات في السعودية، وما تقدمه من خدمات وما تحتويه من بيانات. ونحن إذا رجعنا وقرأنا “رؤية السعودية 2030″، فإننا نلاحظ أن “الرؤية” تعتمد على تكنولوجيا المعلومات في تنفيذ المشاريع العملاقة، وكان مشروع نيوم من المشاريع العملاقة التي لعبت فيها تكنولوجيا المعلومات دورا مهما في دفع هذا المشروع العملاق قدما إلى الأمام، وسيدفع المشروع السعودية كي تصبح إحدى الدول التي تضع المملكة جنبا إلى جنب مع الدول العشرين الأقوى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا. وإذا كانت المملكة تنفذ مشاريعها التنموية من خلال بناء الإنسان مع التركيز على استخدام التقنية وعلى الثورة الرقمية، فإنها أعطت للأمن السيبراني الأولوية كي تحمي فضاءاتها وحدودها الدولية. ولقد حققت السعودية نجاحات منقطعة النظير في الدفاع عن فضاءاتها وصدت بنجاح كل الصواريخ الباليستية التي كانت إيران من خلال عصابات الحوثي ترسلها على الأراضي السعودية الطاهرة.

ولقد حققت الدفاعات العسكرية السعودية الباسلة تفوقا رائعا في صد هجمات القراصنة الفرس وإحباط العدوان وتفجير الصواريخ الباليستية في الفضاء قبل أن تصل إلى أهدافها في الأراضي السعودية الطاهرة. ولذلك، فإن مشروع الأمن السيبراني هو أحد المشاريع التي وضعت السعودية ضمن الدول العتيدة القادرة على حماية مكتسباتها التنموية والماضية قدما في تحقيق رسالة الأمن والسلام والاستقرار في منطقة تمور بالتوتر والقلق والاحتكاكات العسكرية المسلحة التي تنذر باندلاع الحروب الإقليمية المدمرة لولا وجود دولة مثل المملكة العربية السعودية التي آلت على نفسها أن تقوم بمهمة إطفاء الحرائق ونشر الاستقرار والأمن في كل مكان من هذه المنطقة التي رزئت بوجود دولة مثل إيران ورزئت بعصابات مثل الحوثيين! وبهذا، نستطيع القول إن السعودية حققت نجاحا كبيرا في المساهمة مع الدول المحبة للسلام والأمن في محاربة الإرهاب الدولي، ومساهمة المملكة في القضاء على فلول الدواعش في العراق ليست خافية على المجتمع الإقليمي والمجتمع الدولي، وهي مكان تقدير واعتراف المجتمع الدولي إزاء ما قدمته من إسهامات في الوصول إلى أوكار الدواعش والقضاء عليهم في ربوع العراق الشقيق.

إن الدول اليوم إذا أرادت أن تحمي مكتسباتها التنموية السلمية وتحقق التفوق، فإن بناء الأمن السيبراني هو العنصر الأهم لحماية مشاريع الدولة من عبث العابثين ومن الخوارج الذين لا هم لهم إلا العبث بمقدرات الشعوب والاستهتار بمبادىء الأمن والسلم الدوليين. ولا شك أن النهضة التي تحققها السعودية في كل مكان وفي جميع المجالات في أمس الحاجة إلى شبكة للأمن السيبراني وتحمي المكتسبات وتمكن الدولة من المضي قدما نحو إرساء قواعد التنمية والبناء في كل أنحاء هذه المملكة الفتية التي نشرت في ربوع أراضيها كثيرا من الخيرات والعمار، والله – سبحانه وتعالى – سيمكن دولة الخير من تحقيق مزيد من الخير والبناء لشعب المملكة ولشعوب المنطقة عامة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت