قرار المنح المؤقت هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء

من أجل القول أن قرار المنح هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء، لا بد أن ينطبق عليه أولا مفهوم القرار الإداري، ثم التأكد من الشرط المتعلق بإلحاق الأذى بنفسه، والذي يشكل ركن المصلحة في المتعهد الذي يريد استعمال هذا الحق في الطعن.

– أولا: قرار المنح المؤقت هو قرار إداري.
للقول إن كان قرار المنح المؤقت قرارا، لا بد من تحديد مفهوم هذا الأخير، ومطابقته مع قرار المنح المؤقت، ومن أجل ذلك، سوف نطابق مختلف المعايير التي استعمالها الفقه والقضاء والتشريع في ذلك [1].
– تعريف القرار الإداري حسب المعيار العضوي: باستعمال هذا المعيار عرف العميد ليون دوقي القرار الإداري بأنه: ” كل عمل إداري يقصد تعديل الأوضاع القانونية القائمة وقت صدوره أو كما ستكون في لحظة مستقبلة معينة ” [2].غير أن هذا التعريف أغفل عنصرا هاما هو أن القرار الإداري صادر بإرادة منفردة وأنه ملزم.

أما الأستاذ أحمد محيو فيعتمد على المادة 274 من قانون الإجراءات المدنية، لاقتراح تعريف يتماشى والمبدأ الوارد فيها، فيرى أن القرارات الإدارية هي: ” القرارات التنظيمية أو الفردية الصادرة من السلطة الإدارية” [3].
بينما الأستاذ عمار عوابدي فيعتنق نفس التعريف الذي قال به الدكتور فؤاد مهنا الذي يرى أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح، وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وكان الباعث فيه ابتغاء مصلحة عامة” [4].
ويرى الأستاذ رشيد خلوفي أن القرار الإداري القابل للإلغاء هو ذاك العمل القانوني التنفيذي الصادر عن سلطة إدارية، بإرادتها المنفردة، والذي يلحق الأذى بذاته [5].
ويعرفه القاضي خالد قمبوعة بأنه: “عمل قانوني صادر عن السلطة الإدارية أو شخص يمارس السلطـة الإدارية بإرادتها المنفردة يؤثر على حقوق وواجبات الغير دون موافقتهم” [6].
وبالرجوع إلى أحكام المادتين 7 و274 من قانون الإجراءات المدنية نلاحظ أنها استعملت “المعيار العضوي حيث أن القرار الصادر عن الهيئة الإدارية فقط هو الذي يمكن أن يكون محلا للطعن ” [7]، وهو نفس المعيار الذي تشترطه التعريفات السابقة.
والمقصود بالمعيار العضوي حسب ما هو مقرر في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية، وكذا المادة 09 من القانون العضوي 98-01 [8]، هو أن يكون هذا القرار صادر عن الدولة أو الولاية أو البلدية أو المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، أي أنه يتعين علينا مبدئيا استبعاد كل شخص عام آخر.

فإذا طبقنا هذا المعيار على قرار المنح المؤقت نستنتج أنه ليس قرارا إداريا قابلا للإلغاء أمام القاضي الإداري على اعتبار أنه صادر عن مؤسسة عمومية غير إدارية.
غير أن الأستاذ أحمد محيو يشكك في هذا الرأي، معللا موقفه بما ذهب إليه المشرع ذاته الذي استعمل المعيار المادي من أجل إخضاع بعض القرارات لدعوى الإلغاء.

– تعريف القرار الإداري حسب المعيار المادي: يرى الأستاذ أحمد محيو أن للمعيار المادي مكانته في تعريف القرار الإداري في النظام القانوني الجزائري، ولا يمكن القول بأن المعيار العضوي هو الوحيد المستعمل ذلك ” أن الأمور ليست بهذه البساطة وذلك لسببين أولهما أن المشرع الجزائري قد اضفى صفة القرار الإداري على قرار هيئة مهنية وليست هيئة إدارية، قاصدا المنظمة الوطنية للمحامين، آخذا بعين الإعتبار المعيار المادي[9].
وثانيهما، هو وجود شركات وطنية تتمتع بنظام الشركات التجارية الخاضعة للقانون الخاص ومنازعاتها تدخل في اختصاص القاضي العادي، ولكن هذا النظام البسيط في البداية قد عرف ميلا إلى التعقيد ليصبح مختلطا وذلك بتطبيق قواعد القانون الإداري” [10].
و تجدر الإشارة إلى أنه إضافة إلى ما جاء به العميد أحمد محيو، فقد أخضع المشرع الجزائري القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية المستقلة إلى دعوى الإلغاء [11]، كما أنه استعمل المعيار المادي صراحة في المادتين 55 و56 من القانون 88-01 المتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقتصادية.

وقبل صدور هذا القانون، كان القضاء قد قبل استعمال المعيار المادي لعقد اختصاصه في دعوى الإلغاء، بمناسبة صدور قرار المحكمة بتاريخ 8 مارس 1980، في قضية شركة « SEMPAC » ضد « OAIC » [12]، وهي قضية وحيدة من نوعها، فيها كل التعبير عن مكانة وإمكانية استعمال المعيار المادي لتحديد الطبيعة الإدارية لقرارات صادرة عن أشخاص قانونية خاصة.
إضافة إلى ما سبق، فقد استعمل المشرع المعيار المادي من أجل تعريف الإدارة العامة في المادة 05 من المرسوم رقم 84-325 المؤرخ في 03/11/1984 المتضمن شروط بسط العلم الوطني، التي نصت على أنه: ” تعتبر كإدارة أو مصلحة غير مركزية أو لا مركزية وطنية ولائية أو بلدية كل مصلحة ذات السلطة العامة”.
زيادة على ما سبق بيانه فإن مناهج التفسير في العلوم القانونية، تحث على التفكير فيما أراده المشرع من إقراره في المادة 101 من المرسوم الرئاسي 02-250 أنه يوجد طرق للطعن في قرار المنح المؤقت ضمن القواعد القانونية سارية المفعول، فباستعمال منهج”L’argument apagogique ou de réduction à l’absurde” [13]، الذي يقتضي أنه لا يمكن للمشرع وضع نص غير قابل للتطبيق أو أن تفسيره يؤدي إلى نتيجة غير معقولة. يصبح القول بأنه لا يوجد في التشريع الساري المفعول أية طريقة للطعن هو النتيجة غير المعقولة ذاتها.
كما أن استعمال منهج التفكير حسب الهدف من النص ” L’argument téléologique ” [14]، القاضي بالبحث عن الهدف الذي كان يرمي إليه المشرع من خلال النص على أن قرار المنح المؤقت يمكن الطعن فيه حسب طرق الطعن المقررة في التشريع الساري المفعول، يوصل إلى القول أن القانون المقصود هو قانون الإجراءات المدنية لأنه الوحيد الذي يقرر طريق طعن وحيدة تنصب على القرارات الإدارية.

– ثانيا: قرار المنح المؤقت هو قرار قابل للطعن فيه بدعوى الإلغاء.
لا يكفي أن يكون القرار إداريا كي يمكن الطعن فيه بدعوى الإلغاء، وإنما لا بد أن يكون ملحقا الأذى بنفسه، وهو الشرط الذي يعبر عن المصلحة في الدعوى.
وإلحاق الأذى يتمثل في عنصر مهم، يستشف من خلال الرجوع إلى الإلتزامات الملقاة على المصلحة المتعاقدة عند اختيارها المتعهد الذي سوف تتعاقد معه.
وقد سبق بيان أن المناقصة تحكمها مجموعة من المبادئ والقواعد القانونية، لاسيما مبدأ المساواة والعلنية والإشهار، ولذا كل مخالفة لهذه المبادئ يمكن الإعتماد عليها للقول بتوافر شرط إلحاق الأذى.
كما سبق بيان أن على المصلحة المتعاقدة أن تختار أحسن عرض من العروض التي يتبين من فحص لجنة تقويم العروض أنها جديرة بالفوز بالصفقة.
ذلك أنه في ميدان المناقصات يتم اختيار أحسن العروض، وهو الحاصل على أكبر مجموع من النقاط، تمثل كل منها أحد معايير الإختيار، فقد يتحصل متنافسان أو أكثر على نفس مجموع النقاط من دون أن يكون تفصيلها متشابها، فيتم اختيار عرض ورفض آخر، فيتحقق شرط إلحاق الأذى.
وعلى كل حال فإن مجرد استبعاد عرض وقبول آخر يعتبر إلحاقا للأذى بصاحب العرض المستبعد، والذي يحق له تقديم طعن أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء.