العلامة التجارية الفارقة

مفهوم وأهمية

يقصد بالعلامة التجارية marque de commerce كل إشارة أو دلالة يضعها التاجر أو الصانع على المنتجات التي يقوم ببيعها أو صنعها؛ لتميز هذه المنتجات من غيرها من السلع المماثلة، ومن ثَمَّ تجذب الزبائن وجمهور المستهلكين إلى شرائها لما تؤدي لهم من سهولة في تعرف ما يفضلونه من سلع. كما تسهم العلامات التجارية في تنظيم الأداء الاقتصادي في السوق؛ فهي تمكن التاجر أو المنتج من إبراز خصائص منتجاته وما تتصف به من جودة لتميزها من مثيلاتها، فترسي بذلك دعائم المنافسة المشروعة بين المنتجين والتجار.

والعلامة قد تكون تجارية، وهي التي يستخدمها التجار في تمييز المنتجات التي يقومون ببيعها بعد شرائها بغض النظر عن مصدر إنتاجها. وقد تكون صناعية، وهي التي يضعها الصانع ليميز المنتجات التي يقوم بصنعها من مثيلاتها من المنتجات الأخرى. وقد تكون العلامة متعلقة بخدمة معينة، تميزها من خدمة مماثلة؛ كالعلامات التي تتخذها محطات خدمة السيارات والمطابع ومؤسسات الإعلان وغيرها.

وليس هناك من أهمية للتفرقة بين العلامة التجارية والصناعية وعلامة الخدمة، فهي جميعها تخضع لأحكام مماثلة لجهة الحماية القانونية نظراً لوحدة الهدف الذي تتخذ من أجله مثل هذه العلامات. ولهذا فإن عبارة «العلامة التجارية» تستعمل هنا للدلالة على الأنواع الثلاثة معاً، كما أن استخدام العلامة أمر اختياري للمنتج أو التاجر أو مؤدي الخدمة، فلا يلزم أي منهم أصلاً استخدام علامة معينة لتميز منتجاته أو خدماته.

أشكال العلامات

تتخذ العلامة التجارية أشكالاً مختلفة، فقد تكون أسماء أشخاص مميزين (مرسيدس، فورد) أو مجرد تسميات مبتكرة (كوكا كولا وسيفن آب للمشروبات الغازية)، أو شكل أرقام معينة 555 للسجائر، أو حروفاً معينة L.M للسجائر أيضاً، كما يمكن للتاجر أن يتخذ رمزاً معيناً لتمييز منتجاته يشير إلى شكل خاص كشكل شجرة أو هرم أو حيوان، كما قد تكون العلامة رسماً من الرسوم أو ختماً يوضع على منتجات الأقمشة.

محل العلامة ومكان وضعها

تستعمل العلامة عادة لتميز المنتجات والبضائع من مثيلاتها. وهناك طرق عدة لوضع العلامة، فقد تكون موضوعة باليد أو بطريقة آلية، وقد تكون خارجية تلصق على المنتجات ذاتها، أو ترفق بها، كما هي الحال بالنسبة للملابس الجاهزة والأقمشة، أما المنتجات السائلة أو المأكولات المحفوظة فتوضع علامتها المميزة على الغطاء الخارجي للزجاجة أو العلبة أو «الكرتونة».

شروط العلامة التجارية

يشترط في العلامة التجارية لتتمتع بالحماية القانونية أن يتوافر فيها ما يأتي:

ـ القدرة الذاتية على التمييز: إذ إن الوظيفة الأساسية للعلامة التجارية هي تمييز المنتج أو الخدمة التي توضع عليها، لذلك فإنه من المتوجب أن تتصف العلامة، أياً كان شكلها أو صورتها، بصفات خاصة تميزها من غيرها من العلامات الأخرى المستخدمة لسلع أو خدمات مماثلة.

ـ الجدة: لا يكفي أن تكون العلامة مميزة، بل يجب أن تكون جديدة لم يسبق استعمالها بمعرفة شخص آخر. وتتحدد الأسبقية من نواح ثلاث: من ناحية نوع المنتجات أولاً، يجب ألاّ تكون العلامة قد سبق استخدامها للدلالة على منتجات مماثلة. ومن ناحية الزمان ثانياً، يجب ألاّ تكون العلامة قد سبق استعمالها من شخص آخر، ومن ناحية المكان ثالثاً، يجب ألاّ تكون العلامة قد سبق استعمالها في المكان نفسه.

ـ المشروعية: يشترط في العلامة أن تكون مشروعة وإلا كانت باطلة. وقد عدّ القانون من قبيل العلامات غير المشروعة النقوش أو الشعارات الوطنية أو الأجنبية، وكذلك الأعلام والأختام وغيرها من الرموز الخاصة بالدول، وأيضاً الرموز الثورية أو الإشارات أو الصور المخلة بالآداب أو المخالفة للنظام العام.

إيداع العلامات التجارية وشهرها

يهدف الإيداع إلى شهر ملكية العلامة، ويثبت حق الإيداع لجميع أصحاب العلامات الذين تباع بضائعهم أو تعرض للبيع أو تصنع في سورية سواء أكانوا من السوريين أم الأجانب، ولو لم يكونوا مقيمين في سورية، على أن الأجنبي الذي يرغب في إيداع علامة في سورية عليه أن ينيب عنه شخصاً مقيماً في سورية ليكون وكيله في إجراء معاملات الإيداع.

يتم تقديم طلب الإيداع من مالك العلامة أو وكيله إلى مدير مكتب الحماية في وزارة الاقتصاد والتجارة. ويجب أن يشتمل الطلب على بيانات عدة، أهمها: اسم المودع ومحل إقامته، نوع التجارة أو الصناعة أو الخدمة التي يتعاطاها المودع، وصف موجز للعلامة، والمنتجات أو البضائع أو الخدمة التي يراد وضع العلامة عليها، نسختان من نموذج العلامة، إيصال بدفع الرسوم على عملية الإيداع. يفحص مدير مكتب الحماية طلب الإيداع ومرفقاته، فإذا ما وجد أن العلامة قانونية فإنه يودعها بقيدها في سجل الإيداع ويبين رقم العلامة المتسلسل وتاريخ الإيداع ومدة الإيداع المحددة بعشر سنوات، كما يسلم المودع شهادة الإيداع في مدة خمسة عشر يوماً، تبدأ من تاريخ القيد في السجل المخصص لذلك، وبعد ذلك تنشر العلامة في الجريدة الرسمية.

ملكية العلامة التجارية

عندما لا يتقدم أي اعتراض مقبول بشأن ملكية العلامة المودعة بصورة قانونية في أثناء السنوات الخمس التي تلي الإيداع، لا يجوز الاعتراض على ملكيتها بعد ذلك بحجة حق المودع الأول بالأولوية في استعمالها إلا إذا أقيم الدليل الخطي على أن المودع لم يكن يجهل حق الإيداع أن هذه العلامة كانت تخص شخصاً آخر كان يستعملها من قبل.

وكون العلامة التجارية تعد مالاً معنوياً، فإن ملكيتها تنتقل بطريقة الإرث أو البيع أو التنازل عنها بمقابل أو مجاناً مع المؤسسة التجارية أو من دونها.

حماية ملكية العلامة

تختلف الحماية المقررة لملكية العلامة التجارية بحسب ما إذا كانت العلامة مودعة أم غير مودعة، فملكية العلامة المودعة محمية بعقوبات جزائية توقع على من يعتدي على هذا الحق بتقليده للعلامة أو استعمال علامة مقلدة، أو اغتصاب علامة مملوكة للآخرين. فضلاً عن حق مالك العلامة برفع دعوى المنافسة غير المشروعة للحصول على التعويض. أما العلامة غير المودعة فلا تتمتع بالحماية الجزائية، وليس لمالكها إلا الحماية المدنية بمقتضى دعوى المنافسة غير المشروعة.

الحماية الدولية للعلامات التجارية

لحماية الملكية الصناعية حمايةً شاملة، رأت معظم الدول أن الظروف تقضي بترك الاقتصار على سن القوانين الكفيلة بالحماية الداخلية، بل يجب أن توضع قواعد دولية تراعيها الدول كافة لضمان الحماية في الخارج، وتحقيقاً لهذا الغرض فقد أبرمت:

ـ اتفاقية باريس المتعلقة بحماية الملكية الصناعية الموقعة بتاريخ 20/3/1883، التي أُلحقت بها تعديلات متعددة بعد ذلك التاريخ. وتقضي هذه الاتفاقية في مادتها الأولى بتشكيل اتحاد لحماية الملكية الصناعية من الدول الموقعة عليها أو المنضمة إليها، ولهذا الاتحاد مكتب دولي في برن بسويسرا. أما بموجب المادة الثانية من هذه الاتفاقية فإنه يتمتع رعايا كل دولة من دول الاتحاد في جميع الدول الأخرى للاتحاد ـ فيما يتعلق بحماية العلامات التجارية ـ بالمزايا الممنوحة أو التي ستمنحها في المستقبل قوانين تلك الدول لمواطنيها بشرط اتباع الشروط والأوضاع المفروضة على المواطنين.

ـ اتفاقية مدريد بشأن التسجيل الدولي للعلامات الموقعة بتاريخ 14/4/1891 والمنقحة مرات عدة بعد ذلك التاريخ، وبمقتضى هذه الاتفاقية يكون لكل شخص تابع لإحدى الدول المتعاقدة أن يكفل حماية علامته التجارية المسجلة في بلده الأصلي في جميع دول الاتحاد، ويتم ذلك بإيداع هذه العلامات المسجلة في بلدها الأصلي بالمكتب الدولي لحماية الملكية الصناعية في برن بسويسرا، ويتم هذا الإيداع عن طريق تقديم طلب من صاحب العلامة المسجلة إلى مكتب حماية الملكية الصناعية في بلده كي يرسله إلى المكتب الدولي للحماية في سويسرا. ووفقاً للمادة الرابعة من الاتفاقية تتمتع العلامات المسجلة دولياً منذ تاريخ تسجيلها بالحماية في جميع دول الاتحاد، كما لو كانت قد أودعت وسجلت في كل بلد منها ووفقاً لإجراءات كل منها.