مقال عن دور الكاتب المقرر لتقدير الضريبة

قد يبدو لمفتش الضرائب – خصوصا إذا كان مبتدءا – ومنذ الوهلة الأولى أن تصحيح ومراقبة الضريبة تدخل في اختصاصاته وصلاحياته التي يتمتع بها بقوة القانون والتي لايمكن أن ينازعه فيها أحد أو يزيحه عنها أحد ، بفضل ما يملكه من سلطة تقديرية وما يتمتع به من امتياز في عمله يجعله في موقع قوة أو في مكان تجلة اتجاه خاضع للضريبة ربما لا يفقه شيئا في الميدان ، دون أن يدري في بعض الأحيان أن الذي فرضت أو ستفرض عليه الضريبة يتمتع أيضا بامتياز موازي وكما عليه واجبات اتجاه خزينة الدولة فهو صاحب حقوق يمكن أن يستعملها كلما أحس بأن مفتش الضرائب المذكور قد تجاوز اختصاصاته أو تعدى صلاحياته التي رسمها له القانون الذي أصبح اليوم لايرحم أحدا ولايميز بين هذا وذاك أبدا.

فمفتش الضرائب شأنه شأن باقي موظفي الدولة والجماعات الترابية لم يعد ذاك الذي يمشي الهوينى متبجحا بوظيفته منتشيا بمهمته ، ليفعل ما يشاء ويسلط سلطته على من يشاء ، لأن الزمن قد تغير ويد القانون أصبحت طولى والعقوبة أصبحت قريبة من كل مقصر أو متجاوز، ولكن لا خوف على كل موظف يتمسك بعروة القانون ويحترم مقتضيات القانون في أعماله وأفعاله ويعطي كل ذي حق حقه .

نعم الدولة في حاجة إلى ضرائب ورسوم تغذي بها ميزانيتها ، والمواطن الذي هو جزء لا يتجزء من الدولة بل هو لبنة أساسية من لبناتها لايمكن أن نسمه بالصلاح ولايمكن أن يصل إلى الفلاح إلا إذا كان مساهما ومواظبا على المساهمة في تحمل الأعباء العامة في حدود إمكانياته ومداخيله.

فطوبى لهذا المواطن الصالح الذي أنصفه القانون ووضع رهن إشارته مجموعة من الحقوق ومنها حقه في الدفاع عن نفسه وحقه في المنازعة في ضريبته أو الطعن فيها سواء لدى الإدارة التي ينتمي إليها المفتش الذي أصدرها أو لدى اللجان الضريبية التي أحدثت لهذا الغرض أو لدى القضاء الإداري صاحب الشأن .

ولعل الذي يهمنا ونحن بصدد الحديث عن موضوع شغل ولا زال يشغل فئات عريضة من المواطنين هو طعن الخاضع للضريبة أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة التي يوجد ضمن تركيبتها كاتب مقرر ينتمي للجهاز الضريبي ، فمن تكون هذه اللجنة وما هويتها وما اختصاصاتها ومما تتألف ومن يكون كاتبها المقرر وما دوره داخل اللجنة ؟

هذا ما سوف نجيب عنه ببعض التفصيل من خلال النقطتين التاليتين :

من تكون اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ؟

من يكون الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة ؟
أولا : من تكون اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ؟

لقد تم إحداث اللجان المحلية لتقدير الضريبة بمقتضى مرسوم مؤرخ في 30 دجنبر 1987 من أجل النظر في الطعون الضريبية التي يرفعها إليها الخاضعون المفروضة عليهم الضريبة سواء تعلق الأمر بالضريبة على الشركات أوالضريبة على الدخل أوالضريبة على القيمة المضافة .

وابتداء من قانون المالية للسنة المالية 2001 سيتوسع اختصاص هذه اللجان ليشمل الطعون المتعلقة بضريبة التسجيل والضريبة على الأرباح العقارية التي كانت من اختصاص “ اللجان المحلية للتقييم “ التي ألغيت وورثت اختصاصاتها اللجان المحلية لتقدير الضريبة في إطار توحيد وتبسيط المساطر والإجراءات التي بدأت تجنح إليه الإدارة الضريبية .

وابتداء من فاتح ينايرمن سنة 2008 تاريخ دخول المدونة الجديدة لجبايات الجماعات المحلية حيز التنفيذ أصبحت اللجان المحلية لتقدير الضريبة – التي حلت محل ” لجان العمالات أو الأقاليم ” – مختصة استثناء وطبقا لمقتضيات المادة 157 بالنظر في المطالبات المتعلقة بالرسوم المحلية التالية :

الرسم على عمليات التجزئة .

الرسم على محال بيع المشروبات .

الرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية .

الرسم على المياه المعدنية ومياه المائدة .

الرسم على النقل العمومي للمسافرين .

الرسم على استخراج مواد المقالع .

الرسم على الخدمات المقدمة بالموانئ .

الرسم على استخراج المناجم .

والملاحظ أنه قبل سنة 2010 كانت اللجان المحلية لتقدير الضريبة هي صاحبة الولاية العامة في البث في جميع الطعون الضريبية المعروضة على أنظارها ، وتكون جميع القرارات الصادرة عنها في هذا الشأن ابتدائية بحيث يمكن الطعن فيها بالإستئناف أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة التي يوجد مقرها الدائم بالرباط ، بمعنى أن الطعن أمام اللجان كان يتم على درجتين درجة ابتدائية أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ودرجة استئنافية أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة.

وابتداء من فاتح يناير 2010 أصبحت قرارات اللجان المحلية لتقدير الضريبة الصادرة في القضايا المتعلقة بالضريبة على الدخل صنف الأرباح العقارية وضريبة التسجيل نهائية إذا كان مبلغ الواجبات الضريبية الأصلية المترتبة عليها يعادل أو يقل عن خمسين ألف (50.000 ) درهم ، أما غير هذه القرارات فيمكن الطعن فيها بالإستئناف أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة .

لكن ابتداء من فاتح يناير 2016 أصبحت اللجان المحلية لتقدير الضريبة وبمقتضى الفقرة الأولى من المادة 225 من المدونة العامة للضرائب تبث ابتدائيا وانتهائيا وفي إطار اختصاصها النوعي والقيمي كالآتي :

الإختصاص النوعي : ويتمثل في البث في القضايا والتصحيحات المتعلقة بالدخول والأرباح الآتية :

– الدخول المهنية المحددة وفق نظام الربح الجزافي .

– الدخول العقارية .

– الأرباح العقارية .

– الدخول والأرباح الناشئة عن رؤوس الأموال المنقولة .

– واجبات التسجيل والتمبر .

الإختصاص القيمي : ويتمثل في البث في القضايا المتعلقة بفحص محاسبة الخاضعين للضريبة الذين يقل رقم أعمالهم المصرح به عن عشرة (10) ملايين درهم عن كل سنة محاسبية للفترة غير المتقادمة موضوع الفحص .

وعليه يجب على الخاضع للضريبة أو الرسم وطبقا للمقتضيات الواردة بالمواد 220 – II و221 – II و 224 من المدونة العامة للضرائب والمادتين 155-II و 156- I من مدونة جبايات الجماعات المحلية ، أن يطعن في الأساس الضريبي المحدد أوالمقدرمن طرف الإدارة ، أمام اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، داخل أجل الثلاثين (30) يوما الموالية لتاريخ توصله برسالة التبليغ الثانية ، وذلك وفق الشروط والشكليات المشار إليها بالمواد المذكورة .

وتمشيا مع مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 225 من المدونة العامة للضرائب ومذكرة المصلحة الصادرة عن المدير العام للضرائب بتاريخ 12 شتنبر 2018 تحت عدد 4582 والمتعلقة بالإجراءات المسطرية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب والكتيب الصادر عن المديرية العامة للضرائب بتاريخ 14 شتنبر2017 والمتعلق بمسطرة الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة ؛ فإن مفتش الضرائب الذي قام بعملية التصحيح والمراقبة وبمجرد توصله بالجواب عن رسالة التبليغ الثانية بمثابة طعن من طرف الخاضع للضريبة مرفوع إلى اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ؛ وبعد دراسة هذا الجواب شكلا وموضوعا ، يقوم بتهيئة تقرير في الموضوع ، وبعد التأشير عليه من طرف رؤسائه ، يقوم بتوجيهه في أربعة نظائرموقعة ومختومة إلى الكاتب المقررللجنة مرفقا بالوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكنها من البث ، وذلك خلال أجل لايتعدى ثلاثة (3) أشهرمن تاريخ توصل المفتش بالطعون ، وقد كان لقضاء محكمة النقض رأي حصيف في الموضوع حيث قضى ببطلان مسطرة الفرض الضريبي في عديد قراراته إما لعدم احترام الأجل المذكور وإما لعدم إحالة ملف الطعن بالمرة على اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، ومع ذلك فلازال بعض مفتشي الضرائب يستهينون بالأمر متمسكين بحرفية إحدى فقرات المادة 225 التي تقول بأنه : « …وفي حالة عدم توجيه الطعون والوثائق المذكورة داخل الأجل المضروب ، لايمكن أن تتجاوز أسس فرض الضريبة تلك التي تم الإقراربها أو قبولها من طرف الخاضعين للضريبة » حيث يقومون بفرض الضريبة بناء على الأسس المذكورة ودون مراعاة لفوات الأجل .

وعلى هدى القضاء الإداري سارت اللجان المحلية لتقدير الضريبة بالنسبة للطلبات والطعون التي توصلت بها خارج الأجل حيث أصدرت قراراتها بعدم القبول بسبب عيب شكلي ، وهذا ما جرى ويجري به العمل في اللجنة المحلية لتقدير الضريبة بتارودانت.

أما بالنسبة للطلبات التي تتوصل بها داخل الأجل فإنها تصدر قراراتها بشأنها إما بالبث في الموضوع وإما بعدم الإختصاص ، وهي قرارات نهائية كما سلف القول ، وبالتالي فإنه لايمكن الطعن فيها إلا عن طريق القضاء ، وهذا هو أهم تعديل جاءت به المادة الثامنة من قانون المالية رقم15-70 للسنة المالية 2016 وهذا يعني من جملة ما يعنيه أنه لم تعد هناك لجنة ابتدائية وأخرى استئنافية ، وإنما أصبحت كل من اللجان المحلية واللجنة الوطنية تتقاسمان الإختصاص بحسب نوع وقيمة القضايا موضوع الطعون ، ولايمكن رفع الطعن من اللجان المحلية إلى اللجنة الوطنية إلا في حالة عدم بث اللجان المحلية في الطعن المقدم إليها داخل الأجل القانوني المحدد لها .

وقد ينتهي الطعن أمام اللجان المحلية – أثناء جريان المسطرة – بالتوصل إلى حل حبي يرضي الطرفين ، وطي ملف المنازعة نهائيا ، وبالتالي يتم الإشهاد على الصلح إذا ارتأت اللجنة المحلية ذلك بموجب قراريصدرعنها .

ومهما يكن القرار الذي أصدرته اللجنة المحلية سواء كان لصالح هذا الطرف أو ذاك أوتم التصريح فيه بعدم الاختصاص أو لم يتم البث فيه داخل الأجل القانوني ، فإن على الكاتب المقرر للجنة أن يبلغه إلى المعنيين به بالكيفية وداخل الآجال المشار إليها أعلاه ، حتى يتسنى لهم الطعن فيه سواء أمام القضاء الإداري المختص أو أمام اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة .

أما بالنسبة للطعون ضد الرسوم المحلية فإن الإدارة المكلفة بالجبايات المحلية هي من تتولى تسلم الطعون وتوجيهها إلى اللجنة المحلية طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من المادة 155 من مدونة جبايات الجماعات المحلية.

خلاصة ما سبق أنه بمجرد توصل اللجنة المحلية لتقديرالضريبة بملف الطعن الذي يحدد موضوع الخلاف مع الإدارة الضريبية والحجج التي يستنذ عليها كل طرف ، يبدأ عمل الكاتب المقررللجنة ، فمن يكون إذن هذا الكاتب المقرر وما هي حدود مهامه وصلاحياته ؟

ثانيا : من يكون الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة ؟

حتى تؤدي اللجنة المحلية لتقدير الضريبة مهمتها بكيفية قانونية صحيحة و سليمة ، نصت الفقرة الثانية – ألف من المادة 225 من المدونة العامة للضرائب التي تقابلها المادة 157 من مدونة جبايات الجماعات المحلية ؛ على ضرورة أن تتشكل كل لجنة محلية من الأعضاء التاليين :

1 – قاضيا بصفته رئيسا للجنة .

2 – ممثلا لعامل العمالة أوالإقليم الواقع مقراللجنة بدائرة اختصاصه الترابي .

3 – ممثلا للخاضعين للضريبة يكون تابعا للفرع المهني الأكثرتمثيلا للنشاط الذي يزاوله الطالب .

4 – الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة .

إلا أن الذي يهمنا من هؤلاء الأعضاء الأربعة الذين تتكون منهم اللجنة هو كاتبها المقررالذي يلعب دورا محوريا ومهما داخل اللجنة المحلية لتقدير الضريبة باعتباره منتميا للجهاز الضريبي وله إلمام واسع ودراية كبيرة بالنصوص القانونية ذات الصلة بالإضافة إلى خبرة وتجربة لا يستهان بها في الميدان الجبائي والمحاسباتي والإقتصادي .

وتتمثل مهمته الأساسية بعد تلقيه ملف الطعن ومراقبته لمختلف الوثائق المرفقة به شكلا وموضوعا ، في إعداد تقريرمفصل ومعلل يبسط فيه طبيعة النزاع المعروض على أنظاراللجنة ، ونوع الضريبة أو الرسم المطعون فيهما ، والهوية الكاملة للطاعن ، ومسطرة التبليغ والتوصل ، والضرائب أوالرسوم المؤداة أوالأسس المصرح بها ، وكذا مبلغ الضرائب أوالرسوم أو الأسس الجديدة المعدلة ، وموقف الخاضع للضريبة أو الرسم من التعديلات والتصحيحات التي أدخلت على إقراراته ومحاسباته ومجموع وضعيته الضريبية مع ملاحظاته وردوده ، ثم موقف الإدارة الجبائية من خلال الأسس والمعاييروالعناصروالمقارنات التي اعتمدتها في عملية المراقبة والتصحيح ، مع ضرورة الإشارة إلى تاريخ الطعن المقدم إلى الإدارة وتاريخ توصل اللجنة بهذا الطعن وذلك احتراما لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة 225 أعلاه والتي تحدد أجلا أقصاه ثلاثة أشهرلتسليم اللجنة المحلية لتقدير الضريبة المطالبات والوثائق المتعلقة بإجراءات المسطرة التواجهية التي تمكن اللجنة من البث .

غير أن هذا التقرير ليس هو التقرير الأولي الذي ينجزه مفتش الضرائب الذي تلقى الطعن حسب ما جاء في الكتيب الصادر عن المديرية العامة للضرائب بتاريخ 14 شتنبر2017 والمتعلق بمسطرة الطعون أمام اللجان المحلية لتقدير الضريبة ، فالتقريرالأول يعده الكاتب المقرر بعد توصله بملف الطعن كاملا من طرف مفتش الضرائب المكلف بالمراقبة ويرسله بعد ذلك إلى القاضي رئيس اللجنة ، أما التقرير الثاني فيعده مفتش الضرائب المختص ويحيله على الكاتب المقرر بعد التأشير عليه من طرف رؤسائه .

ولعل المهام الجديدة للكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة التي جاء بها قانون المالية للسنة المالية 2016 تتلخص في كونه هو من أصبح يتكلف – عوضا عن القاضي – باستدعاء أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة خمسة عشر(15) يوما على الأقل قبل التاريخ المحدد للجلسة وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 من المدونة العامة للضرائب .

وهو أيضا من أصبح يخبر الأطراف بتاريخ انعقاد الجلسة قبل حلول موعدها بما لايقل عن ثلاثين (30) يوما وفق نفس الإجراءات الواردة بالمادة 219 آنفة الذكر.

كما يتكلف بتحرير القرارات الصادرة عن اللجنة المحلية وتبليغها إلى الخاضعين للضريبة والإدارة الضريبية ، ودائما وفق نفس الإجراءات المنصوص عليها في المادة 219 ، خلال الأربعة (4) أشهر الموالية لتاريخ صدورها .

وبحثا عن السرعة وعدم البطء في البث في الملفات ، ألزم قانون المالية للسنة المالية 2016 ، اللجنة المحلية بالبث داخل أجل أقصاه 12 شهرا ابتداء من تاريخ تقديم الطعن إلى تاريخ صدورالقرارالمتخذ في شأنه ، بعدما كان الأجل محددا في 24 شهرا .

أما بالنسبة للقضايا المتعلقة بالرسوم المحلية فإن أجل البث كان ولازال محددا في 12 شهرا طبقا لمقتضيات المادة 157 من مدونة جبايات الجماعات المحلية ، ويدخل هذا في إطار توحيد الآجال الذي ما فتئت الإدارة الجبائية تقوم به كلما حل موعد إعداد قانون المالية .

وإذا لم تبث اللجنة داخل الأجل المشار إليه ، وجب على الكاتب المقرر أن يشعر الأطراف بذلك عن طريق رسالة إخبارية ، داخل أجل الشهرين (2) المواليين لانصرام أجل الإثني عشر (12) شهرا المذكور، وفق الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 219 من المدونة العامة للضرائب.

ويهدف المشرع من وراء تعيين الكاتب المقررالمنتسب للجهاز الضريبي كعضو من أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة ، مساعدة القاضي رئيس اللجنة على التعرف عن قرب على بعض الملفات المطعون فيها بسبب إطلاعه الواسع ومعرفته الكبيرة بالمسائل الجبائية .

لكن ما العمل إذا كان الكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة طرفا في المنازعة ، كأن يكون هو من قام بتأسيس أو تصحيح الضريبة أو الرسم المطعون فيهما أمام اللجنة أو وقع أو أمضى على الوثائق المسطرية بصفته رئيسا إداريا للمفتش الذي قام بعملية التصحيح موضوع الطعن ، وفي نفس الوقت يحضر كعضو ضمن أعضاء اللجنة الموكل إليها البث في الطعن ؟

مبدئيا لايمكن للكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة أن يكون خصما وحكما في نفس الوقت ، وإذا حدث أن كان هو من قام بتصحيح أو تأسيس الضريبة المطعون فيها أمام اللجنة التي هو كاتبها المقرر ، فإنه يمكن أن ينيب ممثلا عنه لا صلة له بعملية التصحيح أو التأسيس تلك ، وإلا أصبح قراراللجنة غير ذي قيمة أو مشكوكا في صحته أو تشكيلته القانونية ومعرضا بالتالي للبطلان ، لكن نباهة مسؤولي الإدارة الضريبية جعلتهم يجنحون مؤخرا إلى تعيين الكاتب المقررللجنة المحلية لتقدير الضريبة بمعزل عن باقي مفتشي الضرائب حتى يتفرغ للمهمة المذكورة ويؤديها بكامل التجرد والإستقلالية وحتى لا تسقط الإدارة في حالة التنافي .

وهنا نتساءل عن مدى استقلالية الكاتب المقرر في القيام بعمله داخل حظيرة اللجان المحلية لتقديرالضريبة ؟

إن الكاتب المقررللجنة المحلية لتقديرالضريبة الذي يتم تعيينه من بين أطرالمديرية العامة للضرائب أو من بين موظفي المصالح الجبائية المحلية هو بمثابة المنسأة القوية التي تتوكأ عليها اللجنة المحلية لتقديرالضريبة،

فهو من يتلقى الطعون ويوجهها إلى القاضي رئيس اللجنة ، وهو من يستدعي أعضاء اللجنة الأربعة للإجتماع ، وهو من يخبرالخاضعين للضريبة ومفتشي الضرائب بانعقاد الجلسة ، وهو من يحرر محاضر الجلسات والقرارات الصادرة عن اللجنة ، وهو من يبلغ هذه القرارات إلى الأطراف ، وبالتالي فهو عنصر مهم ونشيط وأساسي داخل اللجنة ، وهذا يستدعي أن يتم تعيينه من خيرة الأطر وأن يكون على بينة ودراية تامة بالنصوص القانونية والجبائية وصاحب تجربة مهمة وكفاءة كبيرة في الميدان تؤهله لأن يكون مستشارا للقاضي وللجنة قبل أن يكون مقررا وأن يكون حكما عدلا قبل أن يكون عضوا عاديا يتمتع فقط بصوت تداولي .

وبالرغم من المؤاخذات الكثيرة التي يؤاخد عليها الكاتب المقرر سواء من طرف الخاضعين للضريبة الذين يشكون في استقلاليته عن إدارته الأصلية وميوله اللاشعوري إلى ترجيح كفة هاته الأخيرة في بعض الأحيان ، أو حتى من طرف بعض مفتشي الضرائب الذين يعتبرونه جزءا من الأسرة الضريبية التي يمكن أن يعود إليها في أي وقت وبالتالي فهم ينتظرون منه شيئا من التغاضي أوبعضا من المحاباة .

ومهما كانت من مؤاخذات ومهما حصلت من ميولات فالقانون يبقى هو الفيصل في تذبير الملفات ، ويبقى الكاتب المقررمجرد عضو من أعضاء اللجنة المحلية لتقدير الضريبة يتمتعون جميعهم بصوت تداولي لكل عضو مع ترجيح كفة الرئيس في حالة تعادل الأصوات .

نفس الشيء بالنسبة للطعون المتعلقة بالرسوم المحلية حيث تسند مهمة الكاتب المقرر إلى ممثل عن المصالح الجبائية التابعة للجماعات الترابية المعين من طرف عامل العمالة أو الإقليم صاحب سلطة الوصاية .

ولا يفوتنا في ختام هذا البحث سوى أن نتحفظ على الإختصاصات التي أسندتها قوانين المالية – خصوصا قانون المالية لسنة2016 – للكاتب المقرر للجنة المحلية لتقدير الضريبة المتمثلة في استدعاء أعضاء اللجنة واستدعاء الأطراف للجلسة وتبليغها بمقررات اللجنة أو إخبارها بعدم بث اللجنة داخل الأجل القانوني المحدد لها ، وقد كان من الأفضل إسناد هذه الإختصاصات للقاضي رئيس اللجنة نظرا لحياده ولاستقلاليته ، أما الكاتب المقرر فيجب أن يبقى كاتبا للجنة ليس إلا، كما أن انتماؤه للجهاز الجبائي يجعل عمله عرضة للشك والريبة من طرف بعض الطاعنين في الضريبة .

وكم نتمنى كذلك وحفاظا على استقلالية اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أن يتم تعديل المادة 225 من المدونة العامة للضرائب بألا يبقى الكاتب المقرر هو رئيس المصلحة المحلية للضرائب أو ممثله وأن يتم تعيينه من بين أطر المديرية العامة للضرائب الحاصلين على تأهيل في الميدان الضريبي والمحاسباتي والقانوني والإقتصادي وأن تكون له على الأقل رتبة متصرف من الدرجة الثالثة أو ما يعادلها ، كما هو الشأن في تعيين الموظفين في حظيرة اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت