الاعتراف الكاذب
المؤلف : سلطان الشاوي
الكتاب أو المصدر : اصول التحقيق الاجرامي

ان اعتراف المتهم بإرادته واختياره لا يعني بأنه دائما صادق في اعترافه. اذا ن كثير من القضايا والحوادث تثبت ان كثيرا من المتهمين قد اعترفوا على انفسهم وهم أبرياء مدفوعين بدوافع مختلفة أهمها :

1-سوء المعاملة التي يتلقاها المتهم من قبل القائمين على التحقيق (1).

2قد تقضي مصلحة العائلة او القرابة احيانا لأن يدفع الشخص التهمة عن غيره ويلصقها بنفسه (2).

3-قد يلصق الخادم التهمة بنفسه لكي يخلص سيده منها مقابل أجر له ولعائلته مدة وجوده في السجن، ويحصل هذا عادة في الريف، فإذا ما ارتكب احد الشيوخ او الوجهاء جريمة فإنه قد يدفع احد الفلاحين الذين يشتغلون عنده ويأتمرون بأمره الى تقديم نفسه معترفا بارتكابه للجريمة وذلك مقابل الصرف على أسرته مدة سجنه وتوكيل محام للدفاع عنه، ويلاحظ بأنه لاكتشاف المجرم الحقيقي في مثل هذه الحالات يجب على المحقق ان يتحرى عن السبب الحقيقي الدافع للجريمة.

4-ومن الأشخاص من يعترف كذبا من باب المباهاة والفخر وحب الظهور، فإذا ما وقعت جريمة واكن الباعث لها له أهمية خاصة او كان المجني عليه يتمتع بمركز مرموق في الهيئة الاجتماعية، نجد أحيانا من يسارع لتقديم نفسه على أنه مرتكبها، فاذا هو في مركز الاضواء المسلطة واذا باسمه على كل لسان.

5-قد يجد المتهم نفسه أحيانا وقد أحاطت الأدلة به من كل جانب وليس هناك من أمل في نجاته. وعند ذلك قد يفضل العدول عن الإنكار الى الاعتراف رغم براءته، أملاً ان يكون الاعتراف مبررا للتخفيف عليه (3).
_______________
1- فقد حصل مرة في فرنسا ان اتهمت فتاة بقتل والدها، قبض عليه وحجزت بالحبس الانفرادي لعدة شهور، واستمرت على الانكار، ولكنها كانت اثناء ذلك تشكو من ضيق الزنزانة وفساد هوائها وظلمتها مما أدى الى تردي صحتها بصورة كبيرة، وأخيرا انهارت مقاومتها فأقرت بأنها قد قتلت أباها اثر مشادة وعند المحاكمة عادت الى الانكار وقررت أنها إنما اعترفت تخلصا من عذاب السجن الانفرادي وتألمها من رطوبة الغرفة التي كانت سجينة بها فأرادت بالاعتراف ان تضع حدا للبقاء فيها والانقال لغيرها. ولكن اعترافها لم يؤخذ به فحكم عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة وبعد عدة سنوات قبض على عصابة اعترف احد افرادها بقتل والد الفتاة، وأخلى عندئذ سبيلها، بعد ان تحطمت وطعنت في السن وفقدت كل شيء.

2- فقد حدث مرة ان اتهم اخوان بقتل اخر وكانت الأدلة قائمة على احدهما وهو الاصغر سنا والأكثر فائدة للعائلة بخلاف الثاني الذي لم تكن الأدلة القائمة ضده قوية، فإنه يكاد يكون عاطلا عديم الفائدة بالمرة فسارع للاعتراف كذبا على نفسه حتى ينجو أخوه وبذلك يكون قد أرضى داعي المحبة والشفقة الأخوية لمصلحة العائلة.

3-فقد حدث ان اهتم اخوان بقتل صهر لهما أثر اختفاءه من البلد فجأة، وكانت الأدلة على ارتكابهما للجريمة قوية لم يأملا معها في الحكم بالبراءة، فأرادا النجاة من الظرف المشدد وهو سبق الاصرار، فاعترفا بأنهما قتلاه أثر مشاجرة ثم حرقا جثته، فذرت رمادها الريح، ولكن لم تكد تمضي شهور على الحكم عليهما حتى عاد (القتيل) الى بلدته سليماً.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت