شكراً فضيلة القاضي

د. موضي الزهراني

بعد مشاركتي في ملتقى القضايا الأسرية والذي نظمته وزارة العدل مشكورة بداية هذا الأسبوع، وكانت عن “الآثار النفسية لأطفال النزاع الأسري، ودور الحماية الاجتماعية في معالجتها” سررت جداً باتصال بعض القضاة شاكرين ومقدرين لي مشاركتي واهتمامنا من خلال لجان الحماية الاجتماعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية باستقبال بلاغات العنف الأسري ضد أطفال المطلقات، ودورنا في دراسة شكواهن، وتحديد درجة الأذى الواقع عليهن وعلى أطفالهن من خلال الدراسة الاجتماعية المنزلية أو المدرسية، ومن خلال التحويل للطب النفسي لتشخيص الحالة النفسية بهدف معاينة الصورة الحقيقية للعنف الواقع عليهم من الأب، وأنواع الأذى الممارس ضدهم والمتمثّل في حرمانهم من أبسط حقوقهم كإيجاد مسكن آمن لهم، أو نفقة شهرية تحميهم من ذلّ السؤال والتسوُّل لدى الجمعيات الخيرية أو لدى فاعلي الخير! فهذه الصورة التحليلية الشاملة ننقلها مباشرة إلى فضيلة القاضي الذي قد تجهله الكثير من الأمور الاجتماعية والنفسية والواقع المنزلي المُعاش لتلك الحالات المتضررة من تعسف بعض الآباء وظلمهم لأطفالهم بمجرد انفصالهم عن أمهاتهم! ولقد عشنا كفريق للحماية الاجتماعية بمنطقة الرياض أياماً عصيبة مع بعض الحالات المتضررة وتألمنا بشدة لواقعهم الذي لا يصدق أنه يصدر ممن يمثلون الدين الإسلامي الذي ينص على نشر الرحمة والتعاطف بين البشر عامة، فكيف بين أفراد الأسرة الواحدة التي اختصها بآيات قرآنية وأحاديث نبوية لا يفقه الكثير من رجالنا إلا ما يُرضي رغباتهم، لكنهم لا يطبقون ما يحث على قيامهم بواجباتهم كأولياء أمور وبخاصة الآباء الذين يرمون بكل تلك التوجيهات الربانية والنبوية عرض الحائط! وتأخذهم العزة بالإثم من أجل إثبات قوتهم وتسلطهم وربحهم الخاسر لراحة أسرهم الضعيفة! ولقد واجهتنا على مدار السنوات الماضية منذ عام 2004م إلى الآن صعوبات كثيرة مع رجال الأمن في تجاوبهم السريع مع شكاوى أمهات الأطفال، ومع تردُّد بعض المدارس في التجاوب مع اختصاصيي الحماية الاجتماعية في الدخول للمدارس ومقابلة الطلاب المتضررين نفسياً أو أجسادهم من آبائهم! وواجهنا معاناة أكبر مع بعض القضاة في تأجيل البت بالحكم لمصلحة الأطفال من خلال مواعيد متباعدة مما قد يسيء لوضعهم أكثر ويعرضهم للخطر! وتواجهنا صعوبات أكبر من بعض الآباء الذين لا يتقبلون تدخُّلنا بناء على شكوى الأم المطلقة ويعتبرونها شكوى كدية وتؤدي للتشهير بهم وبمكانتهم الاجتماعية، كأن حالهم يقول بأنه لا حق لها شرعياً في أطفالها والاطمئنان عليهم حتى لو ارتبطت بزوج آخر! وغيرها من الصعوبات التي لا يدركها إلا من يتعايش مع معاناة هذه الحالات وجهاً لوجه ويُعاين واقعها الحياتي المؤسف لمجرد انفصال الزوجة عن زوجها! ولكن ولله الحمد بدأت الإجراءات تكون أكثر فاعلية لمصلحة الأطفال، لكننا نتأمّل خيراً أيضاً من توصيات هذا الملتقى الهام بشأن معالجة الكثير من القضايا الأسرية، والأهم هو متابعة التنفيذ العاجل لتلك التوصيات الهامة التي خرج بها المشاركون من مختلف الدول العربية.