مقال عن رأي قانوني حول زيادة المكافآت لأعضاء مجالس المحافظات في العراق

يعد أعضاء مجلس المحافظة غير المنظمة في إقليم ممثلين لأبناء محافظتهم، فهم يعبرون عن احتياجاتهم وأمانيهم وأمالهم ويسعون لتحقيقها بكل الوسائل المتاحة، ولقاء تفرغهم لهذه المهمة منحهم المشرع مكافأة مالية شهرية حددها في قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008، وذلك في المادة (16/ ثانياً) التي نصت على إن “يستحق عضو المجلس في مقابل خدمته مكافأة شهرية تعادل ما يتقاضاه المدير العام من راتب ومخصصات يتم الرجوع إلى قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 وتعديلاته ولاسيما. القانون رقم (22) لسنة 2008 قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام.

ومع ذلك اتجهت بعض مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم إلى مخالفة نص المادة (16/ ثانياً) سالفة الذكر ومنحت أعضائها زيادة أخرى على المكافأة الشهرية قدرها مليون دينار عراقي مستغلة بذلك ما منحها القانون من سلطة تشريعية محلية، ولكن فاتها إن المادة (7) من قانون مجالس المحافظات وهي في معرض تعداد اختصاصات مجلس المحافظة بينت بأن للمجلس إصدار التشريعات المحلية والأنظمة والتعليمات لتنظيم الشؤون الإدارية المالية بما يمكنه من إدارة شؤونها… وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين الاتحادية”

وبما إن قانون مجالس المحافظات المذكور قانون اتحادي وقد خالفه قرار زيادة المكافأة الشهرية لأعضاء مجلس المحافظة، لذا فإن هذا القرار يعد غير قانوني ويمكن الطعن فيه بالإلغاء أمام المحكمة الاتحادية العليا التي تعد قراراتها باتة وملزمة هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن هذه الزيادة في المكافأة الشهرية ستؤثر على ميزانية المحافظة من جهة والميزانية العامة الفدرالية للدولة من جهة أخرى، فالبند (خامساً) من المادة (7) مارة الذكر قد أوضحت بأن لمجلس المحافظة “1. إعداد مشروع الموازنة الخاصة بالمجلس لدرجها في الموازنة العامة للمحافظة، 2. المصادقة على مشروع الموازنة العامة للمحافظة… ورفعها إلى وزارة المالية في الحكومة الاتحادية لتوحيدها مع الموازنة الفدرالية”.

وبذلك يتضح التأثير السلبي لهذه الزيادة على المواطن العراقي محلياً ووطنياً فمبلغها سيقتطع من دخول الأفراد، ولا أدل على ذلك من إلغاء عقود العاملين في دوائر الدولة والقطاع العام بسبب وجود عجز في ميزانية المحافظة فضلاً عن تردي الخدمات في المحافظة للسبب نفسه. فلو فرضنا إن أعضاء مجلس المحافظة (30) عضو، فان تطبيق الزيادة هذه يعني تحميل ميزانية المحافظة (30) مليون دينار شهرياً و (360) مليون دينار سنوياً، ناهيك عن باقي المحافظات الأخرى.

ولذا ندعو أعضاء مجالس المحافظات إلى سحب مثل هكذا قرار للأسباب المذكورة، وإلى جعل الهدف الأول الأساس في تولي هذا المنصب خدمة الشعب وحماية مصالحه، فهذا منصب مسؤولية لا منصب تشريف وتمييز، وفي ذلك تطبيق لقول الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (ص) “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” كما إن في سلفنا الصالح خير قدوة في ذلك، فها هو أمير المؤمنين ورئيس الدولة الإسلامية علي بن أبي طالب (ع) قد سكن في بيت مصنوعة جدرانه من الأوتاد الخشبية وسقفه من جريد النخل، وفراشه من الحصير الرث وكان إذا وقف فيه لامس رأسه الشريف سقف هذا المنزل وذلك بعد أن أبى أن يسكن بالقصر الأبيض بالكوفة مراعاة ومواساة للفقراء في سكناهم، أما طعامه فكان من خبز الشعير غير المنخول اليابس الذي كان (ع) يكسره على فخذه الشريف وأدامه من اللبن الحامض وحلواه من التمر في حين كان الطعام في العراق مختلف ألوانه وأصنافه، أما لباسه فلم يكن سوى الملابس الخشنة. وما ذلك كله إلا مصاديق لقوله الشريف والذي لطالما ردده لا أكون أميراً للمؤمنين ما لم أشاركهم جشوبة العيش وأكن منهم كأدناهم.

وأما الأموال التي تكن في حوزته والتي هي من أمواله الخاصة كراتبه من بيت المال وما يؤتى إليه من أموال نتيجة لاستصلاحه الأراضي الموات فكان (ع) يوزعها جميعاً في سبيل الله تعالى ولا يبقى له شيئاً إلا ما ندر.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت