استرداد الجنسية المصرية

المؤلف : احمد عبد الحميد عشوش
الكتاب أو المصدر : القانون الدولي الخاص
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

حالتان :
حدد المشرع حالات استرداد الجنسية المصرية بحالتين :الأولاد القصر الذين فقدوا الجنسية المصرية بالتبعية العائلية، المرأة المصرية التي فقدت جنسيتها بالتبعية العائلية بسبب زواجها من أجنبي أو تجنس زوجها بجنسية أجنبية. وجعل المشرع المصري استرداد الجنسية المصرية منوطاً بإرادة الفرد وحده بالنسبة للأولاد القصر، حيث يتم الاسترداد بقوة القانون دونما خضوع لتقدير السلطة التنفيذية، وبذلك جعل الاسترداد حقاً للمسترد. أما بالنسبة للمرأة المصرية، فقد اعتبر الاسترداد منحة من الدولة، أناطه بإرادة المرأة والدولة معاً، وأخضعه لسلطة الدولة التقديرية. وفي حالة استثنائية، يتم استرداد المرأة لجنسيتها المصرية بقوة القانون دون أن تطلبها. ويبين من ذلك، أن المشرع المصري اعتبر الاسترداد طريقاً خاصاً للدخول في الجنسية المصرية، فقصره على فريق ممن سبق لهم فقد الجنسية المصرية بتغييرها بسبب الدخول في جنسية أجنبية بطريق التبعية. ويقتصر استرداد الجنسية على الحالات التي نص عليها القانون، وفيما عدا هذه الحالات، فإن العودة إلى الجنسية المصرية لمن فقدها قد يتم عن طريق رد الجنسية إذا توافرت شروطه، وإلا فلا سبيل أمام الشخص سوى طريق التجنس، مثله في ذلك أي شخص أجنبي يريد الدخول في الجنسية المصرية.
١- استرداد الأولاد القصر لجنسيتهم المصرية
النصوص التشريعية :
أسلفنا القول عند دراسة فقد الجنسية المصرية بالتبعية العائلية، أن المشرع المصري طبق مبدأ التبعية العائلية بصورة مطلقة بالنسبة للقاصر. فقرر في المادة ١١ فقرة من القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ ، أنهم يفقدون جنسيتهم المصرية، إذ كانوا بحكم تغيير جنسية أبيهم يدخلون في جنسيته بمقتضى القانون الخاص بهذه الجنسية، وبالنظر إلى أن هذا الحكم مبني على إرادة مفترضة من جانبهم، فإنه أردف بتقرير خيار الاسترداد له في عجز المادة ١١ سالفة الذكر فقال “على أنه يسوغ لهم خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد، أن يقرروا اختيار الجنسية المصرية.
شروطه : يجب لتطبيق خيار الاسترداد، توافر الشرطان الآتيان :
١- فقد الجنسية المصرية بمقتضى الأحكام المقررة في المادة ١١ : وعلى ذلك لا يفيد من هذا الحكم القاصر الذي فقد الجنسية المصرية بمقتضى أي حكم آخر، كما لو كان قد فقدها بسبب تجريده من الجنسية بسحبها منه، أو بإسقاطها عنه بالتبعية لأبيه، وسبيله إلى استرداد الجنسية المصرية هو الرد أو التجنس على حسب الأحوال.
٢- أن يعلن عن رغبته في اختيار الجنسية المصرية : وذلك خلال السنة التالية لبلوغه سن الرشد، أي سن الحادية والعشرين تطبيقاً لحكم المادة ٢٣ من قانون الجنسية. ويتم إعلان الرغبة بتوجيه إلى وزير الداخلية طبقاً للإجراءات المنصوص عنها في المادة ٢٠ من قانون الجنسية، فإذا انقضت مدة السنة دون إعلان رغبته سقط حقه في استرداد الجنسية المصرية. ولا يعلق المشرع المصري استرداد الجنسية المصرية على موافقة السلطة التنفيذية، بل اكتفى بإعلان من جهة القاصر، دون أن يكون لها سلطة رفض أو
قبول عودته إلى الجنسية المصرية. ومن ناحية أخرى، لا يعلق استردادها على العودة إلى مصر، ولا على زوال الجنسية الأجنبية مما قد يؤدي إلى ازدواج الجنسية.
آثاره :
يصبح الشخص مصرياً من تاريخ إعلان رغبته، دون حاجة إلى إصدار قرار باسترداد الجنسية المصرية، ويترتب هذا الأثر من تاريخ إعلان هذه الرغبة، ودون أن يكون له أثر في الماضي طبقاً لحكم المادة ١٩ . وعلى ذلك، فإنه يعتبر أجنبياً في الفترة ما بين فقده للجنسية المصرية واسترداده إياها.
واسترداد الجنسية لا يعتبر صورة من صور الجنسية المكتسبة، ولذلك لا يسري عليه نظام الحرمان من بعض الحقوق ولا نظام سحب الجنسية.
٢- الاسترداد المقرر للمصرية التي فقد جنسيتها بسبب الزواج :
النصوص التشريعية :
تنص المادة ١٣ من قانون الجنسية )القانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧٥ (، على ، أنه “يجوز للمصرية التي فقدت جنسيتها طبقاً للفقرة الأولى من المادة ١١ وللفقرة الأولى من المادة ١٢ ، أن تسترد الجنسية المصرية إذا طلبت ذلك ووافق وزير الداخلية.

كما تسترد الجنسية المصرية عند انتهاء الزوجية، إذا كانت مقيمة في مصر أو عادت للإقامة فيها، وقررت رغبتها في ذلك”.

والمادتان المشار إليهما في هذا النص، وهما المادتان ١٢ ،١١ ، تقضي أولهما بفقد الزوجة المصرية لجنسيتها المصرية بدخولها في الجنسية الأجنبية التي تجنس بها زوجها المصري، أما المادة ١٢ فتقضي بفقد الزوجة المصرية لجنسيتها بدخولها في جنسية زوجها الأجنبي …، أو بسبب الزواج المختلط.
شروطه :
يجب لاسترداد الجنسية من جانب المرأة طبقاً لحكم المادة ١٣ ، توافر الشروط الآتية :
١- أن تكون المرأة قد فقدت جنسيتها المصرية بمقتضى أحكام إحدى المادتين ١٢ ،١١ أي بسبب تجنس زوجها بجنسية أجنبية أو بسبب زواجها من أجنبي. وعلى ذلك، لا تفيد من هذا الحكم المرأة المصرية التي فقدت جنسيتها بسبب تجريدها منها. بإسقاطها عنها أو بسحبها منها، ولا تفيد منه أيضاً المرأة التي كانت أجنبية ثم أصبحت مصرية بالزواج، ثم فقدت جنسيتها المصرية بزواجها مرة ثانية من أجنبي، أو باستردادها لجنسيتها الأجنبية، وسبيلها لاسترداد الجنسية المصرية هو التجنس. ويجوز لمن فقدت جنسيتها بمقتضى إحدى المادتين ( ١٢ ،١١ ( أن تسترد جنسيتها المصرية على النحو وبالأوضاع والشروط المقررة في المادة ) ١٣( سواء أكانت الزوجية قائمة، أو أن الرابطة الزوجية قد انتهت. إذ أن المادة ) ١٣ ) قد عالجت حالة استرداد الجنسية المصرية بالنسبة للزوجة التي فقدتها، وفرقت بين فرضين أولها : أن تكون الزوجية لا تزال قائمة )فقرة أولى( وثانيهما : أن تكون الزوجية قد انتهت )فقرة ثانية( وذلك على خلاف ما كان عليه الحال في تشريعات الجنسية السابقة على تشريع ١٩٧٥ ، والتي كانت تستلزم لجواز الاسترداد انتهاء الزوجية.
٢- إعلان الرغبة في استرداد الجنسية :
يجب على المرأة أن تعلن وزير الداخلية، طبقاً للإجراءات المنصوص عنها في المادة ٢٠ ، برغبتها في استرداد الجنسية المصرية. ولم يقيد المشرع إعلان الرغبة بقيد زمني، ومن ثم يجوز إبداءها في أي وقت بعد انتهاء رابطة الزوجية.
٣- صدور قرار من وزير الداخلية بالموافقة :
إن استرداد الجنسية ليس منوطاً بإرادة المرأة وحدها، بل هو مناط أيضاً بإرادة السلطة التنفيذية، ولهذه السلطة تقدير مطلق في الموافقة أو الرفض. ولم يستلزم المشرع شرط الإقامة في مصر أو العودة إليها، خلافاً لما كان عليه الحال في قانون سنة ١٩٢٩ . والراجح بين الشراح، أن السلطة التنفيذية تستطيع اعتبار هذه الإقامة عنصراً من عناصر التقدير عند نظر طلب الاسترداد، باعتبار أن العودة إلى مصر دليل على قطع صلتها بدولة الزواج، وتوثيق صلتها بدولتها الأصلية، ولا يشترط لصحة الاسترداد زوال الجنسية الأجنبية، مما قد يؤدي إلى ازدواج الجنسية.
آثاره :
يترتب على صدور قرار الاسترداد، أن تصبح المرأة مصرية من تاريخ صدور هذا القرار، تطبيقاً لحكم المادة ٢٢ ، ولا يكون لهذا القرار أثر رجعي، إلا إذا نص على ذلك تطبيقاً لحكم المادة ١٩ ، وعلى ذلك تعتبر المرأة أجنبية في الفترة ما بين فقد الجنسية المصرية وتاريخ استردادها. ولا تخضع المستردة لفترة اختبار، ولا يسري في شأنها الحرمان من بعض الحقوق، ولا سحب الجنسية، لأن الاسترداد لي سمن صور الكسب الطارئ للجنسية.
حكم خاص بالمصرية التي فقدت جنسيتها ثم تزوجت من مصري :
نصت المادة ١٤ على أن “الزوجة التي كانت مصرية الجنسية ثم فقدت هذه الجنسية، وكذلك التي من أصل مصري، تكتسب الجنسية المصرية بمجرد منحها لزوجها أو بمجرد زواجها من مصري، متى أعلنت وزير الداخلية برغبتها في ذلك”. …، وأثر الزواج المختلط في جنسية الزوجة الأجنبية. ويعتبر بعض الشراح هذه الحالة من صور الاسترداد، تأسيساً على أن المرأة تسترد جنسيتها المصرية التي كانت تحملها من قبل. وفريق آخر، يعتبرها من صور الكسب الطارئ للجنسية، تأسيساً على أنه صورة من صور التبعية المطلقة، أخذ بها المشرع المصري على سبيل الاستثناء من المبدأ العام الذي أخذ به، وهو الاستقلال النسبي لجنسية الزوجة.والمادة ١٤ ليس لها نظير في قوانين الجنسية المصرية السابقة على قانون ، سنة ١٩٥٨ ، وهي مأخوذة عن قانون الجنسية السورية الصادر عام ١٩٥٣ والمعدل بالقانون رقم ٤٩٢ لسنة ١٩٥٧ والخلاف النظري حول تكييف الدخول في الجنسية المصرية بمقتضى حكم المادة ١٤ ، ليس له أثر عملي، ذلك أن هذه الحالة لا تدخل ضمن الحالات التي يسري عليها الحرمان من بعض الحقوق التي نصت عليها المادة ١٦ ، ولا تدخل أيضاً ضمن الحالات التي يجوز فيها سحب الجنسية المصرية.

وحكم حالة المرأة التي نصت عليها المادة ١٤ ، هو أنها تسترد جنسيتها المصرية السابقة بقوة القانون بمجرد زواجها من مصري، أو بمجرد اكتساب زوجها الأجنبي للجنسية المصرية، وذلك دون حاجة لن تبدي رغبتها في هذا الاسترداد. فقد اكتفى المشرع بزواجها من مصري أو من شخص تجسن بالجنسية المصرية. واتخذ من ذلك قرينة على رغبتها في استرداد الجنسية المصرية، غير أن دلالة هذه القرينة ليس صحيحاً في جميع الأحوال، فلم يحدد النص الأسباب التي بسببها فقدت جنسيتاه المصرية. ولذلك فهو ينطبق على كل حالات الفقد سواء الفقد بالتغيير أو الفقد بالتجريد، فإذا كانت قد فقدت جنسيتها المصرية بتغييرها بجنسية أخرى، فذلك دليل على أنها عازفة عن الاحتفاظ بالجنسية المصرية، وإن كانت قد فقدتها بسبب تجريدها منها فذلك دليل على عدم جدارتها لحملها.

ولذلك انتقد بعض الشراح هذا النص، وانتهوا إلى أ،ه كان أولى بالمشرع أن يجعل استرداد المرأة للجنسية المصرية بمقتضى حكم المادة ١٤ ، مقيداً بالإفصاح عن رغبتها في ذلك، وخضوع هذه الرغبة لتقدير السلطة التنفيذية. بحيث لا يختلف حكم حالتها عن . حكم حالة المرأة المنصوص عليها في المادة ١٣ ومن نافلة القول، أن نذكر أن استردادها للجنسية يتم من تاريخ زواجها من مصري، أو من تاريخ تجنس زوجها بالجنسية المصرية، دون أن يكون لهذا الاسترداد أثر رجعي، ولا يعلق هذا الاسترداد على فقد الجنسية الأجنبية مما قد يؤدي إلى ازدواج الجنسية.