مصادر القانون الدولي الجنائي.

يقصد بمصادر القانون الدولي الجنائي، المنابع التي تستقي منها القاعدة القانونية أساسها وشرعيتها، ومن أهم المصادر نجد:

1-الاتفاقيات والمعاهدات الدولية: تعتبر أول مصدر للقانون الدولي الجنائي، ومن أهم المعاهدات التي شكلت البوادر الأولى للقانون الدولي الجنائي، معاهدة فرساي لسنة 1919 التي أنشأها الحلفاء لمحاكمة الإمبراطور الألماني غليوم الثاني.
ثم توالت بعد ذلك مجموعة من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، منها اتفاقية لندن الشهرية بتاريخ 8/8/1945 المنشئة لمحكمة نورنبورغ العسكرية وعقبتها بتاريخ 9/1/1946 قرار إنشاء محكمة طوكيو استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر بوتسدام بين ترومان، ستالين، تشرشل.
كما تم إنشاء اتفاقية لاهاي لعام 1954 حول حماية القيم الثقافية في حالة نشوب نزاع مسلح. وعموما فكثيرة هي الاتفاقيات والمعاهدات التي تشكل مصدرا للقانون الدولي الجنائي، إلا أن معاهدة روما لسنة 1998 المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر أهم مصدر اتفاقي لهذا القانون نظرا لما يتضمنه نظامها الأساسي من نصوص تبين بشكل جلي قواعد المسؤولية والتجريم والعقاب.

2-مبادئ القانون الدولي: يعتبر مصدرا رئيسيا من مصادر القانون الدولي الجنائي، ويستوي أن تكون هذه المبادئ مكتوبة أو غير مكتوبة. وفي هذا الاتجاه يبرز دور العرف لكون غالبية مبادئ القانون الدولي مصدرها العرف.

3-المبادئ العامة للقانون: تعرف بأنها مبادئ أساسية تعتمد عليها مختلف الأنظمة القانونية في عدد من الدول، وهي ليست قاصرة على الأفراد وعلاقاتهم فقط بل تسري على العلاقات الدولية أيضا، ويتم اللجوء إليها عند عجز المصادر الرئيسية عن حل إشكال دولي معين.

وللجوء إلى هذه المبادئ يجب توفر مجموعة من الشروط المنصوص عليها في ميثاق روما وهي:

-أن تكون هذه المبادئ مستخلصة من القوانين الوطنية.
-ألا تتعارض هذه المبادئ مع النظام الأساسي لروما ولا مع القواعد والمعايير المعترف بها دوليا.
-أن تكون متسقة مع حقوق الإنسان المعترف بها دوليا وألا يترتب عن تطبيقها أي تمييز بين الأفراد.

4-الاجتهاد القضائي: لا بد من الاعتراف لما لهذه الاجتهادات من دور إيجابي في إرساء بعض مبادئ القانون الدولي الجنائي، وعلى رأسها مبدأ مسؤولية الأفراد الجنائية في القانون الدولي من جهة، وإلغاءها لمبادئ أخرى مثل مبدأ واجب الطاعة لأوامر الرؤساء عندما تكون هذه الأخيرة مخالفة للقانون الدولي.
ولعل أبرز هذه الأحكام تلك الصادرة عن المحكمة الجنائية ليوغوسلافيا والمحكمة الجنائية لرواندا في حق المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ومنها مثلا قضية TADIA وقضية الضابط Miroslar kvocka .

الفرع الثاني: خصائص القانون الدولي الجنائي
من بين ما يتميز به القانون الدولي الجنائي نجد:
-خاصية الدولية: يقصد بها أن قواعد الدولي الجنائي تطبق على الصعيد الدولي متى ارتكب فعل من شأنه تهديد الأمن والسلم الدوليين بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة أو جنسية مرتكبيها أو ضحاياها… وذلك وفقا للاتفاقيات والأعراف المتعارف عليها دويا.
-أما الخاصية الثانية، فتتمثل في عدم وجود قانون دولي جنائي إجرائي مستقل، ذلك أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يضم في الوقت نفسه القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية.-وتتمثل الخاصية الثالثة في أن القانون الدولي الجنائي قانون حديث النشأة حيث أنه لم يظهر بشكل جلي إلا مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وإنشاء محكمتي نورنبورغ وطوكيو.