التقت «الطليعة» الأمين العام لرابطة الأدباء أ.طلال الرميضي، في حديث حول قانون المطبوعات، ومدى التزام الرقيب بما ورد فيه، وتأثيره على مستوى الإنتاج الأدبي المحلي، وذلك في الحوار التالي:

● كيف ترى قانون المطبوعات وتأثيره على الإنتاج الثقافي والأدبي في الكويت؟

– لا شك أن التشريعات القانونية سُنّت لخدمة المجتمعات في كافة أوجه الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.. والكويت دولة مؤسسات وقوانين، لذا، فإن قانون المطبوعات رقم ٣ لسنة ٢٠٠٦ من التشريعات الكويتية الجيدة التي صدرت بهدف الصالح العام، ولابد أن تكون الأمور مقننة، حتى يدرك الكاتب حقوقه والتزاماته، ويساهم القانون في حفظ حقوقه، ويخدم الحركة الثقافية، وأرى أنه يخدم المؤلفين، ويحد من تسلط الجهة التنفيذية ومزاجيتها، وإن كانت هناك ملاحظات عليه .

● برأيك، ما سلبيات القانون وثغراته؟

– لا شك أن قانون المطبوعات ٣ لسنة ٢٠٠٦ فيه بعض المثالب، وقد بينا بعضها في خطاب تم إرساله لوزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، الذي أبدى تفهما كبيرا لمعالجة الخلل في هذا الصدد.. وبالتطرُّق لبعض عيوب قانون المطبوعات، نذكر أنه لم يحدد إجراءات التظلم للمؤلف إزاء قرار منع كتابه في حالة المنع، والتي تتيح له الطعن أمام القضاء، لذا تطبق إجراءات الأصل العام في القانون الكويتي للتظلم من القرارات الإدارية.

كما أن القانون لم يحدد مدة زمنية للشكوى ضد ما يكتبه المؤلف في كتابه، في حين حدد حق الشكوى ضد ما يكتب في الصحافة هي ثلاثة أشهر، وبعدها لا تتم محاسبته عن مقالته، بينما يظل المؤلف خاضعا للمحاسبة لفترة طويلة، وفي أي وقت تتم إثارة موضوع كتاباته والرجوع إليه أمام القضاء.

ميزة ضوابط القانون

● هل ترى أن الرقابة ملتزمة بمحظورات قانون المطبوعات؟

– وضعت المواد ١٩ ،٢٠ ،٢١ من قانون المطبوعات عدة محظورات للمؤلفين في كتاباتهم ونصوصها عامة، ونحن نتفق مع أهميتها، لأننا لا نرضى المساس بكرامات الآخرين والطعن بهم، من دون دليل، بحجة حرية الرأي، فحرية الرأي تنتهي عند بدء حريات الآخرين، كما لا نقبل أن يكون هناك تعرض لمقام الأنبياء، عليهم أزكى الصلوات، بمفردات غير لائقة أو إهانة إحدى الجماعات أو الفرق بالمجتمع، بحجة ممارسة الحرية، لأن مثل هذه الكتابات تساهم في هدم ثوابت المجتمع وتمزيقه، حتى وإن كانت هذه الضوابط فضفاضة، أي مبهمة وغير محددة وتخضع لتطبيق الرقيب بوزارة الإعلام، لذا نجد بعض الكتب التي منعت فيها تشدد من الرقيب، بينما بعض المطبوعات الأخرى يكون فيها مرونة أكثر .

وهذه الضوابط تخضع لرقابة القضاء الذي يقوم بتفسيرها تجاه المزيد من الحريات، وفق السوابق القضائية، ولعل الميزة من جهة أخرى، هي أن مرونتها تستخدم في تفسيرها أمام رجال القضاء لصالح المؤلفين .

● هل ترى أن لجنة رقابة المطبوعات تقوم بدورها المنشود بالقانون؟ وهل اللجنة الرقابية على الكتب مؤهلة ثقافيا بتقدير ما إذا كان مطبوعا ما يحتوي على مساس أم لا؟

– نحن لا نطعن في أعضاء لجنة الرقابة، فهم على قدر كبير من الكفاءة، ومن اتجاهات مختلفة وخبرات متنوعة، فمنهم الأكاديمي الجامعي، ومنهم رجل الدين والسياسي المخضرم والأديب، ونحن من خلال دراسة قانون المطبوعات الكويتي، نجد أن هناك مساحة ما بين المنع والفسح للمؤلفات، وهذه المساحة فيها ضبابية وأشبه باللون الرمادي، وأن القانون المشار إليه وضع هذه المعايير للمحظورات بشكل فيه مساحة واسعة من الحرية بيد الرقيب، للتصرف والتعاطي مع المطبوعات الجديدة، ولكني أرى أن الرقيب ضيَّق على نفسه وعلى المؤلفين، وساهم في قتل الإبداع، بفضل قراراته المتعسفة، ولم يواكب تسارع الحياة، فنجد أنه تسلط على الكثير من الأدباء وضيَّق عليهم مساحات واسعة من فهمه الخاطئ للحرية، كما قيَّد الإبداع وأصدر قرارات قاسية في ممارسته للرقابة بشكل غير متجانس مع مجريات الزمن، وفي ظل فضاء العولمة والتطور الإلكتروني والثورة المعلوماتية، ما جعل مكانة الكويت تتأخر بين الدول العربية في مساحات الحرية الممنوحة للأدب، بعد أن كانت في صدارته ومثالا يقتدى به في الزمن الماضي.

ولعل ما كان في التسعينات ممنوعا يجدر أن يكون مجازا في أيامنا هذه، حيث إن تنقل المعلومات أصبح مسموحا في فضاء النت، ولا يوجد عليه قيود، وهذه لابد أن تكون في الحسبان لدى الرقيب الكويتي، فنحن نشيد بالدور الذي يؤديه الرقيب، وسط الأنظمة الكويتية المعتدلة، ولكن لابد أن تكون مساحة الحرية أكثر اتساعا، وأن تكون متوافقة مع الوقت الذي نعيشه ومواكبة للعصر، لا أن تكون بعقلية الستينات عند حصول الكويت على استقلالها، عندما كان قرار المنع مؤثرا آنذاك.

دور الرابطة

● ما دور الرابطة تجاه توعية الأدباء بضوابط النشر؟

– للرابطة دور كبير، حيث نظمت عدة فعاليات مهمة في هذا الصدد، بهدف توعية الأدباء بشكل خاص، ونشر الثقافة العامة بالمجتمع، ومنها محاضرة نظمت بالتعاون مع جمعية المحامين الكويتيين بعنوان «محاذير قانونية في الكتابة الأدبية»، حاضر فيها رئيس جمعية المحامين أ.وسمي الوسمي، بيَّن فيها هذه الضوابط التي يجب على الكاتب مراعاتها، كما نظمت محاضرة أخرى بعنوان «ذكريات ضالة لعبدالله البصيص بين النقد والرقابة»، حاضر فيها كل من الكاتب عبدالله الفلاح والكاتب محمد السالم، وتناولت أسباب منع هذه الرواية الجميلة، كما شاركت الرابطة بفعالية ضمن فعاليات معرض الكتاب الكويتي الأخير، تناولنا هذا الموضوع وتوجيه الكتاب الشباب نحو الكتابة السليمة، كما عملنا على التواصل مع وكيل وزارة الإعلام المساعد أ.الفاضلة لولوة السالم، بما يخدم الثقافة الكويتية بالشكل اللائق.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .