رأيى الشخصى
منقول
ميّز الأستاذ السنهوري كما ميز القانون المدني بين نوعين من التقادم ، التقادم المسقط والذي يتلاشى الحق به وهو قرينة وفاء وبين التقادم المكسب للحقوق
هناك أموراً أسماها السنهوري مواعيد السقوط وهي تشبه التقادم المسقط وحتى لا نطيل عليكم أنقل لكم حرفياً ما قاله الأستاذ السنهوري في الفقرة 594 ص 1001 من الجزء الثالث للوسيط ما يلي :
(التمييز بين التقادم المسقط والسقوط :
ومواعيد التقادم المسقط تشتبه بمواعيد أخرى يقال لها المواعيد المسقطة ، والمواعيد المسقطة هذه لها مهمة غير المهمة التي لمواعيد التقادم المسقط قد وضعها القانون لتعيين الميعاد الذي يجب أن يتم فيه حتماً عمل معين وبخاصة لتحديد الوقت الذي يجب فيه استعمال رخصة قررها القانون فهي مواعيد حتمية ولا بد أن يتم العمل فيها وإلا كان باطلاً ، لذلك فهي تختلف عن مواعيد التقادم لا في المهمة التي تقوم بها فحسب ، بل هي في كيفية إعمالها ، فيجوز للقاضي إثارتها من تلقاء نفسه دون حاجة أن يتمسك الخصم بها ، ولا تنقطع ولا يقف سريانها ولا يتخلف عنها التزام طبيعي وهذا بخلاف التقادم لأن التقادم يجب أن يتمسك به الخصم كما يجوز وقف سريانه ويتخلف عن التقادم التزام طبيعي ، كما أن الحق المتقادم إذا لم يصلح أن يكون طلباً فإنه يصلح أن يكون دفعاً إذ الدفوع لاتتقادم أما الحق الذي سقط لعدم استعماله نفي الميعاد فلا يصلح لا طلباً ولا دفعاً .
ويحدث أن يقرر القانون ميعاداً تقوم الشبهة في شأنه : هل هو ميعاد تقادم مسقط أم ميعاد مسقط ؟ ويكون المهم التعرف إلى طبيعة هذا الميعاد لما بين مواعيد التقادم المسقط والمواعيد المسقطة من الفروق التي تقدم ذكرها ، ويغلب أن تكون المواعيد المسقطة قصيرة على خلاف مواعيد التقادم وخير معيار للتعرف على ما إذا كان الميعاد ميعاد تقادم أو ميعاداً مسقطاً هو تبين الغرض الذي قصد إليه القانون من تقرير هذا الميعاد فإن كان لحماية الأوضاع المستقرة أو لغير ذلك من أغراض التقادم فهو ميعاد تقادم ، وإن كان لتحديد الوقت الذي يجب خلاله استعمال حق أو رخصة فهو ميعاد مسقط) .
(لطفاً راجع ص 100-1002 من الجزء الثالث – الوسيط للسنهوري) .
وجاء في نهاية الصفحة 1001 الحاشية ما يلي :
(فمن أغراض التقادم أيضاً أن يكون قرينة على الوفاء فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وفي والمشرع يجعل هذا الغالب الواقعي حقيقة قانونية فالتقادم طريقة للإثبات أو بالأحرى إعفاء من الإثبات أكثر منه سبباً لانقضاء أو التزام .
« أما المواعيد المسقطة فالمشرع لا يضع قرينة ولا يفترض أمراً بل يحتم على صاحب الحق أن يستعمله في وقت معين وإلا سقط فسقوط الحق لا يقوم على قرينة الوفاء بل هو عقوبة على عدم استعمال الحق في الوقت المحدد » .
وجاء في الصفحة 1002 من نفس المرجع ما يلي :
(ومن ثم يكون الميعاد المسقط عنصراً من عناصر الحق يدخل تكوينه ولا يتم الحق بدونه ولا بد في الحق حتى يكون تاماً من رفع الدعوى في المدة المضروبة ، وقد قضت المحكمة الإسكندرية التجارية في هذا المعنى بأن الفرق بين مدة التقادم المسقط ومدة السقوط أن الحق الأصلي في الأولى مقرر من قبل وتام الوجود ، وأما الحق في الثانية فهو لم يكن تام الوجود والتكوين بل لا بد فيه من رفع الدعوى في المدة المضروبة حتى يكون تاماً ولذلك فالمدة في أحوال السقوط لازمة لتكوين الحق بخلاف مدة التقادم فهي ليست لازمة لتكوينه لأنه سبق أن تكوّن من قبل فإذا طالب المالك في حالة مدة التقادم بحقه فإنما يطلب حقاً مقرراً كاملاً أما في الأحوال المقرر لها مدة السقوط فالمدعي ملزم برفع الدعوى في غضون المدة حتى يظهر حقه كاملاً وبدون رفع الدعوى لا يكون الحق موجوداً بتمامه . ولذلك كان الحق الكامل الموجود بتمامه في مدة التقادم يعني الشارع بحمايته من حيث القطع والإيقاف في المدة وأما شبه الحق في مدة السقوط فهو ليس جديراً بحماية الشارع له بقطع أو إيقاف ، بمعنى أن مدة السقوط لا تقبل تطويلاً بإيقاف سريانها أو قطعها في مصلحة المدعي لأن الحق لم يولد كاملاً بعد حتى يتقرر له حق الحماية (أول اغسطس سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 235) .
وقضت محكمة استئناف أسيوط بأن مواعيد السقوط تختلف عن مواعيد التقادم في أن الأولى تقوم على فكرة وجود أصل قانوني يتناول أصل الحق ويسقطه بخلاف الثانية فإنها تقوم على إيقاع جزاء على إهمال صاحب الشأن فيها ويترتب على ذلك ألا تطبق في الأولى قواعد وقف المدة أو انقطاعها فهي تتم في الميعاد المحدد ولو كان يوم عيد حتى لو اعترض الموعد حالة من حالات القوة القاهرة بخلاف مواعيد التقادم.
وكذلك لا يجوز تعديل مواعيد السقوط بإرادة ذوي الشأن لا بالامتداد ولا بالإنقاص بخلاف مواعيد التقادم فإن هذا جائز في شأنها إذ يجوز أثناء النزاع التنازل عن المدة السابقة ويجوز التسامح في مدها لمدة جديدة وكذلك لا يجوز التنازل عن مواعيد السقوط بعد سريانها وعلى القاضي أن يراعي ذلك من تلقاء نفسه ويحتم عليه القانون وجوب احترامها بغير
أن يدفع أحد طرفي الخصومة ومتى تم سريان ميعاد
السقوط انقضى الحق بصفة مطلقة بخلاف الحال في التقادم (23 ديسمبر سنة 1946 المجموعة الرسمية 48 ق م ر 181) .
لذلك كله نخلص إلى ما يلي :
– الفرق بين التقادم المسقط ومواعيد السقوط هو أن الحق في الأولى مقرر من قبل وتام الوجود ، وأما الحق في الثانية فهو لم يكن تام الوجود والتكوين لأن المدة لازمة كعنصر من عناصر تكوين الحق ..