تنفيذ الأحكام الأجنبية داخل الاراضي السعودية محليا و دوليا

بواسطة : حازم المدنى

في العشرين عاما الماضية شهد العالم نمواً استثنائيا في التجارة العالمية, ومن العوامل المساعدة في هذه الزيادة الكبيرة هي القوانين المنظمة لسير العملية التجارية, ويقف خلف هذه الزيادة منظمة التجارة العالمية (WTO) ومن قبلها الإتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (GATT) والتي ساهمت قوانينها في زيادة عملية التبادل التجاري بين الدول. ومن الطبيعي, في ظل زيادة الحركة التجارية العالمية

تنفيذ الأحكام الأجنبية داخل المملكة العربية السعودية – بواسطة عبد الله اليوسف

في العشرين عاما الماضية شهد العالم نمواً استثنائيا في التجارة العالمية, ومن العوامل المساعدة في هذه الزيادة الكبيرة هي القوانين المنظمة لسير العملية التجارية, ويقف خلف هذه الزيادة منظمة التجارة العالمية (WTO) ومن قبلها الإتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (GATT) والتي ساهمت قوانينها في زيادة عملية التبادل التجاري بين الدول. ومن الطبيعي, في ظل زيادة الحركة التجارية العالمية أن تنشأ بعض الخلافات بين أطراف التجارة فنجد أن بعضها يعود إلى إختلاف في فهم و/أو تطبيق بعض القوانين خاصة فيما يتعلق بالشأن المحلي, وبعضها يعود إلى إخلال بعض أطراف هذه العلاقة ببعض الإلتزامات. ومن هنا نشأت فكرة التعاون القضائي بين الدول وتتضح صورتها بشكل أكبر في التحكيم و تطبيق أحكام المحاكم الأجنبية في دول أخرى.

وعليه فقد حرصت الدول الأعضاء في WTO على تفعيل التعاون فيما بينها وبما يخدم مصالحها التجارية المشتركة, ولذلك حرصت هذه الدول على تعديل قوانينها الداخلية لتتماشى مع الإتفاقيات المبرمة اللاحقة لإنضمامها لـWTO .

والوضع في المملكة العربية السعودية لايختلف كثيراً عن باقي الدول فقد عمد المُشَرِع إلى تعديل قوانين التجارة الداخلية و الاستثمار الأجنبي و قوانين الشركات لتحاكي واقع التجارة العالمية, ويبرز في السطح السؤال الأكبر إلى أي مدى نجحت المملكة العربية السعودية في تفعيل دورها كشريك إقتصادي مهم في عالم التجارة؟ وهل الواقع العملي يشير إلى نجاحها في ذلك ؟

ولعله من المعلوم أن أهم ميزة في التجارة العالمية هي السرعة, وأن أهم عامل يساعد على السرعة هو التحكيم وتطبيق الأحكام الأجنبية داخل الأراضي السعودية. ومن أجل ذلك انضمت المملكة العربية السعودية إلى الكثير من الإتفاقيات ذات العلاقة ومن أبرزها:

إتفاقية تنفيذ الأحكام القضائية بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية,عام 1952م.
إتفاقية الإعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإنفاذها (إتفاقية نيويورك),عام 1958م.
إتفاقية الرياض العربية للتعاون القضائي بين الدول العربية, عام 1983م.
إتفاقية تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية بدول مجلس التعاون،عام 1997.
الإتفاقيات الثنائية بين المملكة العربية السعودية وعديد من الدول.

ومن نظرة فاحصة للواقع العملي في المملكة العربية السعودية نجد أن هنالك شروطا وإجراءات شكلية وموضوعية وضعها المُشرع لتنفيذ الأحكام الأجنبية داخل الأراضي السعودية. فبداية نجد أن الجهة المختصة بتنفيذ الأحكام الأجنبية و أحكام التحكيم الأجنبي هي محكمة التنفيذ وذلك وفقا لنظام التنفيذ الذي تم إقراره بتاريخ 31/08/2012م , لتحل محل المحكمة الإدارية – ديوان المظالم سابقا– وعليه فإن لمحكمة التنفيذ صلاحية النظر في الحكم الأجنبي ومدى توافقه مع الأحكام والشروط الموضوعه من قبل المُشرع لتنفيذه.

ومن أهم الشروط أنه لا يجوز التنفيذ الجبري إلا بسند تنفيذي لحق محدد المقدار حال الأداء, ومن ضمن هذه السندات الأحكام، والأوامر القضائية، وأحكام المحكمين، والمحررات الموثقة الصادرة في بلد أجنبي. أيضاً, لا يجوز تنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر جبراً، مادام الاعتراض عليها جائزاً؛ إلا إذا كانت مشمولة بالنفاذ المعجل، أو كان النفاذ المعجل منصوصاً عليه في الأنظمة ذات العلاقة. ونلاحظ أن نظام التنفيذ لم يُغفل جانب المعاهدات والإتفاقيات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والدول الأخرى, ولكن المُشرع قيدها بشرط جوهري – وفقا للمادة الحادية عشر من نظام التنفيذ – وهو ( مبدأ المعاملة بالمثل ) حيث أراد المشرع من ذلك تفعيل الدور الحقيقي للتعاون بين الدول ذات العلاقة. ولتفعيل مبدأ المعاملة بالمثل وضع المُشرع بعض الشروط ومنها:

أن محاكم المملكة غير مختصة بالنظر في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في أنظمتها.
أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور، ومثلوا تمثيلاً صحيحاً ومكنوا من الدفاع عن أنفسهم.

أن الحكم أو الأمر أصبح نهائياً وفقاً لنظام المحكمة التي أصدرته.

أن الحكم أو الأمر لا يتعارض مع حكم أو أمر صدر في الموضوع نفسه من جهة قضائية مختصة في المملكة.

ألا يتضمن الحكم أو الأمر ما يخالف أحكام النظام العام في المملكة.

ومن خلال هذه المادة وما تضمنته من شروط و أحكام نجد أن المملكة العربية السعودية لم تغفل مبدأ سيادتها على أرضها وتطبيق أحكامها , ومن جانب آخر حرصت على تفعيل دورها في تطبيق الإتفاقيات ذات العلاقة.

ومما تقدم, اتضح لنا إيجابيات إنضمام المملكة العربية السعودية لمنظمة التجارة العالمية (WTO) وأيضا للإتفاقيات الدولية والثنائية المتعلقة بحقل التجارة, حيث إنعكس ذلك بشكل إيجابي في عملية تحسين القوانين الداخلية في البلد والتعجيل بعملية الإصلاح القضائي وتطوير أداؤه ليتوافق مع مستجدات العصر الحديث. ويتضح ذلك في عملية نقل إختصاص تنفيذ الأحكام الأجنبية من ديون المظالم (المحكمة الإدارية) إلى محكمة مستقلة خاصة بتنفيذ الأحكام القضائية (دائرة التنفيذ) , وإعطاء كافة الصلاحيات لقاضي محكمة التنفيذ لتنفيذ السند (الحكم) القضائي. ومن هذه الصلاحيات:

1- الإفصاح عن أموال المدين:

ولكي يُظهر النظام مدى قوته فقد حددت المادة العشرون بأن (جميع أموال المدين ضامنة لديونه, ويترتب على الحجز عدم نفاذ مايقوم به من تصرفات في أمواله المحجوزة). وهنا تبرز ملامح القوة في هذا النظام ومدى حرصه على التعجيل بتنفيذ الأحكام القضائية. وقد حدد النظام في مادته الحادية والعشرون بعض الاستثناءات على الأموال التي لايجوز حجزها وجعلها في نطاق ضيق جدا كأن تكون وسيلة نقل المدين ومن يعولهم شرعا ولكن ذلك يعود أيضا إلى تقدير القاضي.

2- الحجز التحفظي:

وذلك يكون وفقا لتقدير القاضي إذا رأى القضية المنظورة أمامه تندرج تحت أحكام القضاء المُستعجل, ويكون الحجز التحفظي أيضا من صلاحية الدائن وذلك من خلال طلب يتقدم به إلى قاضي محكمة التنفيذ.

إن عملية الإصلاح القضائي في المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة بدأت تسير في الإتجاه الصحيح وخاصة فيما يتعلق بالشأن التجاري وأيضا تنفيذ الأحكام القضائية بشكل عام والأحكام القضائية الأجنبية على وجه الخصوص, وذلك مما لاشك فيه يُسهم بشكل مباشر في زيادة الثقة في البيئة الإقتصادية السعودية من قِبَل المستثمرين الأجانب وبالتالي ينعكس إيجابا على الإقتصاد السعودي وجعله أرضا خصبة جاذبة للاستثمار.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت