ما هو المقصود بالبطلان في القانون ؟

يقصد بالبطلان nullity لغة الفساد وسقوط الحكم، أما قانوناً فالبطلان وصف يلحق عملاً معيناً لمخالفته للقانون مخالفة تؤدي إلى عدم إنتاج الآثار التي يرتبها القانون على هذا العمل لو لم يكن معيباً.

البطلان المطلق والبطلان النسبي

ليس في القانون المدني السوري، أو في القوانين المدنية للأقطار العربية، ذكر للبطلان المطلق أو البطلان النسبي، وإنما أتت هذه النصوص على ذكر عبارتي: بطلان العقد، وقابلية العقد للإبطال. والسبب في ذلك، هو أن القانون المدني السوري مستمد من القانون المدني المصري، الذي مرّ بعدة مراحل حتى توصل إلى هذه الصيغة.
ولقد مرّت نظرية البطلان بمراحل عدة. حيث تعقّدت كثيراً لاعتبارات تاريخية واختلاف وجهات نظر الفقهاء فيها.
فالنظرية التقليدية قسّمت البطلان إلى ثلاث مراتب هي:

1 ـ الانعدام، 2 ـ البطلان المطلق، 3 ـ البطلان النسبي.
وتأخذ جمهرة من الفقهاء على هذه النظرية تفريقها بين العقد[ر] الباطل بطلاناً مطلقاً والعقد المنعدم، لأنهما في مستوى واحد وآثارهما واحدة، وهما متوازيان، وترى عدم التفريق بينهما.
وهناك فريق آخر يذهب إلى عدم الاقتصار على مراتب البطلان الثلاث ويرى تعددها أكثر.
إلاّ أنّ جمهرة أخرى رأت تقسيم النظرية إلى قسمين فقط. هما:

1 ـ العقد الباطل بطلاناً مطلقاً (ويدخل فيه العقد المنعدم).
2 ـ العقد الباطل بطلاناً نسبياً.
غير أنّ هذا التقسيم ما يزال موضع جدل في الفقه التقليدي.

والتقنين المدني المصري القديم (الذي كان سائداً أيام الملكية قبل الثورة)أخذ بهذه النظرية، غير أنها أُلغيت في القانون المدني الجديد، بعد مناقشة مطوّلة في مجلس الشيوخ. إذ اتُّفق على أن البطلان درجة واحدة: فكلمة (باطل) تغني عن جملة (البطلان المطلق) وجملة (قابليّته للإبطال) تغني عن جملة (البطلان النسبي). وأخرج النص فيما بعد على النحو (الحالي) الآتي الذي يقول بأن العقد إما أن يكون باطلاً وإما قابلاً للإبطال، وهذا ماأخذت به نصوص القانون المدني السوري.

إلاّ أنّ بعض القوانين فرقت بين العقد الباطل بطلاناً مطلقاً والعقد الباطل بطلاناً نسبياً، كالقانون السويسري والقانون الإنكليزي.
ومع هذه النصوص، فإن القضاء السوري قد أخذ بنظرية البطلان المطلق والبطلان النسبي في كثير من اجتهاداته مثل:

1 ـ قرار نقض سوري رقم 163 أساس 260 تاريخ 23/1/1961م إذ جاء فيه: «أن المشرّع الذي منع التعامل بالذهب بموجب نص المادة 1من القرار 18ل.ر لعام1940م رتّب البطلان على مخالفة أحكامه… فالبطلان الذي يلحق العقود المحررة بالعملة الذهبية، هو بطلان مطلق لتعلقه بالنظام العام».

2 ـ قرار نقض سوري 1209 سنة 1964م يقول: «إن العقد يعتبر باطلاً بطلاناً مطلقاً إذا وقع على عين تم إدخالها بصورة غير مشروعة ويشكل جرماً».
والفرق بين العقد الباطل والعقد القابل للإبطال، هو أنه في العقد الباطل يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسّك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأنه من متعلقات النظام العام، والبطلان لايزول بالإجازة، وتسقط دعوى البطلان بمضي خمسة عشر عاماً من وقت العقد.

أما في العقد القابل للإبطال، فالأمر يتعلق بحقوق العاقدين، ويزول حق الإبطال بالإجازة الصريحة أو الضمنية، وتستند الإجازة إلى تاريخ العقد من دون الإخلال بحقوق الغير، ويسقط الحق إذا لم يتمسّك به صاحبه بانقضاء سنة واحدة، ويبدأ سريان هذه المدّة وفق الأسس المعينة في القانون منها الحالات الآتية:

1 ـ في حال نقص الأهلية: من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب.
2 ـ في حالتي الغلط والتدليس: من اليوم الذي ينكشف فيه.
3 ـ في حالة الإكراه: من يوم انقطاعه.

وفي كل حال لايجوز التمسك بحق الإبطال لغلط[ر] أو تدليس[ر] أو إكراه[ر] إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد وتعتبر هذه مدة تقادم مسقط وهي تختلف بين قانون عربي وآخر.

منقول —