مفهوم الوصية حسب للقانون

الوصية والتوصية والايصاء لغة هي ( ان يطلب الانسان فعلا من غيره ليفعله في غيبته حال حياته او بعد موته ) يقول تعالى ” من بعد وصية توصون بها او دين ” .

اما في الاصطلاح فقد ذهب الفقهاء في تعريف الوصية مذاهب شتى فبعضهم عرفها على انها ( تمليك مضاف الى مابعد الموت ) وعرفها المذهب الحنبلي في حالة كونها مالا بانها (التبرع بعد الموت ) وهو تعريف غير جامع للوصية بحقوق الله تعالى .

اما التعريف القانوني للوصية فلعل من افضل التعريفات هو ماجاء في قانون الوصية المصري حيث عرفت الوصية في المادة الاولى منه على انها ( الوصية تصرف في التركة مضاف الى مابعد الموت ) .

وقد ورد تعريف الوصية في المادة الرابعة والستين من قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 على انها ( تصرف في التركة مضاف الى مابعد الموت مقتضاه التمليك بلا عوض ) .

وقد ثبت تشريع الوصية في الكتاب والسنة والاجماع فقد ورد في القران الكريم قوله تعالى ( كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين ) اما في السنة فعن الزهري عن عامر بن سعيد عن ابيه عن سعد بن ابي وقاص قال : ” مرضت عام الفتح حتى اشفيت على الموت ، فعادني رسول الله (ص) فقلت : اي رسول الله: ان لي مالا كثيرا وليس يرثني الا ابنة لي افاتصدق بثلثي مالي قال : لا قلت : فالشطر قال لا قلت فالثلث قال : الثلث والثلث كثير ، ان تذر ورثتك اغنياء ، خير من ان تذرهم عالة يتكففون الناس .

اما في الاجماع فقد ورد ان المسلمين من زمن البعثة الى يومنا هذا يوصون ببعض اموالهم الى من يشاؤون من غير انكار من احد فيكون اجماعا . ويجب ان تتوفر في الوصية ركنان هما الايجاب والقبول وهي في ذلك شانها شان العقود على الرغم من جمهور الفقهاء اعتبروا ان ركن الوصية هو الايجاب فقط ( وهو الصيغة التي ينشئ بها الموصي وصيته من عبارة او ما يقوم مقامها من كتابة او اشارة ، اما القبول من الموصى له او عدم الرد منه فهو شرط لنفاذ الوصية ).

وقد ورد في المادة الخامسة والستين/ الفقرة الاولى من قانون الاحوال الشخصية شروط الوصية حيث تنص على انه ( لاتعتبر الوصية الا بدليل كتابي موقع من الوصي او مبصوم بختمه او طبعة ابهامه فاذا كان الموصى به عقارا او مالا كنقول تزيد قيمته على خمسمئة دينار وجب تصديقه من الكاتب العدل ) اما الفقرة الثانية من ذات المادة فتنص على انه ( يجوز اثبات الوصية بالشهادة اذا وجد مانع مادي يحول دون الحصول على دليل كتابي ) .

ويبدو ان المشرع العراقي اراد تلافي الكثير من المشاكل التي قد تحدث بين ذوي العلاقة في امر التركة من حيث وجود وصية وعدم وجودها لذلك جعل البينة الثبوتية للوصية هي الادلة الكتابية الا ان الدليل الكتابي ليس شرطا للانعقاد وانما هو بينة ثبوت الانعقاد ودليله فاذا اقر الورثة ان هناك وصية اخذ باعترافهم . اما في حالة وجود موانع مادية تحول دون الحصول على الدليل الكتابي كمن فاجاءه المرض في مكان ليس فيه من يكتب وحضرته الوفاة واراد ان يوصي فعندئذ تعتبر البينة الشخصية (الشهادة ) لثبوت الوصية . وقد جرى القضاء في العراق على عدم اعتبار الوصية ثابتة الا بدليل كتابي ( القرار رقم 68 / 1964 المؤرخ في 22 / 3 / 1964 والصادر من حكم هيئة المواد الشخصية لمحكمة تمييز العراق ) اما اذا تعذر الاثبات بالدليل الكتابي ففي هذه الحالة امكن الاثبات بالبينة وهي شهادة رجلين او رجل وامراتين .

وبطبيعة الحال فان هذا الامر منوط بالسلطة التقديرية لقاضي الموضوع وبحسب نظرته الى كل قضية على حدة . وتنص المادة السادسة والستين من قانون الاحوال الشخصية العراقي ( الوصية المنظمة من قبل المحاكم والدوائر المتخصصة قابلة للتنفيذ اذا لم يعترض عليها من قبل ذوي العلاقة ) فالوصية التي سجلت في المحاكم او لدى كاتب العدل تكون قابلة للتنفيذ لدى دائرة التنفيذ وفي جميع الدوائر التي لها علاقة وذلك في حالة اذا لم يعترض عليها الورثة او ذوو العلاقة فتكون الوصية حينئذ حجة على الناس كافة ولها قوة الشيء المحكوم به فان اعترضوا عليها يكون لهم حينها اقامة الدعوى في المحكمة المختصة وهي محكمة الاحوال الشخصية واثبات ادعائهم بالطرق والوسائل المعتبرة قانونا . وقد اشترطت المادة السابعة والستون شروطا معينة يجب توفرها في الموصي حيث نصت على ( يشترط في الموصي ان يكون اهلا للتبرع قانونا مالكا لما اوصى به ) .

وبناء عليه فان الموصي يجب ان يكون عاقلا مميزا فلا تصح وصية فاقد الاهلية كان يكون مجنونا او معتوها او صبيا غير مميز وكذلك يجب ان يكون الموصي بالغا فلا تصح الوصية ممن كان عند وصيته غير بالغ سواء مات قبل البلوغ ام بعده لان الوصية من قبيل التبرعات والصبي ليس من اهلها في حالة كونه صبيا غير مميز او اذا كان مميزا فالراي الراجح لدى الفقهاء انها لاتصح الا اذا كانت متعلقة بامر تجهيزه ودفنه مع اشتراط المصلحة في ذلك استحسانا .

وكذلك لابد للموصي ان يكون مختارا ولا يوجد في تصرفه اي عيب من عيوب الارادة كالاكراه او الغلط او الغبن مع التغرير .

واخيرا فلا بد ان يكون الموصي مالكا لما اوصى به لان الوصية لاتصح الا بالملك الصرف فلو اوصى بغير ملكه وقعت الوصية باطلة . وقد اوردت المادة الثامنة والستين شروطا تتعلق بالموصى له هي : ان يكون حيا حقيقة وتقديرا حين الوصية وحين موت الموصي وتصح الوصية للاشخاص المعنوية كالمؤسسات والجمعيات الخيرية والمؤسسات ذات النفع العام اما الشرط الثاني فيجب ان لايكون الموصى له قاتلا للموصي .

وقد نصت المادة التاسعة والستون على ( يشترط في الموصى به ان يكون قابلا للتمليك بعد موت الموصى ) وبناء على ذلك فان شروط الموصى به هي ان يكون مما يصح التعاقد به سواء كان مالا ام منفعة كما انه يجب ان يكون الموصى به موجودا عند الوصية فلا تصح الوصية بالمال المعدوم . وقد قرر القانون في المادة السبعين بانه لاتقع الوصية باكثر من الثلث الا باجازة الورثة بقولها ( لايجوز الوصية باكثر من الثلث الا باجازة الورثة وتعتبر الدولة وارثا لما لا وارث له ) .

المحامية: ورود فخري