نتناول هنا الأسباب التي تنقضي بها الشركة القابضة أنها أسباب انقضاء الشركات المساهمة نفسها بصورة عامة سواء كان حل الشركة اتفاقاً أو قضاء أم بسبب بطلان الشركة او إلى أي سبب آخر من أسباب انقضاء الشركات ، إلا ما كان يتعارض مع الشركة القابضة (1). إلا أننا نرى ضرورة إفراد أسباب خاصة لانقضاء الشركات القابضة تنظم بدقة كبيرة لتكون أداة ضبط لهذه الشركات كونها(( الشركات القابضة )) أدوات للعولمة وذلك خوفاً من عدم سيطرة الدولة عليها . ولا بد من الأشارة إلا أننا لم نجد أي نص يشير إلى أسباب انقضاء الشركة القابضة وسوف نعرض هنا بعض النقاط التي يمكن اعتبارها أسباباً خاصة ، وضرورة ضمها تحت عنوان رئيس في قانون الشركات هو ((انقضاء الشركة القابضة)) . وهذه الأسباب التي سنوردها هي أيضاً مستمدة من القوانين التي أخذت بالشركة القابضة وسوف نخصص لكل سبب فرعا مستقلا .

الفرع الأول / مباشرة الشركة القابضة لأعمال خارج موضوعها

تنص أغلب القوانين التي تأخذ بالشركة القابضة على الأعمال التي تزاولها هذه الشركة أو أغراض تكوينها وعادة تنص هذه القوانين بأن تكون هذه الأعمال حصرية وليس على سبيل المثال كما في المادة (206) من القانون الأردني رقم 22 لسنة 1997 والتي تنص في الفقرة (1) على أنه ((بتأسيس شركة مساهمة عامة تنحصر غاياتها في الأعمال المنصوص عليها في المادة (205) من هذا القانون(2). هذه الأعمال كما وردت في المادة (205) أ- إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في إدارة الشركات الأخرى التي تساهم فيها ب- استثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية ،ج- تقديم القروض والكفالات والتمويل للشركات التابعة ، د- تملك براءات الاختراع والعلامات التجارية وحقوق الامتياز وغيرها من الحقوق المعنوية واستغلالها وتأجيرها للشركات التابعة لها أو لغيرها(3). ويمكننا القول ان ممارسة الشركة القابضة للدعم المالي والإداري للشركة التابعة في رأينا هو واجب قانوني حيث إن مستوى المساهمة في الشركة التابعة يفرض عليها ذلك . إضافة إلى إن القوانين الوطنية تحرص على دعم اقتصادها بفتح المجال وتوجيه نشاط الشركات لما يخدم مصالح شركاتها الوطنية وفي الوقت نفسه يعطي للشركات إن كانت أجنبية الحافز على الاستثمار والعمل داخل بلادها . وعليه أن تحديد الأعمال والأغراض للشركة القابضة هو عمل جيد خصوصاً ان ترك الأنشطة بدون قيود يفقد الحصول على الأهداف المرجوة للنهوض الاقتصادي للشركات التابعة الوطنية والقابضة الوطنية أيضاً . نرى ان مدلول التقييد الحصري للأنشطة في الشركات القابضة هو نضرة واضحة لاتقاء أخطار العولمة الاقتصادية التي أدت إلى تحول الشركات الكبرى إلى مؤسسات تتحكم في التكنولوجيا والاقتصاد في شكل دولة عالمية من دون مسؤوليات .وبما يضمن نوعا من انواع تسلط السلطة الاقتصادية العالمية على السيادة والسلطة الوطنيتين(4). ويمكننا القول الآن بضرورة جعل مجاوزة الشركة القابضة أغراضها الاقتصادية ودخولها في غير مجالها المخصص سبباً لتصفيتها . حفاظاً على الاقتصاد الداخلي من جهة و الحفاظ على الشركات الوطنية من جهة أخرى ، خصوصا إذا كانت الشركة القابضة أجنبية.

الفرع الثاني / أمتلاك الشركة القابضة حصصاً في شركة التضامن أو شركة التوصية

تمنع العديد من القوانين الشركة القابضة من تملك حصص في شركة التضامن والتوصية البسيطة(5).والسبب في ذلك كما لاحظناه هو أن هذه الشركات ذات إمكانيات بسيطة وأراد واضعوا القانون من حماية هذه الشركات وأعطائها فرصة في الاستمرار بالنشاط وهو أمر جيد ، وشركة التضامن وشركة التوصية البسيطة ولكونها شركات أشخاص تمتاز علاقاتها بانها محدودة وفي إطار ذلك نستطيع أن نسميه عائلي . لذلك أن دخول الشركة القابضة في إطار هاتين الشركتين أولاً نراه مستبعد في واقع الأمر لأن الشركة ليست مفتوحة المساهمة أي أنها لا تطرح أسهم للاكتتاب وبذلك فقد منع القانون الشركة القابضة من أمر واقعي فإذا ما دخلت الشركة القابضة جدلاً في شركة التضامن أو التوصية البسيطة فان ذلك يوجب حلها با عتبارها مارست نشاطاً يختلف عن النشاط الحصري لها بموجب القانون .

الفرع الثالث / أسباب أخرى لانقضاء الشركة القابضة

ويمكننا الاشارة الى بعض الحالات التي تعتبر في نظرنا أسباباً خاصة لانقضاء الشركة القابضة أو يمكن عدها كذلك ومن هذه الحالات هو تجاوز سيطرة الشركة القابضة على العدد المعين لها وكذلك إتخاذها صفة شركة احتكارية من خلال سيطرتها على شركات ذات نشاط مماثل بهدف الاحتكار . ونعتقد إن ذكر هذه الحالات وعدها أسباباً خاصة من قبيل المحافظة على الاقتصاد الوطني والحالات التي ذكرت عالجتها القوانين لكن نرى أن معالجتها كانت ناقصة ويجب وضعها تحت أسباب التصفية الخاصة للشركة القابضة الأجنبية بأن هنالك حدودا معينة لا يمكن تجاوزها وبالتالي يتحقق للدولة الاطمئنان من هذه الشركات . ويمكن لنا الإشارة إلى ان انقضاء الشركة القابضة يؤثر على الشركة التابعة وذلك بحكم العلاقة خصوصاً وأن الشركة القابضة أدت دوراً أساسياً في تغيير نشاط الشركة التابعة. فنرى أثر انسحاب الشركة أو انقضائها ربما يؤدي إلى انقضاء الشركة التابعة وهذه النقطة التي لم تعالجها القوانين العربية التي آخذت بالشركة القابضة(ونعني بالانسحاب هو ان تقرر الشركة القابضة بالتنازل عن اسهمها او حصصها الى شريك آخر ففي هذه الحالة تزول عن الشركة التابعة هذه الصفة (التبعية ) بالنسبة للشركة القابضة المنسحبة ). المهم أن الشركة التابعة رغم كونها شخصية مستقلة عن الشركة القابضة إلا ان أثر انقضاء الشركة القابضة قد يؤدي إلى انقضائها لذلك أن أثر انقضاء الشركة القابضة على شركاتها التابعة ليس واحداً ويختلف باختلاف مستوى سيطرة الشركة القابضة كلما كانت سيطرة الشركة القابضة ودورها كبيرين، كان الأثر كذلك كبيراً ومستوى السيطرة ،وكما ذكرنا في الفصل الأول أما أن يكون بتملك أكثر من نصف رأس المال للشركة التابعة وأما أن تسيطر الشركة القابضة على تشكيل مجلس إدارة الشركة التابعة وقد يكون عن طريق السيطرة غير المباشرة أي عن طريق شركة وسيطة قابضة تابعة لشركة أخرى. فإذا كان حجم مشاركة الشركة القابضة كلي على رأس المال وهذا أمر جائز كما في القانون الإنكليزي ويكون ذلك عن طريق تملك الشركة جزء ومشاركة أشخاص يمثلون الشركة القابضة في مصالحهم فتكون السيطرة كبيرة في هذه الحالة تنقضي الشركة القابضة وتنقضي مساهمتها في الشركة التابعة وتستمر الشركة الأخيرة بشكل مستقل على أن يحل مكان الشركة القابضة مساهمون آخرون(6). ويحدث الأثر نفسه إذا كانت السيطرة عن طريق ملكية أغلبية الأسهم التي تمكن من التصويت في الجمعية العمومية(الجمعية العامة ) للشركة التابعة أو إذا كانت السيطرة نتيجة إتفاق بين الشركة القابضة والشركة التابعة على تعيين أعضاء مجلس الإدارة(7). ونؤكد على ان اثر انقضاء الشركة القابضة على الشركة التابعة هو اثر سلبي حيث انه دائما تتم تصفية الشركة التابعة وخصوصا اذا كانت من ضمن الشركات التابعة الوليدة ، التي تتدخل الشركة القابضة في تأسيسها وبذلك تزول هذه الشركة عند زوال الشركة القابضة ، باعتبارها اهم اسباب وجودها.

__________________

1- راجع قانون الشركات القطري رقم (5لسنة 2002 ) المادة(266)

2- راجع كذلك المادة (302) من قانون الشركات البحريني رقم 21 لسنة 2001 .

3- راجع كذلك قانون الشركات القطري، رقم (155) لسنة 2001 المادة (264) وكذلك المادة (228 ) من نظام الشركات السعودي ،رقم 6 لسنة 1965 ، وكذلك المادة (298) من قانون الشركات البحريني، رقم 21 لسنة 2001 .

4- انظر جمال عمار ، قوى ومؤسسات العولمة التجليات والاستجابات العربية ، مجلة شؤون الشرق الاوسط ،ع 107 ، 2002 .

5- راجع المادة (204 / أولاً) من القانون الأردني للشركات رقم 22 لسنة1997، وكذلك قانون الشركات لسلطنة عمان رقم 4 لسنة 1974 وتعديلاته في المادة (127) ، وايضا المادة (262) من قانون الشركات القطري رقم(5) لسنة 2002 .

6- ينظر د. محمد سمير الشرقاوي ، المشروع المتعدد القوميات والشركة القابضة كوسيلة لقيامه ، مصدر سابق ص333 .

7- المصدر نفسه ص334 .

المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص138-143.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت