الأفراد كمحل للحقوق في المعاهدات.

* يرجع الجدل الفقهي الذي أثاره مركز الفرد على المستوى الدولي إلى عدم إدراك الفارق بين الاعتراف له بالحقوق في المعاهدات الدولية، ومدى إمكانية اقتضاء الفرد لهذه الحقوق بنفسه، فالأفراد رغم تمتعهم بالحقوق فإنهم لا يمكنهم كفالة هذه الحقوق على المستوى الدولي إلا عن طريق الدول التي يتبعونها، غير أن ذلك لا يعني أن الفرد لا يمكن أن يعد من أشخاص القانون الدولي، أو أن حقوقه بصفة كاملة منوطة بالسلطة التي تتمتع بأهلية اقتضاء الحقوق نيابة عن الأفراد لذلك، فإن الرأي السائد في الفقه والذي ينادي بأن حقوق الفرد حال تواجده في بلد جنبي هي حقوق دولته وليست حقوقه هو رأي يجانبه الصواب، فالمفهوم الصحيح لدور الدولة في هذه الحالة هو أن دولة الشخص الأجنبي عندما تقوم باقتضاء الحقوق فإنها تذوب عن مواطنيها في المطالبة بحقوقهم التي تقررت بموجب المعاهدات الدولية أمام الدول الأجنبية، ولذلك، فإنه يجب استبعاد نظرية اقتضاء الحقوق وعدم اعتبارها الأساس الذي يبنى عليه الرأي القائل بأن الفرد لا يمكن أن يعد شخصاً من أشخاص القانون الدولي.

* وللإجابة على التساؤل الذي يطرح نفسه دائماً، عما إذا كان الفرد في بعض الأحوال يمكن أن يكون من أشخاص القانون الدولي أم لا، وما إذا كان هذا الوصف يمتد ليشمل أهلية الفرد لاقتضاء حقوقه، يجب الرجوع إلى كل حالة على حدة والنظر في المعاهدة التي تقرر للفرد الحقوق محل البحث، ويفرق فقهاء القانون العام في هذا الصدد بين الحقوق والحريات السلبية، وهي التي تظهر في صورة قيود على سلطة الدولة، والحقوق والحريات الإيجابية التي تتضمن خدمات إيجابية تقدمها الدولة إلى الأفراد.

* ويتضح المركز القانوني للفرد بالنظر إلى مدى إمكانية مطالبته بحقوقه مباشرة، طبقاً لنص المعاهدة التي تقرر له هذه الحقوق، بصفة استقلالية ودون الرجوع إلى النظام القانوني الداخلي الذي يتبعه، والاتفاقيات الدولية التي تتناول بالتنظيم حقوقاً للأفراد أو تضع أنظمة كما يتهم لا تقرر عادة حقوقاً مباشرة للأفراد وإنما ترتب حقوقاً والتزامات على عاتق الأطراف فيها ويترتب على ذلك أن الإفراد وإن كانوا يستفيدون من الحقوق التي أقرتها هذه الاتفاقيات.

فإنهم لا يمكنهم كفالة حماية هذه الحقوق أما الدول الأجنبية إلا عن طريق الدول التي يتبعونها طبقاً لقواعد الحماية الدبلوماسية.
* كما أن الحقوق الدولية للأفراد لا تصبح نافذة في إطار النظام القانوني الداخلي إلا وفقاً للقواعد المتعلقة بنفاذ المعاهدات داخل الدولة، وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية والإشارة إلى أنها تحفظت قائلة “أنه من الممكن أن تكون نية أطراف المعاهدة هي إنشاء مثل هذه الحقوق أو الالتزامات بالنسبة للأفراد ونفاذها أمام المحاكم الداخلية.
* وقد تناول رأي المحكمة رفضها الحجة التقليدية التي تنكر إمكانية اعتبار الفرد شخصاً من أشخاص القانون الدولي لعدم تمكنه مباشرة من اقتضاء الحقوق والتحمل بالالتزامات التي ترتبها الاتفاقيات التي تقرر حقوقاً للأفراد أو تضع أنظمة كما يتهم وقد أكدت المحكمة إمكانية تمتع الفرد بالحقوق وتحمله بالالتزامات إذا اتجهت نية أطراف المعاهدة إلى ذلك، ولا يعد ما قررته المحكمة واقعة فريدة من نوعها فقد توالت المحاكم بعد ذلك مؤيدة هذا الاتجاه.®

اعادة نشر بواسطة محاماة نت