صياغة قانونية لخطابات الضمان المصرفية

مقال حول: صياغة قانونية لخطابات الضمان المصرفية

صياغة قانونية لخطابات الضمان المصرفية

صيغة خطاب الضمان

لعبارة الخطاب أو محتواه أو صيغته أهمية بالغة فهي المرجع لتحديد توافر أو عدم توافر الشروط اللازمة لاعتباره خطاب ضمان لا كفالة، كما أنها المرجع لمعرفة شروط وأحكام تنفيذه ، وإذا دفع البنك كانت المرجع في صحة دفعه وفي جواز رجوعه على العميل بما دفعه ، إضافة لذلك فهي توفر على أطراف العلاقة في حال كانت واضحة ودقيقة الكثير من التكاليف المرتبطة بإجراءات التقاضي في حال نشوب النزاع
وقد عبرت عن ذلك المعنى محكمة النقض المصرية في قرارها رقم ( 1342) تاريخ 22/2/1980 بقولها « الأصل في خطاب الضمان ألا يتوقف الوفاء به على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط ولا حلول أجل ، ولا يغير من ذلك أن يرتبط تنفيذه بواقعة ترجع إلى المستفيد من الخطاب ،وأن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك وعميله إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل يحكمها خطاب الضمان وحده وعباراته هي التي تحدد التزام البنك والشروط التي يدفع بمقتضاها حتى إذا ما طولب بالوفاء في أثناء أجل الضمان وتحققت الشروط وقدمت إليه المستندات المحددة في الخطاب وجب عليه الدفع فوراً بحيث لا يلتزم إلا في حدود تلك الشروط أو يُعتد بغير هذه المستندات ، ولا يكون دفع البنك إلى المستفيد صحيحاً كما لا يكون له أن يرجع بما دفعه على عميله إلا إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لخطاب ضمان صدر صحيحاً ومطابقاً لتعليمات العميل ، وإلا تحمل البنك مسؤولية الوفاء فإذا لم تتحقق الشروط أو لم تُقدم المستندات المحددة في الخطاب انتهى ضمان البنك وكان لعميله أن يسترد منه غطاء خطاب الضمان في اليوم التالي لانتهاء الضمان »
وفيما يلي مجموعة من البيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها الخطاب كما أشارت إليها المادة (3) من القواعد الموحدة لغرفة التجارة الدولية

أولاً: التمهيد الوارد بصدر خطاب الضمان ( المقدمة)

درجت البنوك عادة على بيان العلاقة التي تربط بين العميل الآمر والمستفيد في مقدمة خطاب الضمان أو الديباجة وذلك بتحديد عقد الأساس الذي بموجبه التزم العميل بإصدار خطاب الضمان لصالح المستفيد
وهو ما اشترطته المادة (3) من القواعد الموحدة لغرفة التجارة الدولية والتي أوجبت أن يتضمن كل خطاب بيان بالعملية التي من أجلها تم إصدار الضمان ، كما أشارت معظم القوانين العربية في نصوصها التشريعية إلى ضرورة توضيح الغرض الذي صدر الخطاب من أجله
عندئذ يتبادر إلى الذهن تساؤلان : هل هذا الشرط يتعارض مع مبدأ الكفاية الذاتية لخطاب الضمان وضرورة وروده مطلقاً من كل قيد أو شرط ، واستقلالية التزام البنك فيه تجاه المستفيد عن كل علاقة أخرى سواء علاقة العميل بالبنك أو علاقة العميل بالمستفيد؟
والسؤال الثاني : ما هو الغرض الذي ابتغاه المشرع من ضرورة إدراج مثل هذا البيان في خطاب الضمان؟
بالنسبة للسؤال الأول يؤكد الفقه إن الإشارة في خطاب الضمان إلى مصدر الدّين الذي صدر الخطاب بمناسبته لا يتعارض ومبدأ ضرورة كونه مطلقاً من كل قيد ، مادام تعهد البنك لا يكون مرتبطاً بمصدر هذا الدّين أي العملية التي تربط بين العميل والمستفيد وذلك حتى لو ذُكر في الخطاب أنه يضمن تنفيذ عملية معينة
أما بخصوص التساؤل الثاني: فإنه لبيان العملية المضمونة في الخطاب فائدة من حيث إمكان القول بامتداد الخطاب إلى وقت انتهائها متى كان هذا المعنى مفهوماً من الخطاب.
إضافة لذلك تبرز أهمية هذا البيان في أنه لا يحق للمستفيد أن يطالب بقيمة الخطاب عن غرض آخر غير الغرض المحدد فيه بمعنى آخر فإن هذا التحديد الوارد بالخطاب مقصود به قصر وظيفته على ما ورد فيه ، فلو حدث وقام المستفيد بالمطالبة بقيمة الخطاب استيفاءً لحق ناشئ عن عملية أخرى يكون من حق العميل أن يرجع عليه بالقيمة التي صادرها ، ولكن هذا شأن المستفيد والآمر وحدهما دون البنك الذي لا يضمن تعاملهما وذلك تماشياً مع قواعد خطاب الضمان التي تقضي بأن البنك غير ملزم بضمان تنفيذ المشروع أو العملية المضمونة لاستقلال التزامه عن التزامات الأطراف الأخرى .
علما بأنه إذا ورد بعد ذلك أي تعديل في عقد الأساس فإن ذلك لا يكون له أدنى تأثير على كينونة أو شروط خطاب الضمان وذلك لاستقلال كل من العقدين عن الآخر .

ثانياً: التعهد الصادر من البنك

أما بخصوص تعهد البنك الضامن الوارد بخطاب الضمان ، فقد جرى العرف المصرفي على أن يرد تعهد البنك محرر الخطاب بالدفع للمستفيد لدى أول طلب مقروناً بعبارة “بالرغم من معارضة العميل “أو “بالرغم من أي معارضة قد تنشأ منّا أو من العميل ”
وهذه العبارة هي التي تقطع العلاقة بين عقد الأساس وبين خطاب الضمان أو هي التي تجعل هذه العلاقة تتراجع وتختفي عن الرابطة بين البنك الضامن والمستفيد
وقد أيد هذا الاتجاه ما أوردته القواعد الموحدة في المادة (2) منها ، كما أيده أيضاً الأستاذ محمد علي البربري عندما ذكر« والتعهد بهذا المضمون يمثل الخواص الأساسية التي ينبغي توافرها في التزام البنك وبدونها يفقد خطاب الضمان قيمته، أي أن وصف التزام البنك بهذا المعنى ونزول البنك عن التمسك على المستفيد بدفوع عقد الأساس لا يُفترض بل يجب النص عليه صراحة في الخطاب »
والجدير بالذكر هنا أن الأصل وفقاً لما ذهبت إليه أغلب الأحكام القضائية الفرنسية والمصرية أن يكون التزام البنك في خطاب الضمان مجرداً أي لا يتوقف تنفيذه على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط ولا حلول أجل إلا أن هناك صوراً أخرى تخرج عن هذا الأصل ومع ذلك يبقى فيها الخطاب محتفظاً باستقلاليته وكفايته الذاتية بمعنى أن خطاب الضمان يمكن أن يكون مقترناً بشرط أو أجل كما لو ذكر في خطاب الضمان الابتدائي أنه ينقضي عند توقيع العقد من جانب العميل أو أن ينص في خطاب الضمان النهائي أنه لا يسري إلا بعد إلغاء خطاب الضمان الابتدائي ، وتعليق الالتزام الوارد بخطاب الضمان على شرط أو أجل جائز طالما أن هذا الشرط أو الأجل مرتبط بواقعة ترجع إلى المستفيد لا إلى الآمر ولا إلى البنك وكان مذكوراً في الخطاب نفسه و ألا يرجع تنفيذه إلى واقعة خارجة عنه تماماً كتنفيذ أو عدم تنفيذ عقد الأساس ، أو عقد الاعتماد القائم بين البنك و الآمر أو أي عقد أو رابطة قانونية أخرى .

ثالثاً: تعيين أطراف الخطاب

إن من شروط صيغة خطاب الضمان أن يرد ذكر اسم البنك الضامن و العميل الآمر و المستفيد على وجه الدقة , وبشكل نافي للجهالة بحيث لا يثور مستقبلاً أي خلاف حول أطرافه و بالذات المستفيد
ومما يجدر ذكره في هذا الخصوص أنه و بعد تحديد أطراف الضمان على الوجه المذكور يمتنع تغيير أطرافه،كما يمتنع تغيير شخص المستفيد فيه ما لم يكن منصوصاً على ذلك صراحة في خطاب الضمان نفسه.
وفي هذا الخصوص أورد الدكتور علي جمال الدين عوض في مؤلفه خطابات الضمان المصرفية « إن الضمان يقوم على الإعتبار الشخصي و ترتيباً على ذلك فإنه لا يجوز طلب الوفاء من شخص آخر غير المستفيد لأن العقد حوّل إليه من جانب الآمر , فذلك يؤدي إلى فسخ عقد الاعتماد بالضمان وكذلك الضمان إذا كان أشير فيه إلى شخص المضمون و العملية المضمونة »
أما القواعد الموحدة فتنص في المادة (4) منها « حق المستفيد في تقديم مطالبة في نطاق ضمان غير قابل للتنازل عنه ما لم يكن قد نص على ذلك صراحة في الضمان أو أي تعديل له , ومع ذلك فإن هذه المادة لا تؤثر على حق المستفيد في التنازل عن أي مبالغ قد تؤول إليه أو تصبح من حقه في نطاق الضمان»
و مؤدى ذلك النص أنه في الأصل لا يجوز للمستفيد أن ينقل حقه في المطالبة بخطاب الضمان إلى شخص آخر ما لم يتضمن خطاب الضمان بنداً يشير إلى ذلك عندئذ فإنه يترتب على هذا البند نشوء الحق للمستفيد في التنازل عن حق المطالبة بقيمة خطاب الضمان لأي شخص.

رابعاً: مدة الضمان

تعد المدة عنصراً أساسياً في خطاب الضمان ، إذ لا يصدر خطاب ضمان دون تحديد مدة معينة يسري خلالها التزام البنك وقد نصت على ذلك المادة (355) من قانون التجارة المصري عند تعريفها لخطاب الضمان وأن البنك يتعهد في الخطاب بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر هو المستفيد دون قيد أو شرط إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب، كما أشارت المادة (359) تجاري مصري إلى أن ذمة البنك تبرأ قبل المستفيد إذا لم يصله خلال مدة سريان خطاب الضمان طلب من المستفيد بالدفع.
والأصل وفقاً لما ذهبت إليه معظم القوانين العربية أن يصدر الخطاب لمدة محددة يحرص البنك على تأكيدها بالنص عليها في الخطاب نفسه ،كما يحرص على اشتراط وصول المطالبة بالدفع قبل تاريخ معين و بيان أن ضمان البنك يسقط تلقائياً إذا لم تصله المطالبة حتى التاريخ المعين بمعنى أنه إذا تحددت المدة في خطاب الضمان فإن البنك يبقى ملتزماً في مواجهة المستفيد حتى نهاية التاريخ المحدد فيه باعتبار أن هذا التاريخ هو الحد الأقصى لنفاذه فإذا تقدم المستفيد بطلبه لتسييل خطاب الضمان في أي وقت خلال مدة سريان الخطاب فإنه لا يكون أمام البنك إلا الوفاء بقيمته للمستفيد , أما إذا تمت المطالبة بعد انتهاء مدة الضمان فإن البنك لا يلتزم بالدفع و ذلك لأن التزام البنك يسقط نهائياً بحلول أجله دون حاجة إلى إخطار المستفيد ولا إلى اتخاذ أي إجراء آخر ، علماً بأن العبرة في تاريخ المطالبة بتاريخ استلامها من المستفيد وعلى ذلك فإن المستفيد هو الذي يتحمل نتائج تأخير البريد إذا كان قد أرسل طلب الدفع بالبريد أثناء مدة سريان الخطاب و لكنه وصل إلى البنك بعد انقضاء التاريخ المحدد في الخطاب ، لأنه كان يتعين عليه أن يكون حريصاً و لا ينتظر لأخر لحظة ليقدم طلب الدفع وهو أمر منطقي طالما أن العميل له الحق في استرداد غطاء خطاب الضمان من المصرف في اليوم التالي لانتهاء مدة الضمان و يكون العدل إبراء البنك من التزامه بالدفع من هذه اللحظة لأنه فقد ضمانه ضد العميل .
وبالرجوع لنص المادة (6) من القواعد الموحدة لخطابات الضمان نجدها تنص على أن مدة خطاب الضمان تبدأ من تاريخ إصداره، لكن التزام البنك بالدفع للمستفيد لا يبدأ إلا من تاريخ وصول الخطاب إلى علم المستفيد متى تم تسليم الخطاب إليه.
ويجوز كذلك إصدار خطاب الضمان دون تحديد مدته خاصة إذا كان تنفيذ العملية الصادر بشأنها الخطاب يحتاج لمدة طويلة و في هذه الحالة يجوز للبنك أن ينهيه في أي وقت بشرط أن يقوم بإخطار العميل و المستفيد قبل الإنهاء بوقت مناسب ويترك للمحكمة المختصة تقدير هذا الوقت حسب ظروف كل حالة على حدى وعموماً يعتبر الوقت مناسباً عندما لا يكون إنهاء خطاب الضمان خلاله سبباً في أضرار تلحق بالمستفيد أو العميل ، و إن هذا الحل لو كان تطبيقاً للقواعد العامة في الالتزامات ، إلا أنه في الواقع لا يستقيم مع ما جرى عليه العرف المصرفي حيث أن البنوك تعمد في خطاب الضمان غير محدد المدة إلى الاحتفاظ بملفاتها وقيودها المتعلقة بها لمدة (15) سنة من تاريخ بدء التزامها ، ومن ناحية أخرى نجد أن إنهاء العقد بإرادة منفردة في العقود غير محددة المدة ينتج أثره فيما بين المتعاقدين فقط دون أن يمس الحقوق التي ترتبت للغير، ولما كان المستفيد من خطاب الضمان ليس طرفاً فيه لأنه ليس متعاقداً مع البنك ( في عقد الاعتماد بالضمان ) ولكن يكتسب فقط حقوقاً منه ، فلا يمكن إذن التسليم بإمكانية إنهاء البنك لحق المستفيد بإرادته المنفردة و في هذا المجال يذهب رأي فقهي لضرورة التمييز بين حالتين :
الحالة الأولى : في خطاب الضمان غير محدد المدة وغير المشروط يكون حق المستفيد في طلب الدفع قائما في أي وقت ، لذلك يتقادم التزام البنك بمضي 15 سنة من تاريخ بدئه دون أن يستعمل المستفيد حقه في المطالبة بقيمة الخطاب.
الحالة الثانية : في خطاب الضمان غير محدد المدة المشروط بشرط واقف هو إخلال العميل بالتزاماته تجاه المستفيد , فإن حق المستفيد في طلب الدفع لا يبدأ إلا من تاريخ تحقق هذا الشرط ففي هذه الحالة يبدأ تقادم حق المستفيد من هذا التاريخ أي تحقق الشرط .
وأخيرا يرى بعض الشراح في مصر أنه إذا كانت العملية مضمونة مذكورة في الخطاب امتد الخطاب إلى وقت انتهائها وظل قائماً مادامت قائمة متى كان هذا المعنى مفهوماً من الخطاب كما لو قدم الخطاب لضمان حسن سير سلوك شخص أجنبي داخل البلاد بضمان البنك فيظل الضمان قائماً مادامت العملية قائمة أي مادام الأجنبي حيا ومقيما في البلاد .

خامساً: مبلغ الضمان والعملة التي سيتم بها الوفاء

إن محل تعهد البنك في خطاب الضمان المصرفي هو دفعه لمبلغ من النقود إلى المستفيد إذا طلب منه ذلك خلال المدة المحددة في الخطاب ، فلا يتصور أبداً أن نكون بصدد خطاب ضمان بالمعنى الفني الدقيق إذا كان موضوع تعهد البنك ليس نقوداً ، ولما كان هذا المبلغ النقدي هو محل تعهد البنك فإنه يجب أن يتوافر فيه ما يتوافر في محل الالتزام بصفة عامة من شروط وذلك كما حددها المشرع السوري في المادة (132) وما يليها من القانون المدني وما يعنينا هنا أن يكون المحل معينا أو على الأقل قابلا للتعيين .
والأصل وكذلك الغالب في العمل أن يحدد ضمان البنك بمبلغ معين ، ولكن يحدث أحياناً أن يصدر خطاب بمبلغ قابل للتعيين وفي هذه الحالة يتوجب ذكر الأسس التي يتم بموجبها تحديد مبلغ خطاب الضمان عند الاستحقاق، ومثاله ما يحدث عندما يطلب المرسل إليه من إدارة الجمارك بأن يتسلم بضاعته قبل وصول سندات الشحن والتي تحدد على أساسها نسبة الرسوم الجمركية فتسمح له بذلك بشرط أن يقدم ضماناً كافياً فيلجأ المرسل إليه إلى بنكه يطلب منه إصدار خطاب ضمان مصرفي لصالح إدارة الجمارك لضمان ما قد يترتب من رسوم على هذه البضاعة ، أي أن قيمة خطاب الضمان لا تكون معينة عند إصداره بل تتعين عند وصول سندات الشحن وهذه هي حالة صدور خطاب ضمان بمبلغ قابل للتعيين وتعهد البنك هنا صحيح لأن محله وإن لم يكن محددا ًعند إصدار الخطاب إلا أنه قابل للتحديد عند وصول سندات الشحن .

وكذلك الحال فقد ينص في خطاب الضمان على أن المبلغ الذي يلتزم البنك بدفعه ينخفض تدريجياً وهو ما يسمى بالضمان المتدرج وفي هذه الحالة يتعين أيضاً تحديد الأساس الذي على ضوئه يحتسب التدرج المتناقص كأن يذكر بأن المبلغ يخفض بحسب تقدم الأعمال في عقد الأساس وفي هذه الحالة يتوجب النظر في هذه الأعمال لمعرفة ما تم منها وما لم يتم .
ويتفرع عن ذلك التساؤل التالي: إذا كان خطاب الضمان محدداً بمبلغ معين ، فهل يجوز للمستفيد أن يجتزئ جزء من هذا المبلغ ويطالب بصرفه له أم يتعين عليه صرف قيمة خطاب الضمان بالكامل ؟!
طرح هذا التساؤل في قضية عرضت على القضاء الكويتي في القضية رقم ( 409/1990) تجاري وفيها قرر المستفيد صرف مبلغ يعادل (75%) من قيمة خطاب الضمان ، وهو ما دفع البنك للطعن في هذا الحكم ، وقد ردت محكمة التمييز على هذا النعي بقولها أن صدور خطاب الضمان بمبلغ محدد لا يمنع المستفيد من مطالبة البنك بمبلغ يقل عنه متى رأى المستفيد أنه لا يستحق قيمة خطاب الضمان كاملة طالما أنه في حدود قيمة الخطاب
وغني عن القول أنه إذا أُريد تعديل قيمة خطاب الضمان بتخفيضه فإن ذلك لا يجوز إلا بموافقة المستفيد لأن في ذلك انتقاصاً لحقوقه ، أما إذا أُريد زيادة مبلغ الضمان فإن ذلك يستوجب أخذ موافقة صريحة من العميل الآمر لأنه هو الذي سيتحمل هذا المبلغ في نهاية المطاف

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أنه إذا لم يكن محل تعهد البنك دفع مبلغ نقدي سواء كان معيناً أو قابلاً للتعيين كأن يلتزم البنك في مواجهة المستفيد بتنفيذ التزامات العميل إذا لم يف بها هذا الأخير بنفسه أو أن يضمن حسن تنفيذ العميل لالتزاماته أمام المستفيد أو سداد ما على العميل من دين فإننا لا نكون بصدد خطاب ضمان مصرفي وإنما بصدد عقد كفالة مدنية أو تجارية – حسب الأحوال- وذلك بسبب ارتباط التزام البنك في الوفاء للمستفيد بعنصر خارجي عن خطاب الضمان، وهو ما يتعارض مع طبيعة خطاب الضمان الذي يتمتع بالكفاية الذاتية باعتبار أن التزام البنك في الخطاب هو التزام منبت الصلة بالإلتزامات الناشئة بين البنك بين البنك والعميل أو بين العميل والمستفيد
وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن هذا العنصر يعتبر أهم ما يميز خطاب الضمان المصرفي عن الكفالة وذلك لأن الالتزام في خطاب الضمان يكون دائما محله التزاماً نقدياً وهذا طبيعي لأن البنك ليست مهمته تنفيذ الالتزامات غير النقدية حيث يحل محل التأمين النقدي ويدفع بدلاً عنه أما الكفالة فهي تنفيذ الالتزام أيا كان موضوعه إذا تخلف موضوع الالتزام الموضوع المضمون فيستوي تبعاً لذلك أن يكون محل الالتزام في الكفالة القيام بعمل معين أو أداء مبلغ معين.

العملة التي سيتم بها الوفاء :

لا يكفي تحديد مبلغ الضمان في الخطاب فقط، بل يتوجب أيضاً أن يتم تحديد العملة التي يدفع بها المبلغ ، وتبدو أهمية ذلك التحديد عندما يكون أطراف العملية من دول مختلفة ، كأن يكون البنك والعميل الآمر من دولة ويكون المستفيد من دولة أخرى ويتحقق ذلك في عقود التجارة الدولية
فإذا أغفل البنك تحديد العملة التي يتوجب أن يدفع بها المبلغ الوارد بالخطاب فإن الغالب أن تعتبر عملة الدولة التي يتبع لها البنك أو الفرع الذي أصدر خطاب الضمان.

سادساً: لغة خطاب الضمان

بخصوص لغة خطاب الضمان ، فقد جرت العادة المصرفية على إصداره باللغة العربية إذا كان كل من العميل الآمر والمستفيد والبنك في بلد واحد ( سوريا مثلا) ، وإذا فرض وصدر خطاب الضمان باللغتين العربية وأي لغة أجنبية أخرى وحدث اختلاف بين اللغتين فإن الراجح هو تغليب اللغة العربية على غيرها باعتبارها اللغة الرسمية في البلاد.
أما إذا كان خطاب الضمان مرتبط بإحدى عمليات التجارة الدولية وكان المستفيد ينتمي لدولة غير عربية أو مقيم بدولة غير عربية فإن الخطاب يصدر طبعاً باللغة الأجنبية ، ولكن يفضل في المعاملات الدولية أن يصدر خطاب الضمان باللغتين العربية والأجنبية على أن يذكر في الخطاب بأنه في حال الاختلاف في المعنى بين اللغتين فإن اللغة المعنية ( العربية أو الأجنبية) هي التي يعتد بها.

سابعاً: القانون واجب التطبيق والمحكمة المختصة

إن تنازع القوانين بخصوص خطابات الضمان أمر وارد، ومع ذلك فهو محدود ويرجع ذلك كما يشير البعض إلى سببين أساسيين : أولهما أن الكثرة الغالبة من خطابات الضمان عادة تنطوي على اتفاق صريح بشأن القانون الواجب تطبيقه ، ثانيهما : أن معظم المسائل التي تثار بين الأطراف غالباً تجد حلاً لها في صيغة الخطاب الصادر عن البنك ، حيث أن نصوص خطاب الضمان تتعرض تفصيلاً لكافة المسائل دون أن تترك مسألة يتوقف حسمها على معرفة القانون الواجب التطبيق.
وهنا يمكن طرح التساؤل التالي: لو لم يذكر الخطاب القانون الواجب التطبيق والمحكمة المختصة ، فما الحل لو ثار نزاع سواء بين العميل والبنك أو بين البنك والمستفيد حول مضمون خطاب الضمان ولم يجد الأطراف له حلاً في نصوص الضمان ، وما هو القانون المطبق في هذه الحالة ؟

(1) بالنسبة للعلاقات الناشئة عن إصدار خطاب الضمان بين العميل والبنك: فإن هذه العلاقات يحكمها القانون المتفق عليه صراحة أو ضمناً ، وفي حال عدم الاتفاق على القانون الواجب التطبيق يلزم إعمال قانون البنك، فوفق هذا القانون تتحد شروط إصدار الضمان المترتبة على تأخر البنك في فتح الاعتماد بالتوقيع
(2) بالنسبة للعلاقات الناشئة عن إصدار الضمان بين البنك والمستفيد : طالما أن خطاب الضمان ينشأ من إرادة البنك في أن يلتزم بإرادته المنفردة ويكون التزامه نهائياً لا رجعة فيه ، مجرداً وباتاً بمعنى انه مستقل عن العلاقة بين البنك والعميل ، وعن العلاقة بين العميل والمستفيد ولا يجوز الرجوع فيه أو الامتناع عن الدفع مهما كانت الأسباب التي يمكن أن يتمسك بها لتبرير هذا الامتناع متى وصل الخطاب إلى علم المستفيد ولم يرفضه ، وبناء على ما سبق فإن القانون الواجب التطبيق بشأن هذه العلاقات هو قانون البنك الضامن ففي هذا المكان يتم الأداء المميز أو المحوري في العملية ، كما أن إعمال قانون البنك تفرضه بطبيعة الحال آلية عمل الضمان ووظيفته, أضف إلى ذلك أنه يدعم من تطبيق هذا القانون أن لمصرف يقوم بهذه العملية بوصفها من العمليات الداخلة في نشاطه المعتاد كل ذلك مالم يكن ثمة اتفاق في الخطاب على تطبيق قانون آخر
وهذا الحل هو المقبول عند الفقه في مصر وفرنسا وله تطبيقات عديدة في القضاء.
أما بخصوص المحكمة المختصة فقد استقر الفقه والقضاء على أن محكمة مكان البنك الملتزم بالضمان هي المحكمة المختصة
أما القواعد الموحدة لخطابات الضمان، فقد قننت مااستقر عليه الفقه والقضاء ، إذ أوردت في المادة (27) مايلي: «مالم يكن قد نص على خلاف ذلك في الضمان أو الضمان المقابل فإن أي خلاف يقع بين الضامن والمستفيد فيما يتعلق بالضمان أو بين الطرف المصدر للتعليمات والضامن فيما يتعلق بالضمان المقابل تكون المحكمة المختصة بنظره هي المحكمة الموجودة بالبلد الذي يقع فيه محل عمل الضامن أو الطرف المصدر للتعليمات (بحسب الأحوال) ، وإذا كان الضامن أو مصدر التعليمات له أكثر من مكان عمل ، فإن المحكمة المختصة هي محكمة البلد الذي يقع فيه الفرع الذي أصدر الضمان أو الضمان المقابل »

شارك المقالة

1 تعليق

  1. ماهى مسؤوليه البنك المبلغ لخطاب الضمان فى حاله استلام طلب تجديد او دفع خلال فتره سريانه من المستفيد ولكن البنك المبلغ لخطاب الضمان
    قام بإرسال الطلب للبنك المصدر بعد انتهاء فتره سريانه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.