قراءة قانونية لمشروع الـميثاق من أجل السلـم و الـمصالـحة الوطنية

بسم الله الرحمان الرحيم

ديباجة

تاريخ الـجزائر سلسلة من النضالات الـمتعاقبة التي خاضها شعبها ذودا عن حريته و كرامته . و الرصيد هذا ، الـمتكون على مر الـحقب و العصور جعــل من الـجـــزائر أرضا تُرْعى فيها قيـم التسـامح و السلام و الـحـوار و الـحـضـارة.

و إذ استـمد الشعب الـجزائري قوته من وحدته اعتصم بـما يؤمن به من القيـم الروحية و الأخلاقية العـريقة ، إستـطاع التغلـب على أشد الـمـحـن قساوة وإضافة الـجديد من الصفحات الـمشرقة إلى تاريخه الـحافل بالأمجاد .

لـما كان الشعب الـجزائري يأبى الضيم و الإستعباد ، فإنه عرف كيـف يعتصم بحبل الصبر و الـجلد و يستمر في التصدي و الـمقاومة رغم ما تعرض له من أشنـع الـمحاولات لتجريده من ثقافته و إبادته طيلة قرن و نيف من الاحـتلال الإستـطـاني .

ثـم جاءت ثورة أول نوفمبر 1954 الـمجيدة ، كالفلق الذي يـنبلـج في الليلة الظلـماء ، لتبـلـور تطلعات الشعب الـجزائري و تـنير درب كفاحه من أجل إنـتـزاع حريتـه و استقلاله.

و لقد تلت ذلكم الكفاح التاريخي معارك أخرى لا تـقـل أهمية عنه في سبيل إعادة بنـاء الدولة و النـهـوض بالأمة .

و طيلة أكثر من عقد من الزمن حصل الإنحراف بـمسار الـجزائر عن جادته الصحيحة بفعل اعتداء إجرامي لا سابق له استهدف من بيـن ما استهدفه من أغراض آثمة مقيتة محـو الـمكاسب التي غنـمها الشعب مقابل تضحيات جسام ، بل و أدهى من ذلك تقويض أركان الدولة الوطنية ذاتها.

و أدرك معـظم الشعب الـجزائري سريعا أن مثل هذا الإعتداء أراد أن يطال طبيعته و تاريخه و ثقافته ، و من ثمة ، إنبرى بصورة طبيعية واقفا له بالـمرصاد ثم محاربا له إلى أن يدحره دحرا.

إن الشعب الـجزائري تكبد حسا و معنى مغبة هذه الفتـنة الكبرى التي مُنِيَ بها .

و لقد بات من الـحيـوي، بالنسبة للـجزائريات والـجزائرييـن و الأسر الـجزائرية ، أن يتساموا نهائيا فـوق هذه الـمأساة التي لا تتمثل في مجادلات نظرية مجردة أو ايديولوجية يتعاطاها من يتحـرك داخل القـطر أو خارجه من النشطاء أو الـمنظمات .

إن هذه الـمسألة الـحيوية تعني أمن مـمتلكات الناس وأرواحهم و حتى أعراضهم ، أي كل ما له حـرمة في نظر الإسلام و ما هو تـحت حـماية القانون و ضمانه.

إن الـجزائر تغلبت على هذه الـمحنة الـنكراء بفضل إصرار شعبها و استـماتته في الـمقاومة التي كلفته فدية باهـظة من الأرواح و الدماء من أجل بـقـاء الوطن .

و كانت نـجاة الـجزائر بفضل ما تـحلت به من وطنية و بذلته من تضحيات وحدات الـجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن و كافة الوطنييـن الذيـن اضـطلعـوا، بصبر وحزم، بتـنـظيـم مقاومة الأمة لـمواجهة ذلكم العدوان الإجرامي اللاإنساني.

و الشعـب الـجزائري مديـن بالعرفان ، إلى الأبد، لأرواح كل أولئك الذيـن استشهدوا من أجل بقاء الـجمهورية الـجزائرية الديـمقراطية الشعبية.

إنه سيـظـل إلى جانب أسر شهداء الواجب الوطني وأسر ضحايا الإرهاب، و ذلك لأن تضحياتهم نابعة من قـيـم الـمجـتـمع الـجزائري .

و الدولة لن تدخر جهدا معنويا أو ماديا كي يستـمر اعتبارها و تقديرها و دعمها لتلك الأسر و ذوي الـحقوق لقاء التضحيات الـمبذولة .

إن الشعب الـجزائري شعـب واحد و سيـظل واحدا موحدا. و الإرهاب هـو الذي استهدف الـممتـلكات والأشخاص ، و أتلف جزءا لا يحصى قدره من ثراوت البلاد البشرية والـمادية، و شـوه سمعـتـها في الساحة الدولية.

في الفتـنة هذه تـم تسخير الديـن الـحـنيـف وعدد من الـجزائرييـن لأغراض منـافـيـة للوطنية .

فالإسلام من حيث هـو مكون من الـمكونات الأساسية للهوية الوطنية ، كان على مر التاريخ، خلافا لـما يدعيه هـؤلاء الدجالون ، العروة الوثقى التي تشد الشمل و الـمصدر الذي يشع منه النـور و السلـم والـحرية و التسامح.

إن هذا الإرهاب الهمجي الذي إبتلى الشعـب الـجـزائري و أصابه في مقاتله طيلة عقد من الزمن يتـنافى مع قيـم الإسلام الـحـق و مثل السلـم و التسـامــح والتضامن الإسلامية .

و الإرهاب هذا قد باء بالـخسر على يد الشعب الـجزائري الذي أبى اليوم إلا أن يتجاوز الفتـنة و عواقبها الوخيمة و يعود نهائيا إلى سابق عـهـده بالسلـم و الأمـن .

إن الإرهاب تـم ، و لله الـحمد ، دحره و استؤصل في سائر أرجاء البلاد فعادت إلى سابق عهدها بالسلـم و الأمن .

و لقد تيقن الـجزائريون و الـجزائريات كل اليقيـن من أنه ، من دون عودة السلـم و الأمن ، لن يثمر أي مسعى من مساعي التـنمية السياسية و الاقتصادية والاجتـماعية بالثمار التي يتـوخـونها منه. و إذ أنهم طالـما افتقدوا هذا السلـم و هذا الأمن، فإنهم يقدرون بكل وعي مالهما من أهمية ليـس بالنسبة لكل واحد منهم فحسب، بل و بالنسبة للأمة جمعاء.

و حتى يتسنى نهائيا تعزيز السلـم و الأمن، لا مناص من أن نخـوض، اليوم، مسعى جديدا قصد تـحقيق الـمصالـحة الوطنية لأنه لا سبيل إلى اندمال الـجـروح التي خلفتها الـمأساة الوطنية من دون الـمصالـحة الوطنية .

إن الـمصالـحة الوطنية غاية يـنشدها الشعـب الـجزائري حقا و صدقا، ذلك أنها مطلب غير قابل للتأجيل نظرا لـما تواجهه الـجزائر من التـحديات التـنمية العديدة .

إن الشعب الـجزائري يعلـم علـم اليقيـن أن الـمصالـحة الوطنية تعد بكل خير ، و أنها كفيلة بتعزيز ما في يد الـجزائر الديـمقراطية و الـجمهورية من مكاسب بـما يخـدم جميع مـواطنيها.

إنه يعلـم ذلك علـم اليقيـن منذ أن اعتـنـق ، عن بكرة أبيه ، سياسة الوئام الـمدني التي قال كـلـمتـه فـيـهـا بكل سيادة .

إن سياسة الوئام الـمدني ، على غرار سياسة الرحمة التي سبقـتـها ، مكنت من تثـبيـط الـمسعى الـشيطاني الذي كان يروم تشتيـت شمل الأمة ، كما مكن من حقن الدماء و استعادة استقرار الـجزائر سياسيا و إقتصاديا وإجتـماعيا و مؤسساتيا.

بسياسة إفاضة السلـم و الـمصالـحة ستستكمل الـجهود الـمبذولة من قبل جميـع مكونات الشعب الـجزائري من أجل بقاء الـجزائر.

و هاهو ذا الشعب مدعـو اليوم إلى الإدلاء بكلـمته حـول بنـود هـذا الـميثـاق من أجل السلـم و الـمصالـحة الوطنية .

بتزكيته هذا الـميثاق يـجيز الشعـب الـجزائري رسميا الإجراءات الضرورية لتعزيز السلـم و تـحقيق الـمصالـحة الوطنية . بتزكيته هذه يؤكد عـزمه عـلى تفـعيـل ما استخلصه من عبر من هـذه الـمأساة من أجل إرساء الأسـيـسة التي ستـبـنى علـيـها جزائر الغد.

إن الشعب الـجزائري الـمتـمسك بدولة الـحق والقانون و بتعهدات الـجزائر الدولية يزكي ما يلي من الإجراءات الرامية إلى تعزيز السلـم وتـحقيق الـمصالـحة الوطنية استجابة للنداءات التي طالـما صدرت عن الأسر الـجزائرية التي عانت من هذه الـمأساة الوطنية :

1-عرفان الشعب الـجزائري لصناع نـجدة الـجمهورية الـجزائرية الديـمقراطية الشعبية

إن الشعب الـجزائري يأبى إلا إن يثني على الـجيـش الوطني الشعبي و مصالح الأمن و كافة الوطنييـن ، والـمواطنيـن العادييـن ، و يشيد بـما كان لهم من وقفة وطنية و تضحيات مكنت من نـجاة الـجزائر و من الـحفاظ على مكتسبات الـجمهورية و مؤسساتها .

بـمصادقته على هذا الـميثاق بكل سيادة ، إن الشــعــب الــجزائـري يــجزم أنــه لا يـخــــول لأي كـان ، في الـجزائر أو خارجها، أن يتذرع بـما خلفتــه الـمأســاة الوطنية من جراح و كلـــوم ، أو يعـتـد به بقصد الـمساس بـمؤسسات الـجمهورية الـجزائرية الديـمقراطيــةالشعبية، أو زعزعة أركان الدولة ، أو وصم شرف جميـع أعـوانها الذيـن أخـلـصوا خدمتها ، أو تشويه صورة الـجزائر على الصعيــد الدولي.

2ـ الإجراءات الرامية إلى استتباب السلم:

أولا:

إبطال الـمتابعات القضائية في حـق الأفراد الذيـن سلموا أنفسهم للسلطات إعتبارا من 13 يـنـاير 2000، تاريخ إنقضاء مفعـول القـانون الـمتضمن الوئام الـمدني ؛

ثانيا:

إبطال الـمتابـعات القضائـيـة في حـق جميـع الأفراد الذيـن يكفون عن نشاطهم الـمسلح و يسلـمــون ما لديـهم من سـلاح . و لا يـنـطبـق إبطـال هذه الـمتابعات على الأفـراد الذيـن كانت لهم يد في الـمجازر الـجمـاعية أو إنتهاك الـحرمات أو إستعمال الـمتـفجرات في الإعتداءات على الأمـاكن الـعمومية ؛

ثالثا:

إبطال الـمتابعات القضائية في حق الأفراد الـمطلوبيـن داخل الـوطن و خارجه الذيـن يَـمْثُلُون طـوعا أمام الهيئات الـجزائرية الـمختصة. و لا يـنطبق إبطال هذه الـمتابعات على الأفراد الذيـن كانت لهم يد في الـمجازر الـجماعية أو إنتـهـاك الـحرمات أو إستعمالالـمتفجرات في الإعـتـداءات على الأمـاكن الـعـمـومـية ؛

رابعا:

إبطال الـمتابعات القضائية في حـق جميع الأفراد الـمنضويـن في شبكات دعم الإرهاب الذيـن يصرحون بنشاطاتهم لدى السلطات الـجزائرية الـمختصة

خامسا: إبطال الـمتابعات القضائية في حق الأفراد الـمحكوم عليهم غيابيـا باستثناء أولئك الذيـن كانت لهم يد في الـمجازر الـجماعية أو إنتهاك الـحرمات أو إستعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن الـعمومية ؛

سادسا: العفو لصالح الأفراد الـمحكوم عليهم والـموجوديـن رهن الـحبس عقابا على اقترافهم نشاطات داعـمة للإرهاب ؛

سابعا: العفـو لصالح الأفراد الـمحكـوم عليهم و الـموجوديـن رهن الـحبس عقابا على إقترافهم أعمال عـنـف من غير الـمجـازر الـجماعية أو إنتهاك الـحرمات أو إستعمال الـمتفجرات في الإعتداءات على الأماكن الـعـمـومـيـة؛

ثامنا: إبدال العقوبات أو الإعفاء من جزء منها لصالح جميــع الأفـراد الـذيـن صـدرت في حقـهم أحكـام نهـائيــة أو الـمطلوبــيـن الذيـــن لا تشملهم إجراءات إبطال الـمتابعات أو إجراءات العـفـو السالفة الذكر.

3ـ الإجراءات الرامية إلى تعزيز الـمصالـحة الوطنية:

توخيا منه تعزيز الـمصالـحة الوطنية ، فإن الشعب الـجزائري يبارك إتـخاذ إجراءات ترمي إلى تعزيز وحدته و القضاء على بذور البغضاء و إتقاء الـخروج عن جادة السبيل مرة أخرى .

أولاـ

إن الشعـب الـجـزائري صاحب السيادة يزكي تطبيق إجراءات ملموسة ترمي إلى الرفـع النهائي للـمضايقات التي لا زال يعاني منها الأشخاص الذيـن جنحوا إلى إعتـناق سياسة الوئام الـمدني واضعيـن بذلك واجبهم الوطني فوق أي إعتبار آخر.

ذلك أن هؤلاء الـمواطنـيـن سعوا و لا زالوا يسعون سعيا مسؤولا في سبيـل تعزيز السلـم و الـمصالـحة الوطنية رافضيـن أن تستغل الأزمة التي مرت بها الـجزائر من قبل الأوساط الـمناوئة في الداخل و أذنابها في الـخارج .

ثانياـ

إن الشعب الـجزائري صاحب السيادة يدعم كذلك ما يتخذ من إجراءات ضرورية لصالح الـمواطنيـن الذيـن تعرضوا ، عـقابا لهم على ما إقترفوه من أفعال لإجراءات إدارية إتخذتها الدولة، في إطار ما لها من صلاحيات، و ترتب عنها فصلهم من مناصبهم ، و ذلك قصد تـمكيـنهم هم و أسرهم من تسوية وضعيتهم الإجتماعية تسوية نهائية.

ثالثاـ

إن الشعب الـجزائري ، و إن كان مستعـدا للصفح، لـيـس بوسعه أن يـنسى العواقب الـمأساوية التي جناها عليه العبث بتعاليم الإسلام، ديـن الدولة.

إنـه يؤكد حقه في الإحتـياط من تكـرار الوقوع في مثـل تلك الـضـلالات، و يـقـرر بسيـادة حـظـر مـمارسة أي نشاط سياسي ، تـحت أي غـطاء كان، من قبل كل مـن كانـت له مسؤولية في هذا العبث بالديـن.

إن الشعـب الـجـزائري صـاحب السـيادة يـقرر أيضا ألا يسوغ الـحــق في مـمــارسة النشـاط السيـاسي لكـل من شارك في أعمال إرهابيـة و يصر، رغــم الأضـرار البشـريـة و الـماديـة الفــظيعة التي تسبب فيها الإرهــاب والعبث بالديـن لأغراض إجرامية، على رفـض الإعـتـراف بـمـسـؤوليـتــه فـي تدبـيـر و تطبيــق سيـاسـة تـدعـو إلـى ما يزعـم جهادا ضد الأمة و مؤسسات الـجمهورية .

4ـ إجراءات دعم سياسة التكفل بـملف الـمفقوديـن الـمأساوي

إن الشعب الـجزائري يذكر بأن ملف الـمفقوديـن يحـظى باهتمام الدولة مـنـذ عشر سنـوات خـلـت و هـو مـحل عنـاية خاصة قصد معـالـجـتـه بالكيـفـيـة الـمـواتيـة .

و يذكر كذلك بأن مأساة الأشخاص الـمفقوديـن هي إحدى عـواقـب آفة الإرهاب التي أبتـلـيـت بها الـجزائر .

و إنه يـؤكد أيضا أن تلك الإفتـقـادات كانت في العديد من الـحالات بفعـل النشاط الإجرامي للإرهابييـن الذيـن إدعوا لأنفسهم حق الـحكم بالـحياة أو الـموت على كل إنسان جزائريا كان أم أجنبيا .

إن الشعب الـجزائري صاحب السيادة يرفـض كل زعم يقصد به رمي الدولة بالـمسؤولية عن التسبب في ظـاهرة الإفـتقاد . و هـو يعـتـبر أن الأفعال الـجديرة بالعقاب الـمقترفة من قبل أعوان الدولة الذيـن تـمت معاقـبتـهـم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال ، لا يـمكن أن تكـون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي إضـطلـعـت بواجبها بـمؤازرة مـن الـمواطنيـن و خدمة للوطن.

تلكم هي الروح التي تـحذو الشعب في تقرير ما يلي من الإجراءات الرامية إلى تسوية ملـف الـمفـقـوديـن تسوية نهائية :

أولاـ تتحمل الدولة على ذمتها مصير كل الأشخاص الـمفقوديـن في سياق الـمأساة الوطنية و ستتخذ الإجراءات الضرورية بعد الإحاطة بالوقائع ؛

ثانياـ ستتخذ الدولة كل الإجراءات الـمناسبة لتمكيـن ذوي حقوق الـمفقوديـن من تـجاوز هذه الـمحنة القاسية في كنف الكرامة؛

ثالثاـ يعتبر الأشخاص الـمفقودون ضحايا للـمأساة الوطنية، ولذوي حقوقهم الـحـق في التـعـويـض.

5ـ الإجراءات الرامية إلى تعزيز التماسك الوطني:

أولاـ إن الشعب الـجزائري يراعي كون الـمأساة الوطنية طـالت الأمة قـاطـبة، و عاقت البناء الوطني، و مسّت مساسا مباشرا أو غير مباشر بـحـيـاة الـملاييـن من الـمواطنيـن.

ثانياـ يعتبر الشعب الـجزائري من الواجب الوطني إتقاء نشأة الشعور بالإقصاء في نفوس الـمواطنيـن غير الـمسؤوليـن عـما أقدم عليه ذووهم من خيارات غير محمودة العواقـب . و يعتبر أن الـمصلحة الوطنية تقتضي القضاء نهائيا على جميع عـوامل الإقصاء التي قد يستغلها أعداءالأمة.

ثالثاـ يعتبر الشعب الـجزائري أنه يـنبغي للـمصالـحة الوطنية أن تتكفل بـمأساة الأسر التي كان لأعضاء منها ضِلْـعٌ في مـمارسة الإرهاب.

رابعا ـ يقرر الشعب الـجزائري أن الدولة ستتخذ تدابير التضامن الوطني لصالح الـمُعوزة من الأسر الـمذكورة والتي عانت من الإرهاب من جراء تـورط ذويها .

من خلال تزكيته لـهذا الـميثاق ، يروم الشعب الـجزائري استتباب السلم و ترسيخ دعائم الـمصالـحة الوطنية .

و يعتبر أنه بات من واجب كل مواطن و كل مواطنة أن يدلي بدلوه في إشاعة السلـم و الأمن و في تـحقيق الـمصالـحة الوطنية ، حتى لا تصاب الـجزائر مرة أخرى بالـمأساة الوطنية التي تكبدتها ، و تعـلـن: ” إننا لن نقع مرتيـن في مثــل هذه البليـــة !”. و الـمؤمن لا يلدغ من جُحر مرتيـن.

إنه يفوض لرئيس الـجمهورية أن يلتمس، باسم الأمة، الصفح من جميـع منكوبي الـمأساة الوطنية ويعقد من ثمة السلم و الـمصالـحة الوطنية.

لا يـمكن للشعب الـجزائري أن يـنسى التدخلات الـخارجية و لا الـمناورات السياسوية الداخلية التي أسهمت في تـمادي و تفاقـم فـظـائـع الـمأساة الوطنية .

إن الشعب الـجزائري الذي يتبنى هذا الـميثاق يعـلـن أنه يتـعـيـن منذ الآن على الـجميـع، داخل البلاد، أن يـنـصاعوا لإرادته . و هـو يـرفـض كل تدخل أجنبي يرام به الطعـن فيما قرره ، من خلال هذا الـميـثـاق ، من إختيار بكل سيـادة و في كـنـف الـحرية و الديـمقراطية .

إنه يؤكد أنه يتعـيـن على كل مواطن و كل مواطنة أن يتولى دوره في مسعي البناء الوطني، و ذلك في كنف إحترام ما يسوغه لكل واحد دستور البلاد و قوانيـنها من حـقـوق و واجبات .

إن الشعب الـجزائري يعلن أنه عقد العزم على الدفاع، من خلال سائر مؤسسات الدولة، عن الـجمهورية الـجزائرية الديـمقراطية الشعبية و كذا عن نظــامـها الديـمقراطي التعددي ضد كــل محــاولــة للــزج بها في متـاهــة الــتــطــرف أو معاداة الأمة .

و إذ يؤكد تصميمه على ترسيخ قدم الأمة في الـحداثة ، فـإنـه يعـلـن عـن عـزمـه على الـعمل من أجـل تـرقـيـة شخـصيـته و هويته .

إن الشعب الـجزائري يدعـو كل مـواطـن و كـل مواطنة إلى الإسهام في تـوطـيـد الوحدة الوطـنية و ترقيـة وتعزيز الشخصية و الهوية الوطنـيتيـن و إلى الـحفاظ على ديـمومة ما جاء في بيان ثورة أول نوفمبر 1954 من قيم نبيلة عـبـر الأجـيـال.

و لـما كان مقتـنعا بأهمية هذا الـمسعى الذي سيـجعل الأجيال الآتية في مأمن من مخاطر الإبتعاد عن مرجعياتها وثقافتها ، فإنه يُنيط بـمؤسسات الدولة اتـخاذ جميع الإجراءات الكفيلـة بالـحفاظ على الشخصية و الثقافة الوطنيتيـن و ترقيتهما من خلال إحياء مآثر التاريخ الوطني و النـهوض بالـجوانب الديـنية و الثـقـافـيـة و اللسانية .

إن الشعب الـجزائري يصادق على هذا الـميثاق من أجل السلم و الـمصالـحة الوطنية و يفوض لرئيس الـجمهورية إتخاذ جميع الإجراءات قصد تـجسيد ما جاء في بنـوده .

حرر في يوم 9رجب 1426 هـ

الـموافق 14غشت 2005