تعريف القانون السوري للمقاصة

اذا كان التنفيذ الاختياري يتم اصلاً بطريق الوفاء الا انه قد يتم بوسائل اخرى تقوم مقام الوفاء واهم هذه الوسائل
المقاصة.

حيث اوضحت المادة 360 من القانون المدني السوري مناط المقاصة بقولها: للمدين حق المقاصة بين ماهو مستحق عليه لدائنه وماهو مستحق له قبل هذا الدائن ولو اختلف سبب الدينين اذا كان موضوع كل منهما نقوداً او مثليات متحدة في النوع والجودة
وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الاداء وصالحاً للمطالبة به قضاء.

ولايمنع المقاصة ان يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضي او تبرع بها الدائن، حيث يتضح من نص المادة المذكور آنفاً ان المقاصة تفترض ان يكون الدينان اللذان تتحقق بينهما بين الشخصين نفسيهما وفي الوقت نفسه ولذلك فاذا كان احد الاشخاص دائناً لشخص آخر وكان هذا الشخص الاخير مديناً لشركة الشخص الاول وهو شريك فيها فلايمكن مقاصة الدينين لانهما ليسا بين الشخصين نفسيهما كذلك تفترض المقاصة ان يكون الدينان موضوعهما نقوداً او مثليات متحدة في النوع وفي درجة الجودة ومرجع ذلك ان المقاصة تتم بغير رضاء الدائن، فوجب ان يترتب عليها حصول كل من الطرفين علىماهو مستحق له بالضبط.
لذلك فإذا كان احد الشخصين مديناً بكمية معينة من القمح والاخر مديناً بكمية معينة من القطن فلاتتحقق المقاصة.

وكذلك يشترط في الدينين ان يكونا خاليين من النزاع ومستحقي الاداء فاذا كان هناك خلاف حول وجود احد الدينين او مقداره فلا
تتحقق المقاصة الا منذ الوقت الذي يتوصل فيه صاحب هذاالدين الى اثبات وجوده.

وكذلك اذا كان احد الدينين مؤجلاً فلا تتحقق المقاصة الا اذا كان الاجل يتمثل في مهلة منحها القاضي او تبرع بها المدين فهذا الاجل لايمنع من تحقق المقاصة.

ويشترط ايضاً لوقوع المقاصة صلاحية كل من الدينين للمطالبة به قضاء وللحجز عليه فاذا كان احد الدينين ديناً بنفقة فلا تتحقق المقاصة لان دين النفقة لايجوز الحجز عليه.
وكذلك يشترط لوقوع المقاصة الا يكون احد الدينين قد تعلق به حق للغير يمنع من الوفاء به للدائن كما لو كان هذا الدين قد حجز عليه من دائن تحت يد المدين.
ولقد نصت المادة 361 من القانون المدني على انه يجوز للمدين ان يتمسك بالمقاصة ولو اختلف مكان الوفاء في الدينين، ولكن يجب عليه في هذه الحالة ان يعوض الدائن عما لحقه من ضرر لعدم تمكنه بسبب المقاصة من استيفاء ماله من حق او الوفاء
بما عليه من دين في المكان الذي عين لذلك.

فإذا ما تحقق سبب المقاصة وشروطها على النحو المقدم امكن وقوعها على انه يلاحظ في هذا الشأن ان القانون يستثني من ذلك بعض الالتزامات مقرراً عدم جواز ووقع المقاصة بشأنها:

-اذا كان احد الدينين شيئاً نزع دون حق من يد مالكه وكان مطلوباً رده.
-اذا كان احد الدينين شيئاً مودعاً او معاراً عارية استعمال وكان مطلوباً رده.
-اذا كان احد الدينين حقاً غير قابل للحجز.
ولاتقع المقاصة من تلقاء نفسها بمجرد توافر شروطها وانما يلزم لذلك ان يتمسك بها احد الشخصين اللذين يمكن ان يتحقق بهما.
فاذا تمسك بها صاحب المصلحة على النحو المذكور فإنها تتم بقوة القانون ويترتب على المقاصة انقضاء الدينين في حدود الاقل منهما فاذا كان احد الدينين مقداره 1000 ل.س والاخر مقداره 1500 ل.س انقضى الدين الاول وانقضى الدين الثاني في حدود 1000 ل.س مع بقائه قائماً في حدود 500 ل.س.

ويلاحظ انه رغم ان المقاصة لاتتحقق الا اذا تمسك بها صاحب المصلحة الا ان انقضاء الدين المترتب عليها يكون من وقت توافر شروطها وليس من وقت التمسك بها وكذلك يترتب على ذلك عدم امكان التمسك بالتقادم الذي لاتتوافر شروطه الا في الفترة مابين تحقق شروط المقاسم والتمسك بها.

وقد نصت على ذلك المادة 364 من القانون المدني بقولها:« اذا كان الدين قد مضت عليه مدة التقادم وقت التمسك بالمقاصة فلا
يمنع ذلك من وقوع المقاصة به رغم التمسك بالتقادم مادامت هذه المدة لم تكن قد تمت في الوقت الذي اصبحت فيه المقاصة ممكنة. ولقد نصت المادة 367 من القانون المدني على انه: اذا وفى المدين ديناً وكان له ان يطالب المقاصة فيه بحق له فلايجوز ان يتمسك اضراراً بالغير بالتأمينات التي تكفل حقه الا اذا كان يجهل وجود هذا الحق، كالمدين الذي يوفى دينه في الوقت الذي يكون له فيه ان يقاص هذا الدين بحق له قبل دائنه يستطيع ان يتمسك بالمقاصة بعد ذلك الوفاء فيكون له استرداد مادفعه وذلك اذا ما كان جاهلاً وجود حقه وقت الوفاء.

أما اذا كان عالماً وقت الوفاء بدينه بوجود حق له على دائنه فإنه يعتبر متنازلاً عن حقه في التمسك بالمقاصة.