مقال قانوني مميز حول سقوط النفقة

أ / شريف النجار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة ،،،،
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد •فإن الشارع الحكيم قد رتب على عقد الزواج حقوقاً للزوجة على زوجها وحقوقاً للزوج على زوجته ، وحقوقاً مشتركة بينهما ، وبمراعاة هذه الحقوق والقيام بتلك الواجبات ممن وجبت عليه من الزوجين ، تقوى الرابطة الأسرية وتستقيم وتستقر ، وتسير حياتهما الزوجية سيراً حسناً، وقد أرشد الله تعالى في كتابه إلى ذلك حيث قال: ولهن مثل الذي عليهنّ بالمعروف (1)• فقد جعل الله للنساء حقوقاً بمقتضى الزوجية يقوم بها الرجال ، مثل ما للرجال عليهن من حقوق وواجبات ، وبهذا النص المحكم وضع الإسلام القاعدة التي تقوم عليها الحياة الزوجية وهي تبادل الحقوق والواجبات بين الزوجين ، وأرشد إلى الأساس الذي يرجع إليه في تقرير هذه الحقوق والواجبات وهو العرف المعتبر شرعاً

•ولما كان الزواج عقداً ينشأ بين الرجل والمرأة ، وبه يتم الارتباط بينهما، ومتى تم هذا العقد ترتبت عليه حقوق وواجبات للمرأة على زوجها ، فإن للزوجة على زوجها حقوقاً يلزمه القيام بها ، وهذه الحقوق بعضها حقوق مالية مثل المهر والنفقة ، وحقوق غير مالية كالعدل والإحسان في المعاملة• والنفقة واجبة للزوجة على زوجها باعتبار ذلك حكماً من أحكام عقد الزواج الصحيح ، وحقاً من حقوقه الثابتة للزوجة على زوجها بمقتضى ذلك العقد، ولذلك تجب على الزوج ولو كانت الزوجة غنية ، وسواء أكانت مسلمة أم غير مسلمة ؛ لأن سبب الوجوب هو الزواج الصحيح مع وجود الاحتباس، وهو متحقق في الزوجات جميعاً ، فالعقد الصحيح ليس هو السبب المباشر في وجود نفقة الزوجة على زوجها كما هو الشأن في المهر ، بل احتباس الزوج لزوجته ، ودخولها في طاعته ؛ ليتمكن من جني ثمرات زواجه واستيفاء حقوق الزوجية • ولما كان سبب وجوب النفقة للزوجة على زوجها قرارها في بيته واحتباسها من أجله ، فإن امتنعت الزوجة من طاعة زوجها سقطت نفقتها ؛ لأن الأحكام الشرعية تدور مع أسبابها وجوداً وعدماً، فهناك موانع ومسقطات لتلك النفقة ، وهذا البحث نتحدث فيه عن (مسقطات النفقة الزوجية) والمسقطات قد تكون في حال قيام الزوجية أو في حال عدة فرقها ، أو عدة وفاة ، ومن المسقطات ما كان متفقاً عليه بين الفقهاء ومنه ما هو غير متفق عليه ، فقد ذكرنا كل مسقط وآراء الفقهاء فيه •

خطة البحث :-
تعريف النفقة
مشروعية النفقة الزوجية
حكم النفقة الزوجية
سبب وجوب النفقة شروط وجوب النفقة :
مسقطات النفقة
نفقة العلاج :
سادساً : عمل الزوجة
سابعاً : حبس الزوجة
ثامناً : اغتصاب الزوجة
تاسعاً : المعقود عليها بعقد فاسد
عاشراً : الإبراء عن النفقة ومضي الزمان
حادي عشر : إعسار الزوج بالنفقة
ثاني عشر : المطلقة ثلاثاً (المعتدة بعد الطلقة الثالثة)
ثالث عشر : المعتدة من وفاة
رابع عشر : المعتدة من نكاح فاسد أو بشبهة
خامس عشر : الزوجة المختلعة (المعتدة بعد الخلع)
سادس عشر : الزوجة الملاعنة (المعتدة بعد الملاعنة)
سابع عشر : ردة الزوجة
ثامن عشر : الزوجة العاصية بما يوجب حرمة المصاهرة
تاسع عشر : الزوجة المعتدة لفقد الزوج

الخاتمة –

إنه من القواعد المقررة فقهاً أن من حبس لحق غيره فنفقته واجبة على ذلك الغير ، وإن المرأة إذا حبست على الزوج للقيام على البيت، ورعاية شئونه ، وفرغت نفسها لمنفعة زوجها ، فتكون نفقتها واجبة عليه
2- المرأة الناشزة بغير عذر تسقط نفقتها ، والنشوز يكون بالامتناع من فراش الزوج ، وبالامتناع من الانتقال معه إلى مسكن مثلها، وبالامتناع من السفر معه أو الخروج بدون إذنه وبدون مبرر شرعي •
3- إذا سافرت الزوجة بغير إذن زوجها سقطت نفقتها عنه ؛ لأنها في حكم الناشزة ، وإن سافرت بإذنه في حاجته لا تسقط نفقتها ، وإن كان سفرها في حاجتها بإذنه فالأولى عدم سقوط نفقتها في رأينا •
4- أداء الزوجة لفريضة الحج مع محرم أو رفقة مأمونة لا يسقط نفقتها، وكذلك أداؤها للصلاة في أول وقتها ، وصيامها للفرض ، أو قضاؤها للصيام في آخر شعبان لا يسقط نفقتها • وأما أداؤها لحج التطوع أو صوم التطوع أو القضاء للصيام مع سعة الوقت بغير إذنه كل ذلك يسقط نفقتها •
5- لا تجب النفقة للزوجة على زوجها إذا كانت صغيرة بحيث لا تصلح للرجال ، ولا تشتهى للوقاع ؛ لأن الاحتباس الموجب للنفقة هو الذي يكون وسيلة إلى المقصود المستحق بالعقد ، وما لم يوجد فلا تجب لها النفقة • وفي الزوجة الكبيرة إذا كان الزوج صغيراً ففي النفقة عليها خلاف بين الفقهاء •
6- إذا مرضت الزوجة قبل الزفاف بحيث لا يمكنها الانتقال إلى بيت الزوج ، فلا تستحق النفقة ؛ لأن الاحتباس غير ممكن ولا يتأتى الاستعداد له ، أما لو انتقلت إلى بيت الزوج ومرضت فيه فلها النفقة وعليه علاجها •
7- المرأة العاملة إذا طلب منها زوجها ترك العمل ، وكان ينفق عليها النفقة اللازمة لمثلها ورفضت ترك العمل سقطت نفقتها لنشوزها ، ولفوات الاحتباس اللازم عليها لزوجها •
8- المرأة المحبوسة بجناية أو الهاربة تسقط نفقتها إلا إذا حبست ظلماً أو اغتصبت فأرى ألا تسقط نفقتها بذلك •
9- المعقود عليها بعقد فاسد لا نفقة لها فيه ولا في عدة منه ؛ لأن شرط وجوب النفقة أن يكون العقد صحيحاً ، ففي العقد الفاسد لم يتحقق سبب وجوب النفقة وهو الاحتباس المشروع المؤدي إلى المقصود من النكاح •
01- يصح إبراء الزوجة زوجها من النفقة الماضية إن كانت مفروضة بقضاء القاضي أو بتراضي الزوجين ، وإن كانت غير مفروضة بقضاء القاضي أو بالتراضي فلا يصح الإبراء منها عند الحنفية ، ويصح الإبراء منها عند الجمهور •
11- إن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمان ولا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء ، سواء كان الزوج موسراً في أثناء مدة الامتناع عن الإنفاق أم كان معسراً ، وسواء كانت النفقة مفروضة بحكم القاضي أم بالاتفاق أم كانت غير مفروضة بشيء مما ذكر •
21- أوجب الحنفية النفقة والسكنى للمطلقة ثلاثاً وأسقطها الحنابلة والظاهرية ، وأوجب المالكية والشافعية لها السكنى دون النفقة ، أما المتوفى عنها فلا نفقة لها ولا سكنى ؛ لأنه لا سبيل لإيجاب النفقة على الزوج لانتفاء ملكه بالوفاة ، وأوجب الإمام مالك لها السكنى في مدة العدة إذا كان المسكن مملوكاً للزوج أو دفع أجرته قبل وفاته • وتسقط نفقة المعتدة لفقد الزوج للحكم بوفاته ، ولا تسقط مدة التربص ؛ لأنه لم يحكم فيها بموته •
31- الزوجة التي خالعت زوجها لا نفقة لها عند الأئمة الثلاثة ، وأوجب الحنفية والظاهرية لها النفقة • ومن لاعنها زوجها أوجب أبو حنيفة لها النفقة والسكنى ، ولم يوجب المالكية والحنابلة والشافعية لها نفقة ولا سكنى •
41- تسقط نفقة معتدة الفرقة إذا كانت الفرقة بسبب من الزوجة وكانت الفرقة بسبب محظور ، كأن ترتد الزوجة عن دين الإسلام ، أو تمتنع عن الإسلام بعد أن يسلم زوجها ولم تكن كتابية ، أو فعلت بأصول زوجها أو فروعه ما يوجب حرمة المصاهرة •