“الإرهاب الإلكتروني”.. هل يتحول لمصدر التهديد الأول للعالم؟
لقاهرة – هاجر حسونة – الخليج أونلاين

لم تعد الحماية الأمنية للأفراد والأشخاص فقط أمراً ضرورياً، ولكنها امتدت لتكون ضرورة حياتية كذلك للمعلومات، ومساعدة المنظمات على توسيع نطاق حماية البنى الأساسية الرقمية الخاصة بها، لا سيما في ظل الطفرة الهائلة التي حققتها الشبكة المعلوماتية والانتقال إلى عصر الحوسبة السحابية، ولمنح الدول والمؤسسات والأفراد القدرة على الكشف والتصدي للهجمات المتطورة لقراصنة الإنترنت والهجمات الإرهابية، وذلك قبيل أن تتمكن من إلحاق الأضرار بهم.

وبرغم التطور الشديد في أجهزة الحماية المعلوماتية، فإن قدرتها ما تزال محدودة في الكشف عن الهجمات الإرهابية الإلكترونية، وليست كافية لتحديد الهجمات المتطورة، بل وفي الواقع، فإن معظم الهجمات الناجحة لا يتم اكتشافها من خلال البيانات فقط.

– ما هو الإرهاب الإلكتروني؟

يرى المهندس حسام صالح، رئيس جمعية “إنترنت مصر” وخبير تكنولوجيا الاتصالات، أن الجريمة الإلكترونية كأي جريمة أخرى، فأي اختراق لقانون أو معتقدات أو ثوابت يعتبر جريمة.

وأشار في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: إن “هناك بعض البلدان قننت الجريمة الإلكترونية، وبلاداً أخرى لم تقننها، فالدول التي قننتها تُعتبر بالنسبة لها جريمة، والبلاد التي لم تقننها وتضع تشريعاً يحد منها، تعتبر بالنسبة لها فعلاً خارجاً عن المألوف أو فعلاً غير صحيح، فالجريمة الإلكترونية يتم تصنيفها في كل بلد وفق وجود قانون لها أو لا”.

ويُعرف الدكتور حسين بن سعيد الغافري، استشاري قانوني بهيئة تقنية المعلومات، “الإرهاب الإلكتروني” بأنه عبارة عن هجمات تستهدف شبكات الحاسوب والإنترنت سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو أمنية، وتهدد الأمن القومي أو العسكري أو الاقتصادي لدولة ما أو لعدة دول”.

وفي بحث له اطلع عليه “الخليج أونلاين”، أوضح الغافري أن كل ما يحتاجه الإرهابي ذو الخبرة في هذا المجال الحيوي هو جهاز حاسب آلي واتصال بشبكة الإنترنت، ومن ثم القيام بأعمال تخريبية وهو آمن في مقره، بنقرات بسيطة على لوحة المفاتيح.

– يختلف عن القرصنة الإلكترونية

كما عرّف الدكتور شريف هاشم، نائب رئيس الجهاز القومي المصري لتنظيم الاتصالات، الإرهاب الإلكتروني على أنه استخدام الإنترنت وشبكات المعلومات من الجماعات الإرهابية التخريبية.

وأكد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن هناك فارقاً بين الإرهاب الإلكتروني و”القرصنة الإلكترونية”، مشيراً إلى أن القرصنة الإلكترونية تعني مهاجمة المواقع ومحاولة السيطرة على المعلومات، وهي بعيدة عن مفهوم الإرهاب الإلكتروني الذي يعني أنه فعل معين يهدف إلى تهديد وترويع أعداد كبيرة من المواطنين.

– تقنين مفهوم “الإرهاب الإلكتروني”

شدد خبير تكنولوجيا المعلومات المهندس حسام صالح، على ضرورة أن يكون هناك تشريع ينص على عقوبات لمن يمارس الجريمة الإلكترونية، مؤكداً أنه ليس من أنصار أن يكون للجريمة الإلكترونية قانون خاص بها، بل يمكن الاكتفاء بإضافة تعديلات إلى قانون العقوبات ينص على عقوبات لمن يقوم بالجريمة إلكترونية ويحدد طبيعة تلك الجريمة، ومتى نُطلق على الفعل أنه جريمة إلكترونية.

وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أوضح أنه بدون تشريع يحدد تلك الجريمة وعقوبتها وطبيعتها لا يمكن استخدام لفظ “جريمة إلكترونية”، مشيراً إلى أنها تبدأ من سرقة البريد الإلكتروني (الإيميل) الخاص بشخص آخر، أو حسابه على (فيسبوك) أو غيره من مواقع الإنترنت، فكل ما هو مخالف للعادة يعد جريمة إلكترونية.

وبيّن أن الإجراءات التي تتخذها البلاد العربية غير كافية، فهي تحتاج إلى تشريعات وتعديل المفاهيم وإرادة واضحة تحدد طبيعة الجريمة الإلكترونية، بحيث لا يتم اتخاذ مكافحة الجرائم الإرهابية ذريعة لمنع الحرية المعلوماتية.

– مبادرة مصرية

قدمت مصر إلى مجلس وزراء الاتصالات العرب في مستهل شهر أبريل/ نيسان الماضي مقترحاً للتعاون حول مكافحة “الإرهاب الإلكتروني“، واتخاذ إجراءات عربية موحدة لمواجهة “الفكر المتطرف” على الإنترنت ومكافحة الإرهاب الإلكتروني، ووجود موقف عربي موحد ضد المواقع الإلكترونية المتطرفة.

ويهدف المقترح إلى “وضع آليات على أساس ثنائي وإقليمي متعلقة بمكافحة الإرهاب الإلكتروني بشكل لا يؤدى إلى انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي وأي قوانين وطنية، ويساعد على الحفاظ على الأمن القومي وسلامة المواطن.

كما أكد المقترح الذي قدمه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري المهندس خالد نجم، على “ضرورة الاتفاق على آليات ومصطلحات وبنود ثابتة وتوصيف لكل القضايا الخاصة بالفضاء السيبراني (الإنترنت) لمتابعة الحوادث الإلكترونية، حيث إن الاختراقات والتهديدات والجرائم السيبرانية تعد من أعمال الحرب غير التقليدية”.

– المجلس الأعلى للأمن السيبراني

وكان رئيس الحكومة المصرية “إبراهيم محلب” أصدر قراراً في ديسمبر/ كانون الأول 2014، بإنشاء مجلس أعلى لأمن البنية التحتية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتبع رئاسة مجلس الوزراء تحت مسمى”المجلس الأعلى للأمن السيبراني”.

وأعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، المهندس خالد نجم أن اللجنة المشكلة برئاسته لمتابعة أعمال المجلس ستحضر للاجتماع خلال الأسبوعين القادمين قبل نهاية منتصف شهر مايو/ أيار 2015 للاتفاق على تفاصيل عمل المجلس، موضحاً أنه لم يتم اختيار رئيس تنفيذي، وأن المجلس يتشكل من جميع قطاعات الدولة لمتابعة أي مخاطر أمنية متعلقة بشبكة الإنترنت والمعلوماتية والفضاء السيبراني، كدور تكميلي للمركز المصري للاستجابة لطوارئ الإنترنت وليس بديلاً عنه.

– مؤتمر “الإرهاب الإلكتروني” بالقاهرة

ومن المقرر أن تستضيف القاهرة مؤتمر “الإرهاب الإلكتروني” في 23 – 24 مايو/ أيار 2015، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على حجم خطورة الإرهاب الإلكتروني والأبعاد القانونية والاقتصادية والتقنية له، والتعرف على أحدث الوسائل وأكثرها فاعلية في مواجهة الإرهاب الإلكتروني.

وعلم “الخليج أونلاين” أن دول مصر، والإمارات، والسودان، والسعودية، والكويت، والعراق سيشاركون في المؤتمر الذي ينعقد في القاهرة نهاية الشهر القادم.

ويناقش المؤتمر عدة محاور منها (الخصوصية المعلوماتية – ماهية الإرهاب الإلكتروني وأسبابه ومخاطره – أشكال الإرهاب الإلكتروني ووسائله وخصائصه – الأبعاد التقنية والاقتصادية والقانونية للإرهاب الإلكتروني – الإرهاب الإلكتروني والتطرف – الإرهاب الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي – حالات واقعية – مكافحة الإرهاب الإلكتروني والاتفاقيات الدولية).

– أعمال تخريبية

انحصر الإرهاب الإلكتروني في بداية انتشار الشبكات العنكبوتية (الإنترنت) على أعمال دعائية أو تخريبية لعدد من الجماعات، إذ تعرضت عدة وزارات وجهات حكومية إيطالية عام 1998 إلى هجوم من جماعات أطلقت على نفسها “الألوية الحمراء” والتي دمرت مراكز المعلومات الخاصة بها.

وفي عام 2001 اخترق متسللون حاسبات شبكة كهرباء كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وخلال الثمانينات في أوروبا دمرت إحدى الجماعات الإرهابية التي تطلق على نفسها اسم “الجسر الأحمر” ما يزيد عن 60 مركزاً للحاسبات الآلية لتلفت الأنظار إلى أفكارها ومعتقداتها.

– حرب إلكترونية دولية

ورأى الباحثون أن ما يشرع به القراصنة الإلكترونيين من أعمال إرهاب إلكتروني بمثابة “حرب إلكترونية دولية”.

ففي عام 2010 ظهر ما عُرف باسم “إعصار ويكيليكس”، إذ تم استغلال شبكة الإنترنت العالمية في تسريب وثائق تحوي معلومات سرية للغاية مُتداولة بين الإدارة الأمريكية وقُنصلياتها الخارجية بدول العالم.

وفي مارس/ آذار 2014 هاجمت مجموعة “سايبر بيركوت” الأوكرانية المواقع الإلكترونية لحلف الناتو، ما أدى إلى تعطيل مواقع الحلف لعدة ساعات”.

كما أعلن الكرملن أن قراصنة حاسوب شنوا هجوماً “عنيفاً” على موقع الرئاسة الروسية، وعطلوا العمل بموقع البنك المركزي الروسي.

وأقّر مفتش وحدة الجرائم الإلكترونية الأمريكي في أغسطس/ آب 2014، بأن قراصنة أجانب تمكنوا من اختراق حاسبات تابعة للهيئة الأمريكية لتنظيم الأنشطة النووية مرتين على الأقل خلال السنوات الثلاث الماضية.

ومؤخراً أكدت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها في 26 إبريل/ نيسان 2015 أن قراصنة روسيين اطلعوا على رسائل إلكترونية للرئيس الأمريكي باراك أوباما العام الماضي، بعدما تمكنوا من اختراق الشبكة الإلكترونية غير السرية للبيت الأبيض، واطلعوا على أرشيف الرسائل الإلكترونية لموظفين في البيت الأبيض يتواصلون يومياً مع أوباما، ومن خلال هذا الأرشيف تمكن القراصنة من قراءة رسائل تلقاها أوباما.

– خسائر اقتصادية

ومُنيت عدد من الشركات والمصارف العملاقة بخسائر اقتصادية فادحة نتيجة القرصنة الإلكترونية التي واجهتها.

فحسبما أشارت أحدث دراسة أجرتها مؤسسة B2B International وشركة كاسبرسكي لاب، والتي أعلنت عنها في الخامس عشر من أبريل/ نيسان، فإن 25 بالمئة الشركات في منطقة الخليج تعتبر هجمات (DDoS) أحد أكبر ثلاثة تهديدات تواجه الشركات في المنطقة. وباعتبارها أحد أهم التقنيات الشائعة التي يستخدمها مجرمو الإنترنت لكسب الأموال، فإن عدد وتأثير هذه الهجمات يتزايد من عام لآخر وهو ما جعل قضية حماية المستخدمين أمراً أولوياً لدى الشركات.

وقبل السادس من فبراير/ شباط 2015، أكدت شركة “كاسبرسكي” الرائدة في مجال الأمن المعلوماتي أن مجموعة من “الهاكرز” تمكنوا من السيطرة على حسابات في مصارف عالمية، وسرقة نحو مليار دولار، إذ استخدموا تقنيات معقدة من أجل الوصول للحسابات، واستغل “الهاكرز” ثغرة بأنظمة أجهزة الحاسوب في المصارف تمكنوا خلالها من نسخ بيانات الحسابات في مدة لا تتجاوز 20 ثانية واستغلوها من أجل تحويل الأموال بسرعة فائقة.

وخلال العامين الماضيين تعرضت مصارف في المغرب، لعمليات قرصنة على نطاق واسع، وانتقلت عدوى القرصنة إلى السعودية، لتتعرض شركة “أرامكو” لهجمات إلكترونية في أواخر عام 2012، ما دفع الشركة إلى إجراءات أمنية فورية لمنع تكرار الهجمات.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت