ما هي المحاكم المسلكية

مقال حول: ما هي المحاكم المسلكية

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

صدر القانون رقم /7/ تاريخ 25/2/1990 المتضمن إحداث المحاكم المسلكية الذي ألغى القانون رقم /90/ تاريخ 23/8/1962 المتضمن قانون مجلس التأديب، إلا أن القانون الجديد لم يطبق إلا بعد أربع سنوات من صدوره حيث أحدثت محكمتان مسلكيتان في دمشق وحلب من أصل المحاكم الخمس التي نص عليها هذا القانون، والذي أحدث نقلة نوعية في المحاكمة المسلكية للعاملين في الدولة كان أبرزها جعل مرجع الصلة في قرارات المحاكم المسلكية هو المحكمة الإدارية العليا بعد أن كانت مرجعية الطعن في قرارات مجلس التأديب هي محكمة النقض.

فما هي المحاكم المسلكية؟

يقصد بالمحاكمة المسلكية المحاكمة التي تستهدف حماية الوظيفة العامة عن طريق تأمين احترام القوانين والأنظمة بفرض عقوبات مسلكية على العامل المخالف والمحددة في المادة /69/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة.

وهذه العقوبات تنال العامل في متعلقات وظيفته فقط دون أن تنال من شخصه وحريته؛ فغاية الجزاء في المخالفة المسلكية هي حماية الوظيفة العامة في حين أن غاية العقوبة في القضاء الجزائي هي القصاص من الجاني لحماية المجتمع. وإزاء هذا الاختلاف في الطبيعة والتكوين فإن منع المحاكمة في الجريمة الجزائية لعدم كفاية الأدلة لا يحول دون محاكمة العامل مسلكياً على المخالفة التي انطوى عليها فعله. وليس من اختصاص المحكمة المسلكية استثبات الجرم الجزائي أو تبرئة الموظف المحال منه. ويعود للقضاء الجزائي أمر التحقق من حصول الجرم أو عدمه. والمحكمة المسلكية في هذا السياق تختص بمحاكمة العاملين الخاضعين للقانون الأساسي للعاملين في الدولة دون غيرهم؛ فهي غير مختصة مثلاً بمحاكمة ضباط الشرطة والجيش والقضاة أو رئيس البلدية المنتخب.

وهذه المحكمة تؤلف من مستشار من مجلس الدولة رئيساً ومستشار مساعد عضواً وأحد العاملين في الدولة ممثلاً عن التنظيم النقابي عضواً.

وتتم الإحالة إلى المحكمة المسلكية عملاً بالمادة /8/ من القانون رقم /7/ لعام 1990 من السلطة التي تمارس حق التعيين، وبقرار من رئيس مجلس الوزراء لمن يعين بمرسوم. ويجوز أن تكون الإحالة إلى المحكمة المسلكية بقرار من رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بالاستناد إلى التحقيق الذي تجريه الهيئة وفق قانونها. وكذلك من النيابة العامة وفق أحكام المادة 26 من قانون المحاكم المسلكية التي أوجبت على النيابة العامة إحالة ملف القضية إلى المحكمة المسلكية لمحاكمته مسلكياً إذا حكم عليه بعقوبة جنائية أو بجنحة مخلة بالثقة العامة أو ناشئة عن العمل.

وقرار الإحالة إلى المحكمة المسلكية لا يقبل أي طريق من طرق الطعن ويوقف سريان التقادم الجزائي من تاريخ صدوره وفق الأصول المبينة في المواد 437 وحتى 443 من قانون أصول الحاكمات الجزائية. ويحيل رئيس المحكمة صك الإحالة مع إضبارة التحقيق للمقرر للتحقيق في موضوعها ووضع تقرير بشأنها، ويبلغ صك الإحالة إلى الجهة التي يعمل لديها المحال إلى إدارة قضايا الدولة وإلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش إذا لم يكن صادراً عنها. ويدقق المقرر في إضبارة التحقيق ويطلب من الجهة التي يعمل لديها المحال بياناً عن وضعه المسلكي وملاحظات رؤسائه، وعلى هذه الجهة تقديم هذا البيان خلال خمسة أيام.

وله أن يطلب إيضاحات خطية من المحال وأن يستجوب الشهود وأن يلجأ للخبرة الفنية عند الاقتضاء ويقوم بالتبليغات اللازمة بالطرق الإدارية؛ وله أن يحدد مُهلاً لتقديم الدفوع والمستندات وله أن يجري أي تحقيق يراه لازماً لاستجلاء الحقيقة. وإذا ظهر للمقرر أن الفعل المنسوب للمحال يشكل جناية أو جنحة مخلة بواجبات العمل أو بالثقة العامة، أو ارتكبت أثناء تأدية العمل أو بسببه أن يطلب من المحكمة بتقرير مسبب اتخاذ قرار بتوقيف المحال، وأن يطلب كف يده من المرجع المختص. وتبت المحكمة في قرار التوقيف بقرار يصدر في غرفة المذاكرة خلال خمسة أيام من وصول الطلب. ويبلغ إدارة العامل المطلوب توقيفه والجهات المختصة لتنفيذه. وهذا الطلب جوازي وليس إلزامي على المقرر.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المشرع ـ في قانون المحاكم المسلكية ـ إذ أناط بالمحكمة المسلكية النظر بطلب إحالة العامل في الدولة إلى القضاء الجزائي فيما يعزى إليه من جرم يتعلق بالوظيفة، أراد أن يكون القضاء المسلكي هو الفيصل في التفرقة بين الجرم الجزائي والجرم المسلكي، بحيث لا يحال العامل إلى القضاء الجزائي لمجرد خطأ ارتكبه مما يدخل في حدود المخالفات والأخطاء المسلكية التي يمكن أن يقع بها العامل؛ فإذا لم ينطوي ما عُزي إلى العامل على إخلال خطير بواجبات الوظيفة يفقده الذمة والأمانة أو يشكك في نزاهته ونقاء سيرته أو يزعزع استقامته، انتفت موجبات الإحالة إلى القضاء الجزائي.

ويكون للمحال أو وكيله الإطلاع على ملف التحقيق بعد وصوله إلى المحكمة بحضور رئيس المحكمة أو من ينيبه لذلك. وتعقد جلسات المحاكمة بحضور المقرر ويتولى أحد المساعدين كتابة الضبط، ويحدد رئيس المحكمة موعد انعقاد الجلسة ويدعو المحال لاستجوابه وتقديم دفوعه ومستنداته دفعة واحدة. وميعاد الحضور أمام المحاكم المسلكية هو ثلاثة أيام على الأقل؛

ويجوز لرئيس المحكمة في حال الضرورة إنقاص هذا الميعاد إلى أربع وعشرين ساعة، ويقدم المقرر مطالعاته الشفهية والخطية ولا يشترك في جلسات المذاكرة أو إصدار الحكم. ويتقاضى المحال غير المكفوف اليد بدل الانتقال المقرر قانوناً إذا كان مركز المحكمة خارج مركز عمله؛ ويعتبر غيابه لحضور المحكمة مبرراً؛ وتعقد المحكمة جلساتها بصورة سرية بحضور ممثل عن الجهة العامة وحضور المحال بالذات، أو وكيل كل منهما أو بغيابهما إذا تخلفا عن الحضور؛ وفي حال قررت المحكمة إحالة العامل إلى القضاء إذا كان الفعل المنسوب إليه يستوجب ذلك، فإنها تبين الوصف الجرمي للفعل والنص القانوني المنطبق عليه، ولها في هذه الحال إيداع العامل موقوفاً مع ملف الدعوى إلى النيابة العامة لإجراء المقتضى القانوني.

ويجوز للمحكمة أن تفرض إحدى العقوبات الشديدة الواردة في القانون الأساسي للعاملين إذا حكم المحال بجناية أو جنحة مخلة بالثقة العامة أو واجبات الوظيفة وهذه العقوبات هي النقل التأديبي والتسريح التأديبي والطرد من الوظيفة. وتنفذ هذه العقوبات بصك من السلطة التي تمارس حق التعيين. والمحكمة ملزمة بفرض هذه العقوبات الشديدة عند الإدانة بجرم ناشئ عن العمل أو مخل بالثقة العامة؛ كما لها أن تقضي بالعقوبات الخفيفة المنصوص عليها في قانون العاملين الأساسي. وميعاد الطعن بهذا القرار هو ثلاثون يوماً من تاريخ التبليغ.

ويطعن في أحكام المحكمة المسلكية أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها محكمة قانون ومحكمة موضوع في نفس الوقت، وحق الطعن في هذا القرار من حق ذوي الشأن ورئيس هيئة مفوضي الدولة؛ وذوي الشأن يشمل رئيس الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش؛ والمحكمة الإدارية العليا تملك تصديق الحكم المطعون فيه أو تعديله سواء تشديداً أو تخفيفاً حسب ظروف القضية، أو إلغاء قرار المحكمة المسلكية إذا وجدت أنه مبني على مخالفة القانون، أو قام على وقائع غير صحيحة؛ وفي جميع الأحوال تسقط الدعوى المسلكية بانقضاء ثلاث سنوات على وقوع الفعل الذي يوجب الملاحقة المسلكية.

وأخيراً، في المخالفات المسلكية التي لم تقترن بحكم جزائي يعاد الاعتبار للمخالف بانقضاء سنتين في العقوبة الشديدة أو انقضاء سنة واحدة على تنفيذ العقوبة الخفيفة إذا لم تفرض بحقه عقوبة مسلكية أخرى خلال هذه الفترة مع الإشارة إلى عدم شمول العفو العام للعقوبات التأديبية؛ فالعفو ينزع الطابع الجزائي للفعل دون أن يزيل هذا الفعل كواقعة مادية؛ فالمسؤولية التأديبية تبقى قائمة رغم استبعاد المسؤولية الجزائية بسبب العفو العام أو غيره، وعلى هذا استقر اجتهاد المحكمة الإدارية العليا في سورية وبلاغات وزارة العدل.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.