قضاة العراق بين مطرقة الارهاب وسندان العدل/بقلم الكاتب فاروق الجنابي

منذ أن وجد الإنسان نفسه يعيش ضمن مجتمعات وكيانات وشعوب كانت تلازمه الحاجة الى ما ينظم حياته خاصة في القضايا التي لها تماس مباشر مع بني جنسه ، فهم يلتقون في كثير من المشتركات كالخليقة او الدين والمصالح واللغة ، وهناك الكثير من أوجه الخلافات التي قد تفتك بتلك المجتمعات بسبب التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية مما يستوجب وجود جهة تقف على مسافة واحدة من الأطراف التي قد تتخاصم في بينها، ففي العصور الجاهلية كان الفصل في المنازعات تحكمه مبادئ القوة والضعف ، ولان الإنسان عند الله غاية مقدسة ويهون دونها كل شيء .

حتى انزل كتابه العزيز ليكون دستوراً وقانونا سماويا ينظم الحياة البشرية بمواردها وتفاصيلها ، فالنصوص الحكمية التي وردت بالشريعة الإسلامية كانت تستمد قوتها من القران الكريم وكانت غير قابلة للتأويل إلى في محيط النص .

ومع تقادم السنين أصبح القضاء من الغايات السامية والأهداف النبيلة في أدبيات ومفاهيم الأمم . فللعراق أرثة التاريخي في مجال القانون والأحكام فمسلة حمورابي خير شاهد على ذلك الإرث وهي واحدة من أروع ملاحم الثقافة القانونية التي صنعها الإنسان العراقي في كيفية التعاطي مع المفاهيم التي تستقيم عندها الحياة .فرجال القضاء العراقي وحسب اطلاعنا على بعض دقائق الأمور هم مهنيون لدرجة المهنية البحتة المجردة من فضول المحسوبية وبعيدة عن أهواء التجاذب الديني أو السياسي أو المذهبي أو الاجتماعي ، فمثلما كنا ولازلنا نتباها بمسلة حمورابي لأنها تمثل جزرا مهما من تاريخنا ، فعلينا وبملأ الأفواه ان نتباها بأداء رجال القضاء العراقي لأنهم يعملون بأعلى مراتب الشجاعة وثبات المواقف في ظل ظروف قاسية طالت العديد منهم ، فلم يكن القاضي خصما لأحد لكنه وقف ندا عنيدا يبحث بين ظلمات الجريمة ليضع الحق في نصابه وليقضي بما يمليه شرف المهنة التي يستظلون بها لأنها تسمو فوق الدرجات مما حدى بعصابات الجريمة المنظمة ومن يقف وراءها من الطارئين عل تقاليد مجتمعنا للتحرك لمحاولة ثني رجال القضاء عن دورهم في إحقاق الحق وحماية الناس من بطش هؤلاء المارقين لأنهم وجدوا أن القضاء العراقي صلبا وعدلا ولا ترعبه أصوات النعيق مهما علت .

وعلى هذه العصابات الخارجة عن القيم الإنسانية أن تعي جيدا أنها لولا القضاء العراقي العادل ورجال القضاء فيه لكان العراق في مستنقع الهاوية ، مما يتوجب معه العمل بالأحكام العرفية التي سيكتوي هؤلاء بنارها قبل غيرهم ، ولكانت العقوبات على الشبهات وقد نال أكثر عناصر هذه العصابات نصيبها من عدل الأحكام القضائية . فحماية القضاة ليست مسؤولية مهنية قد تنحسر ضمن أطار الأجهزة الأمنية لكنها مسؤولية أخلاقية واجتماعية تتطلب من الجميع الوقفة الشجاعة لاستاصال هذه الشرذمات واجتثاثات من او كادرها .

فتحية للقضاة الذين لم ولن تستفزهم هذه الفقاعات الخارجية عن الذوق والأخلاق ، ولن تثنيهم جرائم المرتزقة عن أداء رسالتهم الإنسانية فكانوا نعم الرجال الذين عبروا بشجاعتهم عن شرف انتمائهم لهذا الوطن الجريح .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت